الاقتصاد الفلسطيني في ظلّ ارتدادات الحرب التجارية الأميركية
على سبيل التقديم...
مع مطلع عام 2025 عادت الرسوم الجمركية لتتصدّر أدوات السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب ما وصفه بـ"حالة طوارئ وطنية اقتصادية"، مستندًا إلى الاختلال في الميزان التجاري الأمريكي الذي تجاوز عجزه 1.2 تريليون دولار نهاية عام 2024. وقد منح هذا الإعلان البيت الأبيض غطاءً سياسيًا وقانونيًا لإطلاق سلسلة قرارات جمركية هدفت إلى إعادة صياغة بنية النظام التجاري الدولي بما يخدم تصورًا أميركيًا أكثر قومية وأحادية. بدأت هذه القرارات بفرض رسوم مرتفعة على الواردات من كندا والمكسيك بنسبة 25% (و10% على منتجات الطاقة)، ثم توسعت في أبريل 2025 لتشمل فرض ضريبة أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات تقريبًا، مع رفع خاص على الدول التي تُسجّل فوائض تجارية كبيرة مع الولايات المتحدة مثل الصين والهند وتركيا والبرازيل. وقد استخدمت الإدارة الأمريكية خطابًا يمزج بين الذرائع الاقتصادية والأمنية، فربطت التعريفات بأزمات تهريب المخدرات والاعتماد على خصوم خارجيين، مسوّقة الرسوم بوصفها وسيلة لحماية الصناعة الوطنية وإنعاش الاقتصاد، رغم تحذيرات المؤسسات الاقتصادية من آثارها التضخمية العميقة على سلاسل التوريد وأسعار المستهلكين. ومع أن ترامب أعلن لاحقًا تعليقًا مؤقتًا للتعريفات على بعض الشركاء، إلا أنه استثنى الصين ورفع الرسوم إلى 125%، ما أعاد إشعال مواجهة تجارية واسعة كان لها صدى عالمي فوري.
ما يقودنا إلى السؤال المحوري في هذه الورقة: كيف ينعكس هذا التحوّل الحمائي في الاقتصاد الأمريكي، وما يُنتجه من اضطراب في سلاسل التوريد وتقلبات في الأسعار وتغيّر في اتجاهات التجارة الدولية والإقليمية، على الاقتصاد الفلسطيني المرتبط بالكامل بالاقتصاد الإسرائيلي، والذي يستقبل الصدمات الخارجية بصورة غير مباشرة ولكن بآثار مضاعفة؟
التبعات على التجارة العالمية
أعادت القرارات الجمركية الأمريكية تشكيل خريطة التجارة الدولية، ليس عبر تغيير تدفقات السلع وحسب، بل من خلال خلق مناخ دولي يتجه نحو سياسات حمائية وتنافسية على حساب قواعد النظام التجاري المتعدد الأطراف. فقد أظهرت البيانات أن الرسوم أدّت إلى ارتفاع واضح في التضخم الأمريكي، نتيجة زيادة تكلفة المواد الأولية والمدخلات الصناعية المستوردة. كما أفضت إلى اضطراب واسع في سلاسل التوريد العالمية، دفع الشركات الأمريكية والأوروبية إلى نقل خطوط إنتاج نحو جنوب شرق آسيا لتفادي الرسوم على المكونات القادمة من الصين. وعلى الرغم من أن الهدف المعلن كان تقليص العجز التجاري، إلا أن البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الأمريكية أظهرت ارتفاع الواردات في 2025، مع ثبات الصادرات، بما وسّع العجز إلى 871 مليار دولار، ما يشير إلى فشل هذه السياسات في تحقيق غاياتها المباشرة.
وعلى الصعيد العالمي، أعادت التعريفات الجمركية الأميركية تشكيل خريطة التجارة الدولية، إذ دفعت الدول المتأثرة، خصوصًا في الاتحاد الأوروبي وآسيا، إلى إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة لتقليل تعرضها المباشر للسياسة الاقتصادية الأميركية، بينما اتجهت دول أخرى إلى توسيع شراكاتها مع الصين والهند لتعويض التراجع المتوقع في حصتها من السوق الأميركية. وتُظهر البيانات التجارية أن هذه السياسات بدأت تترك أثرًا ملموسًا بالفعل؛ فقد خُفّضت التوقعات الدولية لنمو التجارة العالمية، بالتزامن مع تباطؤ واضح في حركة الشحن والطلبيات يعكس حالة حذر متزايدة لدى المنتجين والمستوردين. وتشير التقديرات إلى احتمال انخفاض صادرات الشركاء الرئيسيين إلى الولايات المتحدة بنحو 17% خلال العامين المقبلين، وهو ما يعني تباطؤ اقتصادي ملحوظ لهذه الدول وإعادة توجيه سلاسل التوريد نحو أسواق بديلة. بهذه المؤشرات يتضح أن الرسوم الأميركية لم تعد مجرد إجراءات أحادية، بل تحولت إلى قوة دافعة تعيد توزيع الأعباء التجارية عالميًا، وتُلزم الشركاء بإعادة صياغة استراتيجياتهم الإنتاجية والتجارية ضمن بيئة دولية أكثر تقلبًا.
الانعكاس على دول الإقليم
أعاد التصعيد التجاري الأميركي تشكيل بيئة الاقتصاد العالمي بصورة أثّرت على اقتصادات الإقليم العربي، فقد جاءت التأثيرات في ما يتعلق بتموضع هذه الدول داخل سلاسل القيمة العالمية. فالدول العربية المستوردة للمدخلات التكنولوجية والمواد الوسيطة من الولايات المتحدة واجهت زيادة مباشرة في كلفة الإنتاج، في قطاعات تتطلب واردات حساسة مثل الآلات والمعدات الطبية والكيماويات. أما دول الخليج، فوجدت نفسها تحت ضغط أشد نتيجة لتباطؤ النمو العالمي الذي تُحدثه السياسات الحمائية. إذ يؤثر فرض الرسوم الجمركية في تقلص الطلب العالمي على الطاقة، نظرًا لتباطؤ الإنتاج الصناعي العالمي، وتراجع حركة التجارة والشحن البحري، وانخفاض النشاط اللوجستي المرتبط بالتجارة الدولية، وهي كلها قطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. ومع تزايد مؤشرات الركود التجاري، اتسع نطاق التوقعات بتراجع الطلب العالمي على النفط، ما انعكس في تذبذب واضح لأسعاره خلال الربع الثالث من 2025. هذا الضغط لا يرتبط فقط بانخفاض الاستهلاك المباشر للطاقة، بل بتراجع توقعات النمو العالمي، ما يدفع المستثمرين إلى إعادة تسعير الأصول النفطية على أساس مستويات طلب أقل مستقبلًا.
وفي خضم هذه التحولات في المشهد التجاري العالمي، شرعت مجموعة من الدول العربية، وفي مقدمتها مصر وعدد من دول الخليج، في إعادة تقييم شبكات التوريد الخاصة بها والاتجاه نحو توسيع شراكاتها مع الأسواق الآسيوية والأوروبية، في محاولة للحد من التعرض المباشر لتقلبات السياسة التجارية الأميركية. وتشير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA) في تقرير صدر في أبريل الماضي، إلى أن الدول العربية بدأت بالفعل في تنويع مصادر وارداتها وزيادة الاعتماد على الاتحاد الأوروبي والصين لتعويض ارتفاع تكلفة السلع المستوردة من الولايات المتحدة بسبب الرسوم الجمركية. كما يؤكد التقرير أن جزءًا من الاقتصادات العربية يعيد توجيه تدفقات سلاسل التوريد الصناعية نحو شركاء تجاريين أقل عرضة للصدمات الناتجة عن القرارات الحمائية الأميركية كالهند ودول آسيا.
وتكتمل الصورة عند النظر إلى أن هذه التحولات لا تُعد مجرد ردود فعل مؤقتة، بل تمثل إعادة تموضع إقليمي واسع فرضته بيئة تجارية عالمية تتجه نحو مزيد من الحمائية. ومن ثمّ، فإن إعادة تشكيل شبكات التوريد وتوسيع الشراكات الآسيوية - الأوروبية يُعد تطورًا بنيويًا في النظام التجاري العربي، ستكون له انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الفلسطيني الذي يعتمد في جزء كبير من تجارته على الإقليم.
تأثر اقتصاد الاحتلال
أدّت الزيادة الأميركية في الرسوم الجمركية إلى خلق ضغوط مباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على واردات صناعية وتكنولوجية متطورة من الولايات المتحدة، خصوصًا في مجالات الأجهزة الطبية والإلكترونيات والمنتجات الدوائية والآلات الثقيلة. وقد ارتفعت كلفة هذه الواردات بعد تطبيق تعرفة تصل إلى نحو 17% على السلع الإسرائيلية، الأمر الذي انعكس على الشركات الصناعية الإسرائيلية التي تعتمد على هذه المدخلات كمكوّن أساسي في عملياتها الإنتاجية. وإلى جانب ارتفاع تكاليف الواردات، تواجه إسرائيل تحديًا آخر يتمثل في تراجع جاذبية صادراتها داخل السوق الأميركية، التي تشكل منفذًا رئيسيًا لحوالي ثلث صادراتها الإجمالية. هذا التباطؤ المتوقع في الطلب الأميركي يدفع الشركات الإسرائيلية إلى البحث عن أسواق بديلة، بما في ذلك أسواق الإقليم العربي مثل الأردن ومصر، لتعويض أي انخفاض محتمل في حصتها من السوق الأميركية.
هذا التحول في اتجاهات التصدير يفرض منافسة إضافية على الدول العربية، ويؤثر بشكل غير مباشر في قدرة الاقتصاد الفلسطيني على النفاذ إلى أسواق إقليمية كان يعتمد عليها لتصريف فائض إنتاجه الزراعي وبعض الصناعات التحويلية. فمع دخول الصادرات الإسرائيلية بقوة أكبر إلى هذه الأسواق سيزداد التزاحم على الحصص السوقية المحدودة، ما يضعف قدرة المنتجات الفلسطينية على المنافسة، سواء من حيث السعر أو القدرة الإنتاجية. ويتضاعف هذا الأثر في ظل القيود الهيكلية التي تواجهها الصادرات الفلسطينية، مثل محدودية قدرات التصنيع، وضعف شبكات النقل، والارتباط القسري بالبنية التجارية الإسرائيلية.
إضافة إلى ذلك، فإن اعتماد الاحتلال المرتفع على الواردات الأميركية، التي تمثل نحو 12% من إجمالي وارداتها، يعني أن أي ارتفاع في تكاليف هذه السلع سينتقل مباشرة إلى السوق الفلسطينية، بحكم اعتماد الفلسطينيين على السلع الإسرائيلية أو تلك التي تمر عبر الموانئ والمعابر الخاضعة لسيطرة الاحتلال. وهذا ينعكس في شكل ارتفاع في الأسعار داخل السوق الفلسطيني، وتآكل في القوة الشرائية، وزيادة في تكاليف الإنتاج المحلي الذي يعتمد هو الآخر على مدخلات تمر عبر الاحتلال أو تُسعَّر بالدولار.
في المحصلة، فإن التأثيرات المباشرة للتعرفة الجمركية الأميركية على الاحتلال سواء من حيث تكاليف المدخلات، أو تراجع فرصها التصديرية، أو تغيير خريطة أسواقها، لا تبقى محصورة ضمن الاقتصاد الإسرائيلي، بل تنتقل تباعًا إلى الاقتصاد الفلسطيني عبر قنوات التجارة، والأسعار، والطلب الإقليمي. وهذا يجعل الاقتصاد الفلسطيني في موقع يتلقى صدمات مضاعفة، ويضطر إلى التكيف مع واقع تجاري يُعاد تشكيله من أعلى، دون أن يمتلك الأدوات اللازمة للتأثير في مساره.
التأثير على الاقتصاد الفلسطيني
يتجاوز أثر الرسوم الجمركية الأميركية المستوى المباشر المتعلق بارتفاع كلفة الواردات الإسرائيلية، ليصل إلى تداعيات أكثر عمقًا ترتبط بكيفية تفاعل الاحتلال مع هذه المستجدات لينتقل الأثر تباعا إلى الاقتصاد الفلسطيني. فإذا لجأ الاحتلال إلى فرض رسوم مضادة على الواردات الأميركية، سواء لحماية صناعاته أو لمعادلة الأعباء الجديدة، فإن هذا القرار سينتقل تلقائيًا إلى السوق الفلسطينية بفعل "الغلاف الجمركي الموحد" المنصوص عليه في بروتوكول باريس، الذي يلزم الجانب الفلسطيني باعتماد التعرفة الجمركية الإسرائيلية ذاتها على جميع السلع المستوردة. وبالتالي، ستجد السلطة الفلسطينية نفسها أمام ارتفاع تلقائي في تكاليف الاستيراد، بما في ذلك السلع القادمة أصلًا من الولايات المتحدة والتي تدخل فلسطين مباشرة أو عبر وسيط إسرائيلي، الأمر الذي يعني زيادة في أسعار السلع الأساسية وارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي خلال فترة قصيرة نسبيًا.
ويزداد هذا الأثر وضوحًا عند النظر إلى طبيعة الواردات الفلسطينية من الولايات المتحدة، التي بلغت نحو 108 ملايين دولار، وتشمل مركبات ومواد بلاستيكية وأجهزة بصرية وتقنية وطبية ومنتجات دوائية؛ وهي كلها قطاعات ترتبط ببنى أساسية حيوية كالنقل والصحة والصناعات التحويلية. ولهذا فإن أي ارتفاع في رسوم الاستيراد على هذا النوع من السلع سيؤدي تلقائيًا إلى زيادة كلفة الخدمات الصحية والنقل، وإلى ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي، بما يضعف تنافسية المنتجات الفلسطينية داخل السوق المحلي وفي الأسواق الإقليمية.
في المقابل، لا تشكل الصادرات الفلسطينية إلى الولايات المتحدة وزنًا كبيرًا، حيث بلغت نحو 20 مليون دولار فقط عام 2023، وتتوزع بين منتجات زراعية ومواد خام وصناعات غذائية ومواد بناء. وهو ما يعني أن أي فرصة لتعويض الخسائر في الأسواق الإقليمية أو الإسرائيلية عبر السوق الأميركية تكاد تكون معدومة، نظرًا لصغر حجم الصادرات، وغياب شبكات تجارة مهيكلة مع الولايات المتحدة، بمعنى أن التجارة الفلسطينية - الأميركية ليست قائمة على اتفاقيات ثنائية منظمة أو مسارات توريد مستقرة، ولا تعتمد على خطوط إنتاج أو عقود طويلة الأمد. ومع ارتفاع الرسوم الجمركية، قد تنظر الشركات الفلسطينية إلى تنويع صادراتها نحو أسواق جديدة، إلا أن محدودية الطاقة الإنتاجية ونقص الاتفاقيات التفضيلية وضعف البنية اللوجستية كلها عوامل تقلل من فرص نجاح هذا التوجه.
غير أن هذه التحولات، ورغم ما تحمله من ضغوط، قد تفتح مساحات جديدة لإعادة التفكير في توجيه الصادرات الفلسطينية نحو الإقليم العربي، خاصة مع إعادة تشكيل مسارات التجارة الإسرائيلية. فمع تزايد توجه الاحتلال إلى الأسواق الإقليمية لتعويض تراجع حصتها في السوق الأميركية، ستجد فلسطين نفسها أمام بيئة أكثر تنافسية، لكنها في الوقت ذاته بيئة تعيد توزيع الأدوار داخل السوق الإقليمي. وفي حال استثمرت فلسطين في تطوير منتجاتها وتوسيع شراكاتها العربية، قد تتمكن من اقتناص جزء من الفرص الناتجة عن إعادة ترتيب سلاسل التوريد في المنطقة، ولو تدريجيًا.
خاتمة
تكشف التجربة الاقتصادية في عهد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن توتر في أدوات السياسات المتبعة؛ فقد سعت الإدارة إلى إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي باستخدام التعريفات الجمركية كوسيلة ضغط واسعة النطاق، بالتوازي مع محاولات للتخفيف من آثارها عبر خفض أسعار الفائدة وتحفيز الطلب الداخلي. ورغم هذا التداخل بين السياسة التجارية والنقدية، إلا أن النتيجة كانت اتساع رقعة عدم اليقين في الأسواق العالمية، وارتفاع معدلات التضخم، وتزايد التقلبات في حركة رؤوس الأموال، الأمر الذي انعكس بوضوح على الاقتصادات المرتبطة بالدولار، ولا سيما في العالم العربي، حيث تتحدد كلفة الاستيراد والتمويل تبعًا لمسار العملة الأميركية لا تبعًا لاحتياجات اقتصادات المنطقة.
أما في الحالة الفلسطينية، فقد كانت الآثار أكثر حدّة نظرًا لغياب أدوات نقدية وتجارية مستقلة، ولأن الصدمات لا تصلها مباشرة من الولايات المتحدة فحسب، بل تمرّ عبر قناة إضافية هي الاقتصاد الإسرائيلي، الذي ازداد انكشافه بدوره على موجة الرسوم الأميركية. فقد أدى ارتفاع تكاليف الواردات الإسرائيلية واختلال أنماط تصديرها إلى تضييق المجال المتاح أمام الصادرات الفلسطينية في الأسواق الإقليمية، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع الأساسية بسبب انتقال الكلفة الإسرائيلية إلى المستهلك الفلسطيني. وإلى جانب ذلك، ساهمت اضطرابات سلاسل التوريد العالمية وتراجع الطلب الخارجي في إضعاف النشاط الإنتاجي المحلي، وأثرت في قدرة فلسطين على الوصول إلى بدائل تمويلية أو تجارية تقلل من عمق الارتباط القسري بالاقتصاد الإسرائيلي.
في ظل هذه البيئة المتحولة، يصبح الاقتصاد الفلسطيني بوصفه اقتصادًا صغيرًا ومقيدًا، أكثر عرضة لتقلبات الاقتصاد العالمي، وأشد تأثرًا بقرارات لا يملك القدرة على التأثير فيها. لذلك، تكمن الاستجابة الاستراتيجية في بناء مسارات تجارية بديلة وتنويع الشراكات الإقليمية والدولية، وتطوير القدرات الإنتاجية المحلية، بما يتيح للاقتصاد الفلسطيني هامش أكبر للتحرك تجاه الاستقلال النسبي عن منظومة الاحتلال. إن التحولات الجارية في النظام التجاري الدولي لا تمنح الاقتصادات الصغيرة رفاهية الانتظار، بل تحتم عليها إعادة صياغة موقعها داخل هذا النظام بما يضمن لها القدرة على الصمود والمنافسة في مرحلة جديدة من الاقتصاد العالمي تتجه نحو مزيد من الحمائية وإعادة توزيع النفوذ الاقتصادي.