الأقصى في عرفة وأيام الحج .. التاريخ والنص والطقس .. وقلوب الناس

الأقصى في عرفة وأيام الحج .. التاريخ والنص والطقس .. وقلوب الناس
تحميل المادة

مدخل

كان لبيت المقدس، في المخيال الإسلامي العامّ، وفي المقدسي منه خصوصًا، مكانة ترتفع في كثير من تصوّراتها إلى حدّ الأسطورة، كما يتضح ذلك في جملة ما سطرته كتب فضائل بيت المقدس، وإذا كانت الكثير من تلك التصوّرات غير صحيحة في المعيار الشرعي، وتستند إلى مرويات ضعيفة أو موضوعة، أو إلى تراث شعبيّ متوارث، فإنّها تُظهر من جهة أخرى عمق حضور المسجد الأقصى وما حفّه وأحاط به في الوعي الإسلامي، وفي وعي أهل فلسطين على وجه الخصوص، وهو وعي مستمرّ متصلّ، حتّى اللحظة، بالرغم من الانقطاعات التاريخية التي أتت على فلسطين، كما في الغزوة الصليبية، وحالة العزل التي فُرضت عليها من بعد الانتداب البريطاني، ثمّ على نحو أشدّ من بعد الاستعمار الصهيوني، وهو ما يتجلّى في كون المسجد الأقصى لم يزل الفاعل الأهمّ في تثوير الفلسطينيين، الذين ارتبطت أكثر هبّاتهم وانتفاضاهم وثوراتهم به، وهو الأمر الجاري في فلسطين هذه الأيام، منذ "هبة القدس"، عام 2015.

الارتباط الفلسطيني اليوم بالقدس ومسجدها، لا ينبثق من تلك التصورات التي وثّقتها كتب الفضائل، ليس فقط بسبب صعود الإحيائية الإسلامية وما رافقها من تعليم ديني اهتمّ بعلم الحديث، وتحرير الوعي الإسلامي مما لحق به من بدع لا أصل لها، ولكن أيضًا لما فرضه الصراع في فلسطين من تسييس شديد، بالإضافة لحالة العزل التي حجبت الفلسطينيين وقتًا من الزمن عن محيطهم، مما أفضى إلى انقطاع الكثير من العادات والطقوس، لكنّ ذلك لم يعن أبدًا انقطاع الرابطة الدينية، التي هي من حيث التعلّق بالمسجد الأقصى، أشدّ ما تكون اليوم، من بين المسلمين، لدى الفلسطينيين، بحكم احتضانهم للمسجد واستشعارهم للمسؤولية التاريخية عنه، وهذا لا يظهر في تلك الثورات التي هبّت دفاعًا عنه فحسب، ولكن أيضًا في التعلّق الديني الذي يقصُر وصفه عن معاينته، كما هو بيّن، على الأقل، في شهر رمضان المبارك.

لا تسعى هذه المقالة إلى الإحاطة بتلك التصوّرات والعادات التي جمعت الفلسطينيين خاصّةً، والشوام في الدائرة الأوسع، ثمّ عموم المسلمين، عبر التاريخ، ببيت المقدس، فهذا الأمر كبير وحقيق باشتغال أوسع وأعمق، ولكنّها تسعى من خلال عرض العلاقة الخاصّة التي جمعت الفلسطينيين، في قرون ماضية، ببيت المقدس، في موسم الحج، مع التركيز على طقوسهم الخاصة في المسجد الأقصى في يوم عرفة، إلى وصل الحاضر بالماضي، للقول إنّ الصلة الفلسطينية بالمسجد الأقصى أعمق مما يمكن أن يتصوّر أحد، ولاسيما عدوّهم، وكما هي عميقة في نفوسهم، فإنّها عميقة في التاريخ، لم تقطعها كل الأهوال التي عصفت بهذه البقعة المباركة.

تستعرض هذه المقالة بالدرجة الأولى، طقس التعريف[1] الذي كان يفعله زوار بيت المقدس يوم عرفة، وطقوسًا أخرى في جملة موسم الحج، بما في ذلك يوم النحر الأكبر، وذلك بالرجوع إلى شهادات متعددة منشورة في تصانيف في فنون مختلفة، من القرن الرابع وحتى القرن التاسع، لا على سبيل الاستقصاء ولكن على سبيل المثال، مع وقفة خاصة، لأكثر من فتوى للشيخ تقي الدين ابن تيمية، الذي سعت أبحاث استشراقية، ومنها صهيونية، لتوظيفها للقول إنّ مكانة بيت المقدس، لم تكن محلّ إجماع لدى المسلمين، وذلك بالرغم من أنّ ابن تيمية كان يؤكّد على تلك المكانة، في سياق جهده لتحريرها مما علق بها، من بعض التصورات والعادات المخالفة للشريعة، وهو ما وافقه فيه آخرون، كالعلائي، وعبد الله بن هشام الأنصاري، ومن قبلهما أبو بكر الطرطوشي وأبو شامة المقدسي، وفي حين أفادت فتاوى ابن تيمية في تصوير العلاقة الخاصّة التي جمعت المسلمين في زمانه ببيت المقدس، من خلال تلك المعتقدات والعادات، فإنّ هذه المقالة لم تهتمّ بجمع كل ما ذكره ابن تيمية، كما أنّها لم تهتمّ، أي هذه المقالة، بالبحث في تاريخ طقس التعريف وعلاقة أهل الشام وفلسطين ببيت المقدس في موسم الحج، والبحث عن جذور هذه العادات، وإن جرت الإشارة إلى ذلك، إلا أنّ هذا الأمر يلزمه تحقيق خاصّ، ويبقى أن فتاوى ابن تيمية أضافت إلى ما سبق لي ذكره في مقالة سابقة بعنوان "حياةٌ تُبصرها الفتاوى: العلائي وفلسطين القرن الثامن الهجري"[2].

يبقى أنّ جانبًا من الاستشراق المعاصر، ومنه الصهيوني، والذي اهتمّ بكتب فضائل بيت المقدس، حاول تفسير مكانة بيت المقدس لدى المسلمين بالعامل السياسي، الناجم عن الصراع الأموي مع الزبيريين، واتخاذ الأمويين الشام مقرًّا لهم، وكان من جملة ما اعتمد عليه في محاولته تعزيز هذه المقولة، تأخّر التأليف في فضائل بيت المقدس، إلا أنّ هذه المحاولة، والتي اهتمّ باحثون بالردّ عليها، مكشوفة البطلان، فكتب الحديث والتفسير والفقه والتراجم والطبقات والتاريخ مشحونة بما يزيد على الكفاية في التأكيد على المكانة المقدسة لبيت المقدس، وإذا كان الشيخ ابن تيمية، قد كرّر في فتاويه ما ذُكِر عن عبد الملك بن مراون أنه بنى قبة الصخرة لصرف أهل الشام عن الحجّ إلى مكة وهي لم تزل بعد في حوزة ابن الزبير، فإنّه أكد في مواضع عديدة، يصعب حصرها، على مكانة بيت المقدس والمسجد الأقصى في الإسلام، ولم تكن لغته الحادّة واستطراداته، مما انطبع به أسلوبه، في إنكاره لما يعدّه بدعًا ومنكرات، لتغطي على موقفه الصحيح من تلك المكانة.

القدس قديما

 

القداسة المستقرة ..

نشر المستشرق الأمريكي تشارلز ماثيوس عام 1936 في مجلة "الجمعية الشرقية الأمريكية"، بحثًا عن منزلة القدس عند المسلمين، التي بلغت درجة من المبالغة، كما قال، دفعت بعض الفقهاء المسلمين، لمحاولة الحدّ من هذه المبالغة العاميّة، بتحديد المكان الشرعيّ الصحيح لبيت المقدس، واستند ماثيوس في ذلك، إلى الفتوى الشهيرة للشيخ تقيّ الدين ابن تيمية، المعرفة بـ "قاعد في زيارة بيت المقدس"[3]، وأرفق هذه الفتوى مع بحثه.

بخلاف مستشرقين آخرين، منهم صهاينة، لم يكن همّ ماثيوس نفي القداسة الأصليّة لفلسطين لدى المسلمين، أو الزعم بأنّ هذه القداسة ابتدعها الأمويون، وإنّما كان همّه البحث عن الأسباب التي زادت في هذه القداسة في الوعي العامّيّ لدى المسلمين عمومًا، وأهل الشام وفلسطين خصوصًا، ولتفسير ذلك يُرجِع الأمر إلى سببين أساسيين، الأوّل، ما نقله عن تاريخ اليعقوبي من كون عبد الملك بن مراون، أثناء صراعه مع عبد الله بن الزبير الذي جعل من مكّة مركز خلافته، قد بنى قبّة الصخرة لصرف المسلمين عن الحجّ إلى بيت الله الحرام حيث خصمه السياسي[4].

يزعم اليعقوبي في تاريخه أنّ عبد الملك بن مروان منع أهل الشام من الحج، "وذلك أن ابن الزبير كان يأخذهم، إذا حجّوا، بالبيعة، فلما رأى عبد الملك ذلك منعهم من الخروج إلى مكّة، فضجّ الناس، وقالوا: تمنعنا من حج بيت الله الحرام، وهو فرض من الله علينا! فقال لهم: هذا ابن شهاب الزهري يُحدّثكم أن رسول الله قال: «لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي، ومسجد بيت المقدس»[5]، وهو يقوم لكم مقام المسجد الحرام، وهذه الصخرة التي يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضع قدمه عليها، لما صعد إلى السماء، تقوم لكم مقام الكعبة، فبنى على الصخرة قبّةً، وعلّق عليها ستور الديباج، وأقام لها سدنة، وأخذ الناس بأن يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة، وأقام بذلك أيام بني أمية"[6]، وهو ما ذكره ابن تيمية كذلك في فتواه المشار إليها[7].

أمّا السبب الثاني الذي يفسّر به ماثيوس، ما زاده المسلمون من أسباب للتعلّق العاطفي بفلسطين، ومن ثمّ ما أسبغوه من تصوّر ديني زائد عليها، فهو الحروب الصليبية التي طوّر المسلمون بسببها فنًّا من الأدب خاصًّا بفلسطين والقدس[8].

لم يكن هذا الحضور الوحيد، لفتوى الشيخ ابن تيمية في أعمال المستشرقين، فقد قام المستشرق الصهيوني إسحاق حسون، بتحقيق كتاب "فضائل بيت المقدس" لأبي بكر محمد بن أحمد الواسطي[9]، وزعم حسون انعدام الإجماع على المكانة المقدّسة لفلسطين لدى المسلمين، مرجعًا ظهور تلك المكانة إلى الأمويين بالدرجة الأولى، ومستدلاً على انتفاء هذا الإجماع، بما ذكره عن قول الشيعة من كونه مسجدًا في السماء[10]، ثم بنقله نصوصًا مطوّلةً من فتوى الشيخ ابن تيمية سابقة الذكر[11].

وقف مع فتوى لابن تيمية، بخصوص زيارة بيت المقدس، الفقيه الشافعي أبو نصر تاج الدين عبد الوهاب ابن عمر الحسيني، المتوفى سنة 875 هـ، في كتابه "الروض المغرس في فضائل بيت المقدس"، قال فيه: "ووقفت بالقدس على كرّاسة من تأليف ابن تيمية الحراني، وقد شدّد النكير على من سمّاه [المسجد الأقصى] حرمًا، وفي حفظي أنّه قال: «إنّ قائله يُقتل»، وهذا إن صحّ عنه فهو إفراط عظيم"[12]، والحقّ أنّ ابن تيمية لم يفت بقتل من سمّاه حرمًا، وإنّما أنكر أن يكون ببيت المقدس أو بتربة الخليل مكان يسمى حرمًا[13]، ولكنه أفتى بقتل من اتخذ قبّة الصخرة قبلةً بعد استتابته حاكمًا عليه بالردة[14]، وكذا "الطواف والوقوف والذبح والحلق"[15]، ولعله قصد الطواف لما فيه من مضاهاة للكعبة، فقال "فإنّه يستتاب، فإن تاب؛ وإلا قُتل"[16]، وبقية الأعمال ربما عدّها كفرًا حين ضمّها إلا الطواف.

والمؤكّد أنّ الشيخ ابن تيمية لم يكن ينكر منزلة بيت المقدس، فقد شدّد على أن زيارته ثابتة في الصحيحين، كما في حديث "لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.."، الذي ذكّر ابن تيمية بأنّه "مستفيض متلقى بالقبول، أجمع أهل العلم على صحته وتلقيه بالقبول"[17]، وعلى أنّ العلماء قد اتفقوا على استحباب السفر إليه للعبادة المشروعة فيه، كالصلاة والدعاء والذكر وقراءة القرآن والاعتكاف[18]، وكلام ابن تيمية في فضل المسجد الأقصى وبيت المقدس، كثير يصعب استقصاؤه، ويخرج البحث فيه عن غرض هذه المقالة، ومن ذلك مثلاً قوله: "والمسجد الأقصى أفضل المساجد بعد المسجد النبوي، وببيت المقدس من قبور الأنبياء ما لا يحصيه إلا الله"[19].

لوحة من كتاب "القدس مشاهد بانورامية"

لوحة من كتاب "القدس مشاهد بانورامية"

 

القدس والأقصى.. حرمًا وطقسًا اجتماعيًا

إلا أنّه يمكن الاستفادة من فتوى الشيخ ابن تيمية، للاطلاع على تصوّرات المسلمين، في زمانه، تجاه بيت المقدس، وما لحق ذلك من طقوس، وعادات اجتماعية، ومن ذلك النذر بالسفر إلى بيت المقدس، وإلى قبر الخليل، والطواف بقبة الصخرة، وسياقة الغنم والبقر إليها لذبح الأضاحي فيها اعتقادًا أنّ ذلك أفضل، وتحليق الشعر فيها في العيد، والتعريف عندها يوم عرفة[20]، علّق ابن تيمية على ذلك كلّه قائلاً: "فهذه الأمور التي يشبّه بها بيت المقدس في الوقوف والطواف والذبح والحلق من البدع والضلالات ومن فعل شيئًا من ذلك معتقدًا أنّ هذا قربة إلى الله فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، كما لو صلى إلى الصخرة معتقدًا أن استقبالها في الصلاة قربة كاستقبال الكعبة"[21].

ومن جملة تصوّرات العامة واعتقاداتهم بقبّة الصخرة في زمانه، أنّ عندها أثر قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأثر عمامته، بل وأثر قدم الربّ (تعالى الله)، وأنّ الحائط الشرقي للمسجد هو السور الذي يضرب بين الجنة والنار، وكذلك تعظيم السلسلة. وأمّا العادات الدينية التي انتشرت في زمانه ببيت المقدس، وبالإضافة إلى تعمّد زيارته يوم النحر، والتعريف فيه بعرفة، عدُّ السفر إليه مع الحج قربةً، وإطلاق الناس قولهم: "قدّس الله حجتك"، وهو أمر ظلّ شائعًا في الناس إلى ما قبل الانتداب البريطاني على فلسطين، وربما هو حاضر لدى من يزور المسجد الأقصى اليوم بعد الحج أو العمرة أو قبلهما، من أهل فلسطين، أو من الأتراك، أو من المسلمين الذين يحملون جنسيات غربيةً، وكذلك من العادات التي ذكرها ابن تيمية السفر إلى عسقلان، وقد فسّر زيارة الناس لعسقلان واعتقادهم ذلك قربةً، أنّ المسلمين كانوا يقصدونها للسفر فيها للرباط لمّا كانت ثغرًا للمسلمين، ولكنها بحسب ما يقول ابن تيمية، لما خربت ولم تعد مأهولة لم تعد ثغرًا[22]، كذلك كان من عادات أهل الخليل، صناعة الخبز وطبخ العدس لزوار إبراهيم الخليل عليه السلام، كما ذكر ذلك ابن تيمية في فتوى أخرى له[23]، وبحسب ابن تيمية في هذه الفتوى، فإنّ هذه العادة بدأت السنة الخمسمائة من البعثة، حينما استولى النصارى على فلسطين، وإلا فإنّ القبّة التي على قبر الخليل لم تكن مفتوحةً، فلما استولى عليه النصارى، جعلوه كنيسةً، فلمّا خلّصه المسلمون من أيديهم جعلوه مسجدًا، ثمّ أوقف بعض الناس بعد ذلك وقفًا للخبز والعدس لأجل زوار مشهد الخليل عليه السلام[24].

وبالإضافة إلى ما سبق، تستمرّ إلى اليوم ثلاثة تصوّرات حول المسجد الأقصى، أشار إليها ابن تيمية في فتواه، وهي تسمية المسجد الأقصى حرمًا، وهي التسمية السائدة على ألسنة الناس في فلسطين اليوم، وكذا، وإن على نحو أقل، تسمية مسجد إبراهيم الخليل حرمًا، وكذلك خصّ المسجد القبلي باسم المسجد الأقصى مع أن المسجد الأقصى هو المسجد كلّه لا القبلي فحسب، و"تقديس الحج"، أي زيارة بيت المقدس مع الحج.

وابن تيمية في معرض إبطاله هذه العادة، أي "تقديس الحج"، نصّ على بطلان حديث يستدلّ به الناس وهو: "من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له الجنة"، بيد أنّ حديثًا آخر، يبدو أنّه أصل هذه العادة، لم يأت على ذكره ابن تيمية، على الأقلّ في موضع فتواه المذكورة، والحديث هو ما أخرجه أبو داود وابن ماجة وأحمد، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من أهلَّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر". أو: "وجبت له الجنة". قال أبو داود صاحب السنن: "يرحم الله وكيعًا، أحرم من بيت المقدس. يعني إلى مكة". وتروي الحديث عن أمّ سلمة؛ أم حكيم بنت أمية بن الأخنس، وذكر أحمد في مسنده، "فركبت أم حكيم عند ذلك الحديث إلى بيت المقدس حتى أهلت منه بعمرة"، وهو حديث وإن ضعف من جهة جهالة حكيمة هذه وحفيدها راوي الحديث عنها، وقال فيه المنذري: "قد اختلف الرواة في متنه وإسناده اختلافًا كثيرًا"[25]، فإنّه أصلٌ محتمل لتلك العادة.

 

القدس رسم

لوحة من كتاب "القدس مشاهد بانورامية"

"التعريف" في المسجد الأقصى..

يبقى مما ذكره ابن تيمية من عادات في المسجد الأقصى التعريف فيه، والتعريف في أصله لا يختصّ بالمسجد الأقصى، فقد وقع في زمن التابعين، ورخّص فيه الحسن البصري وغيره، وصورته أن يجتمع الناس في المساجد عشية يوم عرفة، وقد كرهه بعضهم ورخّص فيه بعضهم، وأمّا صورته في المسجد الأقصى، فكما صوّرها الإمام العلائي في فتاواه: "مسألة وقع الاستفتاء عنها ببيت المقدس، حماه الله تعالى، في التعريف الذي كان يُعمل بالمسجد الأقصى، شرّفه الله تعالى، يوم عرفة؛ من خروج الخطيب إلى صحن المسجد الأعلى، وصعوده المنبر، ووقوفه والناس معه عشية عرفة يدعون، ويختلط الرجال بالنساء، ثمّ يتفرّقون بعد الدعاء عند غروب الشمس، ويذهب بعض العوامّ يطوف بقبة الصخرة، وبعضهم ينفر بعد الدعاء إلى الجامع بهيئة مزعجة وصياح وضجيج، وبعضهم يؤذي بعضًا، ويقع في ذهن العوامّ وأهل النواحي أنّ أربع وقفات بهذا المسجد تعدل حجة"[26].

في فتوى أخرى للشيخ ابن تيمية، يَذكر السائل صورةَ التعريف بالمسجد الأقصى، يقول: "ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وعلماء المسلمين رضي الله عنهم أجمعين، فيمن ينوي زيارة بيت المقدس في أوقات التعريف، ونيته أنها قربة وطاعة؟ وفي أقوام يطوفون بصخرة بيت المقدس ويصلون في أماكن مشهورة هناك، مثل مهد عيسى، وقبة المعراج وقبة السلسلة، وزيارة قبر الخليل، وغير ذلك؟ وما يستحب للزائر وما يحرم عليه من ذلك ونحوه؟ وهل يستحب للنساء أن يزرن في أوقات التعريف مظهرات لزينتهن متطيبات، وهل على أوليائهن منعهن؟ أفتونا مأجورين رحمكم الله ورضي عنكم"[27]. ولم يختلف رد ابن تيمية في هذه الفتوى عن تلك التي تعرف بـ "قاعدة في زيارة بيت المقدس".

ومن المصادر السابقة التي ذكرت التعريف ببيت المقدس، ما ذكره أبو بكر الطرطوشي، في كتابه "الحوادث والبدع"، من مشاهدته المباشرة، فقال: "قد كنت ببيت المقدس، فإذا يوم عرفة؛ حبس أهل السواد وكثير من أهل البلد، فيقفون في المسجد مستقبلين القبلة مرتفعة أصواتهم كأنه موطن عرفة! وكنت أسمع هناك سماعًا فاشيًا منهم: أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات؛ فإنها تعدل حجةً، ثم يجعلونه ذريعةً إلى إسقاط فريضة الحج إلى بيت الله الحرام"[28]. وأبو بكر الطرطوشي، متوفى سنة 521 هـ، وكانت رحلته من الأندلس إلى الشرق قد بدأت سنة 467 هـ، ونقل ذلك عن الطرطوشي أبو شامة المقدسي في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، ثمّ ذكر ما بلغه عن ذلك في زمانه، فقال: "قلت وقد بلغني أن منهم من يطوف بقبة الصخرة تشبّهًا بالطواف بالكعبة ولا سيما في السنين التي انقطع فيها طريق الحاج"[29]، وأبو شامة المقدسي متوفى سنة 665 هـ.

وكان ممن زار القدس، القاضي ابن العربي المالكي، وهو تلميذ الطرطوشي، ومشاهداته كثيرة، إلا أنّ ما يهمّ هنا، ما ذكره في كتابه "القبس في شرح موطأ مالك بن أنس"، عن بعض ما شاع من معتقدات عن الصخرة، فقال: "قيل إن مياه الأرض كلها تخرج من تحت صخرة بيت المقدس وهي من عجائب الله في أرضه، فإنها صخرة تسعى في وسط المسجد الأقصى مثل الضرب، قد انقطعت عن كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، في أعلاها من جهة الجوف قدم النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ركب البراق وقد مالت من تلك الجهة لهيبته، ومن الجهة الأخرى أثر أصابع الملائكة التي أمسكتها إذ مالت به، ومن تحتها الغار الذي انفصلت منه من كل جهة وعليه باب يفتح للناس للصلاة والاعتكاف والدعاء، تهيَّبتُها مرةً أن أدخل تحتها لأني كنت أقول أخاف أن تسقط علي بالذنوب ثم رأيت الظلمة والمتجاهرين بالمعاصي يدخلونها ثم يخرجون عنها سالمين؛ فهممت بدخولها ثم قلت ولعلهم أمهلوا وأعاجل فتوقفت مرةً ثم عزم علي فدخلت فرأيت العجب العجاب نمشي في حواشيها من كل جهة فنراها منفصلة عن الأرض لا يتصل بها من الأرض شيء وبعض الجهات أبعد انفصالاً من بعض."[30]، فهذه ثلاثة قرون متصلة، من اعتقادات الناس الثابتة بخصوص الصخرة، من زمن ابن العربي حتى زمن ابن تيمية!

قبل ثلاثين سنة من رحلة الطرطوشي إلى الشرق، وصل ناصر خسرو علوي، إلى القدس، وذلك في رمضان سنة 438 هـ، ووصف علاقة أهل الشام ببيت المقدس في موسم الحجّ، فقال: "وأهل الشام وأطرافها يسمّون بيت المقدس «القدس»، ويذهب إلى القدس في موسم الحج من لايستطيع الذهاب إلى مكّة من أهل هذه الولايات، فيتوجّه إلى الموقف، ويضحي ضحية العيد كما هي العادة. ويحضر هناك لتأدية السنة، في بعض السنين، أكثر من عشرين ألف شخص، في أوائل ذي الحجة ومعهم أبناؤهم"[31].

ومع ما يظهر من أنّ هذه العادات قديمة، ذكرتها كتب تعود إلى القرن الخامس، فإنّ مكانة بيت المقدس، في المخيال المقدسي والشامي، قد تعاظمت على نحو كبير، في الفترة المملوكية، ولاسيما في القرن الثامن، حتّى أن بعض من ألف في فضائل بيت المقدس، اضطر للإنكار على بعض ما سكن ذلك المخيال، ومن هؤلاء: عبد الله بن هشام الأنصاري، المتوفى سنة 761 هـ، صاحب كتاب "تحصيل الأنس لزائر القدس"، والذي ختم كتابه بفصل تحذيري، ينكر فيه بعض ما يعتقده أهل القدس بخصوص القدس والمسجد الأقصى، فيه كلام كثير عن اعتقاد العوام بخصوص المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ذكر منه: "وقد بلغني أن قومًا من الجهلاء يجتمعون يوم عرفة بالمسجد، وأنّ منهم من يطوف بالصخرة، وأنهم ينفرون عند غروب الشمس ويرجعون القهقرى، وكلّ ذلك ضلال وأضغاث أحلام، ومما سمعته من كبار أهل البلد أنهم يقولون حرم القدس، فيحرّمون ما أحلّ الله افتراء على الله"[32].

وقبل ناصر خسرو، بعقود ذكر محمد بن أحمد المقدسي المعروف بالمقدسي البشاري، المتوفى سنة 380 هـ، في كتابه الشهير "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، أنّ عين سلوان التي أوقفها الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفّان على ضعفاء البلد تزورها ماء زمزم ليلة عرفة[33]، كما ذكر حين حديثه عن إقليم أهل المغرب، قلّة من لا يزور بيت المقدس منهم، وذلك في سياق حديثه عن حجهم، (تعيينًا حين حديثه عن مدينة سطيف، وكورة السوس)[34]، وهو ما يرجع بتاريخ الاتصال المغاربي ببيت المقدس إلى زمن عتيق، سابق على الحروب الصليبية والفتح الصلاحي، وفي حين أنّه سبقت الإشارة إلى ما ذكر من سبب بناء عبد الملك لقبة الصخرة، فإنّ المقدسي في كتابه هذا، يقول إنّ عبد الملك بناها بعدما رأى من عظمة قبة كنيسة القيامة وهيئتها فخشي أن تعظم في قلوب المسلمين، فبنى على الصخرة هذه القبة[35].

قدس رسم

لوحة من كتاب "القدس مشاهد بانورامية"

 

خاتمة

يُرجع ابن أيبك الداودي (وهو من أهل القرن الثامن) في تاريخه المسمّى "كنز الدرر وجامع الغرر"، عادة التعريف في بيت المقدس، إلى زمن عبد الملك بن مروان، فيقول: "وفيها منع عبد الملك بن مروان أهل الشام من الحج لأجل بن الزبير. وكان أخذ الناس له البيعة أن لا يمنعهم الحج فضج الناس لما منعهم. فبنا عبد الملك الصخرة فى مسجد بيت المقدس، وكان الناس يحضرونها يوم عرفة ويقفون عندها، ويقال إن ذلك كان سبب التعريف فى مسجد بيت المقدس وبمصر فى مسجد الجامع، ذكر ذلك عمرو بن بحر الجاحظ فى كتاب نظم القرآن والله أعلم"[36]، وكتاب "نظم القرآن" للجاحظ مفقود، فيبقى القول إنّ الجاحظ عاش في القرنين الثاني والثالث (159 – 255)، كما أنّ اليعقوبي الذي أرجع عادة الطواف بالصخرة إلى ذلك الزمن، توفي بين سنتي 284 إلى سنة 298، وبغض النظر عمّا يمكن أن يصار إليه في البحث التاريخي لهذه المسألة، والمصادر الأخرى التي يمكن الرجوع إليها، فإنّه على الأقل يمكن القول إنّ الطقوس الخاصة بموسم الحج، في بيت المقدس، كانت منذ القرنين الثاني والثالث.

فهذه قرون متصلة، من التعلّق الشديد لأهل فلسطين بالمسجد الأقصى، والعادات الخاصّة لهم عنده في موسم الحجّ وغيره، من القرن الثاني، لم تتوقف عند القرن الثامن، بلّ ظلّت ماضيةً إلى ما بعد ذلك، وهو ما تحفل به كتب فضائل بيت المقدس في القرون التالية، وما ظلّت الذاكرة المقدسية تتناقله جيلاً بعد جيل، بالرغم من الاستعمار الصهيوني، مما يفيض عن هذا المقام الضيّق، إلا أنّ هذه المكانة في أصلها الشرعيّ الصافيّ، تبدأ مع سنوات البعثة الأولى، مع قوله تعالى: ﴿سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ﴾، ثم مع سنوات الهجرة الأولى مع حديثه صلّى الله عليه وآله وسلم: "لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى"، وهو أعظم ما يشرق في نفوس الفلسطينيين اليوم.



[1]. سيأتي بيانه في ثنايا هذه المقالة.

[2]. ساري عرابي، حياةٌ تُبصرها الفتاوى: العلائي وفلسطين القرن الثامن الهجري، موقع متراس، 15 يناير 2023، https://cutt.us/kBd8p

[3]. وهي الموجودة في طليعة المجلد 27، من مجموع الفتاوى للشيخ ابن تيمية.

[4]. Charles Matthews: "The Moslem World"

Vol. XXXIII, No. 4. October, 1943, "Palestine: Mohammedan Holy Land PP. 245, 246.

وانظر كذلك:

محمود إبراهيم، فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة، (الكويت: معهد المخطوطات العربية، 1985): ص43.

[5]. والحديث صحيح، أخرجه أصحاب الكتب التسعة (البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، ومالك، والدارمي، وأحمد).

[6]. تاريخ اليعقوبي، دار صادر، (بيروت:   دار صادر، ط٦، 1995): ج2، ص261

[7]. مجموع الفتاوى، ج27، ص12.

[8]. Charles Matthews، مصدر سابق، وكذلك، محمود إبراهيم، فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة، مصدر سابق.

[9]. أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي، فضائل البيت المقدس، تحقيق: إسحاق حسون (القدس: معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية في الجامعة العبرية، 1979).

[10]. ينقل حسون أحاديث، من بحار الأنوار للمجلسي، عن جعفر الصادق أن المسجد الأقصى، مسجد في السماء، وكذلك عن ينابيع المودة لسليمن القندوزي، هامش ص35 من تحقيق حسون لكتاب الواسطي.

وأمّا المصادر الشيعية القديمة التي ذكرت ذلك، فمنها تفسير العياشي، روى عن سلام الحناط، عن رجل، عن أبي عبد الله [يعني الصادق]، قال: سألته عن المساجد التي لها الفضل، فقال: المسجد الحرام، ومسجد الرسول. قلت: والمسجد الأقصى، جُعلت فداك؟ فقال: ذاك في السماء، إليه أسري برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. فقلت: إنّ الناس يقولون: إنّه بيت المقدس؟ فقال: مسجد الكوفة أفصل منه.

انظر: أبو النصر محمد بن مسعود العياشي، التفسير، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية/ مؤسسة البعثة بقم، (طهران: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، ١٤٢١ هـ. ق): ج3، ص35.

والعياشي هذا متوفى نحو 320 هـ.

وكذا في تفسير القمي، ما رواه بإسناده، إلى أسماعيل الجعفي قال: كنت في المسجد الحرام قاعدًا وأبو جعفر عليه السلام [يقصد الباقر] في نايحة، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرّة وإلى الكعبة مرّة، ثمّ قال: ﴿سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى﴾، وكرّر ذلك ثلاث مرّات، ثمّ التفت إليّ، فقال: أي شيء يقولون -أهل العراق- في هذه الآية يا عراقيّ؟ قلت: يقولون أسري به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس. فقال: لا، ليس كما يقولون، ولكنّه أسري به من هذه إلى هذه، وأشار بيده إلى السماء.

انظر: أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمي، تحقيق: مإسسك الإمام المهدي بقم، (قم: مؤسسة الإمام المهدي، 1435): ج3، ص889.

والقمّي هذا من أهل القرن الهجري الثالث، ومن شيوخ الكليني صاحب الكافي.

ولعلّ هذه أقدم المصادر الشيعية التي ذكرت كون المسجد الأقصى في السماء!

[11]. تحقيق حسون لكتاب الواسطي، ص14.

[12]. أبو نصر تاج الدين عبد الوهاب ابن عمر الحسيني الشافعي، الروض المغرس في فضائل بيت المقدس، تحقيق: أبو يعقوب نشأت بن كمال المصري، (القاهرة: مركز مجمع البحرين للتحقيق والبحث العلمي، 2022): ج1، ص114.

[13]. فتوى ابن تيمية، مصدر سابق، ج27، ص14- 15.

[14]. المصدر السابق، ص11.

[15]. المصدر السابق.

[16]. المصدر السابق.

[17]. المصدر السابق، ص6.

[18]. المصدر السابق.

[19]. المصدر السابق، ص255.

[20]. سيأتي الحديث عن التعريف.

[21]. فتاوى ابن تيمية، مصدر سابق، ج27، ص11.

ولعل تكرار فتواه بقتل من فعل مثل هذه الأشياء عند الصخرة، هو ما جعل صاحب الروض المغرس يتوهم أنّه أفتى بقتل من سمّى بيت المقدس حرمًا، وهذه العبارة كثيرة الورود في كلام ابن تيمية "يستتاب، فإن تاب وإلا قتل"، وحين ذكرها في سياق من الاستطراد كما هنا، قد توهم تكفيره بأعمال هي في حقيقتها دون الكفر، إذ ضمّ كما هنا إلى الطواف الذبح والحلق والوقوف. وهذه الأعمال قد تعدّ كفرًا بمفردها بحسب القصد منها، كاعتقاد مساواة بيت المقدس للكعبة في أداء شعائر الحج، والله أعلم.

[22]. المصدر السابق، ص18.

وقد خرّب صلاح الدين عسقلان، كونها كانت ثغرًا يعبر منه الصليبيون.

[23]. مجموع الفتاوى، ج27، ص17

[24]. لعلّ ذلك أصل التكية المشهورة في الخليل اليوم.

[25]. عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، مختصر سنن أبي داود، تحقيق: محمد صبحي بن حسن حلّاق، (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 2010)، ج1، ص508.

[26]. فتاوى العلائي المسماة بالمستغربة وبالقدسية، صلاح الدين بن كيكلدي العلائي الشافعي، تحقيق: عمر حسن القيام، (عمان: دار الفتح للدراسات والنشر، 2009): ص29.

وانظر، عن العادات الدينية في فلسطين من خلال فتاوى العلائي:

ساري عرابي، حياةٌ تُبصرها الفتاوى: العلائي وفلسطين القرن الثامن الهجري، موقع متراس، مصدر سابق.

[27]. أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، جامع المسائل، تحقيق: علي بن محمد العمران (بيروت: دار ابن حزم/ دار عطاءات العلم، ط2، 2019): ج7، ص415.

[28]. محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشى الفهرى الأندلسي، أبو بكر الطرطوشى المالكي، الحوادث والبدع، تحقيق: علي الحلبي، (الرياض: دار ابن الجوزي، 1998): ص128

[29]. أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة، الباعث على إنكار البدع والحوادث، تحقيق: عثمان أحمد عنبر (القاهرة: دار الهدى، 1978): ص33.

[30]. القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي، القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، تحقيق: محمد عبد الله ولد كريم، (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1992): ص1077

[31]. ناصر خسرو علي، سفر نامة، ترجمة: يحى الخشاب، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط2، 1993): ص67.

[32]. جمال الدين أبو محمد عبد الله بن هشام الأنصاري، تحصيل الأنس لزائر القدس، تحقيق: عيسى القدومي وخالد نواصرة، (نيقوسيا: مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، 2010): ص160

[33]. أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي البشاري، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1991): ص171. وهذه الطبعة هي نفسها طبعة ليدن الأصلية، وكذلك طبعة دار صادر.

[34]. المصدر السابق، ص243.

[35]. المصدر السابق، ص159.

[36]. أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدواداري، كتاب كنز الدرر وجامع الغرر، (القاهرة: عيسى البابي الحلي): ج4، ص140.