زيارة أسير فلسطيني: سيرة مختصرة للاستعمار والمواجهة
على سبيل التقديم..
تعرض تقى فارس في هذه المادة لزيارة السجين الفلسطيني في سجون الاحتلال بعيني أهل السجين. تصلح المادة لأن تكون في قسم "فلسطين وأهلها" كونها تشرح معاناة فلسطينية خالصة ولعامّة الفلسطينيين، بيد أنّها في الوقت نفسه، وللمفارقة، تصلح لأن تكون في قسم "غبار" المخصّص للعدوّ وسياساته، والتي هي في هذه الحالة، تهدف إلى تكثيف حالة السجن على السجين نفسه من جهة، في محاولة ثقيلة لتعبئته بأنه عبء على أهله، الذين يمرّون بدورهم على مسارات سجن خاصّ بهم طوال "رحلة" الزيارة، ومن جهة أخرى يهدف العدوّ إلى تحويل الاعتقال إلى نمط من العقاب العامّ للوعي الفلسطيني، بجعل مسار الزيارة ممرّات من محاولات كسر الإرادة، غير أنّ ما تنتهي إليه الزيارة، هو المزيد من التحدّي والإصرار والتآلف وحمل الأهل بدورهم عبأهم الخاصّ تجاه السجين.
ما تقدّمه تقى هو الشكل الراهن للزيارة، والمستفاد في جانب منه من تجربتها الخاصّة، لكنه ليس الوحيد في تاريخ النضال، فقد تعدّدت أشكال السجون، وتعددت أنواع الإدارات الصهيونية المشرفة عليها، كما تعدّدت مواقع السجون بين الداخل المحتلّ عام 1948 وبين ما احتلّ عام 1967، كما أنّ الزمن أخذ دوره في تغيير كل ما يتصل بالزيارة. تبقى زيارة السجين واحدة من سياسات السجن الواسعة التي تحتاج المزيد من البحث والنظر من زوايا متعددة.
· التحرير
مقدمة
تبدو زيارات الفلسطينيين لأبنائهم وبناتهم في سجون الاحتلال للوهلة الأولى فعلًا طبيعيًا، لكنّ المتابع لها، وهي المستمرة منذ أن افتتح الاحتلال سجونه الظالمة قبل عقود طويلة، يراها تُجسِّد إحدى استراتيجيات السيطرة الاستعمارية على حياة الفلسطينيين، وهي تتعدى كونها تنكيلًا بعائلات الأسرى، إلى استحالتها طريقةً ممنهجةً للتحكم والضبط والإكراه.
تسعى هذه المقالة لتوثيق المحطات التي تمر بها زيارة الأهالي لأبنائهم وبناتهم في سجون الاحتلال، وتحاول ربط ذلك ببعض الأطر النظرية التي تناولت السيطرة والتحكم في الواقع اليومي المعاش للشعب المستعمَر في سياق الاستعمار الاستيطاني[1]، علَّ هذا التوثيق يساهم في فهم أفضل لكيفية عمل الاستعمار على فرض سيطرته على حياة الفلسطينيين اليومية. وحتى لا تقع المقالة في فخ مركزة المستعمِر الي تحاول أدبيات الاستعمار الاستيطاني تكريسها، فإنها تضع يدًا على آليات المقاومة التي ينتهجها الفلسطينيون في مواجهة أساليب سيطرة الاستعمار على حياتهم، وذلك من خلال التتبع لتجارب زيارة الأسرى عند بعض من خاضوها، بالإضافة إلى تجربة الكاتبة الشخصية، وعشرات القصص والحوارات.
تُجسِّد زيارات الفلسطينيين لأبنائهم الأسرى، إحدى استراتيجيات السيطرة الاستعمارية الإسرائيلية على حياة الفلسطينيين، وهي تتعدى كونها تنكيلًا بعائلات الأسرى، إلى استحالتها طريقةً ممنهجةً للتحكم والضبط والإكراه.
بروتوكولات ما قبل الزيارة
استنادًا لمفهوم (سياسة الحياة والموت[2]) فإن زيارة الفلسطينيين للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال تُعد من سياسة الحياة، يُقرِّر فيها المستعمِر للمستعمَر أن يموت أو يحيا، ولا يكتفي بذلك، بل يتجاوزها للطريقة التي سيجعله يموت أو يحيا فيها، فبالتالي يتحكم به في كلا الحالتين ضمن آليات السيطرة على حياة المستعمَرين سواءً في حالات الإبادة المستمرة أو الدمج بمستوياته المختلفة.
يسبق زيارة الأهالي بروتوكولات لا تتم الزيارة قبل المرور عليها، تتراوح ما بين تسجيل الأسير في مقر الصليب الأحمر، ومتابعة مواعيد الزيارات -التي تقلصت على مدار السنوات لتصبح بمعدل زيارة في كل شهر ما لم يستجدّ إجراء عقابي-، والتسجيل للزيارات، وما بين ذلك ساعات الانتظار الطويلة في ردهة مقر الصليب الأحمر، ويتبع ذلك إصدار قائمة بالأشخاص الذين حصلوا على تصريح الزيارة، وهنا يمكن أن يرفض الاحتلال تصاريح زيارة أقارب من الدرجة الأولى للأسير بحجة المنع الأمني، أو بحجة عدم وجود صلة قرابة، وهي معضلة يواجهها الأسرى الفلسطينيون على مدار سنوات سجنهم، فيُحرمون من زيارة ذويهم من درجة القرابة الأولى بإحدى هذه الحجج الواهية، أو يُسمح للممنوعين أمنيًا بالزيارة مرةً كل ستة أشهر، وقد تزيد المدة فتصبح زيارةً واحدةً كل عدة سنوات.
يسبق زيارة الأهالي بروتوكولات لا تتم الزيارة قبل المرور عليها، فبدءا بتسجيل الأسير في مقر الصليب الأحمر، ومتابعة مواعيد الزيارات -التي تقلصت على مدار السنوات لتصبح بمعدل زيارة في كل شهر ما لم يستجدّ إجراء عقابي-، والتسجيل للزيارات، ويتبع ذلك إصدار قائمة بالأشخاص الذين حصلوا على تصريح الزيارة، وهنا يمكن أن يرفض الاحتلال تصاريح زيارة أقارب من الدرجة الأولى للأسير بحجة المنع الأمني.
مسار الزيارة: باص- حاجز والعكس
تعد الزيارة اشتباكًا مباشرًا -خصوصًا لأهل الضفة الغربية- مع السيطرة الصهيونية على المكان بشكل خاص، والزمان بطبيعة الحال، وهي ثنائية مهمة يسعى فيها الاستعمار إلى تقويض الحيز المكاني والزماني الفلسطيني وتحجيمه في نطاقات معينة، فيصبح سير الفلسطيني ضمن مكان وزمان معيّنين ليس بالإمكان تجاوزهما، مما يخلق سيطرة ثنائية تؤدّي إلى عرقلة حياة الفلسطيني وشللها بشكل أو آخر.
تبدأ السيطرة على زمان الفلسطيني منذ تحديد موعد الزيارة، يستيقظ في ساعات الفجر الأولى، ويجهز نفسه، ويركب الحافلة التي تقله إلى مركز المدينة، حيث حافلة الصليب الأحمر التي ستقله من مركز المدينة الساعة السابعة صباحًا نحو أحد حواجز الاحتلال، وينزل الأهالي منها منتظرين ساعة فتح الحاجز، وتكون بذلك المحطة الأولى من مسار زيارة السجن، والتي يمكن فيها أن تنقطع أحلام عائلة من العائلات بالزيارة فتعود أدراجها إلى ما قبل الحاجز الاستعماري.
تعد الزيارة اشتباكًا مباشرًا -خصوصًا لأهل الضفة الغربية- مع السيطرة الصهيونية على المكان والزمان، وهي ثنائية مهمة يسعى فيها الاستعمار إلى تقويض الحيز المكاني والزماني الفلسطيني.
يشكل الحاجز لحظةً حاسمة في حياة الفلسطيني في معظم أوقات حياته، فهو محكوم به في مسارات تنقلاته، ويتكثف هذا المشهد في حدث الزيارة، فينتظر أهالي الأسرى للساعة التي يفتح فيها الحاجز أبوابه، يمارس الحاجز عنفًا ملجومًا[3] وهو عنف يسعى فيه المستعمِر لسحق الأصلاني المستعمَر بكافة الوسائل والتي لا تكون نتيجتها موته، فهو عنف خفي لكنه متكرر، وتستمر أثاره على المدى الطويل، وقد تكون نتائجه عميقةً وأكثر من النوع الثاني من العنف، وهو العنف المتفجر الذي يؤول إلى الموت بشكل مباشر، وهو بالتالي يرافق الفلسطيني طوال حياته. فهذا العنف لا ينفجر ويؤدي إلى قتله في تلك الساعة، لكنه يترك آثارًا أعمق، بدءًا من البارودة التي يصوّبها الجنود على الأهالي على أبواب الحاجز، يليها دخولهم عبر آليات التفتيش، وحتى خروجهم من آخر باب دوار.
في البداية يمر الأهالي من البوابات الدوارة، ثم يضعون أمتعتهم على آلة التفتيش المتحركة ويقطعون آلة مستطيلة ينبغي أن لا تصدر صوتًا وضوءًا أحمر حتى يتمكن الشخص من المرور، وقد استحدث الاحتلال آليةً جديدةً وهي وقوف الزائر على إشارة قدمين على الأرض مع رفع أحد اليدين وهي تمسك التصريح وثم يطلب الجندي/ة من الفلسطيني/ة أن يدور حول نفسه في مشهد لا يملك الفلسطيني رفضه. كل هذه البروتوكولات في التفتيش قد لا تقنع الجنود، فيصرون على أنهم بحاجه إلى تفتيشه تفتيشًا دقيقًا، فيحيلون أحد الزائرين إلى غرف التفتيش العاري.
بالخروج من الحاجز يكون الزائر قد قطع ثاني محطة من محطات الزيارة، يتبعها صعوده لباصات خاصة تقلّه نحو مكان الزيارة، ولابد من الإشارة هنا إلى أن المسافة بين الحاجز والسجن مختلفة من سجن لآخر، لكنَّها غالبًا ما تستغرق عددًا من الساعات، مما يسبب إرهاقًا جسديًا على كبار السن والأطفال بشكل خاص، والذين يقضون عدة ساعات داخل الحافلة غير قادرين على ممارسة احتياجاتهم الجسدية. يعيش الأهالي السيطرة على المكان في الرحلة نحو السجن بما يدمي قلوبهم، فالأراضي الفلسطينية المسلوبة عام 1948 على جانبي الطريق، يشاهدونها بأم أعينهم من الزجاج فقط، وهم المحرومون من رؤيتها بوضوح وعلى أرض الواقع، ثم يبدأون في حثِّ بعضهم على مشاهدة ما هو مميز فيها، ويستمرّون هكذا حتى يصلوا إلى مكان الزيارة.
في الزيارة
يستقر أهالي الأسرى في ساحة مبنىً مجاور للسجن وهو المبنى الذي تتم فيه الزيارة، المكان مهندس وفق رؤية استعمارية تهدف لإثقال الزائرين بزيارتهم، والزمان لا يمر سوى بأمر من جندي/ة. الساحةُ غالبًا غير مسقوفة، لا تقي حر الصيف أو برد الشتاء، تحوي الساحة كراسيَّ حديديةً لا تكفي كل الزائرين. تكون الرحلة التي سبقت مرحلة الوصول قد كبدت أجساد الزائرين تعبًا وإرهاقًا، ويتفنن الجنود في تصعيدها.
يبدأ تقسيم الأفواج بالمناداة على كل عائلة أسير/ة باسم الأخير لكي يتم تحديد الفوج الذي ستزور فيه العائلة، يعقبها محاولات الأهالي إدخال ما هو مسموح لأبنائهم مثل الملابس ذات اللون والقماش المحدد والأموال والدُّخان وكل ذلك عبر شباك صغير وفي منطقة صغيرة لا تسع لعدد الزائرين، وغالبًا ما تكون مجاورة للحمامات ضمن هندسة المكان وذلك لإذلال الزائرين بشكل مضاعف، وقد تبوء محاولات إدخال الملابس بالفشل في الكثير من الأحيان بعد عناء الانتظار في طابور طويل، وقد لا يكون هناك سبب لذلك سوى التضييق المستمر بالتحجج بأن اللون أو القماش غير مسموح به أو أن اسم الأسير غير موجود.
مع بدء المناداة على الأفواج تبدأ المعاناة مع البوابات الدوارة وأول آلة تفتيش يمر جسد الفلسطيني عنها، يعقبها أصوات الجنود المرتفعة بالصراخ. يقسم النساء والرجال للدخول إلى غرف التفتيش كلٌ على حدة. في غرفة التفتيش تفتش المجنداتُ النساءَ ويُفتش الجنودُ الرجالَ بآلة يمسكونها بأيديهم يمررونها حول أجساد الفلسطينيين، وفي حالات أخرى تصر المجندات على أن إحداهن ستُفتش تفتيشًا عاريًا، أو يصرّ المجندون على مثل ذلك مع الرجال، وفي ذلك انتهاك لجسد الفلسطيني. يتلوه آخر محطات ما قبل الزيارة وهي غرفة مشبعة بالعنف الملجوم، لا ينفك الزائرون عن ذكر مساوئها فما بين أنها آخر محطة وما يرافق ذلك من توتر نفسي، وما بين شكلها وهي غرفة صغيرة يجلس فيها الفوج الزائر قبل الولوج إلى قاعة الزيارة، هذه الغرفة الصغيرة تفتقر إلى أية وسيلة لدخول الهواء، وبلا شبابيك أو مكيّف، وعدد الكراسي فيها قليل، ولا يوجد فيها ماء، ولا أي شيء سوى أهالي الأسرى الذين قد ينتظرون فيها مدة تتجاوز الساعة.
مع فتح باب الغرفة ينطلق الأهالي في ممر نحو غرفة الزيارة، وهي عبارة عن غرفة مستطيلة، مقعد خشبي وبجانبه هاتفان للأهالي وقبالته زجاج يرون من خلاله الأسير ويتواصلون معه بالهاتف خمسًا وأربعين دقيقة ليست بالتمام والكمال، والهاتف دائم الانقطاع والتشويش. وقد وضع الاحتلال الزجاج منذ عدة سنوات، بعد أن كان الحاجز بين الأسير/ة وأهله/ا عبارة عن أسلاك فيها فتحات قد تؤدي إلى تلامس الأيدي بين الأسير/ة وذويه/ا. وقد يسمح الجنود بإدخال الأطفال ما دون سن معينة لرؤية ذويهم، أو يسمحون بالدخول لكبار السن في حالات أقلّ، وذلك بحذر وبعد تفتيشهم بدقة، وسط تنقل للجنود بين الأسرى والأهالي، ووضع القيود في أرجل الأسرى في بعض الأحيان.
يلتقي الأهالي والأسرى في غرفة الزيارة، وهي عبارة عن غرفة مستطيلة، مقعد خشبي وبجانبه هاتفان للأهالي وقبالته زجاج يرون من خلاله الأسير ويتواصلون معه بالهاتف خمسًا وأربعين دقيقة ليست بالتمام والكمال، والهاتف دائم الانقطاع والتشويش. وقد وضع الاحتلال الزجاج منذ عدة سنوات، بعد أن كان الحاجز بين الأسير/ة وأهله/ا عبارة عن أسلاك فيها فتحات قد تؤدي إلى تلامس الأيدي بين الأسير/ة وذويه/ا.
أهالي الأسرى وآليات الصمود
لا ينفك الفلسطيني عن محاولاته تحويل سياسات المشقة والذل والانكسار التي يمارسها الاحتلال عليه، إلى سبلٍ للمقاومة، في تعبير صارخٍ عن رفضه لهذه السياسات، ويمكن ملاحظة ذلك في تعاطي الأهالي مع الزيارة، فالزوار أغلبهم من النساء والأطفال، وذلك لأن النساء يحصلن في العادة على التصاريح بصورة أسرع بينما يواجَهُ الرجال في العادة بالمنع الأمني، ولابد أن نذكر هنا أن الزيارة تحدّد لأربعة أشخاص فتكون للأقرب فالأقرب. هذا التجمع الذي يغلب فيه النساء في ساحة مكان الزيارة يخلق جوًا حميميًا بينهن، فيَفردن سُفَر الطعام، ويأكلن سويًا، ويتبادلن همومهنَّ وقصصهنَّ، ثم يجدن العديد من نقاط الالتقاء في طبيعة حياتهنَّ ومعاناتهنَّ، فيخففن عن بعضهن، تستمر هذه العلاقة، وهي جزء من المقاومة الجمعية عبر الحديث، والمشاركة في الحالة الاجتماعية والسياسية تعود على هذا المجتمع بالروح المعنوية العالية، بشعورهن بأن الهمّ مشترك، وأن الصمود لم يعد هدفًا فقط بل واجبًا، خصوصًا عند سماعهن قصص الأخريات اللواتي لهن باع طويل في هذا الدرب وقد أصابهن خلاله بمصائب جلل لكنهنَّ يتمتعن بالقوة والصبر والثبات، وتمتد هذه المساحة إلى خارج إطار الزيارة فتصبح علاقات الصداقة والألفة بين تلك النسوة وأطفالهن محطة تخفيف للآلام، وصورًا من صور مواجهة الاستعمار الذي يريد أن يتحكم بحياة المستعمَرين، لكنهن يفاجئنه بأنهنن لا يمللن في استحداث طرق وآليات للصمود بدلًا من ذلك.
كل تلك التفاصيل، ومحاولات الكسر والإذلال، لا يخلو أمر الأهالي إزاءها من تفكير عابر بالكفّ عن الزيارة، إلا أنهم وما أن تنتهي الزيارة حتى يغيروا رأيهم، ويبدأوا بالحديث عن ما سيفعلونه في الزيارة القادمة. يتحول الحديث من تمركزه حول المعاناة وهي القسم الأكبر من زمان الزيارة ومكانها، إلى الحديث عن خمسٍ وأربعين دقيقة تملؤها المشاعر الجياشة، يكررون أحاديثها كي لا ينسوها، ويتغاضون بها عن المشقة التي لحقت بهم طوال اليوم والتي تترك داخلهم أثرًا عميقًا لكنّه يعلّق.
كل تلك التفاصيل، ومحاولات الكسر والإذلال، لا يخلو أمر الأهالي إزاءها من تفكير عابر بالكفّ عن الزيارة، إلا أنهم وما أن تنتهي الزيارة حتى يغيروا رأيهم، ويبدأوابالحديث عن ما سيفعلونه في الزيارة القادمة، في خمسٍ وأربعين دقيقة تملؤها المشاعر الجياشة.
خاتمة
دعتنا محاضِرة متميزة في أحد المساقات الجامعية أن نعلّق التعليق، وتقصد بذلك بأن الاستعمار يحاول تعليق حياة الفلسطيني باستمرار، في حين يجب على الفلسطيني أن يعلّق ذلك التعليق، وهذا الوصف الأمثل لحدث الزيارة الذي يهدف الاستعمار من خلاله إلى تعليق حياة الفلسطيني الذي يطمح لرؤية الأسير/ة بإذلاله، والتحكم فيه من خلال مسارات الزيارة كلها والتي تنعكس على حياته وطريقة تفكيره بها، لكنّ الفلسطيني لا يكل عن ابتكار آليات صموده ومقاومته.
[1]. تطلق العديد من الأدبيات الفلسطينية المهتمة بالقضية الفلسطينية مصطلح الاستعمار الاستيطاني على المشروع الصهيوني في فلسطين.
[2]. تحدث عنها المؤرخ الكاميروني أيشيل مبمبي Achille Mbembe. باستفاضة.
[3] للاستزادة حول العنف الملجوم بالإمكان قراءة مقالة: غادة المدبوح، مرثية شيرين أبو عاقلة.. المقاومة الملجومة: عندنا يولِد الميتُ الحيّ.