عقيدة ترامب والإمبريالية الجديدة لحركة "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا"

عقيدة ترامب والإمبريالية الجديدة لحركة "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا"
تحميل المادة

على سبيل التقديم..

تشكل مقالة "عقيدة ترامب والإمبريالية الجديدة لمشروع MAGA"، التي نُشرت في Monthly Review، لكاتبها جون بيلامي فوستر، مساهمة نوعية في تفكيك التصورات السائدة عن السياسة الخارجية الأميركية في عهد دونالد ترامب، خاصة تلك التي تحصر قراءتها بين مقولتي "الانعزالية" و"الشعبوية". المقال يوضح بجلاء أن ترامب لم يكن خصمًا للإمبريالية الأميركية، بل كان، على العكس، بصدد إعادة هندسة شكلها، عبر صيغة قومية وعدائية جديدة، تُزاوج بين التوسّع العسكري والاقتصادي من جهة، ونزعة معادية للعولمة الليبرالية من جهة أخرى. فالإمبريالية الترامبية ليست تراجعًا عن المشروع الإمبراطوري، بل هي صيغته الجديدة، الأكثر عنفًا ووضوحًا، في عالم ما بعد النيوليبرالية.

تكمن أهمية المقال في تقديمه إطارًا مفاهيميًا لفهم المشروع الترامبي، لا بوصفه انحرافًا عن المسار الأميركي التقليدي، بل كتعبير عن أزمة داخلية في بنية الرأسمالية الأميركية، حيث تبرز محاولات لاستعادة الهيمنة عبر إعادة تعريف "العدو"، سواء كان داخليًا (اليسار، الأقليات، المهاجرون، "النخبة المستيقظة") أو خارجيًا (الصين، إيران، حركات التحرر). ومن خلال تفكيك خطاب "أمريكا أولاً"، يبيّن المقال أن ترامب لم يكن يدعو إلى انسحاب من العالم، بل إلى السيطرة عليه بوسائل أكثر فجاجة، عبر فرض تعريفات جمركية، تهديدات عسكرية، وانسحاب من التزامات العولمة السابقة، وكل ذلك ضمن تصور لـ "سلام إمبراطوري" محروس بالقوة.

من جهة عربية وفلسطينية، تبدو ترجمة المقالة ونشرها أمرًا مهمًّا، لعدة أسباب. أولها أن المقال يكشف عن تحول جوهري في البنية الفكرية والاستراتيجية للهيمنة الأميركية، ما يتيح للقراء والباحثين رؤية أكثر دقة للعالم الذي يُعاد تشكيله من حولنا، خاصة مع صعود اليمين القومي في الغرب. ثانيًا، فإن المقال يُحاجج بأن الإمبريالية الترامبية تتغذى على تحالف غير مقدس بين رأس المال الأميركي وقاعدة اجتماعية محافظة ذات نزعات عنصرية واستعلائية، وهي القاعدة التي طالما بررت دعمًا مطلقًا لإسرائيل، وتُبدي استعدادًا لاستعمار شعوب الجنوب من جديد باسم "الردع" و"مكافحة الإرهاب" و"حماية الاقتصاد الأميركي". ثالثًا، فإن المقال يمثّل نموذجًا نادرًا لكتابة يسارية نقدية في سياق أميركي، تتفادى السذاجة الليبرالية من جهة، وتُقدّم أدوات تحليل مفيدة لحركات التحرر من جهة أخرى، مما يجعله مادة فكرية مناسبة للنشر في سياقات عربية تعاني من اختزال التحليل السياسي إلى ردود أفعال آنية أو شعاراتية.

لذلك، فإن ترجمة المقالة ونشرها في موقع عربي يُعدّ مساهمة معرفية واستراتيجية، تنقل النقاش من التلقّي السلبي للأحداث إلى فهم بنيوي لما يجري في صميم النظام العالمي، وتحديدًا في مركزه الأميركي.

التحرير

أحدث التحول الدراماتيكي في الإمبريالية الأمريكية خلال رئاسة دونالد ترامب، سواء في ولايته الأولى أو بشكل أعمق في الحالية، ارتباكًا وقلقًا هائلين داخل مراكز القوة المؤسسية. وقد تجلّى هذا التغير المفاجئ في السياسة الخارجية الأمريكية في التخلي عن النظام الدولي الليبرالي الذي أُنشئ تحت الهيمنة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك في الاستراتيجية طويلة الأمد لتوسيع الناتو وشنّ حرب بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا. كما أن فرض الرسوم الجمركية المرتفعة وتغيير الأولويات العسكرية قد وضع الولايات المتحدة في مواجهة حتى مع حلفائها التقليديين، بينما تتسارع الحرب الباردة الجديدة ضد الصين والجنوب العالمي.

لقد كان التحول في إسقاط القوة الأمريكية متطرفًا إلى درجةٍ أحدثت ارتباكًا كبيرًا، حتى إن بعض الشخصيات المرتبطة منذ زمن طويل باليسار وقعت في فخّ اعتبار ترامب انعزاليًا، ومعاديًا للعسكرة، وضد الإمبريالية. فمثلاً، يرى المفكر اليساري المتذمّر كريستيان بارينتي أن ترامب "ليس معاديًا للإمبريالية بالمعنى اليساري، بل هو انعزالي بالفطرة من نوع أمريكا أولًا"، وهدفه، "أكثر من أي رئيس حديث"، هو "تفكيك الإمبراطورية العالمية غير الرسمية لأمريكا"، والترويج لسياسة خارجية جديدة "معادية للعسكرة" و"معارضة للإمبراطورية".[1]

لكن، بعيدًا عن كونه معاديًا للإمبريالية، فإن التحول العالمي في علاقات الولايات المتحدة الخارجية تحت حكم ترامب هو نتيجة نهج قوموي متطرف في إدارة القوة العالمية، يستند إلى شرائح رئيسة من الطبقة الحاكمة، وخاصة احتكارات التكنولوجيا العالية، بالإضافة إلى أتباع ترامب من الطبقة المتوسطة الدنيا بنحو أساسي. ووفقًا لهذا المنظور النيُوفاشيّ الانتقامي، فإن الولايات المتحدة تشهد انحدارًا بوصفها قوة مهيمنة، وتواجه أعداء أقوياء: الماركسية الثقافية والمهاجرون "الغزاة" من الداخل، والصين والجنوب العالمي من الخارج، بينما تعوقها تحالفات ضعيفة وتابعة.

منذ الإدارة الأولى لترامب بعد انتخابات 2016، مثّل النظام تحولًا حادًا نحو اليمين على الصعيدين الدولي والمحلي. فعلى المستوى العالمي، يُفترض تركيز كل الموارد المتاحة على تحقيق مكاسب صفرية في القوة الأمريكية وهزيمة الصين بوصفها الخصم الناشئ. وهكذا، انطلقت الحرب الباردة الجديدة على الصين بشكل جدي في إدارة ترامب الأولى، بالتوازي مع اتجاه نحو التهدئة مع روسيا.[2] وعلى الرغم من أن إدارة جو بايدن واصلت الحرب بالوكالة المخططة مسبقًا ضد روسيا (والتي بدأت بانقلاب الميدان اليميني المدعوم من الولايات المتحدة في أوكرانيا عام 2014)، إلا أنها تبعت نهج الجمهوريين الترامبيين في الاستمرار في الحرب الباردة الجديدة ضد الصين، مما جعل واشنطن تواجه القوتين الأوروآسيويتين الكبريين في آنٍ واحد. وحالما عاد ترامب إلى السلطة، سعى إلى إنهاء الحرب بالوكالة التي يشنها الناتو في أوكرانيا، بينما التفت بشكل أكثر حسمًا إلى الصراع في آسيا. أما الشرق الأوسط، حيث يدعم نظام ترامب حاليًا سياسة إبادة صريحة -أي القضاء الكامل على الفلسطينيين في غزة باسم "السلام"- وفي الوقت نفسه يقصف اليمن ويزيد الضغط على إيران، فإنه يُنظر إليه بوصفه جبهة ثانوية مقارنة بالحرب الباردة الجديدة ضد الصين.[3]

إن الاستراتيجية الإمبريالية الجديدة الجذرية التي يمثلها نظام ترامب، لا سيما في تجليها الثاني، تقوم على فكرة "أمريكا أولًا". ويُعدّ هذا رفضًا للدور الأمريكي التقليدي كقوة عالمية مهيمنة لصالح إمبراطورية قوموية متطرفة تضع أمريكا في المركز. ويتجلى ذلك في الهجمات الأمريكية على المنظمات الدولية التي لا تهيمن عليها بالكامل أو التي يُفترض أنها تتحمل أعباءً غير متناسبة فيها، مثل الأمم المتحدة وحتى حلف الناتو. علاوة على ذلك، لم تعد العلاقات التجارية تُعامل بوصفها عمليات تبادل تعاونية (رغم أنها في الواقع غالبًا ما تصب في مصلحة الدول الغنية)، بل صارت يُنظر إليها بوصفها علاقات مصلحية يُحدّدها ميزان القوة الوطنية فحسب.

وفي هذا السياق، لا يُعدّ فرض إدارة ترامب للرسوم الجمركية على باقي دول العالم، بما في ذلك رسوم مرتفعة على نحو ستين دولة (كما في قائمة "يوم التحرير" الصادرة في 2 نيسان/ أبريل)، مجرد محاولة لتحقيق ميزة اقتصادية، بل يُنظر إليه بوصفها أداة قوة تهدف إلى ترسيخ الهيمنة الجيواقتصادية والجيوسياسية. فوفق استراتيجية "أمريكا أولًا"، تسعى واشنطن إلى انتزاع "الجزية" من حلفائها، الذين سيتوجب عليهم من الآن فصاعدًا الدفع بطريقة أو بأخرى مقابل الدعم العسكري الأمريكي، مما يؤدّي إلى أشكال جديدة من الصراع الإمبريالي الداخلي (أو ما بين القوى الإمبريالية).

وفي استهدافه للصين، يقترح ترامب ميزانية رسمية للإنفاق العسكري في السنة المالية المقبلة بزيادة تقارب 12% لتصل إلى تريليون دولار (مع العلم أن الإنفاق العسكري الفعلي عادةً ما يكون ضعف المستوى الرسمي).[4]

والنتيجة الأكثر احتمالًا لهذه التطورات -إن لم تُوقَف- هي دخولنا في "عصر جديد من الكوارث"، على غرار ثلاثينيات القرن العشرين، يتسم بالدمار الاقتصادي والبيئي والحروب.[5] ولن يؤدي ذلك إلى تعزيز الهيمنة الأمريكية بل إلى تسارع أفولها، مع تقويض هيمنة الدولار والمؤسسات الدولية التي طالما ارتكزت عليها القوة الأمريكية. وداخل نظام ترامب نفسه، ستؤدي محاولات إسقاط القوة الأمريكية عالميًا إلى تفاقم الصراع الداخلي بين رأسمالية الاحتكار المالي ذات المصالح الاقتصادية العالمية، وحركة "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا" ذات النزعة القومية الضيقة. وكل المحاولات للإبقاء على مثل هذا النظام الرجعي ستتطلب تصعيد القمع، بينما سيكون مستقبل العالم مرهونًا بحجم الانتفاضات التي يولّدها هذا القمع، سواء على المستوى الوطني أو العالمي.

عقيدة ترامب

من المفارقات أن أقوى الادعاءات وأكثرها إثارة للجدل فيما يخص الطابع السلمي والمعادي للإمبريالية لنظام ترامب قد جاءت من شخصيات يسارية سابقة مثل بارينتي. ففي مقال نشر عام 2023 على موقع كومباكت (الناطق باسم هيمنة حركة MAGA)، بعنوان "جريمة ترامب الحقيقية هي معارضته للإمبراطورية"، زعم بارينتي أن ترامب يمثل سياسة خارجية "معادية للبنتاغون" و"معادية للإمبريالية"، معبّرا عن "ازدراء مطلق لـ«مجمع الأمن القومي»".[6]

ومع ذلك، يبدو أن بارينتي نسي، في وصفه لترامب بأنه معادٍ للإمبريالية، البنية الكاملة للإمبريالية، والتي تتمحور حول الاستغلال/ الانتزاع العالمي والاستراتيجيات من أجل الهيمنة على العالم. لم يكتف ترامب بإدخال زيادات تاريخية في الإنفاق العسكري خلال إدارته الأولى واستخدام القوة الفتاكة دوليًا في مناسبات عديدة (بما في ذلك تخفيف القيود على قصف المدنيين)، بل، وهذا الأهم، أطلق الحرب الباردة الجديدة على الصين.[7] أما الإدارة الثانية لترامب، فهي تزيد مجددًا بنحو هائل من إنفاق البنتاغون وتروّج للصراع مع الصين على نطاق أوسع. إن ما يراه بارينتي وآخرون شكلاً من أشكال معاداة الإمبريالية، ليس إلا استراتيجية إمبريالية عالمية جديدة، على المستويين الوطني والدولي، تهدف إلى عكس مسار التراجع الأمريكي وهزيمة الصين. ويحظى هذا التوجه الاستراتيجي بدعم قوي داخل حركة MAGA التابعة لترامب، ومن جانب قطاعات من طبقة المليارديرات الرأسماليين الاحتكاريين، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا المتقدمة ورأس المال الخاص والطاقة، المتحالفة مع نظامه الشعبوي. وكما أشار الاقتصادي الماركسي الهندي البارز برابهات باتنايك، فإن سياسة ترامب الخارجية ليست ضد الإمبراطورية ولا عبثية، بل يمكن وصفها بأنها "استراتيجية إحياء الإمبريالية".[8]

تستند حركة MAGA الشعبوية الوطنية إلى رؤية مشبعة بالعنصرية للعالم، إذ تُعدّ الولايات المتحدة أمة مسيحية بيضاء ذات قدر محتوم. ووفقًا لهذا المنظور، وبعد أن وصلت الولايات المتحدة خلال تاريخها إلى مرتبة "الأمة الأولى تحت رعاية الرب" بحلول القرن العشرين، جرى تقويضها لاحقًا من الداخل والخارج، ما يتطلب بعثًا لمكانتها المفقودة.

وليس من قبيل المصادفة أن يعلّق ترامب في آذار/ مارس 2025 صورة للرئيس الأمريكي الحادي عشر جيمس ك. بولك في المكتب البيضاوي. فقد أشرف بولك على أكبر عملية استيلاء على أراضٍ في التاريخ الأمريكي من خلال الحرب المكسيكية-الأمريكية، فقد استولت واشنطن على أكثر من 500 ألف ميل مربع من الأراضي، بما في ذلك كاليفورنيا ومعظم جنوب الغرب، بالإضافة إلى ضم تكساس، والحصول على السيادة على مناطق متنازع عليها في شمال غرب المحيط الهادئ عبر معاهدة أوريغون.[9] أما طموحات ترامب الرنانة لضم غرينلاند، واستعادة قناة بنما، بل وحتى (رغم طابعها الخيالي) دمج كندا لتكون الولاية الأمريكية الحادية والخمسين -علاوة على إعادة تسمية خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"-  فهي جميعها تهدف إلى إحياء روح "الإمبراطورية الأمريكية الصاعدة".[10]

ولفهم استراتيجية النظام الإمبريالية لحركة MAGA، من الضروري دراسة "عقيدة ترامب". فعادةً ما يجري تحديد العقائد الرئاسية في السياسة الخارجية وتفصيلها من قبل وسائل الإعلام، استنادًا إلى تصريحات البيت الأبيض بشأن القضايا الخارجية الحساسة. غير أن عقيدة ترامب قد صيغت بالكامل من الداخل على يد مايكل أنطون، أحد أهم منظّري حركة MAGA، الذي شغل بين شباط/ فبراير 2017 ونيسان/ أبريل 2018 منصب عضو في مجلس الأمن القومي الأمريكي ونائب مساعد الرئيس لشؤون الاتصالات الاستراتيجية. ويشغل حاليًا منصب مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، وهو منصب يعادل وكيل وزارة. خلال إدارة ترامب الأولى، أُوكل إلى أنطون -بعد انتهاء عمله المباشر في البيت الأبيض- مهمة إضفاء التماسك على تصريحات ترامب المتعددة والمتناقضة ظاهريًا بشأن السياسة الخارجية.

وفي عام 2019، حينما كان يعمل محاضرًا وزميلًا بحثيًا في كلية هيلزديل ذات السيطرة التامة لحركة MAGA في ميشيغان، نشر أنطون مقالًا في مجلة فورين بوليسي مستندًا إلى محاضرة ألقاها في جامعة برينستون بعنوان "عقيدة ترامب"، والتي أصبحت البيان شبه الرسمي للتوجه الاستراتيجي العام لنظام MAGA.[11] كانت مهمة أنطون هي تعريف استراتيجية "أمريكا أولًا" لدى ترامب على أنها متوافقة مع الشعبوية الوطنية ومعاداة النزعة الدولية، ولكنها في الوقت ذاته عدوانية بما يكفي لتجسيد استراتيجية عالمية هجومية جديدة. وهكذا، شكّلت ما يُشار إليه بـ "الواقعية المبدئية"، المتجذرة في المصلحة الذاتية القومية، والمتوافقة مع التأويلات المحافظة لأفكار مفكرين مثل نيكولو مكيافيللي وتوماس هوبز. وقد وصف أنطون السياسة الخارجية والعسكرية لترامب في "عقيدة ترامب" بأنها معادية للإمبريالية لسببين. أولًا، لأن الإمبراطوريات بطبيعتها "متعددة الأعراق"، في حين أن سياسة ترامب تعارض تمامًا الرؤية متعددة الأعراق للمشروع الأمريكي. ثانيًا، لأن السياسة الإمبريالية التي انتهجها المحافظون الجدد كانت متحالفة مع العولمة، بينما كانت "عقيدة ترامب" نفيًا للعولمة الليبرالية. وتُنظر العولمة، في أيديولوجية MAGA، على أنها تخدم القوى الصاعدة مثل الصين، على حساب القوى الراسخة مثل الولايات المتحدة. ووفقًا لأنطون، فإن "عقيدة ترامب" كانت وطنية متسقة من جميع الجوانب: "الغنائم تؤول إلى الأمم المنتصرة".[12]

وقد صُوّرت هذه النزعة القومية المتسقة على أنها منسجمة تمامًا مع "الطبيعة البشرية". فإذا كان أرسطو قد قال -بحسب تعبير أنطون- إن الوحدات السياسية الثلاث هي "القبيلة [العرق]، والمدينة، والإمبراطورية"، فإن موقف ترامب كان يتمثل في تأكيد العرق الأمريكي والدولة الأمريكية بصيغة توسعية على المسرح العالمي، والتقليل من شأن الإمبراطورية متعددة الأعراق، ومن ثمّ "جعل أمريكا عظيمة مجددًا". وبهذا المعنى، استندت عقيدة ترامب إلى أربعة أعمدة: (1) الشعبوية الوطنية، (2) رفض الدولية الليبرالية، (3) القومية المتسقة لكل الدول، و(4) عودة الأمة إلى "الطبيعة" المتجانسة الكلاسيكية للعرق والدولة، في مقابل الطابع غير المتجانس للإمبراطورية متعددة الأعراق المعاصرة (وللعالم ككل). وكان العمود الرابع يشكّل تعريفًا عرقيًا- إثنيًا للهوية الوطنية، يقوم على قومية عرقية. وكما هو الحال مع "ثيراسيميكوس" في جمهورية أفلاطون، فإن الأساس الأخلاقي لعقيدة ترامب كان واضحًا وضوح الشمس: العدالة هي "مصلحة الأقوى".[13]

الإمبريالية الاقتصادية وعقيدة ترامب

في 2 نيسان/ أبريل 2025، أعلن ترامب، فيما وصفه بـ "إعلان الاستقلال الاقتصادي"، مستخدمًا صلاحيات الطوارئ الوطنية، فرض رسوم جمركية بنسبة 10٪ على جميع دول العالم، مع رسوم أعلى على نحو 60 دولة أو تكتلًا تجاريًا. شمل ذلك رسومًا جديدة بنسبة 34٪ على الصين (بالإضافة إلى الـ 20٪ السابقة، لتصبح 54٪)، و46٪ على فيتنام، و20٪ على الاتحاد الأوروبي. وبعد أن أعلنت الصين عن رسوم مضادة، رفع ترامب الزيادة التراكمية على الصين إلى 104٪، ثم صعّدها لاحقًا إلى 145٪. وفي بيان عدواني، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت إن أي دولة تختار "الرد" على الرسوم الأمريكية الجديدة ستُعتبَر مسؤولة عن "التصعيد"، ما سيدفع الولايات المتحدة إلى الصعود في سلّم التصعيد. وتؤدي هذه الإجراءات من إدارة ترامب إلى نشوب حرب تجارية وعملة عالمية، أي إلى ركود عالمي. وقد أحدثت استراتيجية الرسوم الجمركية الجديدة لحركة MAGA حالة من الذعر في وول ستريت، التي كانت حتى ذلك الحين داعمة بقوة لرئاسته، مما أدى إلى انقسام داخل الطبقة المالية الحاكمة مع تدهور الأوراق المالية. واضطر ترامب إلى تعليق بعض الرسوم، بينما زادها في الوقت نفسه على الصين. وقد احتُسِبت الرسوم بناءً على ما يُفترض أنه مطلوب لتحقيق توازن تجاري ثنائي مع كل دولة، وهي فكرة تفتقر لأي منطق اقتصادي مباشر، لكنها توفر أداة صريحة يخطط النظام لاستخدامها لتحقيق أهدافه الأوسع.[14]

اقتصاديًا، ترتبط عقيدة ترامب بما يُعرف بـ "القومية المحافظة"، والممثلة في مراكز أبحاث موالية لحركة MAGA، موجهة نحو الاستراتيجية الجيواقتصادية والجيوسياسية، مثل "أمريكان كومباس" و"معهد مانهاتن للبحوث السياسية"، إلى جانب صندوق التحوط المتحالف مع ترامب "هادسون باي كابيتال مانجمنت". مؤسس "أمريكان كومباس" وكبير اقتصادييه، أورين كاس، هو مستشار اقتصادي طويل الأمد ومرتبط بوزير خارجية ترامب الحالي ماركو روبيو. وتلقى "أمريكان كومباس" تمويلًا ضخمًا من "صندوق توماس د. كلينغنستاين"، وهو مؤسسة تقدر بمليارات الدولارات يُديرها المصرفي الاستثماري في وول ستريت توماس د. كلينغنستاين، وهو شريك في صندوق التحوط "كوهين-كلينغنستاين"، ورئيس مجلس إدارة (ومموّل رئيسي) لمعهد كليرمونت، مركز أبحاث MAGA الأبرز، وصهيوني، وناقد حاد لما يسميه "الشيوعية المستيقظة". من بين ممولي "أمريكان كومباس" أيضًا "مؤسسة عائلة والتون" و"مؤسسة ويليام وفلورا هيوليت".[15]

يُعدّ "أمريكان كومباس" واجهة القومية المحافظة في الاقتصاد، ويقدم رؤية واقعية نسبيًا حول الركود طويل الأمد ونزع التصنيع في الاقتصاد الأمريكي، إلى جانب معارضة قوية للتجارة الحرة ودعم متحمس للرسوم الجمركية.¹⁶[16] ومرتبط أيديولوجيًا بحركة MAGA، لعب دورًا رياديًا في تطوير استراتيجية اقتصادية للحرب الباردة الجديدة ضد "الصين الشيوعية". في تقريره لعام 2023 بعنوان "القطع الحاد مع الصين"، أشار إلى أن "أمريكا يجب أن تقطع علاقتها الاقتصادية مع الصين لحماية سوقها من تخريب الحزب الشيوعي الصيني". ويتضمن ذلك قطع العلاقات في مجالات الاستثمار وسلاسل الإمداد والاتفاقيات الاقتصادية الدولية. ويجب إنهاء جميع "تدفقات رأس المال، ونقل التكنولوجيا، والشراكات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين". محليًا، أعلن "أمريكان كومباس" الحرب على "رأس المال المستيقظ"، أي على أي محاولة لإدماج مفاهيم التنوع والعدالة والإدماج في ممارسات الشركات، وهو موقف يهدف بوضوح إلى الحفاظ على الهيمنة العرقية البيضاء.[17]

في داخل إدارة ترامب، يشرف بيتر نافارو، المستشار الأول للرئيس في شؤون التجارة والتصنيع، على استراتيجية الرسوم العالية. وكان نافارو في إدارة ترامب السابقة مديرًا لمكتب سياسة التجارة والتصنيع، وهو مؤيد شرس للحرب الاقتصادية (والعسكرية) ضد الصين، ومؤلف كتاب "حروب الصين القادمة" (2008)، ويرى في الرسوم الجمركية أداة أساسية في هذا السياق. وقد دافع عن أن الرسوم ستوفر تريليونات الدولارات من إيرادات الحكومة، مما يسمح لترامب بتخفيض الضرائب على الأثرياء. سُجن نافارو بتهمة ازدراء الكونغرس بسبب دوره في هجوم MAGA على الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير 2021.[18]

ومع ذلك، فإن الشخصية المحورية في توجيه الاستراتيجية الاقتصادية الدولية في إدارة ترامب الثانية هو ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين. وكان ميران مستشارًا كبيرًا سابقًا لوزارة الخزانة في الإدارة الأولى، ثم شغل منصب كبير استراتيجيي شركة "هادسون باي كابيتال مانجمنت"، وهي مستثمر مؤسسي كبير في "مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا"، التي تدير منصة "تروث سوشيال". ميران أيضًا زميل اقتصادي في معهد مانهاتن، ومؤلف كتاب دليل المستخدم لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي، الذي نُشر من قبل "هادسون باي" تزامنًا مع فوز ترامب بانتخابات 2024، وقدّم فيه خطة لاستخدام الرسوم العالية والضغط عبر المظلة الأمنية الأمريكية لإجبار الدول على قبول خفض كبير في قيمة الدولار الأمريكي، ضمن ما سُمّي بـ "اتفاق مار-إيه-لاغو". الهدف هو تحسين الوضع التجاري العالمي للولايات المتحدة على حساب شركائها التجاريين الرئيسيين. وهذه سياسة "أفقرْ جارك" على نطاق عالمي، تسعى الولايات المتحدة لفرضها على حلفائها وأعدائها المعلنين.[19]

النموذج لهذه الاستراتيجية الجيواقتصادية هو "اتفاق بلازا" لعام 1985، الذي جرى التوصل إليه بين الولايات المتحدة واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة وغيرها، والذي أتاح تخفيضًا متعمدًا ومتعدد الأطراف لقيمة الدولار. وكانت النتيجة التاريخية الأهم لهذا الاتفاق هي انفجار فقاعة اليابان المالية وبداية ركود اقتصادي عميق طويل الأمد، في اقتصاد كان حينها من بين الأكثر ديناميكية عالميًا. وبعد فترة وجيزة من اتفاق بلازا، اشترى ترامب فندق بلازا، ومن المؤكد أنه كان مفتونًا بالصفقة التي أُبرمت هناك (لكنه لاحقًا دفعه إلى الإفلاس). في عام 2025، ومع ذلك، فإن موقع الولايات المتحدة عالميًا أضعف بكثير من عام 1985، والدول التي تمتلك أكبر احتياطيات من العملات الأجنبية المقومة بالدولار ليست تحت مظلة الحماية العسكرية الأمريكية، ومن ثم لا يمكن الضغط عليها بسهولة.[20]

أشار ميران إلى أن اليابان والمملكة المتحدة وكندا والمكسيك يمكن بلا شك الضغط عليها بسهولة للامتثال للمصالح الأمريكية في هذا الصدد، لعدم امتلاكها بدائل حقيقية. على النقيض، لن توافق لا الصين (التي تملك حوالي 3 تريليونات دولار من الأصول الأمريكية) ولا الاتحاد الأوروبي، طواعية على اتفاق مماثل، فالصين تدرك تمامًا ما جرى لليابان بعد اتفاق بلازا. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، يتضمن مخطط ترامب إرغام هذه الدول على تحمل مزيد من تكاليف الحماية الأمنية الأمريكية، واستخدام ذلك ورقة مساومة، بالإضافة إلى فرض الرسوم العالية، لانتزاع اتفاق على خفض قيمة العملة. ويرى مستشارو ترامب الاقتصاديون المحافظون أن فرض الرسوم سيؤدي بداية إلى ارتفاع قيمة الدولار، كما حدث في الإدارة الأولى، مما سيقلل من بعض الآثار الاقتصادية السلبية، رغم أن النتيجة الفعلية حتى الآن كانت العكس، مع انخفاض قيمة الدولار.[21] ومع ذلك، فإن هذه الرسوم عامةً تُعدّ تضخمية، وقد تؤدّي إلى تفاقم حالة الركود التضخمي. وعلاوة على ذلك، فإن خفض قيمة الدولار (وليس رفعه) هو الهدف الرئيس من سياسة الرسوم وفقًا لاتفاق مار-إيه-لاغو المنشود، ما يؤدّي إلى رفع أسعار الواردات التي يدفعها المستهلك الأمريكي.[22]

في سياق اتفاق مار-إيه-لاغو المنشود، تُعدّ رسوم ترامب نوعًا من الابتزاز، حيث سيُخفض مستواها إذا التزمت الدول ببيع الدولار مقابل "سندات القرن" الأمريكية، أي السندات التي تستحق بعد مئة عام، وعادةً ما تكون ذات فوائد منخفضة. وسيساهم ذلك في خفض قيمة الدولار. ويُتوقع استخدام مزيج من الرسوم الجمركية والتخفيض المتعمد لقيمة الدولار، مع التركيز على الخيار الثاني، باعتباره وسيلة لتعزيز الصادرات وإعادة التصنيع. إلى جانب ميران، يدعم هذه السياسة بقوة وزير الخزانة بيسينت. ويشير ميران إلى أن اتفاق مار-إيه-لاغو سيُنتج "فاصلًا أقوى بكثير بين الصديق والعدو والشريك التجاري المحايد" بالنسبة للولايات المتحدة. فـ "الأصدقاء" سيقدّمون الجزية لواشنطن مقابل الدخول تحت المظلة الأمنية والاقتصادية الأمريكية، بينما سيُفرض على "الأعداء" رسوم مرتفعة وعقوبات اقتصادية، ويُهدَّدون بالعدوان العسكري.[23]

إن سياسة ترامب القومية الإمبريالية بأكملها، والتي بدأت حربًا تجارية وعملات عالمية، مقامرة ضخمة، إذ من المرجح أن تزعزع استقرار الاقتصادين الأمريكي والعالمي والمالية الدولية، ما يُسرّع محاولات دول، خصوصًا مجموعة بريكس+ (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا وغيرها)، للبحث عن بدائل للدولار.

تبدو إدارة ترامب غير قادرة على استيعاب واقع "معضلة تريفين" (التي سُمّيت على اسم الاقتصادي البلجيكي روبرت تريفين)، والتي تشير إلى أن عملة الاحتياط الدولية (كالدولار) تحتاج إلى استمرار العجز في الحساب الجاري من أجل توفير السيولة للعالم، بينما تؤدي هذه الديناميكية على المدى الطويل إلى تقويض الثقة بتلك العملة.[24] واستنادًا إلى هذه المعضلة، من المرجح أن تفشل استراتيجية ترامب، مما يسرّع من نهاية الدولار كعملة احتياط مهيمنة عالميًا، ويزيد من تقويض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية. وكما كتب الاقتصادي مايكل هادسون:

"يعتمد ترامب في محاولته لتمزيق الروابط والاعتماد المتبادل الحالي في التجارة والتمويل الدوليين على افتراض أن أمريكا ستخرج رابحة من هذا الفوضى. هذه الثقة تبرر استعداده لقطع الترابطات الجيوسياسية القائمة. يظن أن الاقتصاد الأمريكي كالثقب الأسود الكوني، أي مركز جاذبية قادر على جذب كل أموال وفوائض العالم الاقتصادية إليه. هذا هو الهدف الصريح لمبدأ «أمريكا أولًا». هذا ما يجعل برنامج ترامب إعلان حرب على بقية العالم."[25]

وفي الوقت ذاته، فإن تسليح الحلفاء الأمريكيين، إلى جانب الزيادة الهائلة في إنفاق البنتاغون والتهديدات العدائية الموجهة للأعداء المحددين، قد يؤدي إلى المزيد من تفشي الصراعات، مما يزيد من احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة. إن نهج واشنطن القائم على فرض الهيمنة على الحلفاء سيسبب توترات داخل النواة الإمبريالية التاريخية للرأسمالية العالمية، مما يولد تنافسًا متزايدًا بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقد دعمت الرأسمالية المالية الأمريكية ترامب حتى الآن، لكنها تمتلك مصالح اقتصادية عالمية. لذا، فإن هذه الرأسمالية تتعامل مع لعبة القوة الجمركية وإمكانية اتفاق مار-إيه-لاغو بتوجّس نابع من عدم اليقين.

تنسجم استراتيجية ترامب الإمبريالية القومية تمامًا مع آراء أتباعه من حركة MAGA، الذين لا يعارضون الإمبريالية والعسكرة، بل يعارضون بشدة ما يرونه عولمة ليبرالية على حساب الولايات المتحدة، إلى جانب حروب متردّدة ضد قوى صغيرة لا تؤتي بغنائم ظاهرة. ففي إدارته الأولى، وبّخ ترامب قادة هيئة الأركان المشتركة بشأن الحروب في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بسبب غياب الغنائم التي حصلت عليها الولايات المتحدة، قائلًا: "أين النفط اللعين؟"[26]

الفاشية الجديدة والإمبراطورية

التحولات الكبرى في السياسة الخارجية والعسكرية الأمريكية التي يجري تنفيذها في إطار "عقيدة ترامب" متجذّرة في اصطفافات طبقية جديدة مرتبطة بالفاشية الجديدة لحركة MAGA، وعلاقاتها الوثيقة -وإن كانت متناقضة- مع طبقة المليارديرات الحاكمة، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة ورأس المال الخاص والنفط. في النظرية الماركسية، تقوم الفاشية دائمًا على تحالف بين رأس المال الاحتكاري والطبقة الوسطى الدنيا/ الشرائح الدنيا. وهذه الأخيرة تتكون من أصحاب المشاريع الصغيرة، والملاك الصغار، ومديري الشركات من المستوى الأدنى، إلى جانب العناصر الدينية الأصولية والمزارعين الريفيين الصغار. كما تشمل بعض الشرائح المتميزة من الطبقة العاملة. وتتميز الطبقة الوسطى الدنيا بكونها بيضاء إلى حدٍّ كبير وعنصرية.

في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، جذب ترامب معظم الناخبين الذين لم يحصلوا على شهادة جامعية من أربع سنوات، وهي فئة تشمل غالبية من الطبقة الوسطى الدنيا والطبقة العاملة معًا. وتُظهر استطلاعات الخروج نفسها أنه فاز بأصوات كل من الطبقتين حسب الدخل، لكنه خسر بين أفقر الناخبين. ملايين ممن صوّتوا للديمقراطيين في 2020، ومعظمهم من الطبقة العاملة، اختاروا "حزب غير المصوّتين" في 2024.[27] وتبقى القاعدة المخلصة لترامب هي الطبقة الوسطى الدنيا، مع امتدادها إلى بعض العمال الأكثر امتيازًا.

تاريخيًا، تمثل الطبقة الوسطى الدنيا أو البرجوازية الصغيرة قطاعًا من السكان لا يميل فقط إلى تفوّق البيض، بل يتسم أيضًا بالبطركية والمحافظة الشديدة فيما يتعلق بالجنس والعلاقات الجندرية. إنها تمثل "الخلفية" الأيديولوجية للنظام الرأسمالي، وتُعبّأ في الأنظمة ذات النمط الفاشي على أساس أيديولوجيتها الفطرية، المرتبطة برؤية قومية انتقامية تهدف إلى "إعادة عظمة" الدولة القومية. إرنست بلوخ، وهو يكتب عن ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي، وصف هذه الفئات بأنها تتميز بـ "اللا-عصرية الرجعية"، التي تسعى لاستعادة ماضٍ آري مثالي.[28]

كما كتب فيل إيه. نيل عن الأساس الطبقي لشعبوية MAGA الوطنية في الولايات المتحدة في كتابه الهامش: المشهد الجديد للطبقة والصراع في أمريكا:

"يعمل الحزب الجمهوري على قاعدة متوازنة تقريبًا تضم النخب الريفية البيضاء من جهة، ومجموعة واسعة من المصالح الرأسمالية الصغيرة الحضرية أو شبه الحضرية من جهة أخرى… من الناحية المادية، يميل اليمين المتطرف إلى التجمع حول مصالح المالكين الصغار أو العمال المستقلين الذين لا يزالون ميسورين نسبيًا في مناطق الهامش… جوهر اليمين المتطرف المادي هو الضواحي المُبيّضة… التي تعمل حلقة وصل بين الحواضر وغير الحواضر، ما يسمح للمالكين الأثرياء وأصحاب الأعمال والشرطة والجنود والمقاولين المستقلين بتجنيد أفراد من مناطق الفقر الأبيض المجاورة… العنف يلعب دورًا مركزيًا هنا… فالعالم يمكن استعادته من خلال أفعال عنيفة خلاصية، قادرة على تسريع الانهيار واقتراب «المجتمع الحقيقي»".[29]

إن حركة MAGA الجماهيرية المتجذّرة في الطبقة الوسطى الدنيا/ المالكين الصغار، مدفوعة أيديولوجيًا بما تسميه "الحرب الأهلية الباردة" ضد النخب الليبرالية من الطبقة الوسطى العليا من فوق، وضد الطبقة العاملة من تحت. ويتجذر ذلك في معتقداتها القومية المتطرفة، وصلتها بـ "ديانة مالكي العبيد" لدى الإنجيليين البيض، وتمجيدها للتوسع الإمبريالي الأمريكي في الماضي، وتقديسها المتكرر للعنف المتطرف، ونزعاتها العنصرية والشوفينية، وأيديولوجيتها الذكورية القوية، وكل ذلك يتوافق تمامًا مع أيديولوجيا "أمريكا أولًا" في "عقيدة ترامب".[30] ويتضمن ذلك على الصعيد الدولي دعم تفكيك المساعدات الخارجية الأمريكية (عبر تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية)، ومعارضة الحرب بالوكالة في أوكرانيا، التي تُعدّ خدمة لمصالح النخب الأوروبية في صراع لا يفيد الولايات المتحدة، ويُبعدها عن أعدائها الآسيويين الأساسيين: الصين والعالم الإسلامي.[31]

أدّت القومية المسيحية في عالم MAGA الإنجيلي إلى دعم قوي لتحالف ترامب/ نتنياهو من أجل الإبادة/ الترحيل الكامل للفلسطينيين من غزة، على أن تحصل الولايات المتحدة في المقابل على حقوق اقتصادية مختلفة، بل وحتى ملكية -كما في خيال ترامب حول منتجع أمريكي على الريفييرا- إلى جانب عقود نفطية تفضيلية في القطاع.[32]

كما علّق جورج لوكاش حول شخصية تاريخية سابقة:

"رفض هتلر خطط آل هوهنتسولرن القديمة للاستعمار والتوسع. وانتقد بشدة محاولة استيعاب الشعوب المحتلة بالقوة من خلال التجرمن. ما دعا إليه هو الإبادة. وقد أوضح أن ‘التجرمن لا يمكن أن يُمارس إلا على الأرض، وليس على البشر’. أي أن الرايخ الألماني يجب أن يتمدد، ويغزو الأراضي الخصبة، ويطرد سكانها أو يقضي عليهم".[33]

بطريقة مشابهة إلى حدٍّ ما، يصرّ مركز "تجديد أمريكا" (CRA)، وهو مركز أبحاث MAGA أسّسه مدير ميزانية ترامب راسل فوت، على أن الفلسطينيين لا يمكن استيعابهم في إسرائيل أو الولايات المتحدة، ويجب إبادتهم/ ترحيلهم، وأن تُنتزع أرضهم بالكامل لتُسكَن من قبل شعوب أكثر "تحضّرًا". وبحسب المركز ذاته: "الممارسات الثقافية للفلسطينيين"، التي تفتقر إلى القيم الكونية، "تركّز في الغالب على مظالم ضد إسرائيل واليهود والولايات المتحدة، في مجتمع موجه جوهريًا نحو العنف والتطرف وعبادة الموت الحديثة". ولذا فهي "غير متوافقة" مع "قيمنا الجذرية في التاريخ الغربي والتفكير التوراتي".[34]

وزير الدفاع في حكومة ترامب، بيت هيغسيث، كثيرًا ما يمجّد الحروب الصليبية المسيحية ضد الإسلام في القرن الثاني عشر، مقترحًا أن يكون ترامب رئيسًا "صليبيًا". وقد وسم صدره بوشم "صليب القدس" (المعروف أيضًا باسم صليب الحملة الصليبية)، بالإضافة إلى وشم آخر على عضده يحمل شعار معركة صليبية. في كتابه الحملة الصليبية الأمريكية يوجد فصل بعنوان "لنجعل الصليبي عظيمًا مجددًا"، يشير إلى حرب ضد الإسلام؛ حملة صليبية يُفترض أن تمتد عالميًا لتشمل حربًا ضد "اليسار" وكل الآراء التي تَعُدّ المسيحيين "كفّارًا".[35]

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بدأ الحوثيون في اليمن، بقيادة أنصار الله، بقصف سفن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر ردًا على إبادة إسرائيل للفلسطينيين. وبعد ضربات "انتقامية" أمريكية وبريطانية، توسع القصف ليشمل سفنًا مرتبطة بأمريكا وبريطانيا. في 15 آذار/ مارس 2025، بدأت إدارة ترامب ضربات جوية واسعة النطاق على اليمن، واعدة بـ "حرب لا هوادة فيها"، مع تخفيف بعض القيود التي كانت إدارة بايدن قد فرضتها، مما جعلها حربًا أكثر فتكًا بالمدنيين. وصرّح ترامب بأن أنصار الله، الذين وصفهم بـ "البرابرة الحوثيين"، سيتم "إبادتهم بالكامل".[36]

تمجيد ترامب الرسمي لشخصية جيمس ك. بولك، المؤيد للعبودية والإمبراطورية، والذي يُعتبر أبرز "إنجازاته" الحرب المكسيكية-الأمريكية، يتوافق تمامًا مع أيديولوجيا MAGA الانتقامية. وفي هذا السياق ذاته، أعلنت إدارته أن على الولايات المتحدة استعادة قناة بنما، و"الحصول على غرينلاند" بأي وسيلة كانت.[37] وتُصر منشورات MAGA على أن التنازل عن قناة بنما لم يكن قانونيًا من الجانب البنمي، مما يجعل استعادتها من قبل الولايات المتحدة شرعيًا. وفي ظل هذه التهديدات، قدّمت بنما تنازلات، فانسحبت من مبادرة "الحزام والطريق"، وأعادت النظر في إدارة القناة من قبل شركات صينية. لكن واشنطن بقيادة ترامب اعتبرت ذلك غير كافٍ، وطالبت بالملكية والسيطرة المباشرة على منطقة القناة، وأمر ترامب الجيش الأمريكي بالتخطيط لغزو لاحتلالها. في نيسان/ أبريل 2025، تفاوضت الولايات المتحدة على اتفاق مع بنما يسمح لها بإعادة احتلال جميع قواعدها العسكرية السابقة في منطقة القناة، وتنقل حاليًا أعدادًا كبيرة من القوات إلى هناك، بينما ترفض الاعتراف بسيادة بنما على القناة. وقد وصف منتقدون بنميون هذا بأنه "غزو مقنّع" استولت فيه الولايات المتحدة على منطقة القناة "دون إطلاق رصاصة".[38]

وفي الوقت نفسه، تمارس إدارة ترامب جميع أشكال الضغط للاستحواذ على غرينلاند، بما في ذلك عرض شراء متوقّع يُقدَّم للسكان. وتجادل أيديولوجيا MAGA بأن غرينلاند تقع في نصف الكرة الغربي، لذا فهي تقع ضمن "نطاق النفوذ" الأمريكي كما حددته "عقيدة مونرو"، ومن ثمّ لا ينبغي أن تكون أرضًا تتمتع بالحكم الذاتي تابعة للدنمارك. ويُقال إن موارد غرينلاند الهائلة وموقعها الاستراتيجي يجعلانها جاهزة "لقرن أمريكي قطبي جديد".[39]

في محاولة مستمرة للإطاحة بجمهورية فنزويلا البوليفارية، هددت إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25٪ على أي دولة في العالم تشتري النفط من فنزويلا.[40] وتحت إدارة روبيو، شرعت وزارة الخارجية بفرض عقوبات على الدول التي تعاقدت على خدمات طبية من كوبا، ومنعت منح التأشيرات للمسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين الذين يعملون مع الأطباء الكوبيين أو يدعمونهم. وتملك كوبا أكثر من 24 ألف طبيب يعملون في 56 دولة حول العالم، معظمها في الجنوب العالمي، يقدمون مساعدات طبية حيوية. وزعمت واشنطن، بشكل عبثي، أن هؤلاء الأطباء يمثلون "عمالة قسرية" ويشكّلون جزءًا من "الاتجار بالبشر".[41]

إن تفوّق العرق الأبيض المتجذر في السياسة الخارجية لحركة MAGA التي يقودها ترامب يظهر بنحو خاص في الهجمات على حكومة جنوب أفريقيا. ففي رد فعل على قانون إصلاح الأراضي في جنوب أفريقيا، الذي يسعى لمعالجة متأخرة لنتائج الاستعمار والفصل العنصري في بلد لا تزال فيه أقلية بيضاء تمثل نحو 7٪ من السكان تملك حوالي 72٪ من الأراضي، اتهم ترامب وروبيو وإيلون ماسك جنوب أفريقيا بالعنصرية ضد البيض. وتزامن ذلك مع انتقادات لدور جنوب أفريقيا في رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وفي حكم أولي، قررت المحكمة لصالح جنوب أفريقيا وضد إسرائيل.[42]

ادعى ترامب كذبًا أن الحكومة في بريتوريا تصادر الأراضي من البيض دون تعويض أو سبل قانونية للرد، وزعم أن ما يُسمّى "اللاجئين البيض" من جنوب أفريقيا هم "ضحايا تمييز عنصري غير عادل"، وأنهم سيكونون موضع ترحيب في الولايات المتحدة. تبعه روبيو باتهام جنوب أفريقيا بأنها تصادر الملكية الخاصة بنحو غير عادل. أما ماسك، الذي وُلِد ونشأ في جنوب أفريقيا إبان نظام الفصل العنصري، فقد روج لأسطورة "إبادة جماعية" تستهدف المزارعين البيض، مشيرًا زورًا إلى قوانين ملكية عنصرية ضد البيض و"قتل واسع النطاق للمزارعين [البيض]". واستنادًا إلى هذه المزاعم الزائفة، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا بوقف جميع المساعدات المالية إلى جنوب أفريقيا، والتي كانت معظمها تُخصَّص لمكافحة فيروس الإيدز. كما طرد روبيو السفير الجنوب أفريقي لدى الولايات المتحدة، إبراهيم رسول، بعد أن نشرت منصة "برايتبارت" الموالية لحركة MAGA خبرًا عن محاضرة ألقاها رسول في ندوة إلكترونية نظّمها مركز أبحاث جنوب أفريقي. وفي تلك المحاضرة، تحدث رسول، بحسب وكالة أسوشييتد برس، "بلغة أكاديمية عن قمع إدارة ترامب لبرامج التنوع والعدالة والهجرة، وأشار إلى إمكانية أن تصبح الولايات المتحدة بلدًا لا يشكّل فيه البيض أغلبية قريبًا".[43]

مرشح ترامب لمنصب السفير في جنوب أفريقيا، إل. برنت بوزيل الثالث، هو ابن شقيق المحرر المحافظ في مجلة ناشونال ريفيو ويليام إف. بكلي الابن، ومؤسس "مركز بحوث الإعلام" اليميني. يُعرف بوزيل الثالث بتفوقه العرقي الأبيض ودفاعه عن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عندما كان رئيسًا للجنة العمل السياسي الوطني المحافظ، حيث صرح حينها بأنه "فخور بانضمامه إلى التحالف ضد إرهاب المؤتمر الوطني الأفريقي [ANC]". كما أدلى بوزيل الثالث بتصريح عنصري وصف فيه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بأنه "يبدو كمدمن هيروين هزيل من الأحياء الفقيرة". ابنه، إل. برنت بوزيل الرابع، كان من أنصار MAGA الذين اعتُقلوا لمشاركتهم في اقتحام الكابيتول يوم 6 كانون الثاني/ يناير 2021.[44]

تتجلى أيديولوجيا MAGA أيضًا في انسحاب إدارة ترامب من اتفاق باريس لعام 2015 بشأن تغير المناخ، ومن منظمة الصحة العالمية، بزعم أن هذه الخطوات ضرورية لاستعادة "السيادة" الأمريكية.[45] وتمتد أيديولوجية "أمريكا أولًا" الإمبريالية لترامب خارج الحدود، إذ تطالب بأن تلتزم الشركات الأوروبية بأوامره التنفيذية التي تنصّ على إزالة جميع البنود المتعلقة بالتنوع والعدالة والإدماج (DEI) إذا أرادت التعامل مع الولايات المتحدة.[46]

وقد أدّت الطبيعة المتطرفة لهذه المواقف إلى إبعاد إدارة ترامب عن "مجلس العلاقات الخارجية" (CFR)، المعروف بأنه "العقل الاستراتيجي للإمبراطورية" و"مركز أبحاث وول ستريت". وكان هذا المجلس الثنائي الحزبية قوة مهيمنة في الاستراتيجية الجيوسياسية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.[47] وفي انعكاس لمشاعر MAGA العامة، اتهم هيغسيث المجلس بالعولمة الليبرالية في رسالة استقالة من عضويته.[48] أما جيمس إم. ليندسي، فكتب في CFR من منظور عالمي، منتقدًا "عقيدة ترامب" باعتبارها "عودة مزعزعة" إلى "سياسات القوة ومناطق النفوذ في القرن التاسع عشر". ووفقًا لليندسي، فإن ترامب يُتَّهَم باعتناق "رؤية ثوسيديدية للعالم؛ حيث يفعل الأقوياء ما يشاؤون، ويعاني الضعفاء ما لا بدّ لهم أن يعانوه". أما الليبراليون العالميون من أمثال ليندسي، فلا يعارضون الأهداف العامة لسياسة ترامب في الهيمنة العالمية، بل يعترضون على كونها فظة وغير فعالة مقارنة بأساليب المخططين الاستراتيجيين التقليديين للإمبراطورية الأمريكية.[49]

عقيدة ترامب والحرب على الصين

في عامي 2010–2011، أطلقت إدارة أوباما ما سمّته "التحوّل نحو آسيا"، والذي كان يهدف إلى تطويق الصين عسكريًا وجيواقتصاديًا. ومع ذلك، كانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت لا تزال تأمل في ظهور "غورباتشوف" صيني يُحدث تحوّلًا حاسمًا نحو الرأسمالية، بما يقوّض الحزب الشيوعي الصيني ويسمح للولايات المتحدة باستعادة تفوقها في آسيا. وبحلول عام 2015، أصبح من الواضح أن هذه الآمال التي عقدها كبار مخطّطي الإمبريالية الأمريكية قد خابت، وأن صعود شي جين بينغ إلى رئاسة الحزب الشيوعي الصيني ورئاسة جمهورية الصين الشعبية مثّل تجديدًا لما يُعرف بـ "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية". ومن هنا، كان المخطّطون الجمهوريون المحيطون بترامب في إدارته الأولى هم من أطلقوا الحرب الباردة الجديدة على الصين، إلى جانب محاولة تحقيق تهدئة مع روسيا، وكل ذلك بهدف احتواء بكين وهزيمتها.[50]

في عهد إدارة بايدن، بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2020، حدث تحوّل مرة أخرى نحو الاستراتيجية الإمبريالية طويلة الأمد المتمثلة في توسيع الناتو شرقًا حتى أوكرانيا، وهي استراتيجية كان قد وُضع أساسها مسبقًا من خلال الانقلاب اليميني المدعوم من الولايات المتحدة في ساحة ميدان، والذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيًا فيكتور يانوكوفيتش عام 2014، وتبعه اندلاع حرب أهلية في أوكرانيا. وفي عام 2022، بعد ثماني سنوات من سفك الدماء وتجاهل كييف لاتفاقيات مينسك للسلام التي أقرت وضع منطقة دونباس إقليمًا ذاتي الحكم، توسعت الحرب الأهلية إلى حرب بالوكالة شاملة بين الناتو وروسيا، مع تدخل موسكو إلى جانب سكان دونباس الناطقين بالروسية على حدودها، استباقًا لهجوم كانت كييف تستعد له.[51] ومع ذلك، ورغم انخراطها في حرب بالوكالة كبيرة مع روسيا في أوكرانيا، قدمت خلالها الولايات المتحدة/ الناتو دعمًا عسكريًا ولوجستيًا هائلًا، فإن إدارة بايدن واصلت الدفع قدمًا في الحرب الباردة الجديدة على الصين التي أطلقها ترامب، ما جعلها تهدد روسيا والصين في الوقت ذاته.[52]

ومع إعادة انتخاب ترامب عام 2024، عادت السياسة الأمريكية إلى محاولة إنهاء الحرب الأمريكية بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا من أجل تركيز الاستراتيجية الإمبريالية الكبرى على الهدف الأوحد: كبح صعود الصين. وفيما بات يُعرف بـ "استراتيجية كيسنجر المعكوسة"، تسعى إدارة ترامب مرة أخرى لإقامة تهدئة مع روسيا بهدف تفكيك التحالف بين القوتين العظميين في أوراسيا.[53] وتشنّ حكومة MAGA الحرب الباردة الجديدة على الصين على نحو متزايد من العدائية، عبر تسريع الإنفاق العسكري، وتحويل الموارد الوطنية بعيدًا عن أولويات خارجية ومحلية أخرى، وتسليح جميع الوسائل الاقتصادية والتكنولوجية، ترافقها موجة جديدة من "المكارثية". ويجري ذلك في جزء من حملة صليبية مشحونة عنصريًا ضد جميع المهاجرين و"الأجانب" وداعمي فلسطين والصين وغير الغربيين عمومًا، مصحوبة بعمليات ترحيل تستند إلى دوافع سياسية، في بعض الحالات إلى معسكرات اعتقال في الخارج.[54]

روبيو، الأيديولوجي المعادي بشدة للشيوعية، صرّح في جلسات استماع مجلس الشيوخ بشأن ترشيحه بأن الصين "غشّت للوصول إلى مكانة القوة العظمى" على حساب الولايات المتحدة. أما هيغسيث، فقد صرّح بأن "الصين الشيوعية… تعيش على الطغيان والسرقة والخداع" وهي العدو الرئيس للولايات المتحدة. وبصفته وزير الدفاع، أعلن أن واشنطن "مستعدة" للحرب مع بكين، رغم أنها تدّعي أنها لا تزال ترغب بتجنبها. أما مستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، الذي أُقيل في أيار/ مايو بسبب فضيحة تطبيق "سيغنال"، فقد أشار صراحة إلى "حرب باردة" مع الصين، واعتبر "الحزب الشيوعي الصيني" العدو الرئيس لواشنطن.[55]

لفهم الأبعاد الاستراتيجية للحرب الباردة الأمريكية على الصين، والمخاطر التي تطرحها لاندلاع حرب ساخنة، من المهم إدراك طبيعة استراتيجية "الضربة المقابلة" وفكرة الحرب النووية المحدودة بين القوى العظمى. فالتصور الأصلي للحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية كان أن القوى النووية العظمى لا يمكنها خوض حرب ساخنة مباشرة دون دمار متبادل مؤكد (MAD)، لذا كان لا بد من خوض صراعات حول العالم دون الوصول إلى المواجهة المباشرة. وبناءً عليه، تأسست السياسة النووية الأمريكية لعقود على مبدأ "الدمار المتبادل المؤكد"، ما جعل استخدام الأسلحة النووية أمرًا غير وارد، والحرب النووية غير قابلة للتفكير. وكان هذا مصحوبًا بمقاربة "تقليلية" في تسليح الترسانة النووية. لكن بحلول الثمانينيات، تغيّر الموقف الأمريكي النووي إلى عقيدة قصوى قائمة على الضربة المقابلة، تهدف إلى جعل استخدام الأسلحة النووية ممكنًا مرة أخرى، وجعل الحرب النووية خيارًا قابلًا للتصور. وتهدف هذه العقيدة بالأساس إلى تطوير قدرة على "الضربة الأولى" أو "الهيمنة النووية" (أي قدرة واشنطن على تدمير قدرة العدو على الرد في حال توجيه ضربة أولى). أما الهدف الثانوي  -لا سيما إذا تبين أن الهيمنة النووية بعيدة المنال- فهو شنّ حرب نووية محدودة تسيطر فيها الولايات المتحدة على كل درجات التصعيد. وفي إطار هذه الحرب النووية المحدودة، يُفترض أن تتمكن الولايات المتحدة من هزيمة خصمها من القوى العظمى وإجباره على التراجع، دون الوصول إلى كارثة نووية شاملة.[56]

في أوساط التخطيط الاستراتيجي الأمريكي اليوم، يُعتبر إلبرج أ. كولبي المنظّر الأبرز لفكرة الحرب النووية المحدودة مع الصين، والتي يُفترض أن تقع على الأرجح حول تايوان. وكولبي هو وكيل وزارة الدفاع لسياسات الدفاع في إدارة ترامب، وتلقى تعليمه في جامعة هارفرد، وهو حفيد مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق ويليام كولبي. وقد شغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستراتيجية وتطوير القوة في إدارة ترامب الأولى، وكان المؤلف الرئيس لاستراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية لعام 2018. وبعد إدارة ترامب الأولى، شارك في تأسيس مركز أبحاث استراتيجي باسم "مبادرة ماراثون"، ونسج علاقات قوية مع مؤسسة هيريتج.[57]

وقد قوبل ترشيح كولبي بمعارضة قوية من قبل المحافظين الجدد الجمهوريين (وكذلك الديمقراطيين)، بسبب ما اعتُبر موقفًا متراخيًا تجاه إيران ومنطقة الشرق الأوسط. ويرتبط ذلك برؤيته التي تعتبر الصين التهديد الحقيقي، وأن على آلة الحرب الأمريكية أن تركز تركيزًا صارمًا على منطقة المحيطين الهندي والهادئ حتى ولو كان ذلك على حساب مسارح أخرى. وفي هذا السياق، حظي كولبي بدعم كامل من حركة MAGA، بما في ذلك نائب الرئيس الأمريكي ج. د. فانس، والملياردير الكبير و"قيصر الدوج كوين" ماسك، وتشارلي كيرك، رئيس منظمة "تيرننغ بوينت يو إس إيه"، ومجلة كومباكت، ورئيس مؤسسة هيريتج كيفن روبرتس، الذي شارك كولبي في كتابة مقال يدعو إلى تحويل تركيز واشنطن من أوكرانيا إلى الصين. ويُنظر إلى كولبي على نطاق واسع على أنه "واقعي" جمهوري على نمط هنري كيسنجر، ويُركز بنحو رئيس على ضرورة الاستعداد العدواني لحرب (نووية) محدودة مع الصين بشأن تايوان. وقد صنّفت استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2018، التي أشرف على إعدادها، الصين بوصفها العدو الرئيس، ولأول مرة في التاريخ، دمجت صراحة مفهوم الحرب النووية المحدودة في الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية العامة.[58]

يُنظر إلى كولبي في الأوساط الجيوسياسية والعسكرية على أنه أبرز مؤيد لما يُعرف بـ "استراتيجية الإنكار" الموجهة ضد الصين. وهي استراتيجية "حرب محدودة" قد تشمل استخدام القوة العسكرية غير الاستراتيجية بالكامل إلى جانب أسلحة الضربة المقابلة، وفقًا لـ "عقيدة شليسنجر" (المسماة على اسم وزير دفاع نيكسون، جيمس شليسنجر). ويصوغ كولبي حجته انطلاقًا من سيناريو هجوم وشيك من قبل جمهورية الصين الشعبية على تايوان (التي يُعترف بها دوليًا، بما في ذلك واشنطن، كجزء ذاتي الحكم من الصين). ويبدأ بالإقرار بأن الولايات المتحدة لم تعد تستطيع الاعتماد على الهيمنة العسكرية المطلقة، لا عالميًا ولا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ويرى أن "حربًا وقائية" من جانب الولايات المتحدة ضد الصين بشأن تايوان -على غرار العديد من الحروب الإمبريالية الأمريكية في الماضي- يجب تجنبها، لأن الصين، مثل الولايات المتحدة، تمتلك ترسانة نووية ستبقى قادرة على الرد حتى بعد ضربة أولى. ومع ذلك، يدّعي كولبي أن الولايات المتحدة ما تزال تملك تفوقًا في قدرات الضربة المقابلة، ما يمنحها ميزة في مختلف مراحل التصعيد. فالدول، حسب تعبيره، لا تملك جميعها "خيارات جيدة للتصعيد التدريجي دون الوصول إلى المستوى الكارثي". واستراتيجية الإنكار تعني بذلك حرمان العدو من تحقيق أهدافه العسكرية، من خلال ضمان أن التصعيد للخروج من النزاع أو ملاحقة الولايات المتحدة في درجات التصعيد سيكون باهظ الكلفة إلى درجة لا تُحتمل.[59]

في حرب مع جمهورية الصين الشعبية حول تايوان، وبالاعتماد على "استراتيجية الإنكار"، يوضح كولبي أن واشنطن ستسعى لتجنّب استخدام الأسلحة النووية في ضربات لـ "تدمير المدن"، أو الهجمات على مراكز القيادة النووية، أو محاولات مباشرة لـ "قطع رأس" القيادة السياسية للصين. لا يمكن أن تكون هناك ضربة شاملة مفاجئة واحدة تُجبر الصين على استخدام كامل ترسانتها الرادعة. ومع ذلك، يرى كولبي أن بإمكان واشنطن كسب الحرب من خلال جعل تصعيد الصين إلى المستوى التالي أمرًا باهظ الكلفة. يشمل ذلك، في صعود الولايات المتحدة على سلّم التصعيد، شنّ هجمات على "البنية التحتية للنقل الداخلي في البر الصيني… ومواقع إنتاج وتوزيع الطاقة، وعُقد الاتصالات، والمطارات والموانئ"، إضافة إلى استهداف "القاعدة الصناعية، وإنتاج التكنولوجيا التجارية، والقطاع المالي"، وصولًا إلى هجمات ضد "قوات الإسقاط النووي" الصينية و"أهداف النظام السياسي"، أي الحزب الشيوعي الصيني نفسه. وإذا نجحت الصين في تأمين السيطرة على تايوان، وهو ما يُعتبر مرجحًا في مثل هذا الصراع، يرى كولبي أن على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لخوض حرب محدودة لـ "استعادتها"، في جزء من استراتيجية الإنكار العامة. وتشمل استراتيجية كولبي للإنكار، فيما يخص تايوان، تعزيز القدرات العسكرية لتايبيه، وسلسلة القواعد الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، وكذلك توسيع التحالفات العسكرية الأمريكية في المنطقة استعدادًا لحرب محدودة. وهذا، كما يرى، قد يتصاعد إلى حرب نووية محدودة، مع تجنّب نظري لتصعيد نووي شامل. وقد نصبت الولايات المتحدة مؤخرًا، تحت إدارة بايدن، صواريخ متوسطة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية في الفلبين، يمكنها ضرب البر الصيني.[60]

جزء حاسم من هذا التفكير المُسمى بـ "الدفاعي" هو أن الولايات المتحدة، بفضل انتشارها المتقدم، ستكون في موقع يسمح لها بمهاجمة البر الصيني بقوات إقليمية وصواريخ متوسطة المدى، بينما ستكون خيارات الصين للرد بالمثل محدودة -ما لم تلجأ لاستخدام صواريخ باليستية عابرة للقارات (ICBMs) قادرة على الوصول إلى الأراضي الأمريكية- ومن ثم ستضطر للاستهداف المحدود، مثل القاعدة العسكرية الأمريكية الكبرى في غوام. وإذا ردّت الصين فعليًا بهجمات ICBMs على الأراضي الأمريكية ردًا على الهجمات الأمريكية على برها الرئيس، فإن ذلك قد يفتح الباب أمام تبادل نووي حراري عالمي شامل. وبحسب كولبي، يجب على واشنطن، حتى في حرب نووية محدودة، أن تسعى لإلحاق ضرر كافٍ ببر الصين الرئيس لإجبار بكين على قبول النصر الأمريكي، دون الوصول إلى مستوى يُجبر الصين على مهاجمة الأراضي الأمريكية؛ لأن هذا سيكون على الأرجح بداية لكارثة عالمية.

تركّز استراتيجية كولبي، الخطرة والمتخيلة إلى حد كبير، على نحو غير عقلاني على حرب محدودة مع الصين، والتي، بحسب تصوره، ستتطور على الأرجح إلى حرب نووية محدودة. ويُؤكّد، بإرادة سياسية واضحة، أن بإمكان الولايات المتحدة التحكم في تصعيد الصين وتقييده من خلال سيطرتها على كل درجة من درجات سلّم التصعيد، مما يؤدي إلى "إنهاء الحرب" وتحقيق نصر نهائي للولايات المتحدة.

تُعرف استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2018، التي استندت إلى حد كبير إلى صياغة كولبي، أحيانًا باسم "السلام من خلال القوة". وقد بُنيت على أساس الاستعداد لخوض حرب نووية محدودة مع الصين، بافتراض أن النصر يمكن تحقيقه من خلال "الأداء المتفوّق ضمن مجموعة من القواعد"، دون الوصول إلى نهاية نووية كارثية لكل الأطراف.[61] ومع ذلك، فإن المنطق يُشير إلى أن استراتيجية كولبي للإنكار، التي تنطوي على هجمات أمريكية على البر الصيني، من المحتمل أن تتصاعد إلى هجمات على أهداف استراتيجية/ نووية، ما يزيد بشدة من احتمال الوصول إلى "الدمار المتبادل المؤكد" (MAD) بوصفه النتيجة النهائية. وسيؤدي أي تبادل نووي حراري شامل إلى إبادة شبه كاملة للبشرية، بسبب الحرائق العملاقة في مئات المدن، والدخان والسخام المتصاعد إلى الستراتوسفير، وبداية شتاء نووي.[62]

في جلسات تثبيته في مجلس الشيوخ، صرّح روبيو بشكل قاطع أن الصين ستغزو تايوان خلال هذا العقد ما لم تكن عواقب هذا التدخل العسكري باهظة جدًا، مستخدمًا مصطلح "استراتيجية القنفذ" لوصف استراتيجية الإنكار. وقد جادل بأن تايوان يجب أن تكون مسلّحة حتى الأسنان، وأن على الجيش الأمريكي أن يكون مستعدًا لمنع الصين من استئناف سيادتها القسرية على الجزيرة، عبر جعل هذا الخيار مكلفًا جدًا. وفي جلسة ترشيحه الخاصة، صرّح كولبي بأن على تايوان أن ترفع إنفاقها العسكري من أقل من 3٪ إلى 10٪ من ناتجها المحلي الإجمالي. وقد أشار مسؤولون أمريكيون مرارًا إلى غزو مخطط له من قبل الصين لتايوان قبل عام 2027، فيما يُعرف بـ "نافذة ديفيدسون"، استنادًا إلى تصريح في 2021 أدلى به قائد القيادة الأمريكية للمحيطين الهندي والهادئ المنتهية ولايته، الأدميرال فيل ديفيدسون (الذي عُيّن في عهد ترامب). ومع ذلك، لا يوجد أساس حقيقي لهذا الادعاء، سواء بالنسبة لتاريخ 2027 أو لنية الصين التدخل عسكريًا. ولا تزال السياسة الرسمية لبكين هي السعي إلى إعادة التوحيد السلمي عبر المضيق. وبحسب مجلة ديفينس نيوز، فإن حقيقة أن "واشنطن أصبحت مهووسة" بفكرة غزو صيني لتايوان بحلول 2027 أثرت في السياسة الأمنية والعسكرية الأمريكية تجاه الصين، مما أدى إلى توترات إضافية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.[63]

ومن غير المفاجئ، أن العمليات العسكرية الأمريكية، وإن قُدّمت دومًا تحت شعار "الدفاع"، فإنها ترافق دومًا بتصريح أن الولايات المتحدة، ضمن موقفها النووي الرسمي، مستعدة لتنفيذ ضربة نووية أولى، وهو خيار "مطروح دائمًا". وكما قال ماسك، أكبر مقاول عسكري في البنتاغون، في مقابلة أجراها عام 2024 مع ترامب: "المحرقة النووية ليست مرعبة كما يظن الناس". وأضاف: "هيروشيما وناغازاكي قُصفتا، لكنهما الآن مدينتان مكتظتان مجددًا". فردّ عليه ترامب: "هذا رائع، هذا رائع".[64]

أكثر مبادرات ترامب العسكرية مبالغةً وسخافة هي "القبة الذهبية"، المصمّمة لحماية الولايات المتحدة من الصواريخ القادمة. وتشمل مراحلها الأولية تحسين اعتراضات الصواريخ الأرضية، لكن التركيز الرئيس ينصب على تطوير آلاف الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي المزوّدة بصواريخ فرط صوتية. ويبدو أن الصدارة في الحصول على عقود بناء "القبة الذهبية" تعود حاليًا إلى شركة ماسك "سبيس إكس"، التي تهيمن على قطاع الأقمار الصناعية الصغيرة والإطلاقات الفضائية، وهي المقاول الدفاعي الأساس للولايات المتحدة في تسليح الفضاء. كما أن شركة "كاستيليون"، وهي واجهة تابعة لـ "سبيس إكس" يقودها موظفون سابقون، تركز على تطوير الصواريخ الفرط صوتية. ومن المنافسين الرئيسيين الآخرين للحصول على عقود "القبة الذهبية" شركة "بوز ألين هاملتون"، المتخصصة في الدفاع، والتي طرحت مشروعًا باسم "الأسراب الذكية" يتضمن كوكبة من الأقمار الصناعية على عشرين مدارًا، على ارتفاع ثلاثمئة كيلومتر، تدار بالذكاء الاصطناعي، بحيث يكون كل قمر بمثابة مركبة قتالية.[65]

ورغم أن "القبة الذهبية" المتصورة لترامب يجري تسويقها على أنها درع دفاعي لحماية سكان الولايات المتحدة من الإبادة النووية، فإن هدفها الرئيس هجومي، إذ ستمنح الولايات المتحدة، في حال أمكن حمايتها من الصواريخ القادمة، قدرة على الضربة الأولى أو الهيمنة النووية تتيح لها تدمير الصواريخ الباقية التي تنجو من ضربة أولى ضد قوة نووية أخرى. لكن مثل هذا النظام سيكون عديم الفائدة تمامًا ضد هجوم نووي شامل من قوة عظمى أخرى، لأنه سيشترك في نقاط ضعف جميع أنظمة الدفاع الصاروخي، بحيث يمكن التغلب عليه بسهولة بالعدد الكبير. علاوة على ذلك، فإن الصواريخ الأرضية دائمًا ما تكون أرخص وأسهل تصنيعًا من المعترضات الفضائية. وفي الواقع، ومن أجل الاستفادة من تفوق الولايات المتحدة في الضربة المقابلة وتسليح الفضاء، ولجعل درع "القبة الذهبية" قابلًا للتحقيق، طرح ترامب فكرة نزع سلاح استراتيجي يحد من عدد الرؤوس الحربية/ الصواريخ الباليستية على كلا الجانبين. ويرجع ذلك إلى أن أحد أبرز أساليب ضمان البقاء النووي، والوسيلة الرئيسة لاختراق دروع الصواريخ المصممة لتوفير القدرة على الضربة الأولى، هو كثرة عدد الصواريخ. في الواقع، من المرجّح أن يؤدي بناء ترامب لـ "القبة الذهبية" إلى جعل أي نزع سلاح نووي مستقبلي مستحيلًا، وبدلًا من ذلك سيطلق سباق تسلح نووي جديد.[66]

ورغم أن "القبة الذهبية" تهدف ظاهريًا لحماية الشعب الأمريكي من الإبادة النووية، فإن إدارة ترامب في الوقت ذاته تلغي جميع الجهود لحماية سكان الولايات المتحدة والعالم من الإبادة المرتبطة بالتغير المناخي. فلم تكتفِ حكومة MAGA بإلغاء جميع جهود الحكومة الفيدرالية للتخفيف من آثار تغير المناخ، بل أصدر ترامب في نيسان/ أبريل 2025 أمرًا تنفيذيًا يوجه المدعي العام الأمريكي لاتخاذ إجراءات تهدف إلى منع تطبيق جميع القوانين البيئية القائمة على مستوى الولايات والحكومات المحلية. وقد فعل ذلك ببساطة من خلال إصدار مرسوم يعتبر أن هذه الإجراءات غير قانونية وتنتهك سياسة إدارته.[67]

أمريكا أولًا / أمريكا فوق الجميع

جادل نعوم تشومسكي بنحو شهير بأن الدعاية في المجتمعات الديمقراطية يجب أن تكون أكثر تعقيدًا من نظيرتها في الدول السلطوية، إذ إنها في الحالة الأولى تجري خلف ظهور الناس، بالاعتماد على قيم داخلية متجذّرة وتواطؤ وسائل الإعلام، مستعملة جميع التقنيات المطوّرة في مجال الإعلان والتسويق، بينما في الحالة الثانية يمكن أن تكون فظة ومباشرة، تُفرض بالهراوة.[68] ومع ذلك، فإن الدعاية ذات الطراز الفاشي ضد مجموعات إثنية وشعوب كاملة، كما أظهرت ألمانيا النازية تحت حكم أدولف هتلر، قد تكون في أوج فعاليتها عندما تُقدَّم بنحو فجّ وصريح، معتمدةً لا على الهراوة، بل على تحفيز الجماهير على التماهي الصريح معها، حتى مع وعيهم بطابعها اللاإنساني والقسري، مستندةً إلى "غضب متراكم" تولّده الرأسمالية. وهنا تبلغ اللاعقلانية ذروتها. وكما كتب بلوخ، فإن رجال القمصان البنية النازيين كانوا "صادقين في شيء واحد فقط: فنّ عدم قول الحقيقة"، أي تراجع فاضح عن العقل.[69]

مثال جيد على هذه الدعاية اللاعقلانية هو الملصق النازي الشهير في تشرين الثاني/ نوفمبر 1933 والذي كُتب عليه: "مع أدولف هتلر، نعم للمساواة والسلام".[70] كان قد حُدِّد عدد الجيش الألماني بموجب معاهدة فرساي عام 1919 بمئة ألف جندي. وعندما رفضت عصبة الأمم الاستجابة لمطالب هتلر بإعادة تسليح البلاد، دعا هتلر إلى استفتاء شعبي في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1933، في الذكرى الخامسة عشرة لهدنة نهاية الحرب العالمية الأولى. كان الشعار النازي، كما في الملصق، دعوة لدعم هتلر من أجل "المساواة والسلام". طُلب من السكان دعم الفوهرر في مطالبته بالمساواة في المكانة للأمة الألمانية في قدرتها على خوض الحرب، إلى جانب وعد مصاحب بالسلام من خلال القوة. كان هذا كله جزءًا من محاولة لجعل ألمانيا عظيمة مرة أخرى بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ومهانة معاهدة فرساي.[71]

الدعاية ليست مجرد أكاذيب، بل يمكن أن تحدث أيضًا عندما يُستبعد الادّعاء بالحقيقة تمامًا. ففي الفلسفة المعاصرة، يُنظر إلى مفهوم "الهراء" (bullshit) بوصفه نوعًا من "التواصل الإقناعي، يتميّز عن الكذب، ولا يعبأ بالحقيقة أو المعرفة أو الدليل". ومن خلال إنهاء النقاش العقلاني، فإن "الهراء الخالص" غالبًا ما يكون أكثر فعالية من الدعاية القياسية، حتى من النوع الأورويلي، لأنه لا يكتفي بعكس الحقيقة، بل يُظهر ازدراءً صريحًا للحقيقة من أي نوع، ويعلن عن منظوره المتبجّح، المتعالي، والمراوغ.[72] ومن ثمّ، هو سلاح قوي في خدمة اللاعقلانية. وغالبًا ما يعتمد منكرو التغير المناخي على هذا النوع من "الهراء" في مواجهة العلم، وهم يفاخرون برفضهم للعقل نفسه.[73]

وعندما أعلن ترامب عن تعريفه لضرائب "يوم التحرير"، قال إن "بلدنا قد نُهب وسُلب، وتعرّض للاغتصاب والنهب على يد دول قريبة وبعيدة، سواء أصدقاء أم أعداء"، مستعملًا خطابًا مفرطًا ولاعقلانيًا لدرجة أنه لا يمكن اعتباره كذبًا بقدر ما هو "هراء خالص". لم يحاول حتى أن يبدو كأنه تمثيل دقيق للحقيقة، بل أظهر ازدراءً للعالم بأسره؛ وهو ما وصفه الاقتصادي الماركسي بول أ. باران، عند تحليله لشخصية "الرجل تحت الأرض" لدى دوستويفسكي، بأنه "يتقيّأ العقل".[74]

عندما صرّح ترامب في انتخابات 2024 في ديربورن، ميشيغان، بأنه "مرشح السلام"، ثم تابع قائلًا: "أنا السلام"، صدّقه بعضهم ببساطة، دون أن يدركوا أن هذا تصريح دعائي من زعيم حركة نازية جديدة، قومية متطرفة وعنصرية، مدعومة من أكثر قطاعات الطبقة الحاكمة الأمريكية محافظة.[75] وألمح خلال حملته الانتخابية إلى أن لديه خطة سرّية لإحلال السلام في غزة. وقد بدأ بتنفيذها فور دخوله البيت الأبيض باقتراح، بالتعاون مع نتنياهو، إبادة/ ترحيل كامل السكان الفلسطينيين في غزة: أي سلام القبور.

بعض اليساريين السابقين، مثل بارنتي، جادلوا بأن ترامب "انعزالي يضع أمريكا أولًا" ومعادٍ للإمبراطورية.[76] لكن في الحقيقة، كانت عبارة "أمريكا أولًا" تاريخيًا شعارًا إمبرياليًا، أقرب إلى الشعار النازي ألمانيا فوق الجميع (Deutschland über alles) منه إلى الانعزالية الأمريكية، التي هي في حد ذاتها أسطورة إلى حد كبير. كان شعار Deutschland über alles مأخوذًا من النشيد الوطني الألماني الذي تم تبنّيه في جمهورية فايمار، وكان يشير في الأصل إلى توحيد ألمانيا. لكن أعيد تفسيره واستُخدم شعارًا في الرايخ الثالث لهتلر، ليعبّر عن قدر ألماني محتوم للسيطرة على أوروبا. وبنحو مشابه، استُخدم شعار "أمريكا أولًا" لأول مرة من قبل وودرو ويلسون للدلالة على الحياد الأمريكي في الحرب العالمية الأولى؛ تمامًا قبل دخول الولايات المتحدة تلك الحرب. وفي ثلاثينيات القرن الماضي، وضع إمبراطور الإعلام ويليام راندولف هيرست شعار "أمريكا أولًا" في صدر صحفه، واحتفل بـ "الإنجاز العظيم" للنظام النازي في ألمانيا، وأجرى مقابلة شخصية مع هتلر. وتولى الطيار الشهير تشارلز ليندبرغ رئاسة لجنة "أمريكا أولًا" قبيل الحرب العالمية الثانية، وكان مؤيدًا لتفوّق العرق الآري ومعاديًا للسامية. وقد منحته ألمانيا النازية وسامًا تسلّمه من هيرمان غورينغ باسم هتلر. وقد دعت رابطة مناهضة التشهير ترامب إلى التخلّي عن شعار "أمريكا أولًا" بسبب خلفيته المؤيدة للنازية، لكنه واصل استخدامه في تعريف سياسته الخارجية.[77]

شعار ترامب "السلام من خلال القوة" له أصول في الإمبراطورية الرومانية. ويُقال إن الإمبراطور هادريان، المعروف ببناء جدار هادريان في مقاطعة بريطانيا الرومانية عام 122 ميلادي، هو أول من استخدمه. كان الغرض من الجدار حماية حدود الإمبراطورية الرومانية، في ذروة توسّعها، من "الغزاة البرابرة".[78] وعندما يبدأ التدهور الإمبراطوري، تصبح فكرة "الغزاة البرابرة" شائعة في كل مكان، ما يؤدي إلى المطالبة ببناء جدران حدودية و"قبب ذهبية". وتشير اللاعقلانية في عقيدة ترامب للهيمنة الأمريكية المتجددة، من خلال قومية عرقية هجومية، إلى ما وصفه إشتفان ميساروش بأنه "أخطر مراحل الإمبريالية على الإطلاق"، أي مرحلة الوحشية النووية المسلحة.[79]

كتب بلوخ عام 1935، أثناء ترسيخ النظام النازي، في كتاب تراث زماننا: "لقد بلغنا فعلًا الورقة الرابحة هنا بعد مئة عام من حركة العمال الألمان: لقد تحقق الوحش، وهو يُقحم العمال في قيود إلى الرايخ الذي يدوم ألف عام، إلى الرأسمالية المالية بوصفها مجتمعًا قوميًّا".[80] وفي عام 2025، تخضع الولايات المتحدة لحركة نازية جديدة ذات أهمية بالغة، حيث إن "الورقة الرابحة هنا"، بعد تاريخ طويل من النضال الديمقراطي المستند إلى حركات العمال، هي أن "الوحش قد تحقق"، يربط العمال شيئًا فشيئًا بـ "الرأسمالية المالية بوصفها مجتمعًا قوميًا"، وإلى حرب باردة جديدة ضد الصين والجنوب العالمي.

لقد انتقلت الطبقة الحاكمة المليارديرية في الولايات المتحدة -على طريق دعمها لإبادة إسرائيل للفلسطينيين واحتمال نشوب حرب مع الصين- من دعم الديمقراطية الليبرالية إلى الفاشية الجديدة، أو على الأقل إلى تحالف فاشي-نيوليبرالي. وقد حرّكت قطاعات رئيسة من الطبقة الرأسمالية الطبقة الوسطى الدنيا على أساس أيديولوجيا قومية ثأرية، يُنظر فيها إلى معظم شعوب العالم على أنهم أعداء. وتُنشأ الآن بُنى تهدف إلى إلغاء إمكانيات ثورة ديمقراطية جماهيرية من الأسفل أو عكس التوجهات المدمرة الراهنة. ولا توجد إلا حركة واحدة على وجه الأرض قادرة على قلب هذه التوجهات الخطيرة والمدمرة لصالح الإنسانية جمعاء: وهي الحركة العالمية نحو الاشتراكية، التي تُعدُّ بالضرورة أيضًا حركة مناهضة للإمبريالية. وأكبر خطأ يمكن ارتكابه في هذا الوضع الخطير هو التقليل من خطره أو من مدى الصراع البشري الثوري المطلوب الآن.


[1]. كريستيان بارنتي، "الجريمة الحقيقية لترامب هي معارضته للإمبراطورية"، مجلة Compact، 7 نيسان/أبريل 2023.

[2]. كان الانفراج مع روسيا جزءًا مركزيًا من إطلاق الحرب الباردة الجديدة مع الصين في إدارة ترامب الأولى. انظر: جون بيلامي فوستر، ترامب في البيت الأبيض (نيويورك: منشورات مونثلي ريفيو، 2017)، الصفحات 50–52، 74–75.

[3]. هدّد ترامب بقصف إيران إذا لم تُبرِم صفقة مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي (غير الموجود أساسًا)، مُعلِنًا في أوائل نيسان/أبريل: “إذا لم يتوصّلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف، قصف لم يشهدوا مثله من قبل”.

انظر:

دوينا شياكو وديفيد ليونغرين، "ترامب يهدّد بالقصف إذا لم تبرم إيران صفقة نووية"، رويترز، 30 آذار/مارس 2025.

كريس بامبري، "خطط ترامب الحربية ضد إيران: فتح أبواب جهنم الأخرى"، كاونترفَير، 4 نيسان/أبريل 2025.

[4]. ليو شين الثالث، "ترامب يتعهّد بإنفاق تريليون دولار على الدفاع العام المقبل"، ديفينس نيوز، 8 نيسان/أبريل 2025؛

جيزيلا سيرناداس وجون بيلامي فوستر، "الإنفاق العسكري الفعلي للولايات المتحدة بلغ 1.537 تريليون دولار في عام 2022 — أكثر من ضعف المستوى المُعلَن: تقديرات جديدة استنادًا إلى الحسابات القومية الأمريكية"، مونثلي ريفيو، المجلد 75، العدد 6 (تشرين الثاني/نوفمبر 2023): الصفحات 18–26.

[5]. حول "عصر الكارثة" 1914–1945، انظر: إريك هوبزباوم، عصر التطرفات (نيويورك: فينتج، 1994)، الجزء الأول.

[6]. بارينتي، "الجريمة الحقيقية لترامب هي معارضته للإمبراطورية".

[7]. جيف هير، "الأسطورة المتينة بشكل مفاجئ لدونالد ترامب، المناهض للإمبريالية"، ذا نيشن، 17 نيسان/أبريل 2023؛

جون بيلامي فوستر، "الحرب الباردة الجديدة على الصين"، مونثلي ريفيو، المجلد 73، العدد 3 (تموز/يوليو – آب/أغسطس 2021): الصفحات 1–20.

[8]. برابهات باتنايك، "استراتيجية إحياء الإمبريالية"، ديمقراطية الشعوب، 2 آذار/مارس 2025، peoplesdemocracy.in.

[9]. جوش دوسي، فيرا بيرغنغروين، وألكسندر وورد، “اللوحة التي تشرح سياسة ترامب الخارجية”، وول ستريت جورنال، 13 آذار/مارس 2025.

[10]. آر. دبليو. فان ألستاين، صعود الإمبراطورية الأمريكية، (أكسفورد: باسيلي بلاكويل، 1960).

[11]. مايكل أنطون، “عقيدة ترامب: مسؤول من الداخل يشرح السياسة الخارجية للرئيس”، فورين بوليسي، العدد 232 (ربيع 2019): الصفحات 40–47.

[12]. أنطون، “عقيدة ترامب”؛ أماندا تاوب، “عقيدة ترامب: العالم لعبة صفرية”، نيويورك تايمز، 7 مارس 2025.

[13]. أنطون، "عقيدة ترامب"؛ أفلاطون، الجمهورية، ترجمة فرانسيس ماكدونالد كورنفورد (نيويورك: مطبعة جامعة أكسفورد، 1945)، الصفحات 14–22.

[14]. براين مينا، "أبرز ما جاء في تعرفة ترامب ليوم التحرير"، سي إن إن، 2 نيسان/أبريل 2025؛

بيتر فوستر وسام فليمنغ، "دونالد ترامب يحيّر الاقتصاديين بمعادلة التعرفة الجمركية"، فاينانشال تايمز، 3 نيسان/أبريل 2025؛

نيك بيمز، "تعريفات ترامب ‘المتبادلة’ تصعّد الحرب الاقتصادية ضد العالم"، موقع اليسار الاشتراكي العالمي، 3 نيسان/أبريل 2025، wsws.org؛

جاك إيزو، "منشورات على الإنترنت تفكّك بنحو صحيح معادلة تعريفات ترامب"، سنوبس، 3 نيسان/أبريل 2025؛

هيلين ديفيدسون وجوانا بارتريدج، "ترامب يفرض تعرفات جديدة على عشرات الشركاء، مما يثير اضطرابًا جديدًا في الأسواق"، الغارديان، 9 نيسان/أبريل 2025؛

جوش بوك، "ترامب يتراجع عن معظم التعرفات المتبادلة لمدة 90 يومًا، لكنه يرفع النسبة على الواردات الصينية إلى 125٪"، PBS News، 9 نيسان/أبريل 2025؛

ليوني تشاو-فونغ، توم أمبروز، غرايم ويدن، وكيت لامب، "الأسواق الأميركية تغلق على خسائر حادة مع وصف تعرفات ترامب بأنها ‘أسوأ ضرر ذاتي لاقتصاد ناجح’"، الغارديان، 10 نيسان/ أبريل 2025.

[15]. "أورن كاس"، أمريكان كومباس، بدون تاريخ.

إنفلونس ووتش، "أمريكان كومباس"، بدون تاريخ، influencewatch.org.

إنفلونس ووتش، "صندوق توماس د. كلينغنشتاين"، بدون تاريخ.

جيسون ويلسون، "الممول اليميني المتطرف الذي يمنح ملايين للحزب الجمهوري لمحاربة ‘الشيوعيين المستيقظين’"، ذا غارديان، 4 آب/ أغسطس 2023.

توماس د. كلينغنشتاين، "كسب الحرب الأهلية الباردة"، نيوزويك، 8 أيلول/ سبتمبر 2021.

[16]. "أين النمو؟"، أمريكان كومباس، 15 آذار/ مارس 2022، americancompass.org.

أورن كاس، "لماذا ترامب محق بشأن التعريفات الجمركية"، وول ستريت جورنال، 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

[17]. "انفصال حاد عن الصين: حماية السوق الأمريكية من تخريب الحزب الشيوعي الصيني"، أمريكان كومباس، 8 يونيو 2023.

ديفيد أزيرّاد، "كيف نُفلس الرأسمالية المستيقظة"، أمريكان كومباس، 2 سبتمبر 2021.

فيفيك راماسوامي، شركة ووك: داخل خدعة العدالة الاجتماعية في الشركات الأمريكية (نيويورك: سنتر ستريت، 2021).

[18]. بيتر نافارو، حروب الصين القادمة (نيويورك: فايننشال تايمز برس، 2008)، الصفحات 203–205.

جيكوب هيلبرون، "أخطر رجل في عالم ترامب؟"، بوليتيكو، 12 شباط/ فبراير 2007.

جون بيلاّمي فوستر، ترامب في البيت الأبيض، الصفحتان 84–85.

ألان رابابورت، "اختيار ترامب لمستشار تجاري متشدد تجاه الصين، سُجن بسبب أحداث 6 يناير"، نيويورك تايمز، 4 كانون الأول/ ديسمبر 2024.

دأنجيلو غور، "تحليلات مستقلة تناقض تقدير نافارو لعائدات التعريفات الجمركية التي تتجاوز 6 تريليونات دولار"، فاكت تشيك، 10 نيسان/ أبريل 2025، factcheck.org.

[19]. ديفيد راندال، "هادسون باي ومورغان ستانلي استحوذا على حصص في شركة ترامب لوسائل التواصل الاجتماعي في الربع الأول"، رويترز، 15 مايو 2024.

ستيفن ميران، دليل المستخدم لإعادة هيكلة نظام التجارة العالمية، هادسون باي كابيتال، نوفمبر 2024، hudsonbaycapital.com.

[20]. جوش ليبْسكي وجيسي يين، "لقاء في مارالاغو: هل اتفاق عملة جديد ممكن؟"، المجلس الأطلسي، 13 آذار/ مارس 2015، atlanticcouncil.org.

[21]. ميران، دليل المستخدم لإعادة هيكلة نظام التجارة العالمية، الصفحات 13–14، 35.

[22]. مايكل هدسون، "تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية قد تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي"، الاقتصاد الجيوسياسي، 25 كانون الثاني/ يناير 2025، geopoliticaleconomy.com.

[23]. ميران، دليل المستخدم لإعادة هيكلة نظام التجارة العالمية، الصفحة 37.

[24]. ديفيد ديوتشَر، "دونالد ترامب والدولار: معضلة تريفين وامتياز أمريكا المفرط"، سيكنغ ألفا، 24 أيار/ مايو 2016.

روبرت تريفين، الذهب وأزمة الدولار: الأمس واليوم، مقالات في المالية الدولية، رقم 132 (برينستون، نيوجيرسي: مطبعة جامعة برينستون، 1978)، الصفحات 1–6.

إسماعيل شاكيل، "ترامب يكرر تهديده بالتعريفات لردع دول البريكس عن استبدال الدولار الأمريكي"، رويترز، 30 كانون الثاني/ يناير 2025.

[25]. هدسون، "تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية قد تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي".

[26]. كارول دي. ليونيغ وفيليب راكر، "أنتم مجموعة من الحمقى والأطفال: من داخل نوبة الغضب المذهلة لترامب ضد الجنرالات؛، واشنطن بوست، 17 كانون الثاني/ يناير 2020.

[27]. حزب الخضر في الولايات المتحدة، "مغتربون لا غير مبالين: لماذا لا يصوّت العمال"، 5 آب/ أغسطس 2019، gp.org؛ "متوسط الدخل في الولايات المتحدة في عام 2023 بحسب المستوى التعليمي لرب الأسرة"، Statista، statista.com، بدون تاريخ.

في انتخابات عام 2024، ووفقًا لاستطلاعات الخروج، وسّع ترامب قاعدته من الطبقة الدنيا المتوسطة لتشمل الطبقة العاملة، وفاز بأغلبية من كانت دخول أسرهم تتراوح بين 30,000 و50,000 دولار سنويًا، لكنه خسر أمام الديمقراطيين بين الفقراء (أي من تقل دخول أسرهم عن 30,000 دولار سنويًا). أما القضية الداخلية الأساسية التي فسّرت هذا التحول فكانت الاقتصاد، وخاصة التضخم.

"استطلاعات الخروج"، NBC News، 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

وقد اختار ملايين من الناخبين الديمقراطيين السابقين "حزب غير المصوّتين".

[28]. إرنست بلوخ، تراث زمننا (بيركلي: مطبعة جامعة كاليفورنيا، 1990)، الصفحات 54، 68، 79، 108، 113.

حول النزعات الأبوية والمحافظة في مسائل الجنس/النوع لدى الطبقة الدنيا المتوسطة في المجتمعات الرأسمالية، ودور ذلك في توليد النزعات الفاشية، انظر: فيلهلم رايش، السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية (نيويورك: فارار، شتراوس أند جيرو، 1970)، الصفحات 52–59.

[29]. فيل أ. نيل، الهامش: المشهد الطبقي الجديد للصراع في أمريكا (لندن: دار ريآكشن بوكس، 2018)، الصفحات 36، 57–58.

وبما يناقض حجّته الخاصة، يشير نيل إلى أن هذه التطورات لا تدلّ على نشوء الفاشية أو الفاشية الجديدة في حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا” التي يقودها ترامب، رغم تشابه الديناميات الطبقية.

نيل، الهامش، الصفحة 48.

[30]. تشارلز ر. كيسلر، "الحرب الأهلية الباردة في أمريكا"، إمبريميس، المجلد 47، العدد 10 (تشرين الأول/ أكتوبر 2018)؛

جوناثان ويلسون-هارتغروف، إعادة بناء الإنجيل: العثور على الحرية من ديانة مالكي العبيد (ليسل، إلينوي: دار إنترڤارسيتي للنشر، 2018).

[31]. ليلى عبود، أدريين كلاسا، وهنري فوي، "الولايات المتحدة تطالب الشركات الأوروبية بالامتثال لأمر دونالد ترامب المناهض للتنوع"، فاينانشال تايمز، 28 آذار/ مارس 2025.

[32]. دينيس لايش، "ريفييرا غزّة الخاصة بترامب — نموذج في الغطرسة"، ذا هيل، 9 آذار/ مارس 2025.

[33]. جورج لوكاش، تحطيم العقل (لندن: دار ميرلين للنشر، 1980)، الصفحة 737.

[34]. فريق مركز تجديد أمريكا (CRA)، "موجز: الثقافة الفلسطينية تُعدّ عائقًا أمام الاندماج"، مركز تجديد أمريكا، 1 كانون الأول/ ديسمبر 2023، americarenewing.com.

[35]. ليديا ويلسون، "وشوم بيت هيغسيث والهوس الصليبي لليمين المتطرف"، نيو لاينز، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024؛

بيت هيغسيث، الحملة الصليبية الأمريكية (نيويورك: سنتر ستريت، 2020)، الصفحات 13، 24، 289–290، 301.

[36]. جون غامبريل، "ترامب يهدد الحوثيين بأنهم ‘سيُبادون بالكامل’ مع تصاعد الغارات الجوية على اليمن"، أسوشيتد برس، 20 آذار/ مارس 2025.

[37]. داوسي، بيرغنغرون، وورد، “اللوحة التي تفسّر السياسة الخارجية لترامب.”

[38]. مايكا ميدوكروفت وأنتوني ليكاتا، "موجز: القناة الأمريكية؛ دعوة لإعادة النظر في معاهدات قناة بنما"، مركز تجديد أمريكا، 31 كانون الثاني/ يناير 2025؛

بريت ويلكنز، "ترامب يأمر الجيش الأمريكي بالتخطيط لغزو بنما للاستيلاء على القناة: تقرير"، كومون دريمز، 13 آذار/ مارس 2025، commondreams.org؛

"‘غزو مموّه’: المعارضة في بنما تندد باتفاق أمني مع الولايات المتحدة"، الجزيرة، 12 نيسان/ أبريل 2025.

[39]. سومانترا مايترا، "نحو تعزيز الانخراط والتكامل مع غرينلاند وقرن أمريكي جديد في القطب الشمالي"، مركز تجديد أمريكا، 3 آذار/ مارس 2025.

[40]. خوسيه لويس غراندوس سيخا، "ترامب يهدد بفرض تعرفة جمركية بنسبة 25٪ على الدول التي تشتري النفط الفنزويلي بينما تواصل الولايات المتحدة حملتها على المهاجرين"، فينزويلا أناليسس، 24 آذار/ مارس 2025.

[41]. فرح نجّار، "لماذا يقاتل قادة الكاريبي ترامب من أجل الإبقاء على الأطباء الكوبيين؟"، الجزيرة، 15آذار/ مارس 2025؛

فيجاي براشاد، "لماذا يستحق الأطباء الكوبيون جائزة نوبل للسلام"، إم آر أونلاين، 25 آب/ أغسطس 2020.

[42]. كيت بارتليت، "ما مشكلة ترامب مع جنوب أفريقيا؟"، إن بي آر، 7 شباط/ فبراير 2025؛

ميشيل غافين، "سياسة ترامب الخاطئة تجاه جنوب أفريقيا"، مجلس العلاقات الخارجية، 12 شباط/ فبراير 2025، cfr.org؛

"هل يملك البيض ‘فقط’ 22 بالمئة من أراضي جنوب أفريقيا؟"، التحقق من الحقائق - وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، 19 يوليو 2019، factcheck.afp.com.

[43]. بريت ديفيدسون، "ما يصفه ماسك وترامب ليس هو جنوب أفريقيا التي أعرفها وأحبها"، الجزيرة، 25 آذار/ مارس 2025؛

بارتليت، “ما مشكلة ترامب مع جنوب أفريقيا؟”؛

غافين، "سياسة ترامب الخاطئة تجاه جنوب أفريقيا"؛

تريتا بارسي، "محكمة العدل الدولية توجه ضربة مذهلة لإسرائيل بشأن تهمة الإبادة في غزة"، ريسبونسبل ستيتكرافت، 26 كانون الثاني/ يناير 2024، responsiblestatecraft.org؛

جيرالد إمراي، "السفير الجنوب أفريقي المطرود يعود إلى الوطن ويقول إنه سيرتدي العقوبة الأمريكية كـ’وسام كرامة’"، أسوشييتد برس، 23 آذار/ مارس 2025.

[44]. هنتر ووكر، "مرشح ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة في جنوب أفريقيا عارض بنشاط النضال لإنهاء نظام الفصل العنصري"، توكينغ بوينتس ميمو، 26 آذار/ مارس 2025؛

ستيفن ميليز، "ترامب يريد متعصبًا كبيرًا جدًا ليكون سفيرًا في جنوب أفريقيا"، النضال من أجل الاشتراكية / لا لوكا بور إل سوسياليسمو، 1 نيسان/ أبريل 2025، struggle-la-lucha.org؛

لوكاس شو، "باراك أوباما: هل أصبح الآن مجرد مدمن هيروين نحيف من الحي الفقير؟"، رويترز، 23 كانون الأول/ ديسمبر 2011.

[45]. ستيوارت باتريك، "وجهة نظر ترامب المشوهة للسيادة والتميز الأمريكي"، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 30 كانون الثاني/ يناير 2025؛

دونالد ترامب، "خطاب التنصيب"، البيت الأبيض، 20 كانون الثاني/ يناير 2025.

[46]. عبود، كلاسا، وفوي، "الولايات المتحدة تأمر الشركات الأوروبية بالامتثال لأمر دونالد ترامب المناهض للتنوع"، فايننشال تايمز.

[47]. لورانس هـ. شوب وويليام مينتر، العقل الإمبراطوري المدبر: مجلس العلاقات الخارجية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة (نيويورك: دار نشر المراجعة الشهرية، 1977)؛

لورانس هـ. شوب، مركز تفكير وول ستريت (نيويورك: دار نشر المراجعة الشهرية، 2015).

[48]. هيغسِث، الحملة الصليبية الأمريكية، الصفحات 92–94.

[49]. جيمس م. ليندسي، "تكاليف الاضطراب الذي أحدثته سياسة ترامب الخارجية"، مجلس العلاقات الخارجية، 31 كانون الثاني/ يناير 2025.

[50]. فوستر، ترامب في البيت الأبيض، الصفحات 50–52، 74–75.

[51]. انظر: توماس بالي، "شرح حرب روسيا: كيف استغلّت الولايات المتحدة الانقسامات الداخلية في النظام ما بعد السوفييتي"، مونثلي ريفيو، المجلد 77، العدد 2 (حزيران/ يونيو 2025).

[52]. جون بيلامي فوستر وبريت كلارك، "الإمبريالية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ — مقدّمة"، مونثلي ريفيو، المجلد 76، العدد 3 (تموز/ يوليو– آب/ أغسطس 2024): الصفحات 6–13.

[53]. فيجاي براشاد، "استراتيجية ترامب العكسية المستوحاة من كيسنجر"، بيبولز ديسباتش، 6 آذار/ مارس 2025.

[54]. هذا هو الحال فيما يتعلّق بعمليات الترحيل إلى غوانتنامو وإلى مجمّعات السجون سيئة السمعة في السلفادور. انظر: كريس هيدجز، "معسكرات الاعتقال الأمريكية"، شير بوست، 17 نيسان/ أبريل 2025.

[55]. أنتارا غوسال سينغ، "مأزق روبيو الصيني"، مؤسسة أوبزرفر للأبحاث، 11 شباط/ فبراير 2025، orfonline.org؛

بيت هيغسيث، الحملة الصليبية الأمريكية، ص. 157؛

سارة إوال-وايس، "بيت هيغسيث يقول إن الولايات المتحدة ‘مستعدة’ للحرب مع الصين بعد تهديد بالرد على التعريفات الجمركية"، ديلي ميل، 5 آذار/ مارس 2025؛

سلينا وانغ، "اختيارات روبيو ووالتس تعيد الصين إلى صدارة السياسة الخارجية الأمريكية"، إيه بي سي نيوز، 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

[56]. انظر: جون بيلامي فوستر، "السعي الأميركي نحو الهيمنة النووية"، مونثلي ريفيو، المجلد 75، العدد 9 (شباط/ فبراير 2024): الصفحات 1–21.

[57]. دانيال مكارثي، "لماذا يُعدّ إلبريدج كولبي شخصية مهمة"، كومباكت، 21 شباط/ فبراير 2025؛

كيلي بيوكار فلاهوس، "الواقعيون يهلّلون لتعيين إلبريدج كولبي مسؤولًا كبيرًا للسياسات في وزارة الدفاع الأميركية"، ريسپونسبل ستيتكرافت، 23 كانون الأول/ ديسمبر 2024؛

إلبريدج أ. كولبي وكيفن روبرتس، "النهج المحافظ الصحيح تجاه أوكرانيا يحوّل التركيز إلى الصين"، تايم، 21 آذار/ مارس 2023.

[58]. وزارة الدفاع الأمريكية، ملخص استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2018: تعزيز القدرة التنافسية للجيش الأمريكي، جامعة اكتساب الدفاع، dau.edu؛

جون بيلامي فوستر، "السعي الأميركي نحو الهيمنة النووية"، ص. 15؛

جاكوب هايلبرون، "إلبريدج كولبي يريد إكمال ما بدأه دونالد ترامب"، بوليتيكو، 11 نيسان/ أبريل 2023.

[59]. إلبريدج أ. كولبي، استراتيجية الإنكار: الدفاع الأمريكي في عصر صراع القوى العظمى (نيو هيفن: مطبعة جامعة ييل، 2021)، الصفحات 83، 95، 147، 172، 183.

[60]. كولبي، استراتيجية الإنكار، الصفحات 182–183، 197؛

إلبريدج أ. كولبي ويشار بارسي، بناء استراتيجية للتصعيد وإنهاء الحرب، مبادرة ماراثون، نوفمبر 2022، الصفحات 9، 17–18، 20–23؛

عبد الرحمن، "الصين تطالب بسحب منظومة الصواريخ الأمريكية من الفلبين وتصفها بأنها تهديد للسلام والأمن الإقليمي"، بيبولز ديسباتش، 28 كانون الأول/ ديسمبر 2024.

حول الانتشار العسكري الأميركي المتقدم وتطويق الصين، انظر: فوستر وكلارك، "الإمبريالية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، الصفحات 13–19.

[61]. كولبي، استراتيجية الإنكار، ص. 90؛

كولبي وبارسي، بناء استراتيجية للتصعيد وإنهاء الحرب، ص. 17؛

بيل غيرتز، "مرشح وزارة الدفاع يقول إن على الولايات المتحدة أن تتحرك أو تخاطر بخسارة الحرب مع الصين: كولبي يتعهد بتبنّي مبدأ أمريكا أولاً والسلام عبر القوة"، واشنطن تايمز، 4 آذار/ مارس 2025.

[62]. جون بيلامي فوستر، "ملاحظات حول الإبادة في القرن الحادي والعشرين من أجل حركات البيئة والسلام"، مونثلي ريفيو، المجلد 74، العدد 1 (أيار/ مايو 2022): الصفحات 1–17.

[63]. مايكا ماكارتني، "مرشح ترامب يقول إن الصين ستشنّ حربًا خلال هذا العقد"، نيوزويك، 16 كانون الأول/ يناير 2025؛

"مرشح البنتاغون: يجب على تايوان رفع الإنفاق الدفاعي إلى 10%"، رويترز، 4 آذار/ مارس 2025؛

نوح روبرتسون، "كيف أصبحت واشنطن مهووسة بغزو صيني محتمل لتايوان عام 2027"، ديفينس نيوز، 7 أيار/ مايو 2024؛

جون كولفر، "الصين، تايوان، ومعالم جيش التحرير الشعبي لعام 2027"، ذا إنترپريتر، 12 شباط/ فبراير 2025، lowyinstitute.org/the-interpreter.

[64]. أليشا راهامان ساركار، "إيلون ماسك يتعرض لانتقادات بسبب تقليله من تأثير القصف الذري لليابان: ‘ليس مرعبًا كما يعتقد الناس’"، إندبندنت، 13 آب/ أغسطس 2024؛

سومانتي سين، "إيلون ماسك تحت النيران بسبب ‘تقليله’ من مأساة هيروشيما وناغازاكي بقوله إنها ‘ليست مرعبة كما يعتقد الناس’"، هندوستان تايمز، 13 نيسان/ أبريل 2024.

[65]. باتريك تاكر، "ترامب سيحصل على خيارات القبة الذهبية الأسبوع المقبل: مصدر في وزارة الدفاع"، ديفنس ون، 27 آذار/ مارس 2025؛

بينوي كامبمارك، "إحياء ترامب لحرب النجوم: وهم القبة الذهبية المضادة للصواريخ"، ديسيدنت فويس، 25 آذار/ مارس 2025.

[66]. زيك ميلر وميشيل إل. برايس، "ترامب يريد محادثات نزع السلاح النووي مع روسيا والصين، ويأمل في خفض الإنفاق الدفاعي"، وكالة أسوشيتد برس، 14 شباط/ فبراير 2025.

[67]. دونالد جي. ترامب، "البيت الأبيض، حماية الطاقة الأمريكية من تغوّل سلطات الولايات"، الأوامر التنفيذية، 8 نيسان/ أبريل 2025.

[68]. نعوم تشومسكي في مقابلة مع ديفيد بارساميان، سجلات المعارضة (Chronicles of Dissent)، (مونرو، ولاية مين: دار نشر الشجاعة المشتركة، 1992)، الصفحتان 62–63.

[69]. بلوخ، تراث زماننا (The Heritage of Our Times)، الصفحات 70، و108–111، مع تعديل طفيف في علامات الترقيم في الترجمة.

[70]. "إعلان دعائي يوحي بأن هتلر يدعم المساواة والسلام"، متحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة، رقم الإيداع: 1990.333.7، https://collections.ushmm.org/search/catalog/irn3775

[71]. نورم هاسكيت، "ألمانيا تنسحب من عصبة الأمم"، السجل اليومي للحرب العالمية الثانية (The Daily Chronicles of World War II)، ww2days.com.

[72]. فوكاشين غليغوريتش، ألارد فيديس، وبيرتيان دوسي، "قابلية تصديق الهراء السياسي وما يرتبط بها: تحقق عابر للبلدان من المفهوم"، مجلة علم النفس الاجتماعي والسياسي، المجلد 10، العدد 2 (2022): الصفحات 411–429؛

هاري جي. فرانكفورت، عن الهراء (On Bullshit)، (برينستون: مطبعة جامعة برينستون، 2005).

[73]. جوشوا لوتشزاك، “هراء إنكار تغيّر المناخ مضرّ”، المجلة الآسيوية للفلسفة، المجلد 2، العدد 1 (2023): الصفحات 1–20.

[74]. جوش بوك، "ترامب يطلق تعريفات جمركية، قائلاً إن التجارة العالمية قد ‘نهبت وسلبت واغتصبت ونهشت’ الاقتصاد الأمريكي"، أسوشيتد برس، 2 نيسان/ أبريل 2025؛

بول أ. باران، النظرة الأطول (The Longer View)، (نيويورك: منشورات المراجعة الشهرية، 1969)، الصفحة 104.

[75]. مهدي حسن، "هل دونالد ترامب حمامة سلام في السياسة الخارجية؟ ليت ذلك كان صحيحًا"، الغارديان، 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024؛

تيا غولدنبرغ، "ترامب يتعهد بجلب سلام دائم إلى شرق أوسط مضطرب. لكن إصلاحه لن يكون سهلًا"، أسوشيتد برس، 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

[76]. بارينتي، "الجريمة الحقيقية لترامب هي معارضته للإمبراطورية".

[77]. لورانس س. ويتنر، "الأصول القبيحة لسياسة ‘أمريكا أولاً’ التي ينتهجها ترامب"، السياسة الخارجية في بؤرة التركيز (Foreign Policy in Focus)، 19 آذار/ مارس 2024.

[78]. جاريت أ. لوبيل، "السور عند نهاية الإمبراطورية"، أركيولوجي، المجلد 70، العدد 3 (أيار/ مايو– حزيران/ يونيو 2017): الصفحات 26–35.

[79]. إشتفان ميسزاروش، الاشتراكية أو البربرية (نيويورك: منشورات المراجعة الشهرية، 2001)، الصفحات 23–56.

[80]. بلوخ، إرث عصرنا، الصفحة 67.