الرشاش على ملابس الفلسطينيين .. نضال أم عنف مجتمعيّ؟
على سبيل التقديم
تبحث إسراء لافي في هذه المادة في دلالات انتشار الألبسة التي تحمل صورة الرشاش بين الشبان الفلسطينيين في السنوات الأخيرة بالتزامن مع تحوّلات المقاومة وأنماطها في ساحة القدس والضفة الغربية. لا تنفكّ الظاهرة عن مشهديّات المقاومة الجديدة، وجاذبيّتها للجيل الجديد الذي لم يدرك المشهديّات الضخمة لنضالات الفلسطينيين في الانتفاضتين الكبيرتين، ولكنه أدرك حروب غزّة، وهبّات القدس، والحالة المسلّحة في شماليّ الضفّة الغربية، وسلاسل العمليات الفردية والتنظيمية في الضفّة الغربية، وهو في الوقت نفسه يعيش في زمن الصورة السائلة والمتحوّلة، الأمر الذي يصعّب من سؤال الدلالات الثقافية للرمز والصورة، لاسيما مع حضور ظاهرة القتل الداخلي والصراعات العشائرية.
ثمّة تداخلات بين الوطني والعشائري والاستهلاكي والعولمي في الظاهرة المبحوثة، تستدعي أنظارًا أخرى، وهذه مساهمة يمكن البناء عليها، انطلاقًا من السؤال عن دلالة الرمز على حضور المقاومة بوصفها ثقافة في أوساط الشبان، وإن كان يمكن إعادة تشكيل الرمز لتنحصر دلالته في البعد الوطني، ولتكون رمزيته أكثر عمقًا وأقلّ سيولة.
· التحرير
تنتشر آلاف الرموز في الطرقات، وفي كل ما تقع عليه العين، إلا أن العين قد تلتقط في لحظة؛ ما لا تلتقطه في حين آخر، فتدرك في لحظة؛ ما لا تدركه في غيرها، ولكل من هذه الرموز معنىً ودلالةٌ.
من بين هذه الرموز؛ الكتابات والرسوم على الملابس، ففي الوقت الذي قد تشتري قميصًا لأنه يمثّل لك علامةً تجاريةً مميزةً، أو يحمل شعار فريق كرة القدم المفضل، أو قد تكون مجرد كلمات وحروف لا تلقي لها بالًا؛ هناك من يشتري قمصانًا وسراويلَ تحمل صورة رشاش "إم 16".
كيف يمكن أن نقرأ اختيار هذا النوع من الملابس؟ وهل يمكن أن يكون شكلًا من أشكال التعبير عن ثقافة ما؟ هل يمكن عدّ ارتداء القميص تعبيرًا عن انتماء لهوية جماعية في طور التكوّن؟ وكيف يمكن أن نقرأ ونفسّر دلالة صورة السلاح؟ كم معنىً يمكن أن تحمله الصورة؟ هل يمكن تأطير الصورة في سياق ضبط البوصلة؟
راجت الملابس المطبوع عليها رشاش إم 16 في فلسطين في آذار/ مارس 2022 إثر مجموعة من العمليات التي نفذها فلسطينيون في الداخل الفلسطيني المحتل، في مشهد يستدعي احتفال الفلسطينيين إثر الحرب على غزة في 2014 حيث حرص الأطفال في العيد على شراء الزي العسكري وارتدائه تأثرًا برمزية المقاوِمين في غزة، وتلخيصًا لرمزية البطل، كما يفعل الأطفال حين يتعلقون بالرجل العنكبوت "سبايدر مان"، وكما يفعل الشباب في الجامعات أو على منصات الاحتفال حين يعبّرون عن الرمز أو المنهج الذي يمثلهم من خلال الزي.
الفارق هذه المرة أن الملابس انتشرت على نطاق واسع في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وكثير من الفتيان والشباب ارتدوها أثناء مروره على الحواجز في رمضان، وفي الطرقات المختلفة، وصولًا إلى بعض المدارس.
خلال البحث عما كُتب في هذه المرحلة الزمنية وجدت مادة واحدة على منصات غير محلية وغير منسوبة لكاتب، منها: "مستجدات ورؤى سويسرية"، و"صحيفة العرب"، تحت عنوان: "ناشطون فلسطينيون "يناضلون" ضد إسرائيل خارج إطار الفصائل التقليدية"، عرضت المادة للناحية المادية والمكتسب المتحقق في فترة زمنية قصيرة نتيجةً للإقبال الهائل على شراء هذا النوع من الملابس، وتحدثت عن فرضية انتهاء عهد الأحزاب، ومسألة الفردانية في التحرك والعمل، والتأثر بالمشاهد المرئية كالتي تصدرت مواقع التواصل إثر عملية ضياء حمارشة، مع الذهاب إلى أن هذا السلوك تعبير عن العنف الذي وصل إليه الشبان، وليس انتهاءً بما يجب على الاحتلال فعله لوقف هذا النوع من العمليات.
في الطريق نحو صناعة الرمز المعاصر
يعيش المجتمع الفلسطيني -في الواقع- حالة من الفوضى، وقدر من الفراغ الروحي، لجملة أسباب مرتبطة إلى حدّ كبير بالشرط السياسي الداخلي ومحاولاته إعادة هندسة المجتمع بما يفرّغه من الانشغالات العامّة، بالإضافة للتداخلات الثقافية العولمية الكاسحة، وهنا يمكن ملاحظة تراجع أدوار المساجد، والمدارس، والدعاة، والمصلحين الاجتماعيين، والميل إلى الفردانية، وسرعة الانسياب في التيار الاستهلاكي المتصاعد، المتعزز اجتماعيًا بسلوك الإفراط في المظاهر، في حالة من أسوأ ما تفرزه الرأسمالية التي تعززت في فلسطين أكثر بعد دخول السلطة الفلسطينية، والمتكثّف في السنوات العشرة الأخيرة، ومع حضور منصات التواصل الاجتماعي التي فرضت أشكالًا أخرى من التفاعل والتواصل، وأسهمت بصفتها عاملًا مؤثرًا في التنشئة الاجتماعية برصيد أعلى من كل المؤسسات التقليدية بما فيها البيت، فمن ناحية عززت الفردية، ومن ناحية أخرى خلقت أشكالًا جديدة للمُثل العليا حتى وإن بدت فارغة مثل: الشهرة وحب الظهور، كما أوجدت أشكالًا جديدة للقدوات تلعب فيها الصورة والفيديو دورًا رئيسًا، فتبني واقعًا افتراضيًّا على أنقاض الواقع الحقيقي، وهي (أي وسائل التواصل) بهذا تتفوق على تلفزيون الواقع الذي راج مطلع الألفية الثانية.
إشارة السلاح في فترة زمنية محددة قد تحمل معنى ضمن سياق سياسي ما، فيما قد تحمل معنى آخر في وقتٍ آخر وفقًا للسلوك الجماعي، أي أن الرمزية التي تشير إلى البطولة في مواجهة الاحتلال، قد تتحول إلى سياق آخر عندما تسود لغة الثأر القَبَلية مثلًا
نحن هنا لا يمكن أن نعزل تأثير الدراما عربيةً كانت أم مدبلجةً أم أجنبيةً، والأفلام، والإنتاج السينمائي المنتقل من الشاشات الكبيرة إلى الشاشات الصغيرة عبر وسائل أكثر سيولة، وشبكات تلفزية رقمية متكاثرة، والتي ترسِّخ فكرة "الأزعر" أو "القبضاي" أو ملك الإثارة، القادر على أخذ الانتقام بنفسه، وإزالة العوائق، وأن يكون ملجأ لآخرين، حتى إن قتل كل مَن في طريقه، ويمكن تسليط الضوء أكثر على الدراما التركية تحديدًا، وعدد من الأعمال التي انتقلت شعاراتها إلى واجهات المحلات، وبعض الملابس، وجدران الأزقة.
حالة الإدراك الخفية لدى الجيل الصاعد بفراغ أقرانهم الذين يشتهرون لأسباب معقولة أو غير ذات معنى؛ تبقيهم في حالة ضياع، وحالة البحث عن نموذج مختلف، يملأ الفراغ الذي بداخلهم، ويساعدهم في طريق البحث عما يريدونه حقيقة.
يضاف إلى ذلك اغتيال الرموز الثقافية أو المشاركة في قتلها ليس ابتداءً بباسل الأعرج، وليس انتهاءً بنزار بنات، مع ما خلقته كل الأحداث المتدافعة من حالة البحث عن نموذج، في ظل تيار "ازرع زيتون ازرع ليمون ازرع تفاح"، رغم أن نموذج العسكري راج عام 2014 لكنه كان رواجًا مؤقتًا ينتهي ما لم يستدع حضورَه حدثٌ، كل هذه العوامل تبقي الشباب في مواجهة سؤال: مَن أنا؟ وماذا أريد؟ وأين أقف؟ أي سؤال الهوية، وهو هنا ليس الهوية الشخصية؛ الاسم ومكان السكن وتاريخ الميلاد، بل هو السؤال الأعمق الذي لا يجيب عنه بلغة الحروف، بعد طغيان لغة لمس الشاشات، والأيقونات المشاعرية، ولكن يمكنه أن يعبّر عنه بلغة الصورة، إنه السؤال عن الرغبات، وعن الإرادة، وعن الأفكار.
وكأن المجتمع الفلسطيني يعيش حالة صراع طبقي ثقافي بين طبقة سياسية تجنح للسلم، وتعزز من إفرازات أوسلو إلى جانب تقاسم الثروات، وتوزيع المناصب على الأبناء؛ وطبقة كادحة تم القضاء على آمالها في الترقي، أبناؤها من الشباب الناشئ في تيار من الصراعات التي تدفع به للبحث عن هوية مميِزة، هوية ثقافية، تدفعه للبحث عن نموذج البطل الذي تجتمع فيه صفات يراها تعبّر عنه، وتلخص رغباته في التخلص من العجز والاستضعاف التي يراوغ فيها سياسات الضبط والملاحقة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من أجهزة السلطة والاحتلال؛ التي تلاحقه بالاستجواب، والاستدعاء، والاعتقال، بالإضافة إلى السياسات التي تقرّها مواقع التواصل الاجتماعي التي تعزز محاربة المحتوى الفلسطينيّ، أي بعض ما نراه رمزًا ثقافيًا معبرًا عن حالتنا؛ وما يرونه عنفًا مرفوضًا؛ بما يخدم أيضًا سياسات الملاحقة التي يقوم بها الاحتلال، كحذف المنشورات لوجود كلمات معينة فيها، أو حذف الأغاني المصورة التي توثق عمليات مواجهة أو عمليات مقاومة، أو حذف الصور والتصاميم بما فيها حسابات المشاركين على المنصات المختلفة.
اغتيال الرموز الثقافية أو المشاركة في قتلها ليس ابتداءً بباسل الأعرج، وليس انتهاءً بنزار بنات، خلّف، مع عوامل أخرى، حالة البحث عن نموذج لدى الجيل الشاب
وإن كانت هذه السياسات بمجملها تنطوي على إيجابية واحدة وهي لجوء الجمهور إلى الابتكار، بحيث تصبح الصورة المحمولة على الملابس شكلًا من أشكال المقاومة المتنقلة، ولا تقل عن معارك رفع العلم الفلسطيني في الميدان.
من ثمّ يلجأ الشباب إلى الرمزية التي تلخص حالة الفرادة والعلو من وجهة نظر تنحو منحى "الظاهرة الشعبية" أي ترمز إلى "الثقافة الشعبية" التي تعبر عن تأييد واضح لأعمال المقاومة التي نفذها عدد من الشباب؛ أمثال: محمد أبو القيعان، وأيمن وخالد اغبارية، وضياء حمارشة، والتي قد تعبّر عن حُلم، لا يمنع من تحوله إلى سلوك.
موقف ثوريٌّ .. صامت
فاعلية الأفراد بارتدائهم قمصان السلاح تكمن من ناحية في أنها تُظهر تشابهًا مع الآخرين في لغة تفاعل صامتة لكنها تحمل موقفًا، وهي بهذا شكل من أشكال التفاعل الاجتماعي غير المنطوق، والذي لم يتطور لقصر الزمن الذي ظهرت فيه، مع وجود المحفزات، ليدفع باتجاه نشوء حركة اجتماعية، لكنه يشير إلى الوعي الذاتي، فكلما عرف الشباب أنفسهم؛ طوروا آليات استجابة مع الآخرين، أي أنهم بهذا السلوك قدموا استجابة للبيئة الاجتماعية التي تحتضنهم.
ومن ناحية أخرى فإن فاعلية ارتداء هذه القمصان تكمن في تعميم منتج ثقافي بطريقة فاعلة بصفته جزءًا من دعاية غير مقصودة، وبمحض إرادتهم بدلًا من أن تكون مفروضةً عليهم؛ بل تحمل شعورًا بأنها عكس ما يراد لهم أن يكونوا، كما تحمل في مجتمع آخر مثل القدس المحتلة وما حولها من حواجز ثقافة "الجكر" والتحدي، هذه الفاعلية التي تعمل على تحويل السلاح من ثقافة نخبة إلى ثقافة شعبية.
إذًا يمكن قراءة صورة الرشاش على الملابس في سياق البحث عن مثل أعلى، وفي بيئة ذات كينونة خاصة مثل مخيم جنين الذي لا يغيب السلاح عن مشاهده، في جنازات رجاله، وفي استقبالات الأسرى، والذي لا زال يُصدّر النماذج التي ترفع السلاح، فإن ارتداء هذه الملابس قد يُعبّر عن التضامن والتعاطف أو الافتخار، وليس بالضرورة تبني الفكرة أو تحويلها إلى سلوك على الأقل على المدى القريب، في معزل عن عمق تأثّر الوعي الباطن.
وقد أشار عالِم اللغويات السويسري فرديناند سوسير إلى الإشارة أو الرمز ضمن بحثه في مفهوم السيميائية والتي يرى أنها توحّد بين المفهوم والصورة والصوت[1]، ورغم أن إشارة السلاح هي رمزية لأداة تستخدم في القتل، فإن المفهوم هنا متغير، وقد يحمل قيمة ثقافية أو أيديولوجية، يختلف تفسيرها وفقًا للمؤثرات على كل شخص، بين مَن يراها من منظور الجهاد أي دعوة دينية، أو مَن يراها منهج مقاومة يتفق عليها اليمين واليسار ضد منهج السِلم.
وقد أشار سوسير إلى أن كل طريقة تعبير مستخدمة في المجتمع تستند إلى السلوك الجماعي أو العُرف[2] ، هذه الأعراف توجه سلوك الأفراد في المجتمع والتي تنشأ من مجموعة المعتقدات والأفكار العامة والمجردة الشائعة في المجتمع وفقًا لتعريف النظام الثقافي عند تالكوت بارسونز الأمريكي[3]، وهذا يعني أن إشارة السلاح في فترة زمنية محددة قد تحمل معنى ضمن سياق سياسي ما، فيما قد تحمل معنى آخر في وقتٍ آخر وفقًا للسلوك الجماعي، أي أن الرمزية التي تشير إلى البطولة في مواجهة الاحتلال، قد تتحول إلى سياق آخر عندما تسود لغة الثأر القَبَلية مثلًا، ولغة القتل في سلوك أوّلي عند كل خلاف أو شجار مهما كان السبب تافهًا، وإذا كانت كل دالة تعني ما تعنيه، فالثابت هنا أن السلاح يعني القتل بعيدًا عن تأويلاته الأخرى التي نمنحها له، ويرى جوردن بيترسون أن منهج إنتاج الثقافة يهتم بطريقة تأثر مضمونها بالوسط الذي تنشأ وتوزع وتقيم وتدرس وتحفظ فيه[4]، من ثمّ يصبح كثير من الناس منتجين للثقافة سواء قصدوا ذلك أم لا؛ منهم: الكتّاب، الخياطون، التجار، المغنون، وفي السياق ذاته المقاوِمون.
يمكن قراءة صورة الرشاش على الملابس في سياق البحث عن مثل أعلى، وفي بيئة ذات كينونة خاصة مثل مخيم جنين الذي لا يغيب السلاح عن مشاهده، في جنازات رجاله، وفي استقبالات الأسرى، والذي لا زال يُصدّر النماذج التي ترفع السلاح، فإن ارتداء هذه الملابس قد يُعبّر عن التضامن والتعاطف أو الافتخار
وفي المجتمعات الرأسمالية تتحول الثقافة إلى سلعة، ولو سلمنا أن صورة السلاح الرمزية هي عنصر ثقافي فهي لا تنفك أن تكون سلعةً، قياسًا لو تمعنا أكثر في سوق التعليم اللامنهجي الذي ينخرط الكثير فيه ويحوّل كل شيء إلى سلعة، ويعتمد على عوامل الجذب التي توفر له أكبر ربح، فالتاجر الذي يبيع الملابس بصورة الرشاش لا يقصد الترويج لثقافة بعينها، ولكنه يقصد الربح، بدافع السباحة مع التيار، والانسجام مع الثقافة الدارجة، فلا مقدس وكل شيء معرض للاستغلال.[5]
الخائفون من القماش .. والفناء
وإذا كنا نقول إن إشارة السلاح تحمل أكثر من معنى، فإن المعنى الأول يتمثل في رمزية السلاح التي تشكل ثقافة المقاومة في الفترة الأولى من ظهورها إثر العمليات الفلسطينية، والتي خشي الاحتلال من تحولها إلى عادة؛ فواجهها الاحتلال مبكرًا أواسط أيار/ مايو 2022 من خلال تعميم وصل إلى أهالي الطلبة في مدارس القدس المحتلة ومؤسساته، يمنع ارتداء الطلبة هذه الملابس، وأنه سيتم تحويل الطالب المخالف إلى مجلس ضبط، ويُفتح له ملف شرطة، كما فرضت غرامات جزائية، وجرى إعادة الطلبة إلى بيوتهم لتبديل ملابسهم في سياق الالتزام بسياسات وزارة المعارف و"دولة الاحتلال"، وهذا رفع من قيمة الصورة على الملابس، وإشارة إلى أثرها، سواء كان الأثر أمنيًّا أم جنائيًّا.
بالإضافة إلى الاستمرار بسياسات الإغراء التي تستهدف جمهور الضفة الغربية من خلال رفع المنع الأمني، وزيادة إصدار التصاريح وخاصة السياحية، وتصاريح البحث عن عمل للرجال والنساء دون اشتراط زواج أو عمر محدد.
هذه السياسات الناعمة تجاه الشعب الفلسطيني هي نوع من أنواع صرف الأنظار عن ثقافتي العداء والمواجهة، لصالح تغليب علاقات المصلحة والسِلم.
المعنى الأول لهذه الملابس يتمثل في رمزية السلاح التي تشكل ثقافة المقاومة في الفترة الأولى من ظهورها إثر العمليات الفلسطينية، والتي خشي الاحتلال من تحولها إلى عادة؛ فواجهها الاحتلال مبكرًا أواسط أيار/ مايو 2022 من خلال منع ارتداء الطلبة هذه الملابس، وتشكيل مجالس ضبط، وفتح ملفات شرطة "للمخالفين".
أما المعنى الثاني، الذي قد ترمز له مثل هذه الملابس. فيتمثل في ثقافة العنف لأجل العنف، القتل ثأرًا أو على موقف سيارة أو على كيس قمامة أو على أي خلاف، ليصير لغة بديلة للغة الحوار والألفة، ولعل القسوة التي تورثها الأجهزة الإلكترونية والشاشات الصغيرة سبب من الأسباب التي تضيق الأخلاق، وتضعف رصيد الصبر والتحمل.
فلماذا لا يكون من أفكار تلك الملابس؛ تأطير الصورة عليها بحيث يوضع أمام فوهة الرشاش البوصلة المستهدفة؟ كالاستيطان أو علم العدوّ أو جنوده، كي لا تبقى الفوهة مُشرعة بلا وجهة محددة، تجعل العنف متاحًا في كل الاتجاهات، فـ "لا شيء يمكن أن يفر من المعنى" كما يقول رولان بارث.
لماذا لا يكون من أفكار تلك الملابس؛ تأطير الصورة عليها بحيث يوضع أمام فوهة الرشاش البوصلة المستهدفة؟ كالاستيطان أو علم العدوّ أو جنوده، كي لا تبقى الفوهة مُشرعة بلا وجهة محددة، تجعل العنف متاحًا في كل الاتجاهات
[1] (مدخل إلى سوسيولوجيا الثقافة، ص 173)
[2] المرجع السابق/ 177.
[3] المرجع السابق / 110.
[4] المرجع السابق/ 173.
[5] المرجع السابق/ 75.