الثوب الفلسطيني.. أيقونة النَّضال ومدلولات الصمود
قد يتجاوز عمر الحكاية في هذا التقرير سنواتٍ طويلة لتعودَ بالقارئ إلى ما قبل 3000 عام وربما أكثر، فالحديث عن الثوب الفلسطيني المُطرَّز وتاريخه العريق ليس بالأمر السهل الذي يفتح المجالَ أمام أيِّ عابر لفهم دلالته. فكل ما يُنسج على الثوب لا يمكن أن يكون عبثًا أو محض صدفة، بدءًا من نوع القماش ولونه، ونوع الغرزة المُختارة، ومدلولات الرسوم المنقوشة، وصولًا إلى موضع آخر غُرزةٍ مُطرزة على طرف الثوب. بهذا التعريف، فإنّ الثوب الفلسطيني المُطرَّز يتجاوز الكينونة المادية كونه لباسًا فحسب، ليحمل في كل غرزة حكاية شعب كامل، وتراثًا انتقل من جيلٍ لآخر، وفنًّا تتطلب دراسته الوعي بالارتباطات الرمزية، وأداةً فعَّالة للمقاومة والدفاع.
تاريخ الثوب الفلسطيني
يُعدّ الثوب الفلسطيني المُطرَّز شكلًا من أشكال التراث المادي، الذي ورثه الآباء عن أجدادهم، وحافظوا على أصالته ليحمله الأبناء من بعدهم. يرى المؤرّخون أنَّ تاريخ نقوش الثوب الفلسطيني ورموزه يعود إلى الفترة الزمنية التي سكن فيها الأجداد الكنعانيون في فلسطين أي ما بين 3000 - 2500 قبل الميلاد، حيث استُمدَّت الخطوط والرسومات المنقوشة على الثوب الفلسطيني من الأشكال المحفورة على جدران الآثار الفلسطينية، والتي اكتشف أوائلها في كهوف الكنعانيين. بالإضافة إلى النجمة الثمانية التي تشكِّل أساسًا في معظم المُطرَّزات، وهي النجمة ذاتها التي اكتُشف نقشُها في كهوف مدينة أريحا. ويعتقد المؤرخون أن تاريخ حفر النجمة يُقدر بنحو 4500 سنة، أي أنَّها من أقدام أنواع النقوش المُكتَشفة.[1]
غُرز النجمة الثُّمانية الكنعانية
ومن جانبٍ آخر فقد اشتهر الكنعانيون بصناعة الأقمشة واستخراج الأصباغ الملونة، الأمر الذي أدّى إلى تميُّز الأقمشة والألوان التي تُنسجُ منها الأثواب الفلسطينية. ومع مرور العصور وتغيُّر الظروف الحضارية والثقافية والسياسية في فلسطين، تنوَّعت النقوش والزخارف والأشكال التي يتزيّن بها الثوب الفلسطيني إلَّا أن الغرزة الأساسية بقيت مُحافظةً على أصالتها ووحدتها إلى يومنا هذا.
فما هي الغرزة الفلسطينية؟! تُعدّ الغرزة وحدة البناء الأساسية التي تُنقش على الثوب من خلال استخدام الإبرة وخيط التطريز المخصص، لينتج عن مجموعة الغُرز وحدة زخرفية مُتكاملة تمثِّل شكلًا مُطرَّزًا له دلالة معينة. اختلفت الدراسات السابقة في عدد الغرز المتوارثة وتنوَّعتْ آراء الباحثين، فبعضهم يرى أن هناك 11 غرزةً فقط، والبعض الآخر وصل في عدد الغرز إلى 33 غرزةً متنوعةً. ورغم هذا التنوع إلَّا أنَّ هناك غرزًا أساسية ثابتة ومعروفة، كالغرزة المُصلبة أو الغرزة الفلاحي، وهي أشهر أنواع الغرز المستخدمة في التطريز، وغرزة النمل واللف البدوي، وغرزة المنجل الغزاوي.[2]
الغُرزة الفلاحية
القراءة الرمزية للثوب الفلسطيني
لقد انعكس الغنى الحضاري الذي عاشته فلسطين على أثوابها بشكلٍ مباشر، ولذلك فإنّ الثوب المطرز يمثِّل هويَّةً تاريخية وحضارية واجتماعية أيضًا. فكلّ وحدة زخرفية تُنسج على الثوب تمثِّل مدلولًا يختلف عن الآخر. وفي القراءة الرمزية للأثواب الفلسطينية، فقد تأثَّرت النقوش الزخرفية بالتنوع الجغرافي في فلسطين، فكان الثوب في أرياف فلسطين يختلف عن أثواب المدن وأثواب البدو أيضًا، حيثُ انعكس ارتباط المرأة الريفية بالأرض والزراعة على طبيعة الغرزة ونوعية القماش والألوان التي تنسجُ بها ثوبها، أمَّا أثواب البدو فقد امتازت بغزارة التطريز واستخدام عناصر مُكمِّلة تعكس أبرز العادات والتقاليد التي تميِّزهم عن غيرهم كتطريز الحزام وإضافة البرقع الذي يغطي الوجه، في حين أنَّ أثواب المدينة تميَّزت بتنوُّع الأشكال المزخرفة على الثوب، لكنَّها اختلفتْ من حيث طبيعة هذه الأشكال ومدلولها وألوانها من مدينة إلى أخرى، فقد كان لكل مدينة أسلوب تطريز مختلف، فعلى سبيل المثال -لا الحصر- اختلفتْ ألوان الغُرز المستخدمة بين مدينةٍ وأخرى، فيميل ثوب رام الله ويافا وبيت لحم إلى اللون الأحمر الأرجواني، في حين أن أثواب مدينتي غزة وبيسان تميل إلى اللون البنفسجي والأزرق، وأمَّا عن أثواب القدس فقد اشتهرتْ باستخدام الألوان الداكنة المشتقة من الطبيعة الجبلية كاللون الأحمر الداكن، بينما تميَّزت أثواب مدينة بئر السبع باستخدام اللون الأحمر البرتقالي تأثُّرًا بالطبيعة الصحراوية. وأمَّا عن أثواب الخليل فقد تعددت وتنوَّعت الألوان المستخدمة إلَّا أنَّ الصدارة كانت للون البني.[3]
خريطة توضيحية لتنوع الأثواب الفلسطينية من منطقةٍ لأخرى
ليست هذه الألوان إلَّا مثالًا على الصفة العامة للأثواب، لكنَّ الغنى والتنوع داخل المجتمع الواحد ساهم في وجود اختلافات بين عائلات المدينة الواحدة، فاشتهار إحدى المدن باستخدام لونٍ معين لا يعني عدم استخدامها لألوانٍ أخرى.فقد كانت هناك عوامل أخرى تؤثّر على شكل الثوب ودلالته، فقد استخدمت الأشكال والزخارف أيضًا بناءً على العادات والتقاليد وأنواع الحرف والأشجار والثمار الموجودة في المنطقة، فاشتهرت أثواب مدينة يافا بتطريز زهرتي البرتقال والليمون تأثُّرًا باشتهار المدينة بهذه الأشجار، في حين أن أثواب مدينة الخليل تميَّزت باستخدام كروم العنب تعبيرًا عن اشتهار المدينة بأجود أنواع العنب في فلسطين، أمَّا أثواب شمال فلسطين فقد تميَّزت بزخارف الزيتون بأنواعه، ولأن ارتباط الفلسطيني بشجرة الزيتون يمثِّل معانيَ تاريخية ودينية فقد تأثّرت معظم المدن الفلسطينية بتطريز أشجار الزيتون وأوراقه، كما يكاد لا يخلو أي ثوب من وجود أشكال شجرة السرو التي تشتهر بها فلسطين والتي تعبِّر عن القوة والصمود.
خريطة توضيحية لأشهر أنواع الوحدات الزخرفية في المدن الفلسطينية
بالإضافة إلى التنوع في استخدام الأشجار الفلسطينية، فقد اتّسعت الأثواب الفلسطينية لطيف واسعٍ من رموز الزهور الطبيعية التي تميَّزتْ بها مدن فلسطين وقراها كزهرة النرجس وشقائق النعمان والأقحوان وغيرها من الزهور.
وأمّا على صعيد ألوان القماش المستخدم، فقد ارتبط هذا الأمر بالوضع الاجتماعي للمرأة، فقد استُخدِم الثوب الأبيض للعروس أو المرأة المتزوجة حديثًا، في حين أن الثوب الأسود كان لعامَّة النساء مع اختلاف نوع القماش وألوان الوحدات الزخرفية المنقوشة، فمثلًا تميَّزتْ نساء مدينة بئر السبع بارتداء الثوب الأسود كنايةً على أنَّها تعيش في ظلِّ زوجها، في حين أنَّها تستخدم اللون الأزرق في التطريز بعد وفاة زوجها تعبيرًا عن الحداد والحزن.[4]
ثوب فلسطيني لعروس من رام الله
ثوب من بئر السبع
ثوب من يافا
الثوب الفلسطيني بعد النكبة
تأثَّر الثوب الفلسطيني بالأوضاع السياسية في فلسطين، بدءًا من أحداث نكبة 1948 وما تبعها من نكساتٍ وويلات امتلأت بها حكاية القضية الفلسطينية. فعقب نكبة 1948 عندما هُجِّرت العائلات الفلسطينية من بيوتها وأراضيها، كانت كل النساء ترتدي ثوبها الفلسطيني، حيث كان اللباس الرسمي لكل سيَّدة، وهذا السر الأول الذي ساهم في حماية الثوب الأًصيل من الضياع والاندثار.
اتخذتْ بعض النساء الفلسطينيات من مهارة تطريز الأثواب الفلسطينية فرصةً لمساعدة أزواجهنّ، خاصةً بعد تردّي الأوضاع الاقتصادية الذي خلَّفته النكبة، وسرقة الكثير من الأراضي الزراعية التي كانت تمثل مصدر رزقٍ أساسي للكثير من العائلات الفلسطينية. وبهذا لم يعد التطريز مقتصرًا على نساء الأرياف والقرى فحسب، بل أصبحتْ نساء المدينة يجلسن مجموعاتٍ يتعلمن التطريز ويبعنَ ما تيسَّر من الأثواب لبعض العائلات الغنية؛ بغية الحصول على قوت يومهنّ وعائلاتهنّ.[5]
خلال فترة ما بعد نكبة 1948 وصولًا إلى أحداث النكسة عام 1967 وما بعدها، انتشرتْ العديد من المؤسسات النسائية في فلسطين مثل جمعية إنعاش الأسرة وجمعة الاتحاد النسائي العربي، الأمر الذي ساهم في زيادة الاهتمام بالثوب الفلسطيني، من خلال تعليم النساء المدلولات الرمزية المختلفة لكل الأثواب الفلسطينية، خاصةً بعد أن انتشر الحديث عن ارتداء بعض النساء الإسرائيليات للأُثواب الفلسطينية التي بقيتْ في بيوت الفلسطينيات عقب المجازر التي ارتكبها الاحتلال في معظم أنحاء فلسطين، وبهذا أدركت النَّساء أن هذا الثوب لم يعد يمثِّل لباسًا مُطرّزًا فحسب، إنما شهادةً واضحةً ودلالةً ماديةً على الحقيقة الفلسطينية. ومن هنا أصبح الثوب الفلسطيني عنوانًا للثورة والمقاومة داخل كل بيت، ورمزًا من رموز الاتحاد بين المدن الفلسطينية، حيث أصبح الثوب الواحد يجمع، في بعض الأحيان، خواص العديد من المدن، فاجتمع نساء يافا مع الخليل ومع بئر السبع وغيرها من المدن التي هُجِّر أهلها إلى مخيمات اللجوء داخل فلسطين وخارجها، ما ساهم في تنوعٍ واضح واختلاف في الصفات العامة للوحدات الزخرفية وطبيعة القماش الذي اشتهرت به كل مدينة، ففي ثوبٍ واحد اجتمع تطريز حبَّات البرتقال اليافاوي مع كروم العنب الخليلي تزيّنها وحدات النجوم كنجوم الصباح التي اشتهرتْ بتطريزها مدينة بئر السبع.
بعد أحداث انتفاضة الحجارة عام 1987، تغيَّرت الكثير من الرموز والأشكال التي اشتهر بها الثوب الفلسطيني، ففي الوقت الذي حظر فيه الاحتلال رفع العلم الفلسطيني، اتَّجهت النساء الفلسطينيات إلى تطريز العلم على الثوب وشال الرأس، ورغم محاولات الاحتلال التضييق على النساء اللواتي يرتدين هذه الأثواب إلا أنَّ كلَّ محاولاته باءت بالفشل، بل على النقيض من ذلك، انتشرتْ هذه الأثواب بحلَّتها الجديدة بين كل النساء في مختلف أنحاء فلسطين، تعبيرًا عن الصمود والمقاومة.[6]
من أثواب انتفاضة الحجارة
تأثَّر الثوب الفلسطيني بكل الأحداث السياسية التي سُجِّلتْ في تاريخ فلسطين، فكان يمثِّل في أحيانٍ كثيرة وسيلة اعتراضٍ واحتجاج على خطاب سياسيٍّ مثلًا، وأداةً للثورة والرفض كما في أحداث الاقتحام والتدنيس للمسجد الأقصى خاصةً في فترة الانتفاضة الثانية عام 2000، فاستحدثتْ النساء الفلسطينيات الكثير من الأشكال المُطرزة مثل: "رسمة البارودة الفلسطينية"، وتطريز الحروف العربية وتكوين العديد من العبارات التي تعبِّر عن أحقية الفلسطيني بأرضه مثل: "القدس لنا"، "فلسطين عربية"، "راجعين يا فلسطين"، وتطريز أسماء المدن الفلسطينية خاصةً تلك المدن التي يحاول الاحتلال طمسها وتغيير تركيبها الديموغرافي والجغرافي والتاريخي كمدينة القدس، وبيت لحم، والخليل، ومدن الداخل المحتل.
نماذج من تطريزات ما بعد الانتفاضة على الأثواب الفلسطينية
لم تتوقف مقاومة المرأة الفلسطينية عند هذا الحد، بل أبدعتْ الكثير من النساء في تطريز مسجد قبة الصخرة، والساحات الخضراء المحيطة بالمسجد الأقصى، وتطريز خريطة فلسطين في منتصف الثوب، والتركيز على استخدام الألوان الأربعة التي يتميَّز بها العلم الفلسطيني. انتشرتْ هذه الأثواب في العديد من المدن والقرى الفلسطينية حتَّى أنَّها عُرِفتْ تاريخيًا بـ" أثواب الانتفاضة".[7]
سرقة الثوب الفلسطيني
لقد كان الهدف الأساسي لـ "إسرائيل" منذ اللحظة الأولى لاحتلال فلسطين، أن تطمس كل الحقائق الشاهدة على أحقية الفلسطيني بأرضه. فلم ينتهِ الأمر عند التهجير والقتل والاستيلاء على الأرض، بل أصبح الهدف الأساسي أمام "إسرائيل" محاولة اختلاق تاريخ يمثّلها، لذلك تسعى جاهدة إلى إخفاء كلّ ما يربط الفلسطيني بقضيته، من خلال سرقة التراث الفلسطيني عامةً، والأثواب الفلسطينية خاصةً؛ بشكلٍ مباشر وغير مباشر، والسعي في أسرلة الكثير من الرموز والدلالات الفلسطينية التي تمثِّل الأساس للوحدات الزخرفية المتوارثة منذ آلاف السنين.
منذ اللحظة الأولى لاحتلال فلسطين إلى يومنا هذا، يتعرَّض الثوب الفلسطيني للسرقة والتزوير والتهويد، بدءًا من ارتداء نساء الوزراء الإسرائيليين للثوب الفلسطيني في الكثير من المحافل الدولية والادعاء بأنه تراث إسرائيلي، والعمل على إقامة معارض تراثية مختلفة يُعرض فيها مجموعة مختلفة من الأثواب الفلسطينية القديمة إلى جانب مجموعة من الكتب التراثية التي تمثِّل أساسيات التطريز، مثل المعرض الذي أشرفت عليه زوجة "موشيه ديان" في البيت الأبيض الأمريكي. [8]
لم يقتصر الأمر عند ذلك، بل حرصت "إسرائيل" في السنوات الأخيرة على استخدام الثوب الفلسطيني لباسًا رسميًا لمضيفات شركة العال الإسرائيلية للطيران. بالإضافة إلى إقامة عروض الأزياء المخصصة مثل العروض التي تُقام في المتحف الوطني الإسرائيلي، حيث إنّ هذا المتحف يضم العديد من القاعات، وكل قاعة تحمل اسمًا مختلفًا من أسماء الأثواب الفلسطينية، تستخدم "إسرائيل" في تلك المعارض الأثواب الفلسطينية المختلفة لباسًا رسميًا للعارضات،وقد تعمَّدت أيضًا في المعارض الأخيرة استبدال النجمة السداسية بالنجوم المشهور تطريزها على الثوب الفلسطينية كالنجمة الثمانية، زعمًا بأن هذه الأثواب تراث إسرائيلي.[9]
مواجهة سرقة الثوب الفلسطيني
واجهت النساء الفلسطينيات محاولات الطمس والسرقة والتزوير للثوب الفلسطيني، بأساليب مقاومة متعددة. بدءًا من زرع أهمية هذا الثوب في نفوس الأجيال، وربطه بالنضال الفلسطيني، فأصبْحتْ الأم الفلسطينية تعلِّم بناتها أساسيات الغرزة كما تعلمهنَّ أساسيات الحياة، وحرصتْ كل سيدة على الاحتفاظ بكل ثوب ورثته من أمّها عن جدتها، لتورثه هي الأخرى لبناتها للاحتفاظ بأصل الحكاية المُرتبطة بالأرض، وهذا النَّهج الذي لاقى صدىً واسعًا في السنوات الأخيرة، خاصةً عندما فضَّلت بعض العرائس ارتداء الثوب الفلسطيني في يوم عرسها بدلًا من فستان الزفاف المُتعارف عليه، لتعود هذه العادات إلى المناسبات السعيدة بشكلٍ واضح، بل أصبحت الفتيات يتنافسنَ فيما بينهنَّ على ارتداء الأثواب الأكثر قدمًا والتباهي بين الحضور على أنَّها تحملُ تراثًا عمره يفوق آلاف السنين.
من جهةٍ أخرى، حرصتْ العديد من المؤسسات والجمعيات على نشر الوعي تجاه أهمية الثوب الفلسطيني، من خلال الدورات التثقيفية والتعليمية، وإقامة المعارض المخصصة لعرض الأثواب الفلسطينية، مع شرح الحكاية وراء كل غرزة. وطباعة الكتب التراثية التي تحتوي على أسماء الغُرز وصور الأثواب التي نسجتها الجدات قبل أحداث النكبة.بالإضافة إلى حرص العديد من النساء الفلسطينيات على حضور المحافل الدولية، وتقديم الأُثواب الفلسطينية وشرح كل المدلولات الرمزية للثوب الفلسطيني والتي تعبِّر بشكل مباشر عن تاريخ القضية الفلسطينية ومدى ارتباط الفلسطيني بأرضه. وفي هذا السياق فإن هناك نجاحًا فريدًا ساهم في لفت أنظار العالم لحقيقة الثوب الفلسطيني، عندما قامت الباحثة مها السقا على إعداد كتاب يضم 700 صفحة، تناقش فيه كل ما يتعلق بالثوب الفلسطيني، وتقديمه إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، فنجحت السقا في إقناع 194 دولة بالتصويت لصالح قرار إدراج فنّ التطريز الفلسطيني ضمن قوائم التراث الثقافي العالمي لعام 2021. [10]
خاتمة
كشف تاريخ دراسة الأثواب الفلسطينية وما يلازمها من محاولات تزوير وسرقة، بأن الاحتلال الإسرائيلي يحاول بكل الأساليب قطع أواصر ارتباط الفلسطيني بأرضه، وسرقة عناصر التراث التاريخي وتحويله لتراث إسرائيلي اعتقادًا منه أنَّه يصنع تاريخًا وحضارةً. ورغم أنَّ كل الأدلة تفنِّد هذه المحاولات، خاصةً أن هناك أثوابًا فلسطينيةً موجودة في مقرات وزارة الثقافة تتجاوز أعمارها الـ 200 عام، أي أنها أكبر من عمر الاحتلال نفسه.
إنَّ هذه المحاولات تؤكد على أنَّ المقاومة بكلِّ أنواعها لا بدَّ أن تكون حاضرةً في كلِّ بيتٍ فلسطيني، فالأمر لا يرتبط بثوبٍ مطرز، بل بتاريخ شعبٍ كامل يسعى بكلِّ طاقته لاسترداد حقِّه الطبيعي في أرضه المسلوبة.
[1] منتوجات التطريز التقليدية المُصنعة يدويًا، الملحق السادس، مؤسسة المواصفات الفلسطينية، 2021، ص 6.
[2] المصدر نفسه، ص 16.
[3] موقع فلسطيني: https://www.falastini.tv/.
[4] الجزيرة نت: https://bit.ly/3R34I12 .
[5] عبد اللطيف، مازن، الزي الشعبي الفلسطيني بين الحداثة والتهويد، مؤتمر الفن والتراث الشعبي الفلسطيني، 2012، ص 10.
[6] مصلح، أحمد، الأحداث السياسية وأثرها في مطرزات الثوب الفلسطيني النسوي، مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية 2019،https://bit.ly/3PnPceQ .
[7] المصدر نفسه، ص 67.
[8] المصدر نفسه.
[9] عربي21: https://bit.ly/3sEGyju .
[10] الجزيرة نت: https://bit.ly/3R34I12 .