درع إبراهيم وتحالف الردع: حين يصبح العربي درعًا لحماية "إسرائيل"

على سبيل التقديم...
خلال سنوات الانتداب البريطاني والفرنسي للبلاد العربية، سعت الحركة الصهيونية جاهدة لتحصيل وعود مؤكدة من قادة الاستعمار تمنحهم أرض فلسطين وسيادتها، والتفوق على ما حولها، حينها كانت الحدود هي الهاجس الاستعماري الأول خوفًا من نقمة عربية عارمة قد تودي بالأخضر واليابس.
ونتيجة لذلك حفلت كل خطوة استعمارية بهامش استرضاء وتطمين للقيادات العربية الناشئة، التي لم تتوان بدورها عن التنسيق مع البذور الأولى للصهيونية، أملًا في تحالفٍ يُضيف لها قوة في مواجهة عربيٍ آخر، كان هذا هو الحال الفاضح منذ البداية، ولم يختلف كثيرًا عن اليوم، غير أنه ازداد انفضاحًا وأضحى التحالف قائمًا على إضافة القوة تلو القوة للمحتل، حتى غدا -أو يغدو- القوة الإقليمية الوحيدة في المنطقة، وما حولها أنظمة تابعة لا ترتقي لمستوى الحليف أو الشريك في قدرتها على المناورة والتموقع.
من التموقع الأول حتى الأخير، للأنظمة العربية خلف "إسرائيل" و-ما دونها- تأتي هذه المادة مسلّطة الضوء على الدروع السياسية والجغرافية والعسكرية التي أُسست لخدمة أمن المحتل، وتكاثفت خلال العقد الأخير حتى طورها الحالي "التحالف الإقليمي"، محاولة استبصار إجابة عن تساؤلات مُلحة من قبيل: هل كان الأمن الإسرائيلي بحاجة لدرعٍ جديد؟ هل تعمل الدروع وفق بوتقة سياسية أم عسكرية أم نفسية، أم تخدمها جميعًا؟ ما الأثر الذي سيتركه درعٌ آخر على روح الفلسطيني، المقاتل، المتواطئ، المحبط، الخائف؟ وأخيرًا، كيف سيبدو شكل المنطقة العربية بعد اكتمال هذا الدرع الأخير؟
تاريخ من الردع... دروع متعددة الطبقات
من البداية التي سبقت النكبة وإعلان تأسيس دولة الاحتلال على أرض فلسطين، كان هاجس الردع مسيطرًا على مؤسسي الحركة الصهيونية، بدءًا من محاولات الاستظلال بالحماية الاستعمارية أولًا عبر بريطانيا العظمى، ثم بالولايات المتحدة، بما يحقق لهم تفوقًا دبلوماسيًا على المحيط العربي، وصولًا إلى تفوق عسكري فعّلي على الفلسطينيين والعرب، بما يحوّل كل مواجهة -صغيرة أو كبيرة- معهم، لتأكيد هذا التفوق وترسيخه، ينتج عنه ردع كابح لمواجهات مستقبلية.
وهكذا، تطورت استراتيجيات البقاء والصراع من تقديم الوجود اليهودي كحاجز ردع حضاري للشرق البربري أمام الغرب المتقدم -وفق رؤية هرتزل- إلى قوة دعم ضد التيارات العربية الإسلامية -وفق رؤية وايزمان- حتى جابوتنسكي، الذي أسس البنية الفكرية للردع حين همّش القيمة السياسية والدبلوماسية في دعم الوجود الصهيوني وحفظه على حساب أدوات من القمع والعنف أطلق عليها "الجدار الحديدي" أي ضرورة فرض الوجود الصهيوني بالقوة المسلحة بدل التفاوض، كأداة لتفتيت بنية المقاومة العربية وتحويلها إلى صيغة مستحيلة أو تمحورٍ حول اللاجدوى.
ثم جاء بن غوريون، الذي بنى على فكر جابوتنسكي، ليُنتج عقيدة ردعٍ متكامل، تجمع بين القوة العسكرية الطاغية، والتفوق الاستخباراتي والاقتصادي الدائم، والسيطرة الجغرافية المهيمنة، والتحالفات الدولية المتينة، والتغلغل النفسي المؤكد، وهي المعايير التي ظلت تحكم الردع، وتعزز موقعه في الذهنية الصهيونية، كخيارٍ أمني، وأداة لتطويع الجغرافيا والبشر في وقتٍ واحد.
بمثل هذه العقيدة بدأت "إسرائيل" مكانتها في المنطقة، بمجزرة دير ياسين كردعٍ محلي يتجاوز التصور، وبالطرد الجماعي للفلسطينيين، كردعٍ إقليمي يؤكد السيطرة الجغرافية، وبالعدوان الثلاثي 1956 الذي أثبت أهمية التحالفات الدولية، وبالنكسة 1967 التي أثبتت تفوقًا هائلًا لكيانٍ واحد على بيئة معادية كاملة، وباتفاقيات السلام مع مصر 1979، والأردن 1994، وصولًا للسلام الإبراهيمي، الذي أكّد أهمية التغلغل النفسي ونجاعته.
ليس هذا فقط، فمنذ النكبة وحتى اليوم، استثمرت "إسرائيل" في كل مواجهة، محلية أو إقليمية، لتأكيد ردعها وتفوقها، حتى أنتجت ردعًا سيكولوجيًا متعدد الطبقات يصحّ إحالته إلى كل حقبة من حقب وجودها في المنطقة، سواءً احتلالها الجولان وسيناء في حرب 1973، أو اجتياحها لبيروت عام 1982، أو قمعها لانتفاضات الفلسطينيين عام 1987 وما تلاها، أو حروبها المتكررة على قطاع غزة، أو اغتيالاتها العابرة للحدود، أو وجودها العسكري ضمن المناورات الغربية في الصحارى العربية، أو وصوليتها لأسرار القصور العربية، وغيرها الكثير، حتى غدا الردع -بطبقاته- بوصلة العلاقة أو توصيفها الفعلي، بين "إسرائيل" ومحيطها.
لم يتوقف الأمر عند حدود الردع وطبقاته، فالشعور "الإسرائيلي" الكامن بالتهديد الدائم دفعه لتطوير الردع إلى أنماطٍ وأشكال مختلفة، تتجاوز حدود المواجهات الفعلية إلى تلك المتخيلة، فالتزمت بمستوياتٍ عالية من التفوق العسكري، بتطويرها المبكر للسلاح النووي، والاستحواذ على منظومة سلاح جوي متطور[1]، ودخول المجال الفضائي عبر الأقمار الصناعية العسكرية، زامنته مع تكريس داخلي للتفوق يبدأ من الهيمنة على الجغرافيا عبر التمترس بالمرتفعات، وبناء جدار الفصل العنصري، وتوسيع المناطق العازلة، حتى الهيمنة على الجو عبر القبة الحديدية ومقلاع داوود وحيتس.
يقول زفيكا هايموفيتش (قائد سابق لمنظومة الدفاع الجوي "الإسرائيلي": "لا يوجد شيء اسمه حماية بنسبة 100%. لا يمكن لأي نظام، ضمان الاعتراض التام في كل مواجهة، أنت تستخدم كل الأدوات المتوفرة وفق التهديد، لكنك لا تستطيع التأكد من اعتراضٍ دائم."
لكن نقطة الضعف الرئيسة في حلقة الردع والتفوق هذه لم تكن تطورها ولا تعددها، بل دافعها الأساسي والذي كان غالبًا لوقف خرقٍ جديد تحدثه المقاومة -أيًا كان شكلها- في منظومة الأمن والتفوق "الإسرائيلي"، يُضاف إلى ذلك عجزها عن الوصول إلى نسبة أمن وحصانة 100%، فالتمترس بالمرتفعات لم يمنع اقتحام المستوطنات، والجدار العنصري لم يوقف العمليات، والقبة الحديدية لم تمنع الصواريخ، واتفاقيات السلام لم تُبدد الكراهية.
في الواقع، غدا الردع "الإسرائيلي" مرادفًا للفزع وتأكيدًا له، وأفرز في المقابل إصرارًا أكبر على خرقه واختراقه، وخلق المزيد من التهديدات حوله، حتى البسيطة منها، مثل؛ البلالين الحارقة ومسيرات العودة، التي أشعلت صفارات الإنذار في المنظومة الأمنية واستدعت تشكيل طبقة أخرى من ردعٍ آخر.
يحيلنا ذلك إلى سؤال متكرر، هل يحتاج الأمن "الإسرائيلي" إلى درعٍ جديد؟ الإجابة عنه تكمن في بنية الوجود الإسرائيلي المضطرب نفسه، المدرك لذاته كاستلاب، ولشرعيته كخدعة لا يمكن أن تمر، ولنهايته كخطٍ لا بد أن يصل إلى تمامه، ولذا يُكرس الردع بدرعٍ جديد لإطالته ليس إلا، ويغدو كل درع حلقة في سلسلة سياسية وعسكرية ونفسية تخدم النفسية "الإسرائيلية" وشعورها الزائف بالأمن المؤقَت، تمامًا كما تستلب الثقة والشجاعة من النفسية العربية والإسلامية، بذات المؤقِت الذي لا بد له أن يتوقف.
درع إبراهيم: انبعاجٌ جديدٌ في جغرافيا الردع
منتصف يناير 2025 انطلق مؤتمر برعاية "الائتلاف من أجل الأمن الإقليمي"[2] في الولايات المتحدة، بحضور أكثر من 100 شخصية أمنية وسياسية ومجتمعية إسرائيلية وأمريكية، كان لها إسهامات سابقة في رسم الاستراتيجية الإقليمية "الإسرائيلية" من بينهم أودي ديكل، مدير برنامج "من الصراع إلى الحل" في معهد دراسات الأمن القومي والرئيس السابق للمفاوضات مع الفلسطينيين، وكوبي هوبرمان، مؤسس "مبادرة إسرائيل" ومؤلف كتاب "المبادرة الإقليمية" وهو أيضًا رائد الاستراتيجية الإقليمية لإسرائيل منذ عام 2006، وموتي كريستال، خبير في المفاوضات وعضو سابق في فرق التفاوض الإسرائيلية مع الأردن والفلسطينيين.
كما ضم المؤتمر شخصيات نافذة في قطاعات البنوك، والأبحاث والتكنولوجيا والطب، من بينهم تال باتلون التي تحدثت عن آلية توظيف الطب وقواعد البيانات الجينية والصحية في تطوير التحالف الإقليمي في الشرق الأوسط، وكيفية استخدام الطب كواجهة ناعمة للترويج للصحة والابتكار كجزء من التحالف.
وفي ختام المؤتمر، الذي لم يحضره عربيُ واحد، أُعلن عن تأسيس "درع إبراهيم"، باعتباره تحالفًا إقليميًا يجمع بين "إسرائيل" والدول العربية، يركز على قضايا مختلفة -سياسية اقتصادية تكنولوجية صحية-، يقدم التعاون فيها عبر خطة أمنية سياسية قوامها "الأمن الإسرائيلي أولًا"، يقوم على دعمها وتطبيقها متنفذون من قطاعات مختلفة، بدون هويات سياسة فاقعة، تستهدف الوصولية إلى العمق السياسي والمجتمعي للدول العربية لتحقيق علاقة على مقياس السلام الإبراهيمي، الذي يحلو للكيان وصفه بـ "السلام الدافئ".
وفقًا لرؤية صهاينة التحالف، الذين لم يتركوا شاردة أو واردة إلا ووضعوا لها مخططًا، سيقدم الانفصال التام عن الفلسطينيين كهدية لتطبيع سريع من السعودية، كما سيتم منح دور أكبر لها ولغيرها من الدول المطبعة لتحمل مسؤولية الفلسطينيين، ونزع سلاحهم وتغيير مناهجهم، وتوفير الخدمات لهم في غزة، بينما ستعلن "إسرائيل" أنه على الرغم من عدم وجود إمكانية حاليًا لإقامة دولة فلسطينية، فإنها ستلتزم بالعمل مع الشركاء الإقليميين والإدارة الأمريكية لخلق الظروف لمسار الانفصال التدريجي عن الفلسطينيين، بشروط، في غضون عقد من الزمان -لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم!
في لبنان ستعمل "إسرائيل" على الرد بقوة على أي حراك لحزب الله، وستخلق وضعًا يفصل لبنان عن إيران، من خلال تعزيز الجيش اللبناني، واستقرار الحكومة اللبنانية. في سوريا ومن خلال الاتصالات مع تركيا والولايات المتحدة سيتم التأكد من إنشاء نظام مستقبلي "مسؤول ومستقر" -مرادفات مطبع ومتخاذل- وقادر على تطوير العلاقات معها، حتى ذلك الحين ستحتفظ بوجودها جنوب البلاد.
وفي النهاية ستعرف منطقة "تحالف إبراهيم" كمنطقة تجارية خاصة في الشرق الأوسط ومركز اقتصادي عالمي في مجالات البحث والتكنولوجيا والعلوم والبيئة والسياحة والتجارة والزراعة والمياه، بالإضافة إلى بناء مشاريع ضخمة للبنية التحتية والسكك الحديدية والطرق العابرة للحدود بين الخليج والبحر الأبيض المتوسط، ما سيفتح أسواقًا جديدة رئيسة أمام "إسرائيل"، وهي صيغة أخرى لممر بايدن الاقتصادي، ليس إلا!
لاحقًا وما بين يناير 2025، ونهاية يونيو استطاع الائتلاف عرض خطته والترويج لها، ودفع الإعلام الإسرائيلي والإقليمي لتبنيها، وصولًا لإطلاق حملة في قلب الكيان، على وقع العدوان "الإسرائيلي" على إيران، كشفت عنها لافتاتٌ للقادة العرب، من المحيط إلى الخليج، متحلقين حول نتنياهو وترامب في ما يظهر كإجماعٍ كامل على شعار الحملة "فرصة جديدة للشرق الأوسط" -صورة أردوغان سقطت سهوًا، لكن مشاركة تركيا في التحالف مؤكدة-.
الفرصة الجديدة التي كانت تلوح في الأفق، جاءت بعد سلسلة ضرباتٍ إقليمية وجهها الكيان لكلٍ من حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، واجتياحٍ لجنوب سوريا وتثبيتٍ للوجود الأمني فيه، وانقضاضٍ على المقاومة الإسلامية في العراق، وأخيرًا عدوان مفاجئ على إيران وبرنامجها النووي، ولذا فإن البوصلة كانت أكثر من واضحة للتأكيد على أنه تحالف مع الدول العربية لمواجهة إيران وكل ما يرتبط بها، في ضوء نتائج الحرب "الإسرائيلية" الأخيرة.
استعراض الوجوه العربية على اللوحات الإعلانية "الإسرائيلية" التي روجت لـ "درع إبراهيم" كشف حجم الاختراق السياسي والدبلوماسي الأمريكي-الإسرائيلي للدول العربية، وأكد أن "الشرطي الجديد في المنطقة" لم يعد القيادة الأمريكية التي ستظل تحظى بلمسة شرفية لتكريس الهيمنة الإسرائيلية، وإنما هو خليفة آخر عبّرت عن سطوته المستشارة الاستراتيجية السابقة لنتنياهو، ليان بولاك ديفيد بالقول: "من المهم التأكيد على أن هذه مبادرة إسرائيلية علنية، يجب على إسرائيل أن تحتفظ بحرية عملها، ولن يتمكن أي أحد آخر من القضاء على البنية التحتية للإرهاب نيابة عنا".
وهو ما أكده بيان التحالف الإقليمي في يونيو، حين حدد الخطوة القادمة له: "إسرائيل قادرة، بل يتوجب عليها، أن تُحوّل الإنجاز العسكري المُتحقَّق في الحرب ضد إيران إلى مكسب سياسي، هناك وقت للحرب، وهناك وقت للتسوية. لقد حان وقت العودة إلى ميثاق إبراهيم".
إشارة التحالف[3] إلى ميثاق السلام الإبراهيمي لم يكن اعتباطيًا، فهو الحلقة الأكثر وضوحًا في التموقع الإسرائيلي في قلب المنطقة العربية بعد تأسيس تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي MESA 2018 الذي ضم دول الخليج والأردن ومصر وحمل شعار محاربة الإرهاب، ثم أُتبع بموجة السلام الإبراهيمي التي تضمنت اتفاقيات أمنية دفاعية، حتى نقل "إسرائيل" من منطقة عمليات القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية EUCOM، إلى منطقة عمليات القيادة المركزية CENTCOM، وانتهاءً بدرع إبراهيم، الذي تحول التموقع "الإسرائيلي" فيه من شريك وحليف إلى منسق وموجه للتحالفات الأمنية الإقليمية، مستفيدة من تفوقها في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والطبية.
وعليه، فلم يعد الردع "الإسرائيلي" يقف عند الحدود الذاتية للكيان، ولا عند محيطه وطوقه، بل تجاوزه لهندسة نظامٍ إقليمي جديد، يحمل ملامح التطبيع أو التعاون أو التحالف، لخلق ردعٍ متكامل، تقوم "إسرائيل" فيه بحماية أمنها لا عبر القوة العسكرية والتكنولوجية فقط، ولا عبر تحالفاتها مع الدول الغربية، وإنما من خلال ترسيخ الأنظمة المحيطة وتثبيتها بها -ممن ترضى عنهم- وتمكينهم من ممارسة شيء من الردع داخل حدودهم بما يضمن استمرارها واستمرار الأنظمة في الوقت ذاته.
فالطوفان وما بعده حول الصراع من مستوى الأنظمة إلى مستوى الشعوب والجماعات، وغدا قمع الأنظمة لمظاهر المساندة والتضامن مع الفلسطيني- مهما كانت هامشية- ملحًا للنظام وللكيان في الوقت ذاته، وتغييب أي مساحة للتحرك والتنفس الشعبي لزامًا لاستمرار الضبط والسيطرة وتوجيه الوعي، كما أكد الطوفان في الوعي والتجربة "الإسرائيلية" أهمية وجود أنظمة قادرة على تحويل فضاءاتها لقبة حديدية لأمن "إسرائيل" -وهو ما لا تملكه الدول الغربية الحليفة-، وأنتج مساحات مشتركة جديدة، يُتاح لكلٍ منهما الاستفادة من التجارب القمعية للآخر.
ما الأثر الذي سيتركه ذلك في روح الفلسطيني؟
لا شيء كالخذلان، فجوة في القلب والذاكرة، تُذكرك دائمًا بمرارة من يفترض بهم أن يسندوك، فباعوك، أملًا في ارتفاع ثمنهم، بهذا ليس الخذلان موقفًا، ليس تحسينًا للشروط أو استيضاحًا للملابسات، إنه خيانةٌ فاضحة لا تغتفر.
إن كان الفلسطيني قد تعلم شيئًا بعد الطوفان، فهو ألا يتكئ سوى إلى ظهره المتعب، وألا يميل إلا على ساقه المبتورة، ففيهما من السند ما ليس في العالم العربي والإسلامي بأسره. لم يكن درع إبراهيم افتتاحية المزاد ولن يكون الخذلان الأخير، فعلى من يراهن على غير حقه أن يتنحى، الآن وليس غدًا، فمعركة المتعب المجوع الحافي، المكلوم الجريح، لا تحتمل المتخاذلين، ولن تنتهي إلا عندما يُقضي الأمر، وتستوي السفينة عند مرساها المستحق، ويُقول المجوع الحافي: "بُعدًا للقوم المتخاذلين".
قائمة المصادر
• Ortal, Eran. (2024). A Sustainable Strategy: Principles for Updating Israel’s Strategy and Security Concept. The Begin-Sadat Center for Strategic Studies.
• The Abraham Shield Plan: The Coalition for Regional Security. (2025).
• The Jerusalem Post – Israel News. (2025, April 20). Over 100 Israeli business leaders call to advance peace talks with Arab states. Retrieved from: https://www.jpost.com/Israel-News
• Frame the Globe. (2025, July 3). From Leaked Ethnic Cleansing Plans to Policy: How October 2023 Documents Became the Abraham Shield Plan.
[1] إسرائيل أول دولة تحصل على نسخة خاصة من مقاتلة الشبح الأمريكية F-35 خارج الولايات المتحدة.
[2] تشكل الائتلاف عام 2024، ويضم مجموعة من الشخصيات "الإسرائيلية" من مختلف مجالات الأمن والدبلوماسية والأعمال والتكنولوجيا الفائقة، وهيئات ومعاهد بحثية ومنظمات، هدفت جميعها لوضع خطط سياسية أمنية جديدة تجمع بين القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية لتعزيز أمن إسرائيل.
[3] وفقًا لرؤية صهاينة التحالف، سيتم تقديم الانفصال التام عن الفلسطينيين كهدية لتطبيع سريع من السعودية، كما ستمنح دورًا أكبر لها ولغيرها من الدول المطبعة لتحمل مسؤولية الفلسطينيين، ونزع سلاحهم وتغيير مناهجهم، وتوفير الخدمات لهم في غزة، بينما لن تتعهد بإقامة دولة فلسطينة، ربما في غضون عقدٍ من الزمن، وبشروط. في لبنان ستعمل "إسرائيل" على الرد بقوة على أي حراك لحزب الله، وستخلق وضعًا يفصل فيه بين لبنان عن إيران، في سوريا ومن خلال الاتصالات مع تركيا والولايات المتحدة سيتم التأكد من إنشاء نظام مستقبلي "مسؤول ومستقر" وقادر على تطوير العلاقات معها، حتى ذلك الحين ستحتفظ بوجودها جنوب البلاد، وفي النهاية ستعرف منطقة "تحالف إبراهيم" كمنطقة تجارية خاصة في الشرق الأوسط ومركز اقتصادي عالمي في مجالات البحث والتكنولوجيا والعلوم والبيئة والسياحة والتجارة والزراعة والمياه، بالإضافة إلى بناء مشاريع ضخمة للبنية التحتية والسكك الحديدية والطرق العابرة للحدود بين الخليج والبحر الأبيض المتوسط، مما سيفتح أسواقًا جديدة رئيسية أمام دولة إسرائيل.