في الذكرى الرابعة والخمسين لإحراق المسجد الأقصى
تحاول هذا المقالة استعادة حادثة إحراق المسجد الأقصى المبارك التي تمر ذكراها الرابعة والخمسون هذه الأيام، وتقدّم توصيفًا لما جرى في المسجد الأقصى صبيحة يوم الخميس الحادي والعشرين من آب/ أغسطس عام 1969، وتعريفًا بالمتهم الأول بارتكاب الجريمة، وردود الأفعال عليها رسميًا وشعبيًا.
يوم أحرق المسجد الأقصى المبارك
جاءت جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك في إطار الصراع المحتدم في فلسطين مع المشروع الصهيوني، وهي حلقة من حلقات الاعتداء على المسجد الأقصى ومحاولة تهويده والتي تعود في جذورها إلى فترة مبكرة من القرن العشرين وربما قبله، انطلاقًا من قاعدة مفادها أن تدمير الأقصى مقدِّمة ضرورية لبناء الهيكل المزعوم، وأنّ تهويده خطوة مركزية لتأكيد سيادة الصهاينة على فلسطين.
وقعت الحادثة في الساعة السابعة والثلث صباحًا، حيث اندلعت النيران بشكل مفاجئ في المسجد القبلي، وما أن رأى أهل القدس الدخان يتصاعد من داخل المسجد حتى اندفعوا نحوه محاولين إطفاء الحريق، ولم ينتظروا وصول سيارات الإطفاء التي جرى إبلاغها في القدس وفي المدن المجاورة بالهاتف، ولما انقطعت المياه عن كامل منطقة الحرم بعد ثماني دقائق، سارع الأهلون إلى الآبار الموجودة في المنطقة ينقلون منها المياه لإطفاء الحريق[1].
تلكأت فرق الإطفاء في الوصول إلى المسجد، فأعيد الاتصال بها مجددًا، وعُدَّ تلكؤها مدبَّرًا، ثم إن رجال الأمن وعناصر الجيش الصهيوني وصلوا مكان الحادثة بعد دقائق، وبدؤوا بإبعاد الناس عن المسجد بحجة فتح الطريق أمام سيارات الإطفاء التي لم تصل إلا متأخرة، وكانت أول سيارات الإطفاء وصولًا من رام الله والخليل، أمَّا فرقة إطفاء القدس فوصلت بعد مرور ساعتين، رغم أنَّها لا تبعد عن المسجد الأقصى سوى كيلو مترين[2]. استمر اندلاع النيران أربع ساعات، وأصيب عدد من المواطنين بحروق جراء محاولاتهم إخماد الحريق[3].
قيل وقتها إنَّ الجاني دخل البلدة القديمة من باب الأسباط حاملًا صفيحتي بنزين، وتوجه إلى باب الغوانمة واشترى تذكرة دخول، وتوقف لحظة للتأكد بأن أحدًا لا يراقبه، ثم اجتاز الباب ودخل المسجد، ولم ينتبه أحد بأنَّه ينوي إحراق المسجد فقد كان من زوار المسجد المألوفين[4]، وأخرج الجاني "من حقيبته وشاحًا كان قد أغرقه بالبترول، وفرشه على عتبات درجات منبر صلاح الدين، ومن ثم صب فوقه المزيد من البترول والبنزين، وأشعل فيه النار بأعواد الكبريت"، وخرج من المسجد "ورأى بعض الحراس، ومنهم الحلواني والأنصاري، وشكرهم على السماح له بتصوير المسجد، وأكمل طريقه ماشيًا، وما لبث أن بدأ بالركض بعد سماعه لصوت صراخ، وفي طريق هربه من المسجد، ألقى حقيبته قرب باب الأسباط داخل المقبرة الموجودة هناك، ومن ثم أخذ سيارة أجرة إلى المحطة المركزية حيث استقلّ حافلة إلى "تل أبيب"، ومنها استقل حافلة أخرى إلى كيبوتس "مشمار هشارون" حيث اعتقل بعدها بيومين"[5]، وكان الجاني حاول إشعال النار في المسجد القِبلي قبل عشرة أيام، عن طريق أحد مداخله في الجهة الجنوبية الشرقية، بالقرب من محراب زكريا، وذلك بالاستعانة بفتيل وبعض من البترول، إلا أنه فشل في ذلك، وقد تسلّق في تلك الحادثة "إحدى شجرات المسجد الأقصى حتى لا يراه الحراس، وبعد انقضاء صلاة العشاء، وخروج الناس، وفي حوالي الساعة الحادية عشرة ليلًا، بدأ بإشعال الحريق، ومن ثم خرج من المكان متسلقًا سور القدس جهة باب الأسباط، لأن أبواب المسجد كانت مغلقة في ذلك الوقت المتأخر من الليل"[6].
من هو مرتكب الجريمة؟
تنصَّل الاحتلال من الجريمة، وأَلصقت مَحاكِمه التهمة بمايكل دينيس روهان، وهو شاب أسترالي، يبلغ الثامنة والعشرين عامًا، وكان قبل مجيئه إلى فلسطين يعمل جزارًا في ولاية نيو ساوث ويلز في استراليا[7]، وهو متزوج وله بنت [8]، ووفق بعض المصادر فإنَّ روهان قدِم إلى فلسطين قبل أربعة أشهر من حادثة حرق المسجد الأقصى، وسكن في كيبوتس "مشمار هشارون" بين حيفا و" تل أبيب"، وعمل في الزراعة، وتعلم العبرية، وكان يعيش بين أربعين متطوعًا أجنبيًا، ووصل القدس أول مرة في الأول من تموز/ يوليو ومكث فيها أسبوعًا[9]، واستأجر في وقتٍ لاحقٍ غرفة في فندق "ريفولي" مقابل باب الساهرة، وكان مقيمًا في الغرفة رقم 107، وأخذ يتردد إلى المسجد الأقصى، وكان يطيل البقاء فيه، حتى اضطر الشيخ جودة الأنصاري أن يطلب منه الخروج من المسجد، لأنه أطال البقاء فيه حتى وقت إقامة الصلاة، ونُقل عن شاهد عيان من موظفي الأوقاف "أنه في إحدى المرات رأى روهان متمددًا أو جالسًا داخل المصلى القبلي، بما يخالف التعليمات الخاصّة بالسياح داخل الأقصى"[10].
كان روهان مسيحيًا متطرفًا، وأحد أتباع كنيسة "الرب" ومقرها في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة، وهي كنيسة تدعو لإقامة "الهيكل" مكان المسجد الأقصى[11]، وقد قال في معرض تبريره للحادثة، إنَّه أقدم على فعلته لأنَّه "مبعوث من الله وأنه تصرف وفقًا لأوامر إلهية بتدمير المسجد الأقصى حتى يتمكن اليهود من إعادة بناء الهيكل، لتسريع المجيء الثاني للمسيح المخلص حتى يحكم العالم لمدة ألف عام" [12]، ورغم إدانته إلا أنَّه لم يبق في السجن، حيث أطلق الاحتلال سراحه في نيسان 1974، وأُبعد الى استراليا، ويقال إنَّه احتجز هناك في مصحَّة عقلية إلى أن توفي عام 1995[13].
دينيس مايكل، المتصهين الذي نفّذ جريمة حرق المسجد الأقصى
الآثار المدَمِّرة للحريق
صدر عدد من التقارير حول حجم الأضرار التي لحقت بالمسجد القبلي نتيجة للحريق، منها تقرير أوّلي أعدته لجنة هندسية فلسطينية مكونة من محمد نسيبة وإبراهيم الدقاق ورزق خوري، كانت زارت موقع الحريق في الساعة الثانية عشر من يوم الخميس الحادي والعشرين من آب/ أغسطس، وتبين لها الآتي[14]:
أن حريقين منفصلين اندلعا في المسجد القبلي أحدهما في منطقة المحراب ومنبر صلاح الدين الواقع في الرواق الأوسط من المسجد والآخر في الجناح الجنوبي الشرقي منه، وتبين أن الحريق الأول في مستوى الأرض بينما شبَّ الحريق الثاني في سقف الجناح الجنوبي الشرقي ومحراب زكريا والذي يبلغ ارتفاعه عن الأرض حوالي خمسة عشر مترًا، وتبين أن الحريق دمَّر سقف الجناح الجنوبي الشرقي والذي تبلغ مجموع مساحاته حوالي أربعمائة متر مربع بما في ذلك الزخارف والنقوش، ومحراب زكريا بأكمله، وأحرق منبر صلاح الدين كذلك، وتلفت جميع جدران المحراب الداخلية، وقد وصل الحريق إلى قبة الأقصى وأتلف الزخارف الموجودة على القبة الخشبية وكذلك أعمال الفسيفساء والتي تغطي الركب الحاملة للقبة، وأصبح تبطين القبة من الداخل آيلًا للسقوط، وأتلف العمودين الموصلين من ساحة القبة إلى منطقة المحراب والمصنوعين من الرخام وكذلك القوس المحمول عليهما، وجميع أعمال الخشب المزخرف في سقف ردهة المحراب، وأصيبت أعمال الخشب غرب القبة ببعض الحروق.
ردود الأفعال على إحراق المسجد الأقصى
أجمع العالم بأسره على إدانة الحادثة، وتعددت مستويات التعبير عن ذلك، بحيث تراوحت بين الإدانة اللفظية، وإطلاق التصريحات الإعلامية، والكتابة في الصحف والمجلات، والتحرك الدبلوماسي، والعمل المؤسساتي، والتفاعل الشعبي الميداني.
- فلسطينيًا
يمكن رصد عدة مستويات من ردة الفعل الفلسطينية، إذ بادرت المؤسسات الإسلامية في القدس إلى إصدار البيانات الصحفية تباعًا لوضع الرأي العام الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي في صورة ما جرى، وقد أعلن رئيس الهيئة الإسلامية في القدس الشيخ حلمي المحتسب في مؤتمر صحفي عقده في القدس في يوم الحادثة أن "الحريق مفتعل، وغير طبيعي، وليس من جراء التيار الكهربائي، وأن مياه البلدية التابعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي قد قُطعت عن منطقة الحرم الشريف فور اندلاع الحريق، وأن سيارات الإطفائية التابعة لبلدية سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد تأخر وصولها ومباشرتها عملية الإطفاء، وأن الذي ساهم وساعد على إخماد الحريق إطفائيات بلديتي رام الله والخليل"[15]، ووجَّهت الهيئة الإسلامية في القدس في يوم الحادثة رسالةً إلى العرب والمسلمين حول حريق المسجد الأقصى، وأصدرت مجموعة قرارات منها تشكيل لجنة تحقيق عربية قضائية، وتشكيل لجنة مهندسين عرب، وإغلاق منطقة الحرم إلا وقت الصلاة وللمسلمين فقط، والإصرار على إقفال باب المغاربة وتسليم مفاتيحه للأوقاف، ووضع حراسة مسلحة من قبل مسلمين عرب تابعين للأوقاف..[16]، ومن البيانات التي أصدرتها الهيئة الإسلامية بيان للمسلمين في كل مكان صدر في الذكرى الخامسة لإحراق المسجد الأقصى أكدت فيه على أن أعمال الترميم في مراحلها النهائية وأنها ستنتهي بعد عدة أشهر[17].
وتفاعلت لجنة إعمار المسجد الأقصى مع الحادثة، وسعت إلى إزالة آثار الحريق، وتحركت اللجنة الهندسية المتخصصة مباشرةً، وأعدت تقريرها، ثم أعدت لجنة مختصة بالكهرباء تقريرها في اليوم نفسه، وأكدت أن ليس للكهرباء أي علاقة بالحريق، ثم جرى تكليف لجنة هندسية من نقابة المهندسين بإعداد تقرير مفصل عن الحادثة وتداعياتها قدَّمته في السابع والعشرين من آب/ أغسطس 1969، وعُيِّنَ إبراهيم الدقاق مهندسًا مقيمًا يشرف على أعمال الترميم، وغُطي مكان الحريق بالاسبست، وأزيلت آثار الحريق عن الأرض، وتواصلت المؤسسات الإسلامية مع المحيط العربي، خصوصًا في الأردن، واختير مكتب معماري في القاهرة للإشراف على عملية الترميم[18].
أمَّا شعبيًا، فقد شاركت الجماهير في إطفاء الحريق، ثم إنَّها عبَّرت عن غضبها بتنظيم التظاهرات، وقد أصدرت الفصائل الفلسطينية بيانات شجب واستنكار ودعت إلى المقاومة، كما في بيان حركة فتح الصادر في اليوم التالي من الجريمة والذي افتتحته بالآية الكريم" انفروا خفافا وثقالًا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله.." ، واختتمته بحديث "ما ترك قوم الجهاد إلا ذلُّوا"[19]، ونفّذت الفصائل الفلسطينية المسلحة عددًا من العمليات ضدّ قوات الاحتلال أعلنت عنها في بياناتها، فذكرت بيانات للعاصفة أنَّها نفَّذت عدة عمليات في غور الأردن وقرب القنيطرة، والمرتفعات السورية، وبيسان، وغور طوباس، ومرج نعجة، وغيرها، وذكرت بيانات صادرة عن قوات التحرير الشعبية أنَّها نفَّذت عملية في مستعمرة ماعوز حاييم، وقرب مركز شرطة جباليا، وصدرت بيانات أخرى في السياق نفسه عن الهيئة العاملة لتحرير فلسطين، والصاعقة [20].
- عربيًا وإسلاميًا
غَضِب العالمان العربي والإسلامي، وشهدا تحركات على المستويين الرسمي والشعبي، وانطلقت تصريحات الإدانة من الدول العربية والإسلامية، وبادر إلى ذلك زعماء مصر والسعودية والأردن والجزائر والسودان وباكستان، وإيران، والهند وغيرها، واقترح جمال عبد الناصر على الملك فيصل الدعوة إلى عقد اجتماع عام لدول العالم الإسلامي، وفعلًا عُقد الاجتماع في الرباط في الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر 1969، وقرَّر المجتمعون إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي ضمت في حينها ثلاثين دولة عربية وإسلامية، وأُسّست لجنة القدس برئاسة الحسن الثاني ثمّ أنشئ صندوق القدس عام 1976.
وتحرك العرب والمسلمون على مستوى الأمم المتحدة، حيث أَرسل مندوبو خمس وعشرين دولة إسلامية في الأمم المتحدة برقية إلى أمينها العام يو ثانت يستنكرون فيها الحريق، ويطالبون بتحقيق نزيه ومنع تكرار حوادث كهذه، وأرسلوا رسالة إلى مجلس الأمن يطالبونه بعقد اجتماع لمناقشة الموضوع[21].
أمَّا شعبيًا، فقد أدان الحادثةَ علماء الإسلام في أكثر من بلد منها الأردن ولبنان، ووجَّهت رابطة العالم الإسلامي نداءً إلى جميع المسلمين للعمل على إنقاذ فلسطين[22]، ووجه علماء الحرمين الشريفين نداءً إلى الزعماء والقادة المسلمين وشعوبهم لإنقاذ المسجد الأقصى[23]، وأدانت الحادثة لجنة إنقاذ القدس ورؤساء الطوائف المسيحية في الأردن[24]، وعمَّت المظاهرات مدينة عمّان، وانفجرت في المدرسة اليهودية في طهران قنبلة[25].
- دوليًا:
أثار الحريق استنكارًا دوليًا واسعًا، واجتمع مجلس الأمن الدولي وأصدر في الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر عام 1969 قراره رقم 271 أدان فيه دولة الاحتلال، ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس، وجاء في القرار أن "مجلس الأمن يُعبّر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى يوم 21 آب/ أغسطس 1969 تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر"[26]. وحمَّل الاتحاد السوفياتي في حينه دولة الاحتلال المسؤولية [27]، كما قامت تظاهرة في شيكاغو في الولايات المتحدة تنديدًا بالحريق، وشُدّدت الحراسة على منازل الدبلوماسيين الصهاينة في بانكوك عاصمة تايلند[28].
- دولة الاحتلال
كان واضحًا أن دولة الاحتلال كانت في حالة إحراج ومسابقةٍ للزمن من أجل تجاوز ما جرى والعودة إلى وضع ما قبل الحريق، وقد عملت على مواجهة تداعيات الحادثة على ثلاثة مستويات: فميدانيًا وصل وزير الحرب إلى مكان الحادثة، ولم يُسمح للصحافة بنشر الخبر إلا بعد ساعة وثلث من نشوب الحريق[29]، ومُنعت الصحافة من مقابلة المتهم، كما مُنع السفير الأسترالي من لقائه إلا لدقائق معدودة وبحضور الأمن[30]، وفي إطار محاولات الاحتلال استيعاب ردة الفعل الغاضبة من الفلسطينيين والعرب والمسلمين ادّعى في البداية أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، ثم تراجع عن هذه الرواية، واعتقل مايكل روهان، وأصدرت بلدية القدس الاحتلالية أوامر بالتعاطي إيجابيًا مع لجان الإعمار الفلسطينية والعربية[31].
واتجه الاحتلال إلى المسار القانوني فأجرى للمتهم محاكمة علنية، واستدعى طبيبته النفسية من أستراليا، وأَحضر خبيرًا نفسيًا بريطانيًا، وخلصت المحكمة في النهاية إلى أن "روهان مريض نفسيًا ويعاني من حالة حادة من انفصام الشخصية، وحين قام بجريمته قام بها دون إدراك، لذلك لا يستحق السجن على جريمته بل يحتاج لعلاج نفسي"[32].
ثمَّ إن الاحتلال تحرك على المستوى الدبلوماسي، فأرسل مندوبُه في الأمم المتحدة رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أعلن فيها أسف دولة الاحتلال وحزنها على ما حدث، وأبلغه بتشكيل لجنة من أحد قضاة المحكمة العليا، بالإضافة إلى رئيس بلدية الناصرة، وقاضٍ من محكمة الناصرة (عربي)، وأستاذين جامعيين، وأن حكومة الاحتلال عرضت المساعدة في إعادة ترميم المسجد، كما أنَّها تستهجن استغلال الدول العربية للحادثة لإثارة العواطف[33]، وفي السياق ذاته سعت دولة الاحتلال إلى تخفيف التفاعل العربي مع الحادثة، فأوعزت لسفارتها في لندن لتطلب من الحكومة البريطانية المساعدة في تهدئة الوطن العربي[34].
عمليات إطفاء حريق المسجد الأقصى
خاتمة
كشفت حادثة إحراق المسجد الأقصى المبارك عن مستوىً عالٍ من التحريض ضد المقدسات الإسلامية في فلسطين والذي كانت تقوم به الجماعات المسيحية المتطرفة في الغرب والمتحالفة مع المشروع الصهيوني، وأنَّها تجاوزت مرحلة التحشيد إلى الفعل على الأرض، وأبانت عن حدود القدرة العربية والإسلامية على التعاطي مع ملفات القضية الفلسطينية الساخنة، وأظهرت أن استجابة المستوى الرسمي لتحدي العدوان اقتصرت على الفعل الدبلوماسي ورعاية عملية ترميم المسجد، وأنَّ الحادثة لن تشكِّل بالنسبة له منطلقًا للعمل الجادّ لتحرير الأقصى، في المقابل كانت عاملًا في التسريع باستعادة الفلسطينيين لزمام المبادرة في مواجهة الاحتلال، ومدماكًا في عملية إنعاش الحالة الوطنية داخل الأرض المحتلة في مواجهة مخططات الاحتلال، وتأكيدًا على أهمية المسجد الأقصى في الصراع، وضرورة العمل على الحفاظ عليه بعيدًا عن التدمير أو التهويد.
[1] قصة الأقصى الذي احترق، الإعلام المركزي لحركة فتح، ص 33.
[2] المصدر نفسه، ص 34.
[3]اليوميات الفلسطينية، المجلد العاشر من 1/7/1969إلى 31/12/1969، مركز أبحاث منظمة التحرير، 1970، ص 154.
[4] المصدر نفسه، ص 173.
[5] موقع الجزيرة نت: https://shorturl.at/chqS9
[6] مدونة هنادي القواسمي: https://hanaditalk.wordpress.com/2017
[7] موقع إي بي سي. نيوز: https://2u.pw/WuSrV9u
[8] صحيفة جوروزاليم بوست: https://2u.pw/25jKg3d
[9] المصدر نفسه.
[10]هنادي القواسمة، مصدر سابق.
[11] انظر موقع وكالة الاناضول: https://2u.pw/YY7Qffn
[12] المصدر نفسه.
[13] المصدر نفسه.
[14] لجنة إعمار المسجد الأقصى، مكتب المهندس المقيم، تقارير الإعمار، 1973.
[15] الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، الدراسات الخاصة، المجلد السادس، دراسات القضية الفلسطينية، بيروت، ط1، 1990، ص 890-891.
[16] الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1971، ص 329.
[17] جريدة الشعب 21 آب 1974.
[18] لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك، مصدر سابق.
[19]قصة الأقصى الذي احترق، مصدر سابق، ص 49-52.
[20] اليوميات الفلسطينية، مصدر سابق، ص 156-163.
[21] الكتاب السنوي، مصدر سابق، ص 781-782.
[22] الوثائق الفلسطينية والعربية لعام 1969، مصدر سابق، ص 330-331.
[23] المصدر نفسه، ص 346.
[24] اليوميات الفلسطينية، مصدر سابق، ص 155.
[25] المصدر نفسه، ص 169.
[26] الموسوعة الفلسطينية، القسم العام، المجلد الرابع، 1984، ص 205- 206.
[27] موسوعة رِلِجن ويكي: https://2u.pw/1HhFBHc
[28] اليوميات الفلسطينية، مصدر سابق، ص 169.
[29] المصدر نفسه، ص 154.
[30] قصة الأقصى الذي احترق، مصدر سابق، ص 38-39.
[31] لجنة إعمار المسجد الأقصى، مصدر سابق.
[32] وكالة الاناضول، مصدر سابق.
[33] الكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام 1969، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1972، ص 782.
[34] اليوميات الفلسطينية، مصدر سابق، ص 173.