لوحات فنّيّة.. وصايا الشهداء.. الواصلون باكرًا

لوحات فنّيّة.. وصايا الشهداء.. الواصلون باكرًا
تحميل المادة

رسم: آية الطويل

نصوص: ساري عرابي

  

نشرت منصة إطار، مادة للكاتب ساري عرابي، بعنوان "وصايا الشهداء.. الواصلون باكرًا"[1]، وفي هذه المادة، تعرض المنصة، لوحات رسمتها الفنانة آية الطويل، تجسّد بها بعض اقتباسات مأخوذة من تلك المادة. 

·      التحرير

 


(١)
"أنا استشهدت".. استشهد إبراهيم لمّا قالها، ثمّ استشهد لما بلغته الرصاصة، أي أنّ الوصول سبقالرصاصة، فقال "أنا استشهدت" وهذه شهادة الوصول، وقال ثانية "أنا رايح أستشهد" فما بقي أعظم مماذاق، فعجل إلى ما بقي بيقين ما ذاق سعيًا إلى دوام الرضا..



(٢)
كانت وصايا إبراهيم الثلاث، في موضعها بقدر، حبّه لأمّه، فروحه وإذ هي تسيل تلتقط صورة للطهارةالكاملة، سيلان الطفل من أمّه إلى الحياة الأولى، على نحو يذكّر بالمثل النبويّ للطهارة "كما ولدته أمّه"،ووصيتاه بالوطن، والبارودة، تحقّق مسبق بالوصول، فالشهيد يستبشر بالذي لم يلحق به، وفي هذاالاستبشار الوصية بالوطن والبارودة، والوصية بالبارودة في لحظة الحصار، الاشتباك، الاستشهاد، أيفي اللحظة الحرجة، دوام التزام بالمهمّة والوظيفة والرسالة..


(٣)
يلتفت فادي أبو شخيدم إلى رفاق الدرب، في الدعوة و"العمل الإسلامي"، فالكلام كثير، ولم يمض علىالناس زمن كان فيه الكلام كثيرًا كما هو اليوم، ثمّ ماذا؟ لا بد الموعظة باللحم الحيّ، يعظ الله الناسبكلامه وبرجاله ﴿وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ﴾ ، ومن الرجال من يسعى ليكون الكلمة الإنسانية المثلى، كلمةالشهادة


(٤)
أمّا براء لحلوح، فقد لاحظ أنّ الله لا يشتري إلا النفس الشريفة، والشهادة ذروة الشرف، وإدراك المعنىهذا وصول مبكر، فمن أدرك هذا سعى في تشريف نفسه، بالبلوغ بها إلى التقوى، حينئذ يتخذ الله منالنفوس الشريفة للشهادة ما يشاء


(٥)
يتوسّط المسجد الأقصى قلب وصايا الشهداء، كما يتوسط قلوبهم، وهكذا يؤكد الشهيد على الموقف ممّاتعانيه "المدينة الطاهرة" والمسجد الأقصى، بوسعه كلّه، يستنفد ما وُهب، فينتقل بين الكلمة والرصاصة،فلا يترك نفسًا ولا حبة عرق ولا قطرة دم، إلا ويسكبه وصية، محذرًا من مداخل الهزيمة بقوله: "ولاتستمعوا لمن يقول من أجل من نقاتل؟ ولا نتيجة من قتالنا"


(٦)
يُلاحظ في وصايا الشهداء حملهم همّ الناس من خلفهم يقول الشهيد الفتى غيث يامين :" ما تبكوا لأنو مابحب أزعل حد مني أو حد يبكي بسببي" وهذا الإحساس العالي بالناس، ليس مجرّد إحساس رفيق، وإنماهو، قرار لا ينضب، واستجابة فاعلة له ومن ذلك قول قتيبة زهران عن شهادته إنها "ثأرًا لدماء شهداءفلسطين"


(٧)
قيل إنّ أصول العارفين بنيت على ثلاثة: "لا نطالب أحدًا من الناس بواجب حقنا، ونطالب أنفسنا بحقوقالناس، ونلزم أنفسنا التقصير في جميع ما نأتيه" ، ولو قيل إنّ ما ذكره الشهيد أحمد عامر (17 عامًا)في وصيته  كان أبلغ وهو يقول لأهله: "أريد منكم أن لا تذكروا محاسني بل اذكروا مساوئي ليسامحنيالناس عليها وأكسب أجرها"، لما كان في ذلك أيّ مبالغة


(٨)
الحساسية تجاه الظلم، والدافعية للقيام بالواجب، والرحمة بالخلق، المشتركات الثلاثة في وصايا الشهداءكلّهم، "هذا الطريق اخترته بكامل وعيي، دفاعًا عن وطني وشبابه وبناته، لم أعد أحتمل ما أرى، لكنالذي أعرفه هو أني لم أحتمل"، كما قالت الشهيدة رشا عويصي (23 عامًا)


(٩)
وما قاله هؤلاء الشهداء، على قصر أعمارهم، وفي بلاغة لا تحجبها عفوية العبارة، حكم بالغة، فيشأن الإنسان والدنيا والوجود والمآل، والحق والأخلاق والواجب، والمسؤولية والصراع والتدافع، وماذلك إلا من الوصول الباكر، والإسراع قبل قطع الوصول بالتفاتة يستوجبها القصور

[1]. https://bit.ly/3DQyPlX