إطار.. في يوم "وحدة الساحات"
بدأ العمل على منصة إطار قبل شهرين من إطلاقها، لتكون إضافة إلى جملة المشاريع الثقافية والإعلامية المساهمة في تعزيز المحتوى الفلسطيني، من على قاعدة الانحياز لفلسطين قضية وتاريخًا وشعبًا ومقاومة، ومن هنا جاءت تسميتها في الأساس، فهي حول فلسطين ومنها، وقد بدا هذا الاسم ثريًّا، حين النظر في أصله اللغوي، من أطر القوس، أي انحناءته، وبما يحيل إلى صور الفروسية والفتوّة والجهاد، واستخدامه في مفردة حديث نبويّ: "ولتأخذنّ على يدي الظالم، ولتأطرنّه على الحق أطرًا"، وما يتصل بذلك من معاني القيام بالواجب والتزام المسؤولية والحنوّ والحماية والغياث، والفصل الذي يوحي به الإطار بين ما في داخله وما في خارجه، ثمّ موقعه في التاريخ النضالي الفلسطيني، حينما بات (إطار السيارة المشتعل) تقليدًا وفيًّا لنضالات الفلسطينيين، اشتهر واتسع في الانتفاضة الفلسطينية الأولى حاجزًا في وجه الاحتلال، وإشعارًا ببدء المواجهة، ثم توارثته أجيالهم حتى الساعة، بوصفه رمزًا، وإعلان تحدّ لجنود الاحتلال، فلم تعد المواجهة على مدار الساعة متاحة بعدما أعاد الاحتلال انتشاره وفق اتفاقية أوسلو، خارج التجمعات السكنية الفلسطينية، ليكون إشعال الإطار في الطرق الالتفافية وعلى مداخل المدن محاولة لاستقدام جنود الاحتلال والاشتباك معهم.
تعطي كلمة الإطار معنى الإحاطة، وهو ما لا تزعمه المنصّة، ففلسطين وقضاياها وأسئلتها وناسها ويومياتها، بالمعنى الكامل للكلمة أكبر من أن يحاط بها، ولكن على الأقلّ، يظلّ الرجاء بأن تكون إطارًا، من جهة انتسابها لفلسطين الكاملة، وللقيم الأصيلة التي يأبى حرّاسها بدمهم أن تتآكل، ومن هذه الناحية فهي إطار بما تستطيع لكلّ مقاتل وصامد ومرابط، بالدفاع عنه، وبرفده بالرأي والنصيحة والمشورة، وذلك جماع التقاء الحق والصبر، ففلسطين حقّ خالص، يلزم الرباطَ فيه والجهادَ لأجله صبرٌ ومصابرةٌ، وإطار ذلك كلّه التواصي، أي النصيحة الدالّة على صدق التوجه والانتماء.
فلسطين الكاملة، تجلّت أرضًا وناسًا، في معركة "سيف القدس" في العام 2021، وعبّرت عن نفسها من جديد بعنوان "وحدة الساحات" الذي رفعته "سرايا القدس" في مواجهتها الأخيرة مع العدوّ الصهيوني، وهو عنوان في مستواه الإستراتيجي يطمح إلى الاحتفاظ بمكاسب معركة "سيف القدس"، وحماية مراكز المقاومة التي أخذت تتشكل، في حالة من التفاعل مع معركة "سيف القدس" في شماليّ الضفّة الغربية، وتحديدًا في مخيم جنين، وقد خرجت المعركة، أي معركة "وحدة الساحات" بنتيجة مفادها، أنّ العدوّ وبالقدر الذي يمتلك فيه القدرة الهائلة على تطوير إمكاناته، وسدّ ثغراته، في وقت قصير، بالنظر إلى كونه القوّة المحتلّة المدججة الغاشمة المتفوقة ماديًّا والمتمتعة بحماية العالم ودعمه، فإنّه عاجز عن حلّ معضلة المقاومة الجادّة في الشريط الساحليّ الضيّق، الذي نسميه "قطاع غزّة".
ارتأت إطار أن ترجئ انطلاقتها إلى حين انتهاء معركة "وحدة الساحات"، وقد ظهر لها ذلك الارتباط في المعنى والهدف والمراد بين تعريفها لنفسها وفهمها لهويتها وإدراكها لواجبها، وبين هذه المعركة الأخيرة التي واجهت فيها المقاومة من غزّة العدوّ.
وبما أنّ المنصّة لا تنزع إلى المعالجة اليومية للحدث الجاري، وإنّما إلى التحليل الذي يأمل أن يكون أكثر إحاطة وعمقًا، فيأخذ وقته في البحث والنظر، فإنّ المواد المنشورة في انطلاقة المنصّة، قد كُتبت قبل معركة "وحدة الساحات"، هذه المعركة الأخيرة، كما غيرها من معارك المقاومة الفلسطينية، وما يتصل بها من خطط وإعداد وتجهيز وأداء، ستكون من ضمن موضوعات متعددة في قابل الأيام، لإبراز الجهد الفلسطيني وإنجازه من جهة، وللاستفادة من التجربة من جهة أخرى، وفي ذلك سوف تبرز محاولة معرفة أهداف العدوّ، وإستراتيجيات المقاومة في هذا الصراع الطويل.
ستكون صفحات منصة إطار مفتوحة للمساهمات المنحازة للمقاومة، فكرة ومشروعًا وعطاء، في سياق تعزيز ثقافة المقاومة، والتأكيد على ضرورتها، وتجلية أهدافها، وكذلك السعي إلى تطويرها، ومن ضمن معارك المقاومة الجديرة بذلك، معركة "وحدة الساحات".
تنقسم إطار إلى عدد من المحاور:
المحور الأول: فلسطين وأهلها، والذي يتسع لقضايا السياسة والاجتماع والاقتصاد في فلسطين. وأول موضوعات المحور، مادة لـ ساجي أبو عذبة، بعنوان: "جامعة النجاح من القلب إلى الهامش.. كيف خسر النضال الوطني جامعته؟"
المحور الثاني: دفاتر وملامح، وهو المحور المخصّص للأدب والفن والثقافة، وما يكتب ويقال ويغنى ويمثّل عن فلسطين وحولها، وأول موضوعات هذا المحور، مادة لـ بيسان عابد، بعنوان: "فنّ الكاريكاتيرالفلسطيني.. إستراتيجية في المقاومة؟"
المحور الثالث: ظلّ المحارب، وهو روح منصة إطار وقلبها، وهو المحور المخصّص لقضايا المقاومة، ويشمل حين انطلاقتها أربع مواد: الأولى، كتبتها هيئة التحرير بعنوان "بلدة نابلس القديمة .. أزقة تعيد إنتاج القتال"، والثانية كتبها رضوان قطناني بعنوان: "مرصد الفاتح .. "ما زلت أقصف لكن لست أنقصف"، والثالثة لـ كمال الجعبري بعنوان: "الشهيد جمعة الطحلة.. سيرة مقاتل فلسطيني عابر للأزمنة والأمكنة"، والرابعة لـ أحمد العاروري بعنوان: "وثائقيات "سيف القدس" .. سِيَرُ شهداء صنعوا المعركة".
المحور الرابع: الذاكرة والتاريخ، ويختص في تاريخ فلسطين القديم والحديث، وافتتح بمادتين: الأولى: لـ نوار ثابث بعنوان: "هالة السكاكيني وقدسها.. الذاكرة حين تكتب التاريخ"، والثانية لـ عوني فارس بعنوان: "93 عامًا على ثورة البراق .. الثورة الفلسطينية في نسختها الأولى".
المحور الخامس: غبار، وهو مخصص للعدوّ، لتحليل سياساته وكل ما يتصل به من ثقافة وأمن وجيش واجتماع واقتصاد، وافتتح بمادة لـ عبد الله مفلح بعنوان: "كيف تسهم المتاحف الإسرائيلية في صوْغ الرواية الإسرائيلية؟".
المحور السادس: معارف، وهو محور متاح لكي يتسع لكل ما يصعب إدراجه في المحاور السابقة، ويلتقي مع أهداف المنصة وقيمها، وقد افتتح بمادة مترجمة ترجمتها وعلقت عليها بيسان عابد، وهي: "الحُروب الأهليّة: كيف تبدأ وكيف تُوقف - هل تتجه الولاياتُ المُتحدة نَحو حَربٍ أهليّة ثانية؟".
المحور السابع: جداول، فهو مخصص لفعاليات المنصة، وسوف تنشر فيه قريبًا، إن شاء الله، أول برامج المنصة.
أما، "عن إطار"، فهي صفحة تعريفية بالمنصة.