بلدة نابلس القديمة .. أزقة تعيد إنتاج القتال

بلدة نابلس القديمة .. أزقة تعيد إنتاج القتال
تحميل المادة

[1]يؤرخ كثيرون لانتهاء انتفاضة الأقصى بالعام 2005، العام الذي بدأ بإعلان "الوقف المتبادل لأعمال العنف ضد الطرف الآخر" بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية في شرم الشيخ[2]، وانتهى بالانسحاب "الإسرائيلي" من قطاع غزة في 12 أيلول/ سبتمبر 2005[3]. وبقدر ما يكسو الحدثيْن من تناقض ومفارقة، فإن هذه المفارقة بالذات هي ما يمكن أن يُنطلق منه لفهم حالتي الضفة الغربية وقطاع غزة بعد السنوات الملحمية الخمس التي امتلأت بانتفاضة الأقصى. ففي الوقت الذي انتهت فيه الانتفاضة في مجال قطاع غزة إلى تحرير القطاع من الاحتلال، وتَعَزُّزِ حضور قوة المقاومة فيه في الميدان والسياسة، كانت الضفة الغربية قد أُنهكت بفعل الاستهداف الطويل والاجتياحات المتكررة، واستنزاف القطاعات الأساسية من المقاومين الذين خلقوا حدث الانتفاضة، ثمّ حواضنهم التنظيمية والاجتماعية.

وبغض النظر عن الأسباب الكثيرة والمركبة التي صنعت هذه المفارقة في الواقع بين المساحتين الجغرافيتين اللتين تشكلان أراضي الـ 67، المكان الأساس للانتفاضة، والتي لا تحاول هذه المقالة الإجابة عنها، فإنّ هذا كان هو الحال منذ ما بعد 2005، وما أسس الواقع الذي يليه في المكانيين حتى اللحظة الراهنة.

خلال العامين التاليين لـ 2005 لم يكن الناس الذين في الميدان يتعاملون مع الانتفاضة بوصفها حدثًا منتهيًا بالضرورة، وكان هناك قدرٌ كبيرٌ من غياب القطع، في الإجابة على سؤال "هل انتهت الانتفاضة؟" غير أنّ الاحتلال والسلطة، الطرفين اللذين أعلنا انتهاء أعمال العنف، والراغبين في "إحياء عملية السلام" التي كانت خريطة الطريق الأمريكية عنوانها الأبرز في تلك المرحلة، أجابا بوضوح عن السؤال: الانتفاضة انتهت، ولا بدّ أن تنتهي الجيوب التي تمنع الناس من الوصول إلى هذه الإجابة. بينما ألقت حماس بثقلها في المسار الانتخابي الداخلي، الذي انطلق في 2005، وراهنت على صناعة التغيير من داخل النظام السياسي الفلسطينيّ الذي تأسس بعد أوسلو، وذلك بالاستناد إلى الوقائع الداخلية التي تحصلت بفضل انتفاضة الأقصى (قوّة المقاومة وبنيتها في غزّة، ضعف السلطة أثناء الانتفاضة، وتفكيك مستوطنات الاحتلال في غزّة، والشراكة على قاعدة المواجهة أثناء انتفاضة الأقصى).

كانت القليل من جيوب المقاومة ترفض الخروج من الانتفاضة، أو هي تحاول إحياءَها أو إحياء نمط جديد منها، فقد ظلّت بعض حالات المطاردة الممتدة من انتفاضة الأقصى حتى العام 2007 الذي تركّزت فيه عمليات الاحتلال باعتقال المطاردين أو اغتيالهم، كما برز، في ما يمكن عدّه استمرارًا لتشكيلات انتفاضة الأقصى، ثلاثة من الجيوب في شماليّ الضفة الغربية، وفي نابلس بالتحديد، بعد 2005: مجموعات فارس الليل التابعة لكتائب الأقصى في البلدة القديمة، ومجموعات مشتركة من كتائب القسام وكتائب أبي علي مصطفى في مخيم العين، ومجموعات من كتائب الأقصى في مخيم بلاطة[4]. وذلك بالإضافة إلى محاولات أخرى في مناطق أخرى بالضفة الغربية، كانت تحاول القيام بأعمال مقاومة، والتي لم تكن تعمّر طويلا.  

 

إغلاق حساب الانتفاضة .. العفو أو الموت

كانت بقايا المطاردين، والجيوب التي ما تزال تحمل السلاح المصدر الأساس الذي يعكّر صفو المرحلة الجديدة، وللتعامل مع هذا القلق اختطّ عرّابو هذه المرحلة سياستين متشابكتين ضمن مسار تصفية جيوب الانتفاضة، ورغم أن السياستين تبدوان على طرفي نقيض في حال النظر إلى كل واحدة منهما على حدة، إلا أنهما تعاضدتا معًا لصناعة الحالة الجديدة، كانت هاتان السياستان هما: العفو والعنف.

استغلّ الاحتلال الظرف الموضوعي الذي أضعف حاضنة المقاومة التنظيمية والاجتماعية في الضفة، ونقل المقاومة من كونها فعلًا شعبيًّا بالممارسة أو الإسناد كما كان الحال في الانتفاضة، إلى فعل معزول متمركز في جيوب محدودة، وإلقاء أغلب القوى السياسية بثقلها في مسار الانتخابات الفلسطينية التي انطلقت في 2005، وعملية إعادة إنتاج الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي قادها الجنرال الأمريكي دايتون[5]، والاستنزاف الكبير الذي أصاب قوى المقاومة الرئيسة ومنعها من الفعل المستمر، والرغبة لدى قطاعات واسعة من الفلسطينيين في التعافي الاقتصادي والاستقرار؛ استغل ذلك لفرض تصورّه للمرحلة القادمة المتكئ إلى سياستيه الموضحتين سابقًا: العفو أو العنف.

نهاية 2007 وقع الاحتلال والسلطة اتفاقيات متتالية لما سمّاه الاحتلال "العفو" عن المطلوبين له، تدمج بعضهم من خلالها في أجهزة السلطة الأمنية (وهو ما يتقاطع مع تعليمات أبي مازن عام 2005 بدمج كتائب الأقصى في أجهزة الأمن[6])، وتشترط على آخرين تسليم أسلحتهم إلى الأجهزة الأمنية، والتوقيع على وثيقة يلتزمون فيها بـ"عدم التورط في عمليات ضد إسرائيل، وألا يكونوا أعضاء في منظمة إرهابية"[7]. وبقدر ما تبدو التسمية "العفو" مسيئة لنضال الفلسطينيين وانتفاضتهم، فإنها تبدو كذلك معبّرة عن الهيئة التي يريد الاحتلال أن تكون عليها مرحلة ما بعد الانتفاضة: مقاومة مجرّمة تبحث عن العفو بإلقاء السلاح أو استخدامه على هيئة ترضي "إسرائيل".

 

القتال في زمن التسليم

لم يكن العفوُ كافيًا، ولا صالحًا مع كل تمظهرات المقاومة وجيوبها في الضفة، فانتهج الاحتلال العنف للقضاء على الرافضين، فاغتال أهم قيادات حالة المقاومة، واعتقل كثيرين، واجتاح –بشكل محدود ومركّز- مناطق بعينها لإنهاء النموذج الذي كانت تمثله.

كانت مجموعات "فارس الليل" أحد أهم نماذج رفض انتهاء الانتفاضة والدخول في العفو "الإسرائيلي"، المجموعات التي أسسها الشهيد نايف أبو شرخ الذي استشهد في 2004 في نفق بالبلدة القديمة رفقة مقاتلين من كتائب الاقصى وكتائب القسام وسرايا القدس، اتخذت من البلدة القديمة بنابلس مأوىً لها مستفيدةً من بيئتها الجغرافية التي تتراص فيها البيوت، وتمتلئ بالأزقة والأحواش والسراديب التي تعين على التخفي عن عين الاحتلال وتتيح مباغتته، وبيئتها الديموغرافية المكتظة بالسكان الذين يعرف بعضهما بعضًا حتى كأنّ أهل البلدة كلهم أبناء عائلة واحدة، ما يمنح الحالة خزانا بشريًا أوسع من المقاتلين، وبيئة اجتماعية أقرب إلى الاحتضان وأبعد عن الرفض. هذه الميزات أعطت "فارس الليل" هامشًا أوسع من القتال، ما أثمر عن حالة مقاومة مسلحة تواجه كل اجتياح للبلدة القديمة بالاشتباك والعبوات الناسفة[8].

 

لكنّ الحالة العامّة كانت أقوى من جيوب المقاومة المعزولة، ففي عامي 2007 و2008 عمل الاحتلال على القضاء على كل الرافضين لإلقاء السلاح والدخول في حالة العفو (التي كان يرفض منحها سوى للمحسوبين على فتح)، فاجتاح مخيم العين واعتقل عشرات المقاومين من القسام وأبو علي مصطفى من أبرزهم نهاد شقيرات قائد القسام في المخيم، واغتال عشرات المقاتلين من كتائب الأقصى، كهاني الكعبي وأحمد سناقرة من مخيم بلاطة، بينما خسرت "فارس الليل" قادتها توليًا، كفادي قفيشة وباسم أبو سرية "القذافي" وعبدالرحمن الشناوي، حتى كان عدد شهدائها خلال عام 2007 ثمانية شهداء (وهو عدد كبير بالنسبة لحالة ضيقة)[9]، واجتاح البلدة القديمة اجتياحًا مركزًا في بداية 2008، ليستكمل قضاءه على تجربة المقاومة فيها[10].

الشهيد نايف أبو شرخ أحد مؤسسي كتائب شهداء الأقصى أثناء انتفاضة الأقصى

منذ 2008 وحتى 2014 بدت الضفة الغربية مكانًا تمت إعادة هندسة قواه وناسه بحيث خلا من أي فعل سياسيّ حقيقيٍّ، ناهيك عن الانطفاء شبه التام للفعل المقاوم المنظم أو المستمر فيها، لكنّ هذه الحالة التي ظنّ مهندسوها أنها حالةٌ قادرةٌ على التجذر والدّوام بدأت تتصدّع منذ منتصف 2014، بدءًا باختطاف خلية تابعة لكتائب القسام في الخليل ثلاثة مستوطنين ثم قتلهم[11]، والهبة التي تلت إحراق مستوطنين للفتى محمد أبو خضير في بلدة شعفاط بالقدس[12]، وانتهاءً بالتفاعل مع حرب "العصف المأكول" التي أظهرت فيها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أداءً ملحميًا.

الشهيدان مروان القواسمي وعامر أبو عيشة من كتائب القسام، منفذا عملية أسر المستوطنين في الخليل عام 2014

انطلقت هبة القدس في الضفة والقدس في 2015، مدفوعةً بحرب المقاومة في 2014، وأخذت أشكالًا مختلفة كعمليات الدعس والطعن، وإطلاق النار، والمواجهات مع الاحتلال عند الحواجز أو لدى اجتياحها مدن الضفة، واستمرت موجاتها تعلو وتنخفض حتى يومنا هذا. وتخلل هذه المرحلة منذ العام 2014 بعض العمليات النوعية المنظمة التي ساهمت في إحياء ثقافة المقاومة كعمليات أحمد نصر جرار وحمزة أبو الهيجا وصالح وعاصم البرغوثي وأشرف نعالوة وعمر أبو ليلى.

الأخوان عاصم (أسير) وصالح (شهيد) البرغوثي، نفذا معًا عملية "عوفرا" 9/12/2018، ونفذ عاصم عملية "جفعات أساف" 13/12/2018

بعد إفشال اقتحام الأقصى نهاية رمضان 2021، ومعركة "سيف القدس" التي أظهرت مقاومة غزة فيها قدرات صاروخية متقدمة، ثمّ عملية "نفق جلبوع" التي استطاع 6 أسرى من خلاله الهرب من سجون الاحتلال، مُنحَ نفس المقاومة في الضفة زخمًا جديدًا، وبدا أنّ شكلًا قديمًا من أشكال المقاومة يعيد إنتاج نفسه في مجالها، وهو التشكيلات المقاومة التي تتخذ من مناطق بعينها مركزًا لها. تصدّر مخيم جنين وكتيبته التي أسسها الشهيد جميل العموري من سرايا القدس المشهد، غير أن هذه الحالة ما فتئت أن انتقلت إلى مناطق أخرى في الضفة.

الشهيد جميل العموري مؤسس كتيبة جنين

البلدة القديمة لا تضل الطريق

صباح 9 آب/أغسطس كانت نابلس على موعد مع اجتياح واسع لجيش الاحتلال، تخلله اشتباكٌ مسلحٌ استمر لساعات بعد حصار منزل في حارة الحبلة بالبلدة القديمة. الاشتباك أسفر عن استشهاد المطارد إبراهيم النابلسي ورفيقيه إسلام صبوح، فيما ارتقى الفتى إبراهيم طه خلال المواجهات.

برز اسم إبراهيم النابلسي، الشاب الذي افتتح العشرينيات، ثمّ اختتم عمره بها، والذي نجا من محاولة اغتيال طالت رفاقه قبل شهور في نابلس، بصفته صورةً لحالة الوعي الثوري والمقاومة التي ينتجها الجيل الجديد في الضفة الغربية، ورمزًا لضعف القبضة القديمة التي أنتجت حالة التجريف الوطني، ومحاولةً لتجاوز الواقع الذي يتفوق فيه الاحتلال ويتراجع فيه الفعل الوطنيّ، ولبناء اتصالٍ مع حالات المقاومة في التاريخ، كحالة البلدة القديمة خلال انتفاضة الأقصى وبعدها، وفي الجغرافيا، امتدادًا لحاضنة المقاومة الأساسية في القطاع، وحالة المقاومة المتشكلة في مخيم جنين.  

الشهيدان إبراهيم النابلسي وإسلام صبوح

ففي ظُهر 8 شباط/ فبراير 2022 كان الاحتلال يغتال ثلاثة من رفاق النابلسي وهم أدهم مبروكة "الشيشاني"، ومحمد الدخيل، وأشرف مبسلط، من البلدة القديمة بنابلس في حي المخفية غربي المدينة[13]. المقاومون، مع النابلسيّ وآخرين، كانوا جزءًا من محاولة نقل تجربة "كتيبة جنين" إلى مدينة نابلس، وإحياء تجربة كتائب شهداء الأقصى، وعلى الخصوص تجربة "فارس الليل"، التي احتضنتها البلدة القديمة في المدينة.

الشهداء أدهم مبروكة ومحمد الدخيل وأشرف المبسلط

كان مشهد الاغتيال الصادم للشهداء الثلاثة، الذين تعرضوا وغيرهم للاعتقال لدى الاحتلال والسلطة سابقًا، نقطة حاسمةً لدفع تجربة المقاومة في البلدة القديمة بنابلس وتمددها، وتأثّر آخرين بها، وتحوّلَ اقتحام المستوطنين لـ "قبر يوسف" إلى فرصة لإطلاق النار على الاحتلال ومستوطنيه، والذي بلغ ذروته في 30 حزيران/ يونيو من هذا العام حيث أصيب قائد منطقة جيش الاحتلال بنابلس، واثنان من المستوطنين المقتحمين للقبر برصاص المقاومين[14].

وفي 24 تموز/ يوليو شهدت البلدة القديمة بنابلس اشتباكًا مسلحًا عنيفًا بعد اكتشاف مقاومين لقوة من جيش الاحتلال كانت تستهدف خلية من فتح وحماس والجهاد الإسلامي في حي الياسمينة بالبلدة، استمر الاشتباك لساعات طويلة ارتقى على إثره الشابان محمد عزيزي وعبد الرحمن صبح، بعد استهداف الاحتلال للمنزل الذي كانت تتحصن فيه الخلية بصواريخ لاو.

الشهيدان محمد عزيزي وعبد الرحمن صبح

يظهر الانتقال المتتالي لحالة جيوب المقاومة في الضفة الغربية، وقدرتها على تهيئة الأجواء لانطلاق حالات فردية من بين ظهرانيها تنفذ أعمالًا نوعيةً بمبادرة ذاتية كما في حالتي ضياء حمارشة ورعد حازم، ثمّ تعزيز التفاف الفلسطينيين، لا سيما جيلهم الجديد، حول المقاومة المسلحة خيارًا أساسيًا للمقاومة؛ يظهر كلُّ هذا مؤشرات على تعزّز احتمالية تطوّر تجربة المقاومة في الضفة الغربية.

لم يكن متوقعًا لمكان مثل البلدة القديمة بنابلس أن يتأخر كثيرًا حتى يرفد هذه الحالة، وهو المستند إلى إرث تاريخيّ من المقاومة، فنابلس القديمة كانت ملجأ كثيرٍ من المقاومين، وساحةً لاشتباكهم مع الاحتلال خلال "الاجتياح الكبير" كما يطلق عليه الفلسطينيون عام 2002؛ ثمّ هو مكانٌ اعتاد دائمًا أن يمثّل حالةً الرفض الداخلي في حركة فتح لخط الحركة الرسمي ومسارات السلطة، فعلى الرغم من كون أغلب تجارب البلدة القديمة منتمية لكتائب الأقصى، والتي هي العنوان العريض للتشكيلات العسكرية المنتسبة لحركة فتح في انتفاضة الأقصى ثمّ حلّتها الحركة رسميًا بعد ذلك، إلا أنّه كان هامشَ قطاعٍ من جماهيرِ الحركة تعبّر من خلاله عن رفضها لمسار الحركة وحنينها إلى إرثها القديم، وتطلّعها لاختطاط نموذج آخر تقترب فيه من الناس وتبتعد فيه عن السلطة، وتنقذ به إرث فتح القتاليّ القديم.

وبالرغم ممّا تفتقده حالة البلدة القديمة، ومن خلفها كل تجارب جيوب المقاومة في الضفة الغربية من السند والظهير، وضعف قدرتها على الانتقال خطوة إلى الأمام نحو التنظيم، ومواجهتها لاحتلال متفوق بشكل كبير على المستوى الأمنيّ والعسكري، وغياب إمكانية اتخاذ السلطة قرارًا مشابهًا لقرار أبي عمار إبّان انتفاضة الأقصى، يسمح بتوسّع الحالة وتحوّلها إلى مواجهة شاملة؛ فإنّ مجردَ قدرتها على النشوء والاستمرار ولو لقدر من الوقت، هو في حقيقته مما يحافظ على حالة "الهبّة" في الضفة الغربية، ويؤسس لإمكانية البناء عليها، ويمنع إمكانية إعادتها إلى زمن 2008-2014 الخالي من الرفض، والمستسلم لـ "عفو المحتل".

ويبقى ثمّة أسئلة حول ظاهرة المقاومة المسلّحة في شماليّ الضفة، والتي منها حالة البلدة القديمة في نابلس، منها القدرة على التخلّص من محاولات احتواء السلطة وخطّ حركة فتح الرسمي لهذه التجارب وتفكيكها، باللعب على الوتر الحزبي واستنساخ تجارب العفو السابقة، ومن ثمّ مدى نجاح الحالة بتجلياتها الحزبية المتعددة في تجاوز الحساسيات الضيقة لصالح مشروع المقاومة الأوسع، على غرار قطاع غزّة الذي نجحت فيه حركة حماس بتوفير بيئة مواتية لجميع فصائل المقاومة بلا استثناء وتأسيس غرفة مشتركة لتلك الفصائل، والأهمّ في هذه الأسئلة كلّها كيفية الانتقال خطوة إلى الأمام نحو العمل الأكثر تنظيمًا والأقل انكشافًا في واقع يملك فيه الاحتلال تفوقًا أمنيًّا كاسحًا، فالظاهرة في نمطها الحالي الذي يغلب عليه الانكشاف مفيدة في تعزيز ثقافة المقاومة وتعبئة الجماهير وحشدها لصالح فكرتها، لكنها لن تبقى كذلك ما لم تتحول إلى أنماط أكثر خفاء وقدرة على المبادأة والهجومية.


[1]. كُتبت هذه المادة قبل استشهاد إبراهيم النابلسي وإسلام صبوح، لكن سعت المنصة لمواكبة حدث استشهادهما مع انطلاقتها، وذلك بتضمين حدث استشهادهما في متن المادة.

[2].  https://bit.ly/3cS56xC

[3]. https://bit.ly/3bd2F84

[4]. https://bit.ly/3OKX9ay

[5]. https://bit.ly/3cNAtt4

[6]. https://bit.ly/3JdYaa3

[7]. https://bit.ly/3cNDcCO

[8].  https://bit.ly/3voqXmF

[9]. https://bit.ly/3S8d45S

[10].  https://bit.ly/3zgOerO

[11].  https://bit.ly/3vnq0ei

[12]. https://bit.ly/3voCIt7

[13].  https://bit.ly/3Jenj4l

[14]. https://bit.ly/3Bp2tgX