الشهيد جمعة الطحلة.. سيرة مقاتل فلسطيني عابر للأزمنة والأمكنة

الشهيد جمعة الطحلة.. سيرة مقاتل فلسطيني عابر للأزمنة والأمكنة
تحميل المادة

على سبيل التقديم

في هذه المقالة يسرد كمال الجعبري شيئًا من سيرة مقاتل عابر للأزمنة والأمكنة، تبدأ من الرملة، حيث الأصل لا المولد، وجذر القتال الشخصي والعام، إلى عمان وبيروت وكابول وبيشاور ودمشق والقاهرة وسيناء، وساحات أخرى، نعرفها ولا نعرفها، وقصص أخرى، نرويها ولا نرويها، نمتلك عنها بعض المعرفة، أو تعرفها الميادين والرفاق دون سواهم. انتهاء بغزة، بفلسطين، الحضور الدائم في المسيرة العابرة للأمكنة والأزمنة، والختام المنتظر للرحلة الطويلة. تمتد حكاية جمعة الطحلة، الفلسطيني، الفلسطيني الدائم، والمقاتل الطائر لكل هيعة، رجل الإلكترونيات والتصنيع، والإرث الممتد للمتطلعين، ممكنًا وحيدًا، بلا بدائل.

كان خبر استشهاد جمعة الطحلة في قصف صهيوني لنفق لكتائب القسام في معركة (سيف القدس)، أول معرفة أكثر الناس بالرجل، ثمّ انفتحت لهم أبواب معرفة به. في هذه المقالة بعض من تلك الأبواب إلى مساراته الطويلة والثرية، والتي رفدناها، في النسخة المطبوعة[1]، بملاحق تضم صوره في بعض الأماكن التي عبرها، وشيئًا من وثائقه الشخصية ذات الصلة بمثابرته وكدحه وأزمنته وأمكنته.

·      التحرير


كلمة خاصّة..

لا أزال أذكر تلك الليلة الصيفية حين وصلني خبر استشهاد القائد جمعة الطحلة، بقصفٍ صهيوني لنفق للمقاومة الفلسطينية في غزة، وكنت قد استأجرت منزلاً يملكه خاله، وقريبه، الفقيد عمر الطحلة (أبو خليل) المجاهد بماله ونفسه لفلسطين، وجدت نفسي لا إراديًّا أقرع بابه ليلاً وما أن سلمت عليه إلا وبدأ بالحديث عن الشهيد مفتخرًا به، وطلب مني الكتابة عنه.

لكلٍ منا قصةٌ مع شهيد، قد لا يعلم سبب تعلقه بشهيدٍ دون آخر، ولكن للتعلق هذا أسرارٌ عدة لعل من أهمها، أنّ لكل شهيد يرتقي منا، تفاصيل قد تكون تعني كل فردٍ منا شخصيًّا، فلربما تشابه الظروف أو الصفات أو الملامح، ولربما هو تلاقٍ لأرواح وتجاذب لها، ولربما هذا هو سر قوله تعالى: "ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألّا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون".

وعلى أية حال فقد ترددت كثيرًا قبل الشروع في كتابة هذه المادة، وتملكتني العديد من المشاعر المتضاربة، التي تجمعت حول فكرة واحدة، قلة جهدي وعجزي أمام هذا النوع من الرجال، وهذا النوع من الشهداء، وطوال عملي على هذه المادة ومقابلتي لمن ساعدني باكتمال تصورها، كانت مقولتان تدوران في ذهني، الأولى لسيد قطب، وكنت قد سمعتها بتسجيلٍ للشيخ عبد الله عزام: "قليل هم الذين يحملون المبادئ، وقليل من هذا القليل الذين ينفرون من الدنيا من أجل تبليغ هذه المبادئ، وقليل من هذه الصفوة الذين يقدمون أرواحهم و دماءهم من أجل نصرة هذه المبادئ والقيم، فهم قليل من قليل من قليل"، أما المقولة الثانية فهي للشيخ عبد الله عزام في محاضرةٍ قبيل استشهاده بأيام، واصفًا شهداء الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة المساجد): "هؤلاء الذين نحيا بذكرهم".

نشأةٌ في الشتات

بتاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1962، وفي منطقة راس العين، وسط العاصمة الأردنية عمّان، ولد الشهيد جمعة عبد الله الطحلة، لأسرةٍ فلسطينيةٍ لجأت من الرملة، بعد أن خاض عددٌ من أبنائها مثل المجاهد داودالطحلة، جد الشهيد جمعة لأمه، معركة الدفاع عن الرملة، حتى الطلقة الأخيرة، وشارك معه في تلك المعارك عددٌ من الشخصيات التي غدا لها حضورٌ لاحق في المشهد الفلسطيني، مثل: الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)[2]، والذي صار مسؤول "القطاع الغربي" أو "جهاز الأرض المحتلة" في حركة فتح، واستشهد عام 1988، وصالح مسعود بويصير، الدبلوماسي الليبي، وصاحب كتاب "جهاد فلسطين خلال نصف قرن".

شهادة ميلاد الشهيد جمعة الطحلة

انتقلت عائلة الطحلة إلى قطاع غزة، إذ سكنت في حي الزيتون، وسط مدينة غزة لعدة أشهر، ومن ثم انتقلت للعيش في خربة السكة، بالقرب من الظاهرية، جنوب الخليل، لتنتقل إلى عمّان في العام 1953، وتسكن في جبل النظيف المتاخم لمخيم الوحدات، قبل أن تنتقل لراس العين، وسط عمّان، والتي كانت في تلك الفترة أبعد نقطة ممتدة إلى الغرب من جبال عمّان، وفي تلك الفترة التي سكنت فيها العائلة في هذه المنطقة ولد الشهيد جمعة الطحلة، وما أن تفتح وعيه، حتى وتفجرت أحداث فتنة "أيلول الأسود" بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني.

آنذاك، انتقلت عائلة الطحلة حديثًا للسكن في حي نزال، بالقرب من مسجد نزال الكبير، وفي تلك الفترة كان ثلاثة من أخوال والد الشهيد ضمن الجهاز الأمني والعسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهما الفقيدان، عمر الطحلة (أبو خليل)، وأحمد الطحلة، وعلي الطحلة (أبو داوود)، وبحسب خال  الشهيد، عمر داود الطحلة، فقد عاصر جمعة ما حدث في حي نزال بعد الموجة الأولى من الاشتباكات في عمّان، بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر 1970، حينما شنّ الجيش الأردني حملة تمشيط لحي نزال بحثاً عن السلاح، وداهم عددًا من البيوت، وهنا بدأت القضية الفلسطينية تأخذ مكانها في وجدان الشهيد. 

الشهيد جمعة الطحلة في الأردن في سبعينيات القرن الماضي

مثابرة على طريق العلم

بدأ الشهيد جمعة الطحلة حياته التعليمية في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في منطقة حي نزال وأنهى دراسته الثانوية من مدرسة حُنين  الثانوية، في العام 1981، ثم حصل على منحة دراسية في كلية وادي السير الهندسية، التابعة لـ"الأونروا" لدراسة الرسم الهندسي، وبعد مرور سنة دراسية، انتهى المطاف بالشهيد جمعة الطحلة بالفصل من الكلية، بسبب خلاف مع أحد المدرسين فيها، من حملة الفكر الشيوعي، بعد أن منعه من الدخول للقاعة الدراسية، مع زميله، بعد أن تأخرا في أداء الصلاة، إذ كان وقت المحاضرة يتعارض معها.

شهادة الثانوية العامة للشهيد جمعة الطحلة

في العام 1982، انتسب جمعة الطحلة لدراسة المحاسبة في جامعة بيروت العربية، ولكنه ترك الجامعة، ليلتحق بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، والتي تلقب اليوم بـ (كلية الشهداء) إذ ضمت الكلية بين جنباتها، خلال الفترة التي درس فيها الشهيد جمعة ثلةً من الطلاب والأساتذة الذين أضحوا شهداء لاحقًا، بعد التحاقهم بصفوف المقاومة الفلسطينية، أو مختلف ساحات الجهاد، كالشهيد يوسف السركجي، من نابلس، أحد قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، في شمالي الضفة الغربية، والشهيد عبد الله عزام، الذي استشهد في بيشاور الباكستانية، بعد أن شهد ولادة مشروعه الذي حلم به طويلاً من انطلاق المقاومة الإسلامية الشعبية في فلسطين، وغيرهم العديد ممن استشهدوا، أو دفعوا مختلف أنواع الأثمان في طريق الجهاد وفلسطين.

وثيقة انتساب الشهيد جمعة الطحلة لجامعة بيروت العربية

لم يطل المقام مع الشهيد جمعة الطحلة في الجامعة الأردنية، إذ سارع في العام 1984 لترك مقاعد الدراسة ملتحقًا بشيخه عبد الله عزام في أفغانستان، التي كانت قد شهدت تفجر المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال السوفياتي لأراضيها.

بعد عودة الشهيد جمعة الطحلة من أفغانستان واستقراره في الأردن، ومن ثم انتقاله للعمل في الإمارات، بقي هاجس تحصيل العلم حاضرًا في قلبه وعقله، ويروي مجاهد الابن الأكبر للشهيد جمعة تقدمه للدراسة عن بعد لدى إحدى الجامعات الأمريكية في تخصص الهندسة المدنية. يقول مجاهد في هذا السياق: "على الرغم من انشغاله طوال النهار في العمل وعلى الرغم من أنه رب لعائلة فيها 4 أطفال إلا أنه كان يجلس كل ليلة إلى مكتبه الذي أعده للدراسة، وكان ينغمس في صفحات الكتب التي كانت تصله بالبريد العادي وذلك قبل انتشار الإنترنت والتعلم من خلاله".

وعقب دخول الشهيد جمعة الطحلة لأرض غزة، عقب ثورة يناير في مصر خلال العام 2011، التحق الشهيد بالدراسة في جامعة فلسطين العسكرية، التي تشرف عليها كتائب الشهيد عز الدين القسام، وحصل على الدبلوم منها، وغدا لاحقًا أحد أعضاء مجلسها الأكاديمي.

صورة للشهيد في الأردن في ثمانينيات القرن الماضي

 

كدح اليد.. الحرف والمهن

لم تقتصر مهارات الشهيد جمعة الطحلة على الجانب الأكاديمي فقط، بل سبق تلك الخبرات، تميزه منذ نعومة أظفاره بالجوانب الحرفية، ويروي قريب الشهيد الحاج عمر الطحلة (أبو خليل) أنّ الشهيد تميّز بإتقان مهنة الحدادة، منذ أن كان عمره حوالي 8 سنوات مستفيدًا من خبرات أفراد عائلته الممتدة في هذه الصنعة.

وبالإضافة إلى الحدادة أتقن الشهيد العديد من المهن، مثل: التمديدات الكهربائية للسيارات، والنجارة، والسباكة، وصيانة الثلاجات والغسالات والأدوات الكهربائية، والإلكترونيات المنزلية.

ويروي أحد أصدقاء الشهيد ممن عاصروه في حي نزال، كيف صنع حوضًا للأسماك، باستخدام (الألماظة)، وهي أداة لتقطيع الزجاج، ومحركًا، من محركات ألعاب الأطفال.

وكما نقلت عائلة الشهيد الطحلة، فقد كان منزله يحتوي على مكتبة متكاملة من المصادر والمراجع والكتب المتعلقة بمختلف جوانب الإلكترونيات والأعمال الكهربائية، وكانت المكتبة تحتوي كتبًا عن البث الإذاعي والتلفزيوني وكتبًا عن الإلكترونيات وصيانة الأجهزة الالكترونية وأحد هذه الكتب هي سلسلة من حوالي 12 كتابًا لمهندس الالكترونيات السوري نذير المتني.

 

في درب المهندسين الشهداء

لم تكن اهتمامات الشهيد جمعة الطحلة في مجال التصنيع والصيانة والإلكترونيات، اهتماماتٍ مجردة، بل كانت جزءًا من مشروعه الذي ترجم جزءًا منه على أرض فلسطين، في غزة. يقول لنا أحد أبناء الشهيد إنّه قد عثر في مكتبته الخاصة في عمّان، عقب الإعلان عن استشهاده على مجلة أمريكية للهواة عن الطيران الشراعي، تعود لزمن التسعينيات وقد وجدوا داخلها ورقة تحوي رسومات وتصاميم طائرة بخط يدوي، يعتقد أنّه خطه وذلك قبل التحاقه بقسم التصنيع العسكري في كتائب الشهيد عز الدين القسام.

وبعد دخول الشهيد جمعة الطحلة إلى سوريا، وبداية عمله مع قسم التصنيع في كتائب الشهيد عز الدين القسام، برفقة الشهيد محمد الزواري، والشهيد محمود فارس، وغيرهما، كان الشهيد الطحلة شغوفًا بالتعرف إلى تجارب من سبقه في جهاز التصنيع العسكري، ونقل هذا الشغف إلى عائلته، فجلب إلى منزله العشرات من الأفلام التي تتحدث عن بدايات تصنيع السلاح النوعي للمقاومة مثل صاروخ (قسام 1)، الذي احتفظ لاحقًا بمجسمٍ له في مكتبه، ليتذكر بداية هذا المشروع الذي ارتقى من أجل تطويره العشرات من الشهداء، ليلتحق بهم في معركة "سيف القدس".

يحدثنا أحد أبناء الشهيد عن مدى ولع والده بسيرة الشهيد مهند الطاهر، الملقب بـ "المهندس الرابع"، وهو واحد من أبرز مهندسي المتفجرات في كتائب الشهيد عز الدين القسام في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى"، وكان الشهيد الطحلة يكثر من مشاهدة الأفلام والمقاطع التي توثق سيرة الشهيد الطاهر، ويشاهدها باستمرار مع عائلته وأبنائه.

 

تبرعم في المساجد.. ونشأة في رحاب الدعوة

بدأت علاقة الشهيد جمعة الطحلة بالمساجد في فترةٍ مبكرةٍ من عمره، وذلك منذ العام 1968، حينما كان في الصف الأول الابتدائي، إذ كان متشوقًا إلى تعلم الصلاة، وكان يسترق النظر إلى معلم الصف الثاني، ويحاول التقاط حركات الصلاة وأذكارها منه، إذ كان درس تعليم الصلاة ضمن منهاج الصف الثاني الابتدائي، وهكذا تعلم الشهيد الصلاة قبل أقرانه، ومنذ ذلك الوقت كان الشهيد حريصًا على الذهاب إلى مسجد نزال الكبير، حيث كان يسكن مع عائلته، وفي تلك الفترة من سبعينيات القرن الماضي كان رواد المساجد في ظل المد القومي واليساري من كبار السن.

على الرغم من مضايقات الوسط المحيط له، واتهامه بـ "الدروشة" بقي الشهيد جمعة الطحلة ملتزمًا بالصلاة والتدين، حتى التحق بالحركة الإسلامية، ومن ثم المقاومة الفلسطينية. 

بعد أن اشتد عود الطحلة، وفي فترة السبعينيات، بدأت علاقته بالحركة الإسلامية في الأردن، إذ كان حي نزال من مناطق المحاضن التربوية المهمة للحركة الإسلامية في الأردن، وفي عمّان تحديدًا.

في مسجد بدر، وسط حي نزال، انتظم الشهيد الطحلة في صفوف الإخوان المسلمين، وانتظم في العمل الدعوي والتربوي، ومما يذكره من عاصروا الشهيد جمعة الطحلة خلال تجربته في مساجد حي نزال، وعمله الدعوي والإيماني في صفوف جماعة الإخوان المسلمين، أنّ الشهيد كان يحب كنية (أبو ذر)، وعندما سُئل عن ذلك كان يجيب بأنّ أبا ذر "عاش وحيدًا ورحل وحيدًا"، وتشاء الأقدار أن يكون الشهيد جمعة الطحلة في مختلف فترات حياته ومراحلها بعيدًا عن أفراد أسرته، وعائلته.

وخلال دراسة الطحلة الجامعية في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية خلال العام 1982، دأب على حضور الدروس في مسجد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وهو أحد معاقل الحركة الإسلامية، وكان من أبرز دعاة تلك الفترة ومدرّسي الحلقات فيها، الشهيد الدكتور عبد الله عزام، إذ كان الشهيد من الملازمين للشيخ، وهناك تعرف بالأستاذ كاظم عايش، رئيس الجمعية الأردنية للعودة، والذي كان من رواد المسجد آنذاك، إذا أشار عايش إلى أنّ المسجد في تلك الفترة كان من أهم الحواضن التربوية في عمّان، وتربى في أكنافه العديد من قيادات المقاومة الفلسطينية، وشهدائها، كالشهيد يوسف السركجي، وغيرهم.

 

الرملة.. جذر الشهيد في وعي الشهيد

للرملة، حيث جذور الشهيد، وإن لم يولد فيها، مكانة خاصة في نفسه. فبالرغم من أنه لم يزرها، إلا أنه دائم الحديث عنها والبحث في تاريخها. يقول ابنه الأكبر مجاهد إنّه كان يروي له أنّ الرملة كانت عاصمةً للخلافة الأموية في بعض الحقب خلال الحكم الإسلامي الأموي لفلسطين، وكان يكثر الحديث عن أحد أهم معالمها التاريخية، وهي المنارة البيضاء، والتي رُويت أحاديث نبوية بأن فيها المنارة البيضاء التي ينزل عندها نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام في نهاية الزمان، ويقاتل المسيح الدجال. (الأحاديث الصحيحة تذكر المنارة البيضاء بدمشق مكانًا لنزول المسيح عليه السلام لا المنارة البيضاء في الرملة، وأما قتله الدجال فيكون عند باب لد، ومدينة اللد قد باتت متاخمة للرملة بعد بناء الرملة * التحرير).

ومما يرويه الشهيد لأبنائه عن حكاية لجوء عائلته، أنّ والديه قد حفروا حفرة كبيرة بالقرب من منزلهم قبيل ترك الرملة، ووضعوا فيها كافة متاع المنزل بما فيها (النملية)، وهي خزانة قديمة كان الناس يضعون فيها معظم متاع منازلهم، ولا تخلُ بيوت جداتنا منها.

 

الأب.. المربّي

يقول مجاهد ابن الشهيد جمعة الطحلة: "أذكر مرة عندما كنت طفلاً في سن الروضة، كنا في طريقنا مساءً لقضاء بعض الأمور مع والدي، وفي الطريق مررنا بإشارة مرور تومض وتضيء باللون البرتقالي، فسألته بفضول الطفل الصغير عن طريقة عملها، ولأن شرح تفاصيل عملها يستحيل أن يفهمه طفلٌ بعمري، بدأ والدي رحمه الله يشرح لي كيف أن طالبًا مجتهدًا تفوق في دراسته، حتى تمكن من اختراع هذه الإشارة، لقد كان كلامه محفزًا لي".

وكان جمعة الطحلة حريصًا على تعليم أبنائه لمجال الإلكترونيات تحديدًا، وكل ما يتصل به من علم الحاسوب، والبرمجة، ويذكر مجاهد في هذا السياق بأنّ أباه الشهيد كان قد شرح له طريقة عمل شاشة الكمبيوتر من خلال تمثيله لها بمصابيح الإنارة الصغيرة جدًّا المصفوفة بجانب بعضها والتي تضيء على شكل الحرف الذي نقوم بطباعته، ويقول مجاهد: "كان تحفيز أبي رحمه الله سببًا في توجهي لدراسة هندسة الاتصالات والبرمجيات".

الشهيد جمعة الطحلة مع أبنائه

لبنان.. حينما يختبر السلاح أوّل مرّة

كما كان تعلق الشهيد جمعة الطحلة بالإسلام فطريًّا، كان تعلقه بالجهاد والقتال ومقاومة المحتل الصهيوني في فلسطين، وكما ورث حب الإسلام من أمه المتلزمة دينيًّا، فقد ورث حب فلسطين من أفراد عائلته، التي ضمت مقاتلين من حامية الدفاع عن الرملة في حرب عام 1948، وآخرين أسسوا العمل العسكري الفدائي لمقاومة المحتل بعد العام 1967، فكانت النتيجة الطبيعية لهذا الإرث النضالي الجهادي، المسارعة للمشاركة في مقاومة المحتل الفعلية في أول فرصة للاشتباك معه، بغض النظر عن الأسماء والعناوين، هو ما كان فعلاً صيف العام 1982، وتحديدًا خلال فترة الاجتياح الصهيوني للبنان ضمن ما عرف بـ "عملية سلامة الجليل".

وبعد ترك الشهيد جمعة الطحلة للدراسة في كلية "الأونروا"، التحق بخدمة العلم الإلزامية، ضمن الفوج الـ 18، وكانت الخدمة لمدة سنتين في الجيش الأردني إلزامية لكل من أتم الثامنة عشرة من عمره من الأردنيين، وبعد أن أنهى الشهيد جمعة الطحلة "دورة الأغرار"، والتي استمرت لمدة 3 أشهر، التحق الشهيد الطحلة بقوات جيش التحرير الفلسطيني، إذ إنّ الأردنيين من أصول فلسطينية، كانوا مخيرين في تلك الفترة بين الخدمة في الجيش الأردني أو جيش التحرير الفلسطيني، وكانت قوات جيش التحرير الفلسطيني في الأردن آنذاك (قوات بدر)، تحت قيادة المقدم نعيم الخطيب.

بطاقة خدمة الشهيد جمعة الطحلة في الجيش الأردني

وفي شهر حزيران من العام 1982، بدأ العدوان الصهيوني على جنوبي لبنان تحت عنوان "عملية أمن وسلامة الجليل"، ووقع الخيار على الدفعة رقم 17 في جيش التحرير الفلسطيني للمشاركة في القتال لأقدميتها، وهنا غضب الشهيد جمعة الطحلة واقتحم مكتب المقدم الخطيب، وهدد بإطلاق النار على نفسه إن لم يرسله للقتال في لبنان، وهنا ضحك المقدم الخطيب، وقال "طالعوا هالوحش طالعوه"، أي للقتال في لبنان.

نُقل المتطوعون وتعداد جيش التحرير الفلسطيني في الأردن إلى لبنان عبر سوريا، حيث تمركزت قوات جيش التحرير الفلسطيني القادمة من الأردن في منطقتي الجبل والبقاع، ولكن عددًا من المتطوعين، ممن كانوا يتمتعون بدافعية عالية للقتال لم يبقوا في تلك المحاور البعيدة عن بيروت، حيث القتال المحتدم، فتمكن هؤلاء ومنهم الشهيد جمعة الطحلة، من الوصول إلى جنوب بيروت، حيث محور القتال الأعنف (متحف بيروت - سباق الخيل)، وفي منطقة جسر الكولا، تحديدًا، رابط الشهيد الطحلة مع عددٍ من رفاقه، وبحوزتهم عدة قاذفات "7 RBJ"وراجمة صواريخ صينية، حيث صمدوا في القتال لعدة أشهر في وجه دبابات الاحتلال، وشاركوا في معركة المتحف، المعركة الأكثر ضراوة خلال حصار بيروت.

مما يروى عن تجربة الطحلة خلال معارك بيروت أنّه كان يذخر الراجمة مع رفاقه الثلاثة في مجموعته ويوجه إحداثيات الاستهداف باتجاه دبابات الاحتلال، ومن ثم يتحصن تحت الجسر، وخلال معارك بيروت استهدفت طائرات الاحتلال بشكل مباشر خندقًا يتحصن فيه الشهيد فنجا من الموت بأعجوبة، وعندما خرج من الخندق أمسك بيديه قطع اللحم المتناثرة من جسد رفيقه الشهيد، ومن شدة هول الانفجار خرج الشهيد جمعة من الخندق يتحسس جسده ظناً منه أنّه فقد الجزء السفلي منه. وفي إحدى جولات القتال سقطت قذيفة دبابة في إبريق الشاي الذي يعده الشهيد الطحلة لرفاقه، ولكنها لم تنفجر.

واصل الشهيد جمعة الطحلة قتاله في بيروت، وصموده فيها مع رفاقه في جيش التحرير الفلسطيني وغيرهم من الفدائيين، حتى شهر آب/ أغسطس 1982، حينما غادرت قوات الثورة الفلسطينية بيروت، بعد اتفاق هدنة برعاية أمريكية، وضمانات دولية، حيث غادرت قوات جيش التحرير الفلسطيني (قوات بدر) إلى الأردن، واستقبلت استقبالاً عسكريًّا، وكرم الملك الراحل الحسين بن طلال من شاركوا في القتال، ومنهم الشهيد جمعة الطحلة، لتكون تجربة لبنان تجربته الجهادية الأولى.

 

أفغانستان.. التجربة على طريق فلسطين

بعد عودة الشهيد جمعة الطحلة من لبنان، استمر في عمله الدعوي ضمن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وفي تلك الفترة بين عامي 1982 و1984، برز الشيخ الشهيد عبد الله عزام شخصية دعوية محببة لدى معظم شباب الحركة الإسلامية في الأردن، ولم تخل لغة الشهيد عزام من الحديث عن المضامين الجهادية، إذ كان للشيخ إرث من الثورة، خلال مشاركته في تجربة (قواعد الشيوخ) في الأردن بين عامي 1967 و1970، وكان في ذات الوقت يتمتع بروحٍ متواضعة مقربة من الشباب، ما أدى إلى علاقةٍ وطيدة بين الشيخ عزام والشهيد الطحلة، ومما يذكره العديد ممن وثّقوا تجربة الشيخ عبد الله عزام، أنّه كان حريصًا على التقرب من الشخصيات المميزة تنظيميًّا وعمليًّا (الكوادر)، إذ كان مشروع الجهاد، أو فكرة المقاومة الإسلامية مستقرةً في ذهنه، حتى قبل مغادرته إلى أفغانستان.

شهادة إنهاء خدمة الشهيد جمعة الطحلة في القوات المسلحة الأردنية

في صيف العام 1984، وفي بيته القريب من مسجد عبد الرحمن بن عوف، في الحي الشرقي من ضاحية صويلح، إلى الشمال من الأردن التقى بالشيخ عبد الله عزام، القيادي في الحركة الإسلامية الأردنية، شابٌ سعودي الجنسية، سيغدو لاحقًا حديث العالم، وهو أسامة بن لادن المدفوع آنذاك بفكرة الجهاد العالمي ضد المحتل السوفياتي للأرض الأفغانية.

استغرق اللقاء ساعات طويلة على تلةٍ تطل على مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، المخيم الفلسطيني الأكبر في الأردن، ولكن الأنظار اتجهت إلى حيث آلاف الكيلومترات، وكما وصف الصحفي ياسر أبو هلالة، في تعليقه الصوتي وإعداده لوثائقي (عبد الله عزام - أول الأفغان العرب)، والذي بثته قناة الجزيرة الوثائقية في العام 2002، فقد كان عند بن لادن إرثٌ من الثروة، وكان لدى الشيخ عزام إرثٌ من الثورة، وتم الاتفاق على تأسيس ما عرف لاحقًا باسم "مكتب خدمات المجاهدين"، والذي كان الهدف الأساس منه مأسسة الجهاد الأفغاني، وإن كان للشيخ عبد الله عزام مآرب أخرى فيه، إذ يشير المقربون من الشيخ بأنّ فلسطين لم تغب عن خاطره طوال سنوات تجربته الأفغانية، ولعل توجهه لها هو ما تسبب باستشهاده لاحقًا.

وما يدلل على طبيعة العلاقة المتوطدة بين الشهيد جمعة الطحلة، والشهيد الشيخ عبد الله عزام، ما عثر عليه في جهاز الطحلة، عقب استشهاده، إذ كتب مذكرةً بعنوان "هذا شيخي الذي أثر فيّ أيما تأثير"، وجاء فيها: "إيه، لقد عادت بي الذكرى إلى ما يقارب أربعين عامًا للوراء، لما كان يقول "خوذ سمعلي".. رحم الله الشيخ الدكتور العالم العامل المجاهد الشهيد عبد الله عزام، كان صاحب مشروع، وفلسطين همه، وأنا أشهد والله شهيده".

وجاء في المذكرة أيضًا: "ذهب لأقصى الدنيا، إلى جبال أفغانستان حيث الجهد والجهاد، وبيئة الرجال وقسوة ظروفها من أجل إعداد جيل يصنع منه جيشًا للقدس،  لما ضاقت دول التآمر على مجاهدي فلسطين، ولم يذهب إلى عواصم عربية تقتل في النفوس حب الجهاد وتُنسيها ماذا تريد مثل شواطئ تونس للعراة، أو شارع الحمراء في بيروت، لكن لم يعرفه الكثيرون وظلموه وقالوا عنه ذهب إلى البعيد عن فلسطين".

وختم الطحلة كلامه قائلاً: "والله ما نحن إلا حسنة من حسناته إن أحسنّا، وذنبنا علينا إن قصّرنا. تربينا على يديه منذ أن كنا في المرحلة الإعدادية من خلال تلاميذه الجيل الأول، ورزقنا الله بأن تلقينا منه الرعاية بعد الثانوية مباشرة، إلى أن اختاره الله شهيدًا بعد عشر سنوات تقريبًا عشناها معه عن قرب". 

حصول الشهيد على الشهادة العالية في العلوم الإسلامية من باكستان

وكان الشهيد جمعة الطحلة من أوائل من التحقوا بركب الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفياتي، وكان من المؤسسين لـ "مكتب خدمات المجاهدين"، وكانت تجربته في المكتب صاقلةً للعديد من جوانب شخصيته التي برزت لاحقًا في ميادين النزال في غزة، فلقد كان الشيخ عبد الله عزام حريصًا على بقاء الشهيد الطحلة ضمن العمل المؤسسي الإداري لمكتب خدمات المجاهدين، وفي ذات الوقت كان الشيخ عزام، ومنذ العام الثاني له في أفغانستان حريصًا على نقل تجربة الجهاد الأفغاني إلى فلسطين، فتقدم خلال العام 1985 بمشروعٍ إلى المكتب التنفيذي للحركة الإسلامية في الأردن، والتي كانت تعرف بتنظيم بلاد الشام، وتضم الإخوان الأردنيين والفلسطينيين، لاستقطاب الشباب الفلسطينيين من أبناء الحركة الإسلامية لتلقي الخبرات القتالية في أفغانستان، ومن ثم إرسالهم إلى فلسطين المحتلة لتأسيس عمل جهادي مقاوم هناك، وتم رفض المقترح، إلا أنّ فكرة نقل العمل الجهادي إلى فلسطين لم تغادر الشيخ، فبادر بالاتصال بمجموعة "سرايا الجهاد الإسلامي"، التي ضمت كوادر من الكتيبة الطلابية في حركة فتح، بدؤوا بالانتقال للفكر الإسلامي الثوري المقاتل، وعمل معهم على التخطيط لبعض العمليات، من أبرزها محاولة تفجير مقر وزارة الدفاع الصهيونية، بواسطة الأخت الأسيرة المحررة عطاف عليان، وقد تسبب ذلك لاحقًا باستشهاد الشيخ، علـى الأغلب، بعملية اغتيال للموساد في العام 1989.

الشهيد جمعة الطحلة في باكستان

كان الشهيد الطحلة قد بادر بالعودة إلى الساحة الأردنية في العام 1986 قبل استشهاد الشيخ عبد الله عزام، حيث أنجب ولديه مجاهد وفارس في عامي 1987 و1988، وعلى ما يبدو فإنّ الشهيد الطحلة قد بدأ بالعمل ضمن إحدى خطوط العمل على نقل التجربة الجهادية الأفغانية إلى فلسطين، وهو ما تسبب باعتقاله في العام 1988، بعد أن استدعته المخابرات الأردنية، ليتم توقيفه لمدة 6 أشهر تنقل خلالها بين مقر المخابرات في منطقة العبدلي، وسط عمّان آنذاك، وسجن سواقة، الواقع إلى الجنوب من عمّان، وكانت هذه هي التجربة الاعتقالية الوحيدة للطحلة في الأردن، والأولى في حياته العملية.

وثيقة حول دخول الشهيد جمعة الطحلة بيشاور في باكستان

وعن تجربة الشهيد جمعة الطحلة في أفغانستان، وأهميتها، يقول محمود سعيد عزام، المرافق السابق للشيهد عبد الله عزام، والأسير المحرر المبعد إلى غزة: "لا شك أن الأخ (أبو مجاهد) جمعة الطحلة، من المقربين جدًّا من الشيخ عبد الله عزام وتلامذته، وممن تربوا على يديه وقد كان عاشقًا لفكر الشيخ، بل نقل تجربته إلى فلسطين، وأثرى أيما إثراء، وكان محبوبًا لدى الجميع ، ناجحًا في عمله، مطيعًا لإخوانه، لا يريد من الدنيا إلا أن يرى فلسطين قد تحررت من أيدي الغاصبين المحتلين".

وتحدث محمود عزام عن موقفٍ جمعه بالشهيد الطحلة في العاصمة الأردنية، عمّان في العام 1990، بعد استشهاد الشيخ عبد الله عزام، عند قدومه للبحث عن خليفة للشيخ عزام في الساحة الأفغانية، إذ اقترح قائد الحزب الإسلامي، آنذاك، (قلب الدين حكمتيار) على المجاهدين العرب اختيار الدكتور أحمد نوفل خليفةً للشيخ عزام، وعند ذهاب محمود عزام إلى الأردن، استقبله الشهيد جمعة الطحلة، ورتب له أمور اللقاء بالدكتور أحمد نوفل، إلا أنّ ظروفًا حالت دون ذهاب الدكتور أحمد نوفل إلى أفغانستان.

ارتحالات جديدة.. وأمكنة أخرى

بعد الإفراج عنه من سجن سواقة، جنوبي العاصمة الأردنية عمّان، انتقل الشهيد جمعة الطحلة للإقامة في بيشاور في باكستان، واستمر في العمل في "مكتب خدمات المجاهدين" هناك، حتى العام 1992، ومن ثم انتقل لفترة مؤقتة إلى السودان، ومن ثم عاد إلى الأردن، وعمل مع أصدقاءٍ له في مجال المقاولات، وسكن في منطقة صويلح، شمالي العاصمة الأردنية، عمّان.

وثيقة حول عودة الشهيد إلى باكستان سنة 1992

انتقل الشهيد بعد ذلك للإمارات للعمل في إحدى شركات المقاولات هناك وبقي فيها حتى العام 2004، وفي الإمارات ومع تفجر انتفاضة الأقصى في العام 2000، كان الشهيد الطحلة حريصًا على متابعة كافة أحداثها، وفي ذات الوقت حرص على تطوير نفسه علميًّا في مجال الدراسة الأكاديمية، والخبرات العملية، من خلال تعلم الميكانيك والإلكترونيات وعلم الحاسوب، وعلى ما يبدو فإنّ الشهيد الطحلة، كان على ارتباطٍ مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قبل ذهابه للإمارات، وذلك ما يشير له انتقاله السلس إلى سوريا للعمل ضمن جهاز التصنيع العسكري لدى الحركة في العام 2004، والجدير بالذكر أنّ جهاز المخابرات العامة الأردني كان مواظبًا على استدعاء الشهيد الطحلة للتحقيق أثناء زياراته للأردن قادمًا من الإمارات.

الشهيد جمعة الطحلة في السودان

حماس.. من سوريا إلى فلسطين

بحلول العام 2004، انتقل الشهيد جمعة الطحلة إلى سوريا للعمل لدى قسم التصنيع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس". في تلك الفترة تمتعت الحركة بامتيارات وهامش حرية هي وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية، وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، بقيادة الراحل أحمد جبريل، الغطاء الذي تعمل من خلاله فصائل المقاومة الفلسطينية، فكان معسكرها في الغوطة، بريف دمشق، ساحة للتدريب والتطوير، وكانت البطاقات العسكرية للجبهة ممنوحةً لمعظم الكوادر العسكرية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وفي تلك الفترة عمل الشهيد الطحلة بصحبة الشهيد التونسي محمد الزواري، وممن عمل مع الشهيد الطحلة، الشهيد محمود فارس، أحد كوادر التصنيع في كتائب القسام، والذي استشهد أيضًا في معركة "سيف القدس"، وخلال المرحلة السورية، بقي الشهيد الطحلة يتنقل بين سوريا والإمارات، إذ بقي يعمل في مجال المقاولات.

الشهيد جمعة الطحلة في الإمارات

 

مصر.. السجن والطريق إلى غزّة

بعد عدة أشهر من حرب غزة 2008، وفي شهر نيسان/ إبريل 2009، توجه الشهيد جمعة الطحلة إلى مصر من أجل الدخول إلى قطاع غزة، ولكن اعتقلته مباحث أمن الدولة المصرية من أحد فنادق القاهرة، بتاريخ 18 نيسان/ إبريل 2009، ونقلته لمقر أمن الدولة، سيء السمعة في مدينة نصر، والذي كان الطابق الرابع منه مخصّصًا للتحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين بـ "تهمة" العمل مع المقاومة، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي.

مكث الشهيد جمعة الطحلة 103 أيام في التحقيق والتعذيب من شبح، وحرمان من النوم، وصعق بالكهرباء، وسب بالكلمات النابية، وتعصيب الأعين لفترات طويلة. يقول الشهيد الطحلة في رسالةٍ كتبها تصف ما لاقاه في المعتقلات المصرية: "أمّا عن طبيعة التحقيق فإن ما كان يهم ضابط التحقيق المصري في أمن الدولة وما كان يسأل عنه هو: من أنت؟ قل عن حياتك.. منذ مولدك إلى هذه اللحظة، وكانت أسئلته عن غزة وعن المقاومين والمجاهدين وعن قيادات العمل العسكري، كذلك كانت الأسئلة عن تاريخ حياتي في الأردن والإمارات".

بعد انتهاء التحقيق مع الشهيد جمعة الطحلة نُقِل إلى سجن (أبو زعبل 1)، الواقع إلى الشمال من القاهرة، بالقرب من طريق الإسماعيلية، وهو من أقدم السجون المصرية، وكان السجن يضم العشرات من المعتقلين الفلسطينيين، بالإضافة إلى معتقلين "جهاديين" وأفراد وكوادر من جماعة "الجهاد المصرية"، ومعظمهم من أهالي سيناء.

وجهت السلطات المصرية الرسمية تهمة "دخول البلاد بطريقة غير مشروعة" للطحلة، وحُكِم عليه بالسجن مدة 6 أشهر، ولكن وبعد انتهاء محكوميته، واصلت السلطات المصرية اعتقاله.

في سجن (أبو زعبل) تعرف الشهيد الطحلة بالأسير الفلسطيني الأقدم في السجون المصرية، والمعتقل منذ العام 2006، معتصم القوقا، والذي روى حكاية خروج الشهيد جمعة الطحلة من سجن (أبو زعبل) خلال ثورة يناير 2011، إذ كان لدى معظم المعتقلين، ومنهم الطحلة والقوقا، أجهزة جوال يتابعون خلالها تطورات الأحداث في مصر قبيل اندلاع الثورة، وكان الشهيد الطحلة يستبعد انطلاق الثورة في مصر، ويقول القوقا في شهادته عن تلك الفترة: "كنا على تواصل مع قيادة حركة حماس في غزة، وكانت تقديراتها كذلك تستبعد قيام الثورة، وتزامن ذلك مع دعوات مصرية شعبية للخروج بمسيرات ضخمة في يوم 25 كانون الثاني/ يناير 2011، ولكن ومع حلول يوم 25 كانون الثاني/ يناير تفجرت مظاهرات مليونية في القاهرة والإسكندرية، فاستبشرت بقرب خروجنا من السجن".

الشهيد جمعة الطحلة في سجن (أبو زعبل)

بحلول يوم 28 كانون الثاني/ يناير 2011 تصاعدت حدة الأحداث في مصر، وبدأت الأمور تخرج عن سيطرة النظام المصري، وفي يوم 29 كانون الثاني/ يناير 2011، حدث ما لم يكن بالحسبان. يقول القوقا: "وخلال خروجنا لصلاة الظهر في الساحة الداخلية للسجن، تفاجأنا بإطلاق كثيف للنار في محيط السجن، وصحب ذلك تحركات غريبة من طاقم السجن من الأمن، والضباط، ورجال المباحث، وبدؤوا بإغلاق العنابر، وامتشاق الأسلحة الآلية، وتصاحب ذلك مع ارتفاع أصوات إطلاق النار في عدة مواضع من السجن، وبدأ المعتقلون في العنابر بالتكبير والتهليل، وفي عنابر السجناء الجنائيين وقعت أحداث شغب، واستمرت الاشتباكات في محيط السجن لمدة تراوحت بين الـ 5 و الـ 6 ساعات، إذ بدأت الاشتباكات في تمام الساعة الثانية عشرة، ظهرًا، وتوقفت في حدود الساعة التاسعة مساءً، وقد قمنا بتوثيق وتصوير هذه الأحداث عن طريق كاميرات أجهزة جوال، كانت بحوزتنا".

ويتابع القوقا روايته: "مع استمرار الاشتباكات بدأ عددٌ من المعتقلين بالصعود إلى أسطح السجن، وبدأ البعض بالقفز من فوق أسوار السجن، وعمت الفوضى العارمة في السجن، وهنا تجمعنا في منطقة واحدة من السجن، تحسبًا لأي طارئ والدفاع عن أنفسنا، وكنا حريصين على البقاء بالقرب من الشهيد أبو مجاهد (جمعة الطحلة)، لكبر سنه، وحرصًا عليه، وخلال زحمة الأحداث اختفى الأمن من محيط السجن، وبدأ السجناء الجنائيون بتكسير أبواب عنابرهم، وفي زنزانتنا، قمنا بهدم السور، والخروج للعنبر الخارجي، وقمنا بفتح باب عنبر السياسيين، وخرجنا للساحة الخارجية للسجن. فوجئنا بوجود مسلحين بأعداد كبيرة، فتحركنا معًا وخرجنا من أسوار السجن، ولم نكن نعرف وجهتنا ولا أين سنذهب، وحاولنا التواصل مع غزة للبحث على طريقة للوصول إلى القطاع".

بعد الخروج من السجن نجح معتصم القوقا، الذي كان بصحبته الشهيد جمعة الطحلة، وعددٌ من الأسرى الفلسطينيين، بالتواصل مع أبو همام العلمي القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولدى معرفته بما حدث في سجن (أبو زعبل 1)، فوجئ بما حصل، وقال: "ديروا بالكوا على حالكوا، وحاولوا لا تتواجهوا مع حد"، وكانت المجموعة تتوقع الأسوأ، وحاولت تجنب المواجهة مع الأمن المصري.

لدى خروج المجموعة التي كان من ضمنها الشهيد جمعة الطحلة من السجن، توجهت مباشرةً إلى طريق القاهرة - الإسماعيلية، والتقت بمجموعة أخرى من المعتقلين الفلسطينيين الخارجين من سجن (أبو زعبل 2)، وتوجهت المجموعة إلى الإسماعيلية عن طريق سيارات عدد من المواطنين المصريين، وتم تجنب الطرق الرئيسة، تجنبًا لحواجز الجيش والأمن المصريين.

ولدى وصول المجموعة إلى الإسماعيلية جرى الترتيب لنقلها إلى سيناء عبر بلدة القنطرة، الواقعة على الشاطئ الغربي لقناة السويس، وكانت القافلة مكونة من سيارة مدنية عادية، وسيارة (بك أب). استقلّ القوقا والشهيد الطحلة السيارة المدنية، ولدى سير القافلة بالطريق، فوجئت بحاجز للشرطة المصرية، ولاحظ من هم في السيارة المدنية أنّ عناصر الشرطة المصرية قد وضعوا تركيزهم على سيارة النقل (بك أب)، فطلب القوقا من سائق السيارة الإسراع بالسير واختراق الحاجز، وهو ما جرى فعلاً، فأطلق أفراد الشرطة النار في الهواء، ولاحقوا السيارة بواسطة سيارة (جيب)، إلا أنّهم تمكنوا من مواصلة مسيرهم، فيما تم اعتقال كل من كان في سيارة النقل.

يكمل القوقا الرواية يقول: "تابعنا المسير حتى الوصول إلى بلدة القنطرة على مشارف قناة السويس، ووصلنا مع صلاة الفجر، ومن ثم توجهنا نحو إحدى المراكب (المعديات) التي سوف ننتقل بها إلى سيناء، وكانت أشكالنا غريبة جدًّا بالنسبة لأهالي البلدة، الذين التقينا بهم في المسجد، وبعد الصلاة بادر السائق إلى الفرار، وهنا ثارت لدينا الشكوك بأن يكون أحدهم قد بلغ عنا الأجهزة الأمنية المصرية، وتفرقنا اثنين – اثنين، وذهبنا للقنطرة وتحركنا فيها كمواطنين عاديين، وتواصلنا مع الإخوة في غزة، ووضعناهم بصور الوضع، وكنا نبحث على من ينقلنا بالمراكب إلى سيناء".

ويتابع القوقا: "بحلول الساعة السابعة، تواصل معنا الإخوة في غزة، وأخبرونا بأنّ هناك رجلاً مصريًّا سينقلكم إلى سيناء، وعثرنا عليه بالقرب من إحدى الصيدليات في القنطرة وأخذنا إلى بيته، وأحضر لنا طعام الإفطار، وغيرنا ملابسنا، ونمنا لعدة ساعات، واقترحنا على الرجل إعداد بطاقات هوية وهمية، فوافق الرجل المصري، ولكن طلب بأن يستطلع الأمر، وغاب لمدة ساعتين، وعاد لنا وأخبرنا بأنّ الوضع الأمني يسمح لنا بالتنقل دون الحاجة لإصدار هويات، وقمنا بحلاقة لحانا، وانتقلنا مع الرجل بسيارته، وعند الوصول لشاطئ القناة، انتقلنا بشكل فردي واتفقنا على الالتقاء بعد اجتياز حواجز الأمن المصري، في محيط شاطئ القناة، وعند الوصول للضفة الغربية للقناة لم يتم تفتيشنا وتوقفينا ووصلنا للشاطئ الشرقي للقناة، ولدى عبورنا تم المناداة علي وعلى أخ آخر معي، وذلك بعد عبور الشهيد جمعة، وتم تفتشينا تفتيشًا خارجيًّا فقط، وعبرنا من الحاجز، وباتجاهنا بالسيارة إلى العريش، كان معظم الخطر قد زال عنا، وفي العريش، ودعنا المواطن المصري الذي ساعدنا، وكان بانتظارنا إخوة آخرون ساروا فينا بطرق رملية لمدة أكثر من ساعتين، وكنا قد أغلقنا الجوالات على طول الطريق بين القنطرة والعريش، وبعد أن وصلنا رفح المصرية شعرنا بأننا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى فلسطين، وفي رفح المصرية، استقبلنا أشخاص فلسطينيون يعملون في مجال تجارة الأثاث وأخذونا إلى بيت يحوي مزرعة، فيها نفق، وما أن نزل الشهيد جمعة في النفق حتى سجد لله شكرًا، وعلى بعد 300 متر من المشي وصلنا رفح الفلسطينية، وسجدنا أيضًا شكرًا لله تعالى بعد أن وصلنا أرض فلسطين، وهناك قال الشهيد جمعة كلمته الشهيرة (فلسطين أرض المحيا والممات)". 

بعد وصولهم رفح، اتصل الطحلة ومن معه بقيادة حركة حماس، لتستقبلهم الحركة بالتهليل والتكبير، وكان اللقاء حارًّا جدًّا، وكان ممن استقبل المجموعة الشهيد محمد أبو شمالة الذي استشهد في العام 2014.

 

"فلسطين أرض المحيا والممات"

لدى وصول الشهيد جمعة الطحلة إلى قطاع غزة، بدأ العمل بأسرع وقت على نقل خبراته العملية إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، وكان ضمن فريق التصنيع العسكري لدى الكتائب، وتركز عمله على زيادة مدى صواريخ القسام ودقتها، وتطوير السلاح النوعي للكتائب مثل: الطائرات المسيرة، كما عمل الطحلة بالإضافة إلى ذلك على تأسيس قسم للحرب السيبرانية لدى القسام.

بعد وصوله قطاع غزّة، وحتى العام 2014، كان الشهيد الطحلة حريصًا على استقدام عائلته إلى القطاع، فقدمت العائلة للسكن في غزة. يقول مجاهد ابن الشهيد جمعة بأن أباه كان ينوي قبيل استشهاده العودة إلى الأردن بعد أن أدى كامل مهمته في نقل الخبرات التصنيعية والسيبرانية إلى كتائب القسام.

يروي عددٌ من عاصروا الشهيد الطحلة في غزّة عددًا من المواقف التي جمعتهم بالشهيد، ومن هؤلاء عمر الطحلة (أبو خليل)، خال والده، وقريبه، والذي دخل إلى قطاع غزة ، خلال مشاركته في قافلة (أسطول الحرية 2)، في العام 2011، ولدى مقابلته لقيادات المكتب السياسي لحركة "حماس"، اسماعيل هنية، وخليل الحية، قام بسؤالهم عن الشهيد جمعة فأخبروه بعدم معرفتهم به، ولدى وصوله إلى الفندق، وجلوسه في بهو الفندق، قدم عددٌ من الرجال وطلبوا منه الذهاب معهم، وقاموا بنقله وسط إجراءات أمنية معقدة حتى وصل إلى أحد شواطئ مدينة غزة، وهناك التقى بالشهيد جمعة وكان لقاءً حارًّا، ودار بينهم حديث طويل، وخلال الحديث مازح الشهيد جمعة أبا خليل، وقال له: "أنت سائل الشباب عني؟"، يقصد هنية والحية.

 أمّا محمود عزام، ابن عم الشيخ الشهيد عبد الله عزام فيقول عن آخر لقاء له مع الشهيد قبيل استشهاده: "كان آخر عهدنا بالشهيد أبو مجاهد رحمه الله في 24 رمضان على مائدة إفطار وكأنها كانت لحظات وداع قبل استشهاده بأيام قليلة في (سيف القدس) فقد طاف على كثير من المرابطين من أحبابه قبل استشهاده بيومين، وكأنها جولة وداع لهم ، هكذا قالوا عنه وهكذا تحدثوا عن الشهيد".

ويقول عزام واصفًا الشهيد الطحلة: " كان الأخ أبو مجاهد رجلاً همامًا ذا همة عالية، وخلق رفيع، ذكيًّا في ملامحه، مثقفًا على مستوى عالٍ، واعيًا للمؤامرة العالمية على هذا الدين، يلمّ بما يدور حوله من أحداث، إذا تحدث يتحدث بكلمات يحترم فيها سامعيه، يتحرى الصدق فيما ينطق، صادق اللهجة، ذا شخصية قيادية، لا يحب الظهور، اختار أن تكون حياته في الظل، بعيدًا عن بريق الأضواء، لا تراه يلهو ولا يلغو ولا يلعب ، بعيدًا عن المهازل ، يحمل مشروعًا كبيرًا في أعماقه".

أمّا معتصم القوقا صاحب الشهيد الطحلة في السجن فيروي تفاصيل اللقاء الأخير الذي جمعه مع الشهيد الطحلة، .يقول: "آخر لقائي بالشهيد جمعة، كان قبل استشهاده بشهر أو أقل، جلسنا وتحدثنا وضحكنا وتذكرنا أيّام السجن، وتواعدنا بأن نعد لقاءً للشباب الذين كانوا معنا في سجن أبو زعبل، وقدر الله بأن يستشهد الشهيد جمعة، الذي كانت كل حياته جهادًا ورباطًا، وهو من الرجال الثابتين على مبادئهم".

صورة حديثة للشهيد نشرتها كتائب القسام

 

الشهادة.. موعد اللقاء المقدس

عصر يوم الأربعاء 10 أيار/ مايو2021، فجرت المقاومة الفلسطينية في غزة معركة "سيف القدس" ردًّا على تصاعد اعتداءات الاحتلال على حيّ الشيخ جراح، والمسجد الأقصى، وفي يوم 30 رمضان، و في ظهر ذلك اليوم تحديدًا، والذي وافق يوم 12 أيار/ مايو2021، استهدفت طائرات الاحتلال الصهيوني شارعًا فرعيًّا، بالقرب من شارع الجلاء وسط غزة، ليتبين أنها استهدفت نفقًا لكتائب الشهيد عز الدين القسام كان يضم الشهيد جمعة الطحلة، والشهيد باسم عيسى نائب قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، ويروي مجاهد ابن الشهيد جمعة لحظات وصول خبر استشهاد والدهم لهم، ويقول: " بداية الخبر كانت عن طريق إحدى مجموعات تطبيق (واتس أب)، الإخبارية من غزة، وقت ما بعد الظهيرة، وأفاد الخبر باستهداف أبو رحمة مسؤول ملف الطيران لدى القسام، وهي كنية والدي، واثنين آخرين".

ويتابع مجاهد: "كان الخبر أشبه بالإشاعة ولا يمكن تصديقه، قمت بالتواصل مع أحد زملاء الدراسة من غزة وكان على اطلاع على الأخبار الداخلية عن قرب، وبعد سؤاله لم يستطع تأكيد الخبر حتى قام بالتأكد وكانت الساعة وقتها قاربت وقت العصر".

يقول مجاهد: "هيأت والدتي للخبر، وعند تأكيد الخبر، أخبرت أمي وجميع عائلتي بالخبر، وتلقى الجميع الخبر بصمود وتماسك عجيب ومشاعر مختلطة من الألم والقهر والغضب والشعور كأن الدنيا أوشكت على الانتهاء، لكن في نفس اللحظة الفكرة التي تسيطر علينا هي أن والدنا شهيد بإذن الله ويجب أن نفرح له لهذه الخاتمة، في آخر يوم من شهر رمضان صائمًا مجاهدًا مرابطًا في خير بقاع الأرض جهادًا (وإنّ أفضل رباطكم عسقلان)[3]، أفكار تمنعك من الحزن، بل تقول لك ارفع رأسك أنت ابن الشهيد". 

 

المصادر:

●    مقابلة مع مجاهد جمعة الطحلة - ابن الشهيد جمعة الطحلة.

●    مقابلة مع فارس جمعة الطحلة - ابن الشهيد جمعة الطحلة.

●    مقابلة مع كاظم عايش - رئيس الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين.

●    مقابلة مع معتصم القوقا - رفيق الشهيد جمعة الطحلة في سجن أبو زعبل.

●    مقابلة مع الدكتور محمود سعيد عزام - أسير فلسطيني محرر مبعد إلى غزة.

●    محمود سعيد عزام، الدكتور عبد الله عزام - شيخي الذي عرفت، مؤسسة إبداع، غزة فلسطين 2012.

●    الموقع الرسمي لكتائب الشهيد عز الدين القسام.

●    مقابلة مع عمر الطحلة (أبو خليل)، خال والد الشهيد جمعة الطحلة.

●    مقابلات مع عدد من أصدقاء الشهيد في مرحلة الدراسة (رفضوا التصريح بأسمائهم).

 


[1]. الملاحق في نسخة الـ PDF. * التحرير

[2]. الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) من مواليد العام 1935، وهذا يعني أنه كان في الثالثة عشرة من عمره، أو أقل، في العام 1948، فيصعب تصور مشاركته في القتال في معارك الرملة. إلا إذا ساعد في بعض المهمات اللوجستية. * التحرير.

[3]. الحديث أخرجه الطبراني. * التحرير