بإرادة غزة ومقاومتها: كُسِر قيد الأسيرات

بإرادة غزة ومقاومتها: كُسِر قيد الأسيرات
تحميل المادة

حافلةٌ تأتي من بعيد محمّلةً بضحكاتٍ سرقها الاحتلال وسجّانه، آلاف الأفكار المثقلّة بالحنين والشوق والألم تصل إلى رام الله، آلافُ الجموع محتشدّة تحتفي بالنّصر المرئي أمام العالم، ولثلاثة أيامٍ متتالية في مسلسلٍ غير معهود. إذًا لقد فعلتها المقاومة، وأخرجت الأسيرات والأشبال على ثلاث دفعات - إلى لحظة كتابة التقرير-.

 تترقب العيون سواءً في المكان، أو من خلف شاشات التلفاز والهواتف نزول الأسيرات من على سلم الحافلة، وصعودهن نحو الحرية،  تقارن صورهن اللآتي حفظنهن عن غيب، وبين وجوههن التي غيّرتها سنوات الأسر. هذه مرح بكير؛ أصبحت شابّة يانعة، وتلك ملك سليمان. كانت طفلة والآن أصبحت شابّة ذات ابتسامة عذبة، وهذه إسراء الجعابيص بحروقها وإصابتها البالغة تتألم، فنتألم معها.

 الأسيراتُ خطٌ أحمر لدى المقاومة..

 

خلال اليومين الماضيين، حررت المقاومة في غزّة،  30 أسيرةً فلسطينية ضمن اتفاق الهدنة؛ تركن وراءهن  32 أسيرة رهن الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سنقف على قصص الأسيرات، نتعرف عليهن عن قرب، ما هي رسالتهن؟ وعن شعور التحرير..

 اليوم الأول للهدنة: تحرير 24 أسيرة.

شملت الدفعة الأولى من الأسيرات المحررات اللواتي أفرج عنهن في اليوم الأول للهدنة مساء الجمعة 24/11/2023، أسماء (24) أسيرة وهنّ:

روان نافز أبو مطر، من رام الله، اعتقلت من تاريخ 15/7/2015، حكمت 9 أعوام وغرامة مالية تقدّر بـ 4 آلاف شيكل.

1-مرح جودت بكير، من القدس، اعتقلت من تاريخ 12/10/2016، حكمت 8.5 أعوام.

2-ملك محمد سليمان، من القدس، اعتقلت بتاريخ 9/2/2015، حكمت 9 أعوام.

3-أماني خالد الحشيم، من القدس، اعتقلت بتاريخ 13/12/2016، حكمت 10 أعوام.

4-نهاية خضر صوان، من القدس، وهي مريضة سرطان، اعتقلت بتاريخ 17/8/2021، حكمت 44 شهرًا

5-فيروز فايز البو، من القدس، اعتقلت بتاريخ 9/8/2021، وهي موقوفة.

6-تحرير عدنان أبو سرية، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 20/8/2022، وهي موقوفة.

7-ولاء خالد طنجة، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 20/8/2022، وهي موقوفة.

8-مريم خالد عرفات، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 20/8/2022، وهي موقوفة.

9-فلسطين فريد نجم، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 22/8/2022، وهي موقوفة.

10-أسيل منير الطيطي، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 2/10/2022، أثناء زيارة شقيقها في معتقل ريمون، وهي موقوفة.

11-أزهار ثائر عساف، من القدس، اعتقلت بتاريخ 11/9/2023، وهي موقوفة.

12-رغد نشأت الفني، من طولكرم، اعتقلت بتاريخ 28/11/2022، حكمها إداري.

13-فاطمة نعمان بدر، من القدس، اعتقلت بتاريخ 24/2/2023، وهي موقوفة.

14-روضة موسى أبو عجمية، من بيت لحم، اعتقلت بتاريخ 4/4/2023، وهي موقوفة.

15-سارة أيمن السويسه، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 9/6/2023، حكمت ب 8 أعوام.

16-فاطمة إسماعيل شاهين، من بيت لحم، اعتقلت بتاريخ 17/4/2023، وهي موقوفة.

17-سميرة عبد الحرباوي، من القدس، اعتقلت بتاريخ 9/6/2023، وهي موقوفة.

18-سماح بلال صوف، من قلقيلية، اعتقلت بتاريخ 17/5/2023، حكمها إداري.

19-فاطمة بكر أبو شلال، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 29/8/2023، وهي موقوفة.

20-حنان صالح البرغوثي، من رام الله، اعتقلت بتاريخ 4/9/2023، حكمها إداري 4 شهور.

21-فاطمة نصر عمارنة، من جنين، اعتقلت بتاريخ 4/9/2023، وهي موقوفة.

22-زينة رائد عبدو، من القدس، اعتقلت بتاريخ 10/9/2023، وهي موقوفة.

23-نور محمد الطاهر، من نابلس، اعتقلت بتاريخ 27/9/2023. وهي موقوفة.

اليوم الثاني للهدنة: تحرير 6 أسيرات

الصورة من أرشيف المتحف الفلسطيني

اشتملت الدفعة الثانية على تحرير 6 أسيرات تم الإفراج عنهن في وقت متأخر من مساء السبت 25/11/2023. وهن:

1-ميسون موسى الجبالي، من بيت لحم، اعتقلت بتاريخ 29/6/2015، حكمت بـ 15 عامًا.

2-شروق صلاح دويات، من القدس، اعتقلت بتاريخ 7/10/2015، حكمت بـ 16 عاما، و 80 ألف شيكل غرامة.

3-إسراء رياض الجعابيص، من القدس، اعتقلت بتاريخ 10/10/2015، حكمت بـ 11 عامًا.

4-نورهان إبراهيم عواد، من القدس، اعتقلت بتاريخ 23/11/2015، حكمت بـ 10 أعوام ونصف و 30 ألف شيكل غرامة.

5-عائشة يوسف الأفغاني، من القدس، اعتقلت بتاريخ 25/12/2016، حكمت بـ 15 عامًا.

6-فدوى نزيه حمادة، من القدس، اعتقلت بتاريخ 12/8/2017، حكمت بـ 10 أعوام وغرامة 30 ألف شيكل.

اليوم الثالث من الهدنة: تحرير ثلاث أسيرات، وهن:

1-  ياسمين تيسير عبد الرحمن شعبان من جنين.

2 - نفوذ جاد عارف حماد من القدس.

3- عطاف يوسف محمد جرادات من جنين.

 

ازداد القمع والضرب بعد السابع من أكتوبر

أشارت الأسيرات المحررات عقب إطلاق سراحهن عن اللحظات الصعبة التي عشنها في ظل توتر شديد داخل السجون، وقالت الأسيرة ميسون الجبالي، وهي أقدم أسيرة في سجون الاحتلال، إن الأسيرات عشن أيامًا صعبة بعد 7 أكتوبر، إذ سحبت السلطات الإسرائيلية كل شيء منهن، واعتدت على الأسيرات بالضرب والرش بالغاز والعزل الانفرادي".

وأوضحت الأسيرة إسراء الجعابيص، التي طافت قصتها العالم؛ بسبب وضعها الصحيّ الحرج عن ظروف السجن:"تعرضنا للتنكيل والضرب في سجون الاحتلال وكثير من الأسرى جرحى داخل السجون،  مطالبة بالعمل على تحرير كافة الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال".

فرحةٌ ممزوجة بالألم على غزة

لاحظ المتابعون توّحد الأسيرات في رسالتهم إلى غزّة، فقد ذكرن حزنهن البالغ على الوضع الصعب للأهل في غزّة، وأن الفرحة منقوصة بسبب ما يجري من دمار وقتل وإرهاب. وأشرن جميعهن إلى ثقتهن التامة بالمقاومة الإسلاميّة، وبأن التحرير قادم، والسجون سوف تفرغ إلا من سجانيها، وقد شكرن المقاومة على إبرام الصفقة وتحريرهن من بطش المحتل.

فقد قالت مرح بكير في مقابلة عبر قناة الجزيرة مباشر:" سعيدة بالتحرر وهذا حق لكل أسير لأن مكاننا ليس في السجون، لكن المحزن والصعب -وجميعنا رددنا هذه الجملة- أننا لم نكن نريد أن نتحرر مقابل هذا الشلال الكبير من دماء الشهداء. للأسف كانت الصفقة هذه المرة مقابل دم أكثر من 14 ألف فلسطيني في غزة، ونحن بالتأكيد لسنا سعداء بتحررنا أمام هذا الدمار الكبير".

الأسيرات المرضى.. بين إهمال متواصل من إدارة السجن والتوق إلى الحياة

فاطمة شاهين (33 عامًا)، من بيت لحم، أسيرة مقعّدة، مصابة بالشلل النصفي، بعد إصابتها برصاص جنود الاحتلال عند مفرق "غوش عصيون" الاستيطاني الذي يفصل بين مدينتي بيت لحم والخليل. وقالت فاطمة في إحدى المقابلات بأنها عاشت ظروفًا صعبة خاصّة في أول أيام الاعتقال، إذ بقيت في المستشفى لوحدها لمدة 25 يومًا يحرسها جنديين مدجيين بالأسلحة، عدا عن تعرضها للإهمال الطبي المتعمّد من قبل إدارة مشافي وعيادات الاحتلال، عاشت فترة طويلة على المسكنات البسيطة، وكانت محرومة منها في أغلب الأوقات.

ولعل أبرز الحالات الإنسانية، قصة إسراء الجعابيص، وهي واحدة من الحالات الصحية الصعبة التي تحتاج إلى مشوار طويل لاستكمال علاجها. إذ أصيبت بحروق بليغة ما نسبته 60%، وبتشوهات في منطقة الوجه والظهر، فقدت أصابع يديها في العام 2015، بعد أن أطلق جيش الاحتلال النار على مركبتها قرب أحد الحواجز العسكرية، ما أدى إلى انفجارها، واشتعال النيران فيها.

كذلك تعاني الأسيرة نهاية صوان، من القدس ظروفًا صحية صعبة فهي مصابة بسرطان الثدي؛ اعتقلت في بداية العام 2021، وقبعت في سجن الدامون، وحكمت بالسجن لـ 44 شهرًا.

 سجن الدامون.. لا يصلح للعيش الآدمي

 تقبع معظم الأسيرات في سجن الدامون، الذي كان في السابق إسطبلاً للخيول، ثم مخزنًا للتبغ في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، أما في الوقت الحالي، فهو لا يصلح للعيش الآدمي، أرضيته الخرسانيّة القديمة تتأثر بالحرارة ففي فصل الصيف يكون الهواء حارًا، بينما تشعر الأسيرات في فصل الشتاء بالبرودة الشديدة، كما ترتفع الرطوبة داخل الغرف التي لا تصلها أشعة الشمس، وهو ما يتسبب بتعفّن جدران الغرف، وتنتشر فيه العديد منها الحشرات والرطوبة.

 كما أن ساحة المعتقل ملساء غير مناسبة للسير عليها في فصل الشتاء، إذ تعرضت الكثيرات من الأسيرات للإصابة نتيجة انزلاقهن في أثناء المشي، وأيضاً لا يوجد في الغرف مكان مخصص للاستحمام، وعلى الأسيرات استخدام الدوش الخارجي خلال أوقات "الفورة" (الاستراحة) القصيرة.

أغلق هذا السجن لفترة زمنية قصيرة؛ ثم أعيد فتحه عام 2001.