ماذا ألّف الفلسطينيون في السنوات الثلاث الأخيرة قبل النكبة؟! تقرير تاريخي مستخلص من مجلة الكتاب المصرية

ماذا ألّف الفلسطينيون في السنوات الثلاث الأخيرة قبل النكبة؟!  تقرير تاريخي مستخلص من مجلة الكتاب المصرية
تحميل المادة

على سبيل التقديم..

مع انتهاء معرض فلسطين الدولي للكتاب (7 – 17 أيلول/ سبتمبر 2023)، تنشر منصة إطار هذا التقرير التاريخي حول حركة التأليف والنشر في فلسطين في السنوات الثلاث الأخيرة قبل النكبة عام 1948، باستخلاص خبر الكتاب الفلسطيني من مجلة "الكتاب" المصرية، والتي نوّهت كذلك إلى معرض الكتاب الفلسطيني الأوّل الذي أقامه الفلسطينيون في بيت المقدس، ورافقه جهد بذله منظّموه لحصر الكتب التي ألّفها الفلسطينيون في نصف قرن حتى تاريخ المعرض في تشرين الأول/ أكتوبر في العام 1946، وتتوخّى هذه المادة المساعدة في التنبيه إلى أفكار بحثية، من مصادر مغمورة، حول التاريخ الثقافي الفلسطيني.

·      التحرير

 

مدخل

صدر العدد الأوّل من مجلة "الكتاب" المصرية عن "دار المعارف" في تشرين الثاني/ نوفمبر 1945، ومنذ هذا العدد والمجلة تحمل أخبار النشاط الثقافي في فلسطين، بما في ذلك ما يصدره الفلسطينيون من كتب، وقد جاءت الأخبار الثقافية عن فلسطين، في إطار عدد من الأبواب، منها "أنباء"، الذي تُعرَضُ فيه الأخبار الثقافية في عدد من البلدان، تبدأ بمصر، ثم تتلوها فلسطين، فلبنان، وسوريا، والعراق، وإنجلترا، وفرنسا، وفي وقت لاحق أضيف السودان بعد مصر، بوصفهما مملكةً واحدةً، ثمّ تأتي فلسطين بعد ذلك، ثمّ أضيفت الأخبار الثقافية من "شمال إفريقيا" والتي تأتي غالبًا من ليبيا وتونس، وأضيفت كذلك روسيا، وأمريكا، والهند.

كذلك كان من أدوات رصد الحركة الثقافية في العالم العربي، وفي إطار نقديّ، باب "في كفّة الميزان"، والذي يتناول آخر الإصدارات العربية، إمّا بالنقد، وإمّا بالتعريف، وكان لبعض الإصدارات الثقافية الفلسطينية، نصيبها من التعريف، أو من المعارك النقدية التي تسلسلت في أعداد متتالية للمجلة، ثمّ بدأت المجلة، من عددها الثالث، الصادر في كانون الثاني/ يناير 1946 في عرض قراءة سنوية شاملة لاتجاهات التأليف في العالم العربي، بما يشمل فلسطين، والتي لم يقتصر حضورها في المجلة على هذه الأبواب فقط، بل ساهم الفلسطينيون في نشر مقالاتهم على صفحاتها، بالإضافة إلى باب وضعته المجلة تاليًا للتنويه بالكتب التي وصلت مكتبتها، وكان منها كتب فلسطينية.

هذا الرصد التاريخي لجانب من الحركة الثقافية في فلسطين، أثناء الانتداب البريطاني، بين يديّ النكبة، من خلال إحدى المجلات العربية، التي تُعنى بأخبار الكتاب والنشاط الثقافي العربي، مهمّ في توثيق الاتصال الفلسطيني الثقافي بالمحيط العربي، وفي ملاحظة النموّ الاجتماعي قبيل النكبة، وأثر الانتداب البريطاني على فلسطين، وعلى الحركة الثقافية والتعليمية فيها، وذلك بالنظر إلى الإدارة الانتدابية التي خصّت فلسطين بسياسات فيها قدر واضحٌ من التمايز عن بقيّة الوحدات السياسية العربية الجديدة المنبثقة عن تفكّك الدولة العثمانية لصالح القوى الاستعمارية؛ بريطانيا وفرنسا؛ بهدف التمهيد لتأسيس كيان قومي يهودي في فلسطين. يُضاف إلى ذلك أنّ المجلة كانت تهتمّ برصد ما يُكتب عن القضية الفلسطينية في المحيط العربي، وفي دول العالم، كروسيا وأمريكا وإنجلترا وفرنسا.

لا تسعى هذه المادة لحصر كلّ ما اتصل بالنشاط الثقافي في فلسطين، أو ما كتب عن قضيتها، من خلال مجلة الكتاب، إذ يتطلب ذلك جردًا دقيقًا لجميع صفحات المجلة، لكنّها تسعى لاستكشاف اتجاهات التأليف في فلسطين، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 1945، وحتى أيار/ مايو 1948، وهو الشهر الذي لم تعد فيه المجلة قادرةً على استقبال الأخبار الثقافية من فلسطين، مع أحداث حرب العام 1948، والتي خلقت بدورها انقلابًا كاملاً في عالم الفلسطينيين، شلّ، بالضرورة، الحركة الثقافية فيها إلى حين، وقد عبّرت المجلة عن توقف ورود الأخبار الفلسطينية إليها بقولها: "حالت الأحداث الجارية اليوم في فلسطين الشهيدة دون وصول رسالة مراسلنا بها هذا الشهر. نسأل الله الكريم أن يكشف هذه الغمّة، وأن يكلأ العرب ويرعاهم، وأن يشدّ أزرهم في جهادهم، وأن يضفي على الأرض المقدسة، وبلاد العرب جمعاء، الأمن والسلام".[1]

نعتمد في كتابة هذا التقرير التاريخي، على باب "اتجاهات التأليف" الذي كانت تضعه المجلة في العدد الأوّل من كل سنة لرصد اتجاهات التأليف في العالم العربي خلال العام السابق، ولأنّ عرض المجلة في هذا الباب كان يقصُر أحيانًا عن بعض ما تذكره في أبواب أخرى، فقد كنّا أحيانًا نستكمل النقص من الأبواب الأخرى تلك، مثل زاوية "أنباء"، وهو الأمر الذي كان يحول دون ضبط موضوعي أو زمني دقيق لحصر الكتب، ولأنّ مرجعية المادة الأساسية هي المجلدات الخمسة الأولى من المجلة، ولأنّ الاعتماد بالدرجة الأولى على باب محدد هو "اتجاهات التأليف" فقد كنّا لا نلتزم بالتوثيق المستمرّ على طول عرض المادة.

مجلة الكتاب

مجلد من مجلة الكتاب المصرية

الكتاب الفلسطيني منذ بدايات الانتداب البريطاني

تظلّ إحصائيات حركة التأليف في فلسطين، في ظلّ الانتداب البريطاني، تقريبيةً، وبالرغم من ذلك، فإنّ لجنة الثقافة العربية في فلسطين، أعدت كتابًا إحصائيًّا بمناسبة معرض الكتاب العربي الذي سيقام في بيت المقدس، وسيشمل جميع المؤلفات العربية التي وُضِعت في ربع القرن الأخير (حتى العام 1946)[2]، بحسب خبر مجلة الكتاب، وإن كان استعراض الكتاب الإحصائي بيّن أنّ الأمر قارب النصف قرن. وفي حين أنّ المجلة لم تأت تاليًا على ذكر هذا المعرض، والذي هو أوّل معرض للكتاب في فلسطين، فإنّ المعرض قد أقيم بالفعل في القدس، من 11 إلى 20 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1946،[3] بإشراف كلّ من إسحاق موسى الحسيني، وعبد الحميد ياسين، ونقولا زيادة، من أعضاء لجنة الثقافة العربية[4].

شمل هذا المعرض، بحسب خبر لصحيفة فلسطين في حينه، 600 عنوان، منها 140 باللغات الأجنبية، لاسيما الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وما ألّفه الفلسطينيون في نصف قرن حتى تاريخ المعرض، وقد غلب على المؤلفات الفلسطينية، الكتب المدرسية[5]، وسوف يظهر أنّ الجهد الفلسطيني في التأليف المدرسي كان كبيرًا طوال السنوات الأخيرة قبيل النكبة، بما يدلّ على نموّ التعليم المدرسي خلال هذه السنوات، وبما جعل من المؤلفات الفلسطينية المدرسية تاليًا، أساسًا للتعليم المدرسي في بعض البلاد العربية، كشرقيّ الأردن، والكويت.

وأمّا الكتاب الإحصائي الذي أصدرته لجنة الثقافة العربية في فلسطين، فقد تضمّن تنبيهًا إلى أنّ العملية الإحصائية لما كُتِب في فلسطين بالغة الصعوبة، ومن ثمّ فإنّه لا يمكن القطع بما ألّفه الفلسطينيون في تلك الفترة سواء صدر داخل فلسطين أم خارجها. وقد تحدث الكتاب، في التدليل على ذلك عن موقف طريف، مع خليل بيدس الذي كان يظنّ أنّه ألف ثلاثة عشر كتابًا فقط، بيد أنّ اللجنة أحصت له 44 كتابًا، وفي حين أنّ الاعتقاد ساد بأنّ الفترة المتأخرة من الحكم العثماني في فلسطين، تُمثّل السنوات العجاف من الحياة الثقافية في فلسطين (بحسب لجنة الثقافة العربية في فلسطين)، فإنّ مطبعةً واحدةً في بيت المقدس، هي مطبعة جورج حنانيا، طبعت من سنة 1892 إلى سنة 1909، 281 كتابًا باللغة العربية، وبعض اللغات الأوروبية[6]، وكانت مجلة "الذخيرة"، وفي سياق حديثها عن معرض الكتاب العربي الفلسطيني الأوّل في بيت المقدس، قد قالت إنّ "حظّ المؤلف الفلسطيني أسوأ الحظوظ من حيث الدعاية والنشر، فالكتّاب كثيرون والمؤلّفات كثيرة، لو ظهرت جميعها إلى السوق لكانت مصدر دهشة عظيمة للأقطار العربية التي تكاد تجهل كلّ شيء عن النهضة الثقافية في فلسطين".[7] وإن كان نقولا زيادة أحد القائمين على المعرض، في محاضرة له، انتقد الكتب الفلسطينية المعروضة، وعدّها دون المستوى المطلوب، ذاهبًا إلى أنّ الفلسطينيين يخضعون "للاستعمار الفكري المصري"!، وهو ما ردّت عليه إحدى مقالات مجلة "الذخيرة" قائلة إنّ الفكر المصريّ هو عينه الفكر الفلسطيني، وإنّ قوله في الكتاب الفلسطيني نظرة جائرة[8]، ويمكن لهذه السجالات، حين العودة إليها، المساهمة في تحليل الاتجاهات السياسية والفكرية للناشطين في حقل الثقافة الفلسطينية حينها.

لم يرقِّم الكتاب الإحصائي الذي أصدرته لجنة الثقافة العربية، الكتب التي أحصاها، لكن حين عدِّنا لها وجدناها أكثر من 600 كتاب باللغة العربية، بالإضافة إلى عدد من الكتب باللغات الأوروبية، وهو ما يعني أنّ عدد الكتب المعروضة في معرض الكتاب العربي الأوّل في فلسطين، أكثر مما هو مذكور في خبر صحيفة فلسطين أعلاه، وهو ما ذكرته مجلة "الذخيرة"، إذ زادت الكتب المعروضة عن 800[9]، كما أنّ النسخة المصوّرة لهذا الكتاب التي حصلنا عليها، لم تكن في حالة تسمح لنا بالعدّ الصحيح، أو بالنظر في تواريخ إصدار الكتب، كون التصوير اقتَطع من أطراف صفحات الكتاب، بيد أنّ بعض الكتب ظهر أنّها صدرت في مطلع القرن الماضي، مثل العام 1902، وعلى أيّة حال، فإنّ إصدار كتاب إحصائيّ لكلّ ما كتبه الفلسطينيون في ذلك الوقت، وفي مثل تلك الظروف، هو فكرة رائدة، يمكن استرجاعها اليوم بالاعتماد على نسخة صحيحة، للتعرّف إلى الجهد الثقافي والمعرفي للفلسطينيين، واتجاهاته، في النصف الأول من القرن الماضي وحتى أواخر العام 1946.

الكتاب العربي الفلسطيني

الكتاب العربي الفلسطيني منشور 1946

1945 .. الوعي والكتاب المدرسيّ

بالعودة إلى مجلة "الكتاب" المصرية، وبنحو تقريبي، فإنّها في رصدها لاتجاهات التأليف في فلسطين للعام 1945، تذكر أنّ عدد الكتب التي ألفها الفلسطينيون عام 1919 بلغ 28 كتابًا، ثمّ 20 كتابًا في العام 1920، ثمّ 18 كتابًا في كل من عاميّ 1933 و1940، ويهبط العدد إلى 16 كتابًا عام 1935، ولم يصدر أيّ كتاب عام 1922، وفيما يبدو خطأ مطبعيًّا فقد عادت وذكرت أنّه صدر كتابان فقط عام 1920، بما يتعارض مع ما ذكرته من قبلُ من صدور 20 كتابًا في هذا العام، فلعلّ المقصود هو العام 1930، ليرتفع الرقم إلى العدد الأعلى منذ العام 1919 بواقع 30 كتابًا عام 1945.[10]، وحين مقارنة هذه الأرقام، بما ذكره كتاب "الكتاب العربي الفلسطيني" من كون مطبعة فلسطينية واحدة، أصدرت في الفترة العثمانية المتأخّرة في 17 عامًا ما مجموعه 281 كتابًا، أي بواقع 16 كتابًا في العام الواحد لمطبعة واحدة، يتضح التراجع الهائل في التأليف في فلسطين بعد الانتداب البريطاني.

تعزو المجلة ارتفاع الكتب الفلسطينية في العام 1945، إلى ارتفاع الوعي الذي تتجلّى آثاره في مختلف نواحي الحياة العربية، وارتفاع عدد طلاب المدارس الابتدائية والثانوية في القرى والمدن، وما أثارته الصحف من رغبة في القراءة في فترة الحرب، وقد جاء هذا الارتفاع بالرغم من أزمة الورق التي أثّرت على حركة الطباعة في المشرق العربي كله.

حين الحديث عن ارتفاع عدد طلاب المدارس، سوف يلاحظ أنّ ذلك ظلّ خبرًا مطردًا في المجلة، فقد نشرت في عددها الأوّل خبرًا عن التقرير السنوي لدائرة المعارف العامة لسنة 1942 – 1943، ورد فيه أن مجموع المدارس العربية في فلسطين بين سنتي 1941 و1942 بلغ 770 مدرسةً تضم 96928 طالبًا، بينما انخفض عدد المدارس في العام الذي يليه إلى 745 مدرسة مع ارتفاع عدد الطلاب إلى 98800، في مقابل 751 مدرسة يهودية في العام الأول، و785 مدرسة في العام الذي يليه، وهي نسبة غير متكافئة بين عدد السكان الأصليين، وبين المستوطنين اليهود قبل الإعلان عن الكيان الصهيوني. إلا أنّ السعي لتطوير التعليم في فلسطين، وردم الفجوة بين المدارس العربية واليهودية، بزيادة عدد المدارس العربية، ظلّ قائمًا، ومن أمثلته ما نشرته المجلة أنّ قريةً عربيةً واحدةً في فلسطين جمعت في يوم واحد 12316 جنيهًا من أجل إنشاء مدرسة جديدة فيها، ومجموع ما قدمته القرى العربية من تبرعات في عام واحد بلغ 60 ألف جنيه[11]، وفي خبر آخر قالت المجلة، إنّ التعليم الثانوي في مدارس الحكومة كان مقصورًا على صفّ واحد أو صفّين في بعض المدن الكبيرة، ولكنّه تقرّر أن تزداد الصفوف الثانوية إلى أن تصبح كاملةً في عدة مدارس في المدن الكبيرة، بما يخفف الضغط عن مدرستي القدس الثانويتين الكاملتين[12]، وهكذا تكررت أخبار المدارس في فلسطين باستمرار، بالإضافة إلى أخبار الابتعاث إلى الخارج، سواء إلى البلاد العربية، لاسيما مصر، أو البلاد الأجنبية، لاسيما إنجلترا.

ينعكس هذا الاهتمام بالتعليم على اتجاهات التأليف، بالتركيز على الكتاب المدرسي، الذي كان من أمثلته التي ألفت في العام 1945 كتاب "الديك الشاطر" لإسطفان حنا إسطفان وهو الكتاب الذي وصفته المجلة بأول أقصوصة شعبية تُطبع للأطفال في فلسطين، وكتاب "العروض السهل" لإسحاق موسى الحسيني.

بيد أنّ عددًا من المؤلفات المهمة، صدرت عن فلسطينيين في هذا العام وإن طُبعت خارج فلسطين، لاسيما في حقل الترجمة، مثل "حضارة العرب" لغوستاف لوبون، بترجمة عادل زعيتر، و"حياة محمد" لإميل درمنغم وترجمة عادل زعيتر كذلك، وقد صارت ترجمة عادل زعيتر لكتاب "حضارة العرب" موضوع سجال أدبي بينه وبين محمود اللبابيدي من حلب، الذي بدأ بنقد ترجمة زعيتر لكتاب حضارة العرب منذ العدد السابع للمجلة[13]، فكتب كل منهما مقالتين في الرد على الآخر، ثمّ عاد اللبابيدي لينقد غوستاف لوبون في كتابه هذا في عدد من المقالات المتتالية، في حين بقي عادل زعيتر من أهمّ الأسماء الفلسطينية حضورًا في المجلة في السنوات التالية، ومن ذلك خبر ترجمته كتاب "نابليون" لإميل لودفيغ، عن الفرنسية، وهو الكتاب الذي ترجمه عن الألمانية محمود إبراهيم الدسوقي، وكذلك ترجمة عادل زعيتر لكتاب "حضارات الهند" لغوستاف لوبون، وترجمته لكتاب "ابن الإنسان" لإيميل لودفيغ، وترجمته "تاريخ العرب العام" للويس سيدو.

صدرت كذلك في العام 1945 كتب لافتة في التاريخ، مثل "الإقطاع في الإسلام" و"الحروب الصليبية" لرفيق التميمي، و"شخصيات عربية تاريخية"، و"وثبة العرب" لنقولا زيادة، وفي حقل الاجتماع صدرت كتب من قبيل "خطرات ريفية" لحسن مصطفى، و"عودة السفينة" لإسحاق موسى الحسيني، وفي القضية الفلسطينية صدر كتاب "الصهيونية" لسعدي بسيسو، و"العقدة الفلسطينية" لعصبة التحرير الوطني، وقد ذكرت المجلة في عدد كانون الثاني/ يناير 1946[14]، أن أنور نسيبة ترجم كتاب "فلسطين.. الحقيقة" لجفريز الإنجليزي، بما يجعله كتابًا ثالثًا في السياسة، ومضافًا إلى الكتب المترجمة كذلك.

في الأدب صدر "فن إنشاء الشعر العربي" لإسحاق موسى الحسيني، والأب إسفطان سالم، و"قصة شهرزاد" لميرزا بشير الدين، وصدر من دواوين الشعر "أفراح الربيع" لحسن البحيري، و"الذكريات" لقيصر خوري، بالإضافة لكتب من حقول أخرى مثل "المعرفة التجارية" لمحمد يونس الحسيني، و"طرائف العلماء" لعلي شعث وهو حلقة من سلسلة، وصدرت كتب في التربية المسيحية، وهي "التكريس لقلب مريم والحياة المسيحية الحقة"، و"فلنكوّن الشبيبة ونهذبها" وهو مترجم عن الإيطالية، وكلاهما لمطران اللاتين، و"دروس التاريخ المقدس" للخوري أنطون الفرغاني.

وفيما يتعلق بالمجلات، نشرت المجلة أخبارًا في عدد كانون الثاني/ يناير 1946، عن عدد من المجلات، مما يعني أنّها صدرت، أو كانت تصدر في العام 1945، وهي؛ مجلة طبية نصفها بالعربية ونصفها الآخر بالإنجليزية، تصدرها الجمعية الطبية العربية في القدس، ومجلة تجارية تصدر عن الغرفة التجارية بحيفا، ومجلة "الهدف" لمتابعة شؤون الرياضة والسينما والحياة الاجتماعية، بالإضافة لمجلة "المستقبل" التي أشارت مجلة الكتاب المصرية إلى كونها ستصدر لاحقًا، ومجلة "المنتدى" التي قالت إنها ستدخل في طور جديد.

واستطرادًا مع العام 1945، فقد صدر عن القضية الفلسطينية في العراق، كتابان، بحسب عرض المجلة، وهما "الصهيونية والمشكلة اليهودية"، بترجمة موسى حبيب، و"فلسطين رمز جهاد العرب" لوليم أرنست هوكنغ والسرجون هوب سمبسون، وبترجمة هاشم الحلي، وحسن الدجيلي.

 

خبر صحيفة فلسطين

خبر في صحيفة فلسطين عن معرض الكتاب العربي الفلسطيني الأوّل في بيت المقدس 13 تشرين الأول/ أكتوبر 1946

1946 .. تألق التأليف

مثّل العام 1946 قفزةً في عدد المؤلفات الفلسطينية منذ العام 1919، فقد بلغ ما أصدره الفلسطينيون، في هذا العام (1946) 60 كتابًا، بزيادة 100‎%‎ عن العام الذي سبقه، كان عدد الكتاب المدرسية منها 19 كتابًا بعضها في أكثر من جزء، وفسّرت المجلة الارتفاع المستمرّ في الكتب المدرسية، بقولها: "فالكتب المدرسية أكثر رواجًا وأبعد انتشارًا، ومن جهة أخرى فإنّ عدد طلاب المدارس في ازدياد مطرد كلّ عام، ومستوى التعليم ارتقى حتى أصبح ثانويًّا كاملاً في بضع مدارس حكومية، علاوة على المدارس الأهلية، وشبه ثانوي في الكثير من المدارس الابتدائية.[15]"

غلب على الكتب المدرسية، نموذج السلاسل التعليمية، وتناولت الجغرافيا المصورة، والطرائف، والمحفوظات، ومبادئ الدين الإسلامي، والهندسة، وتمثيليات للأطفال، وقصصًا، وكتبَ تاريخ. وفي المقابل كانت كتب الثقافة العامة أقلّ حضورًا، بسبب ضيق سوق النشر في فلسطين وفي الأقطار العربية، بحسب تفسير المجلة، التي أكّدت أن نفقات الطباعة في فلسطين تزيد على ما هي عليه في أيّ قطر عربي آخر.

بيد أنّ ذلك لا يلغي وجود إصدارات مهمة، منها ترجمات لافتة، كترجمة "الإلياذة" لعنبرة سلام الخالدي، و"أقنعة الحب" لوليم شتيكل، ترجمة أحمد سميح الخالدي، و"نابليون" ترجمة عادل زعيتر، وقد سبقت الإشارة إليه، و"فلسطين الحقيقة" الذي سبقت الإشارة إليه.

في المقابل زادت الدواوين الشعرية، ومنها "المرسحية الشعرية" لمحسن حسن علاء الدين، و"العنقود" لإسكندر الخوري البيتجالي، "والحرب العالمية الثانية شعرًا" له أيضًا، و"ابتسام الضحى" لحسن البحيري، و"ديوان الفلسطينيات" لوديع البستاني، و"شكوى ملكة اللغات إلى ملوكها" للأب جبرائيل سويدان، وذلك في الوقت الذي أقيم فيه مهرجانان للشعر في فلسطين، وقد لا يكون بعيدًا ما فسّرت به المجلة هذا الاختلال بين ندرة التأليف السياسي والاجتماعي مقابل النشاط الأدبي، بذهابها إلى أن الأوقات العصيبة تدفع الناس لمعالجة قلقها بالأدب.

وعلى أية حال فقد امتاز العام 1946 بثلاثة إصدارات تراثية مهمة، بعناية أحمد سامح الخالدي، وهي "الإعلام بفضائل الشام" لأحمد بن علي بن عمر بن صالح المنيني، و"مثير الغرام بفضائل القدس والشام" لأبي محمود بن تميم المقدسي، و"ملخص ثلاث رحلات في ديار الشام"، هكذا سمّت المجلة الكتاب الثالث، ولعلّ صوابه "رحلات في ديار الشام". وفي سنين تالية، نُشِر لأحمد سامح الخالدي سلسلة مقالات في مجلة "الرسالة" المصرية، لصاحبها أحمد حسن الزيات، بعنوان "رحلات في ديار الشام في القرن الثامن عشر/ الثاني عشر الهجري"، كانت الحلقة الأولى منها بعنوان: "الحلة الذهبية في الرحلة الحلبية"، لمصطفى البكري الصديقي[16]، وأتمّها في حلقة ثانية[17]، ثم نشر في خمس حلقات رحلة مصطفى بكري الصديقي، بعنوان "إردان حلة الإحسان في الرحلة إلى جبل لبنان"[18]، وقد صدر أخيرًا، في العام 2009، عن الهيئة العامة السورية للكتاب بمناسبة اختيار القدس عاصمةً للثقافة العربية لعام 2009 كتاب بعنوان "رحلات من دمشق إلى القدس" لأحمد سامح الخالدي، من إعداد وضبط خيري الذهبي، يضم ثلاث رحلات، لثلاثة أعلام وهم عبد الغني النابلسي ومصطفى البكري الصديقي ومصطفى أسعد الدمياطي. وأحمد سامح الخالدي، كاتب غزير الإنتاج متعدد الاهتمامات، له كذلك في حقول التاريخ والتراث، "رجال الحكم والادارة في فلسطين: من عهد الخلفاء الراشدين الى القرن الرابع عشر الهجري"، و"أهل العلم بين مصر وفلسطين"، و"المعاهد المصرية في بيت المقدس"، و"ترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام" للعز بن عبد السلام السلمي.

ومما ذكرته المجلة مما صدر في العام 1946، كتاب عن رياضة الملاكمة، وكتاب ضمن سلسلة تُدعى "من هو؟" وثلاثة كتب ضمن سلسلة الثقافة العامة. وكانت المجلة في عدد شباط/ فبراير 1946، في عرضها للأنباء الثقافية القادمة من فلسطين، قد أشارت إلى ترجمة عبد الوهاب ياغي كتاب "الإنجليز.. هل هم بشر" وقالت إنه سيطبع في القدس، وأشارت كذلك إلى أنّه وضع كتابًا عن أدب الإمام الشافعي، وهو ما لم تذكره في تحليلها لاتجاهات التأليف في فلسطين، وأشارت في عدد آذار/ مارس من العام نفسه إلى ظهور "مرسحية شعرية" بعنوان "امرؤ القيس بن حجر" للشاعر محمد حسن علاء الدين، والذي له كذلك من المؤلفات "قصائد في الوحدة العربية"، و"فن جديد" يبحث في تأثير الروائح في الأحاسيس، كما أشارت إلى كتاب للشاعر محمد خرشيد العدناني بعنوان "مذكرات مريض" يتحدث فيه عن مرض له عانى منه طويلاً.

يعني ذلك أنّ تحليل المجلة لاتجاهات التأليف في العام 1946 لم يكن مستوعِبًا لجميع ما أصدره الفلسطينيون، فقد ذكرت في أعداد العام 1946 كتبًا أخرى لم تذكرها في سياق تحليل الاتجاهات، سبقت الإشارة إلى بعضها، ويُمكن أن يضاف إليها؛ على سبيل المثال، "من البنسلين إلى القنبلة الذرية" لعلي شعث، و"ذكاء القاضي" تمثيلية للأولاد لنصري الجوزي، و"رحلة في إف 99" لعبد الرحمن أبو درة، و"بين العلم والأدب" ويحوي 37 محاضرةً ومقالةً لقدري حافظ طوقان، وكان قد ظهر لقدري طوقان قبل ذلك كتاب "تراث العرب العلمي" و"نواحٍ مجيدة من الثقافة الإسلامية"، وسوف يصدر له تاليًا في العام 1947 كتاب "جمال الدين الأفغاني"، و"أقاصيص" لعبد الحميد ياسين، ويحوي 8 قصص مترجمة ومؤلفة، و"عراقيل في طريق الشباب" لأحمد زكي بيك، وهو في أصله محاضرة ألقاها في يافا والقدس بدعوة من اتحاد الأندية الثقافي بيافا، والجزء الثاني من كتاب "ما تيسر" لخليل السكاكيني، وكتاب "القصص التاريخية" لمحمود زايد، ومسرحية شعرية لمحيي الدين الحاج عيسى، موضوعها "مصرع كليب وائل"، وكتاب "الحياة المثالية" لإبراهيم مطر.

كما أنه كان قد صدر لخليل بيدس ثلاثة مجاميع قصصية هي "أسرار الحياة" و"أحلام الحياة" و"صور الحياة"، وصدر لمحمد عزة دروزة، وهو من أهم الأعلام الفلسطينية في حقلي الثقافة والسياسة، "القومية العربية" و"عصر النبي عليه السلام وبيئته قبل البعثة" وصدرا في سوريا، و"تركيا الحديثة" وصدر في لبنان، و"أخي إبراهيم" للشاعرة فدوى طوقان عن أخيها إبراهيم طوقان، و"صوت الضمير وقصص أخرى" لتحسين الأمعري، وتمثيلية "تراث الآباء" لنصري خوري، و"كيف نكسب الأصدقاء" لجميل أبو ميزر، و"العقد الذهبي" لجمال الدين حجازي، وعدد آخر من عناوين الكتب المدرسية.

وأمّا المجلات، فقد صدر في هذا العام (1946) مجلات: "الجيل"، عن الاتحاد الرياضي الفلسطيني، و"القافلة"، عن نادي الاتحاد القروي، و"المهماز"، عن فريق من الشبان في حيفا، ونشرة فنية عن فرقة الثقافة والفنون المقدسية، ومجلة "الذخيرة" للعلوم والآداب والفنون.

وفيما كُتب عن القضية الفلسطينية من غير الفلسطينيين، رصدت المجلة عددًا من الكتب، بعضها في سوريا مثل "الوحدة العربية ومشروع سوريا الكبرى والقضية الفلسطينية" لكامل القطان، وتحقيق صحفي موسع بعنوان "هؤلاء هم اليهود" لبشير قعدان ووفيق شالاتي، وبعضها في العراق مثل "العرب والمشكلة اليهودية" لقاسم حسن المحامي، وبعضها في مصر مثل "صوت الشعر في قضية فلسطين" لمحمد صادق عرنوس، وبعضها في لبنان مثل "قضية فلسطين" لنجيب صدقة، وبعضها في إنجلترا مثل "العصيان في فلسطين" لمؤلفه ج. مارلو، وكتاب “Nisi Dominus”الذي تقول المجلة إنه كتاب يتحدث عن تاريخ فلسطين منذ أيام إبراهيم ويوجز تاريخ اليهود حتى الحركة الصهيونية، ويعرض لوعد بلفور والظروف التي لابسته، وكتاب "فلسطين المشكلة والموعد"، وكتب ألفها يهود أمريكيون من وجهة نظر صهيونية عن فلسطين، وقُدّمت في جامعة موسكو بروسيا رسالة دكتوراة عن قضية فلسطين، ونشرت المجلة في عدد كانون الأول/ ديسمبر 1946 أنّ الشاعر رشيد سليم الخوري المعروف بالشاعر القروي، جعل ريع ديوانه "الأعاصير" لصالح مشروع صندوق الأمة العربية لإغاثة فلسطين.

وأخيرًا ختمت المجلة العام ‏1946 بإحصائية تفيد أن عدد الكتب في فلسطين بين عامي 1924 و1935 بلغت زهاء 309 كتب.

من أنباء مجلة الكتاب عن فلسطين

من أنباء مجلة الكتاب عن فلسطين

 

1947 .. الكتاب يسابق النكبة

بلغت الكتب التي أصدرها الفلسطينيون في العام 1947 زهاء الـ 50 كتابًا في تراجع عمّا كان عليه الحال في العام الذي سبقه، وعبّرت المجلة عن ذلك بقولها: "وهذا الانخفاض اليسير لا شأن له في بلد كفلسطين يعيش فيه المؤلف في جو مضطرب، لا يعرف في يومه ما يجيء به غده، ويتحدث إلى شعب قلق تساوره الهموم والأحزان"[19].

تشعبت اتجاهات الكتابة في هذا العام (1947) على النحو التالي: الاتجاه المدرسي، والذي تنوعّت موضوعاته في القصة وقواعد اللغة العربية والجبر والزراعة والعروض والقراءة والدين والترجمة. والاتجاه التاريخي، والذي كان من كتبه "التطور الاجتماعي والاقتصادي في فلسطين العربية"، لمحمد يونس الحسيني، و"رجال الحكم والإدارة في فلسطين من الخلفاء الراشدين إلى القرن الرابع عشر الهجري" لأحمد سامح الخالدي، وقد سبقت الإشارة إليه، و"تاريخ الحرم القدسي" لعارف العارف، و"بلادنا فلسطين" لمصطفى مراد الدباغ.

ويدخل في هذا الحقل أدب الرحلات، والذي صدر فيه، "من القدس إلى لندن" لعزمي النشاشيبي، و"من القدس إلى واشنطن" لأحمد الشقيري، و"رحلة إلى بريطانيا" للضابط الأردني عبد الله التلّ، ويجدر التنويه إلى أن المجلة كانت تدرج الأخبار الثقافية في شرقيّ الأردن، وهي قليلة، من ضمن الأخبار الثقافية في فلسطين.

في الاتجاه الأدبي، وفي حقل القصة والرواية، نجد كتاب "تشيخوف" لنجاتي صدقي، و"الحياة بعد الموت" لإسكندر الخوري، و"وطن الشهيد" وهي قصة وطنية شعرية لبرهان الدين العيوشي، و"الأشباح الحمر" لكامل نعمة، و"السفاحة" لجبرائيل خليف، و"خالد وفاتنة" ليوسف راضي عبد الهادي، و"عبر الحياة" لخليل بيدس، و"الملك سيف بن ذي يزن" لتوفيق أبي السعود. وفي سياقات أخرى ذكرت المجلة صدور "الهر الأليف" وهو الحلقة الأولى من سلسلة "سمير الطلبة" لشوكت عبد الهادي، وجرت الإشارة إلى أنه سيصدر له كذلك "الكلب الأمين" وهي كتب ذات طابع مدرسي، يمكن أن تندرج في كل من الاتجاهين الأدبي والمدرسي.

وفي الاتجاه الأدبي نفسه، تحدّثت المجلة عن كتاب "على السرير" لمحمد العدناني، ولعله الكتاب نفسه الذي سبقت الإشارة إليه بعنوان "مذكرات مريض"، و"حديث الصومعة" لإبراهيم الدباغ، وهو مجموعة رسائل أرسلها لابن أخيه، وغير بعيد عن الاتجاه الأدبي كتاب "شعراء فلسطين العربية في ثورتها القومية" لإبراهيم عبد الستار.

وفي اتجاه الثقافة العامّة، يمكن إدراج الكتب: "في ظلال المجد" لمحمد رشدي الخياط، وهو مشاهد من تاريخ العرب القديم والحديث، و"سدنة التراث العلمي" لروكس العزيزي يترجم فيه للعلامة أنستاس الكرملي، و"جمال الدين الأفغاني" لقدري طوقان، وقد سبقت الإشارة إليه، و"عالم العصور الوسطى في أوروبا" لنقولا زيادة، و"على هامش الدفاع عن البلاغة"، لأبي بكر النحري، وهو ردّ على كتاب "دفاع عن البلاغة" لأحمد حسن الزيات، و"الناطقون بالضاد في أمريكا" المترجم عن الإنجليزية للبدوي الملثم، و"دماء ودموع" لعيسى السفري، وهو مقالات في السياسة والاجتماع، و"طريق فلسطين إلى الحرية" لعصبة التحرر الوطني، و"رسالة بالإنجليزية عن بعض نواحي التاريخ الإسلامي في صدر الإسلام" لعبد اللطيف الطيباوي، و"صور من الحياة العربية" لنقولا زيادة.

وفي حقل الترجمة، وبالإضافة إلى كتاب "ابن الإنسان" الذي ترجمه عادل زعيتر، وسبقت الإشارة إليه، فقد ترجمت عنبرة سلام الخادي، "الأوديسة" لهوميروس. وكانت المجلة في حديثها عن أنباء فلسطين قد نشرت خبرًا عن جهود يبذلها الشاعر وديع البستاني لنشر مجموع من الأدب الهندي القديم نقله للعربية، شعرًا ونثرًا، كالرامايانا والمهبراتا وقصة نالا دواينتي ومسرحية الخاتم المفقود، وبضعة أبواب من كليلة ودمنة عن الأصل السنسكريتي.

ولم تذكر المجلة في اتجاهات التأليف في فلسطين ترجمة وديع البستاني لكتاب "خمسون عامًا في فلسطين" للموصوفة بصديقة العرب فرنسيس إملي نيوتن، ولكنها نوّهت إليه في بعض أعدادها ضمن مجموع الكتب التي وصلت مكتبتها، وهو كتاب صدر بالفعل عن مطبعة صادر في بيروت العام 1947، وعادت المجلة وعرّفت به في عدد تموز/ يوليو 1948 بعد وقوع نكبة فلسطين.

بالإضافة إلى ذلك، ذكرت المجلة، صدور كتاب رياضي لحسين حسني، وآخر عن تغذية الطفل للدكتور جورج ديب، وكتاب عن شجرة الزيتون، صدر في شرقيّ الأردن.

وبخصوص المجلات التي صدرت هذا العام (1947)، كانت مجلة "المنبر" التي يصدرها اتحاد النوادي الأرثذوكسية في القدس، وصدرت مجلة "المنتدى" بثوب جديد واسم جديد هو "القافلة"، وكانت جرت الإشارة في عدد كانون الثاني/ يناير 1946 لمجلة المنتدى وكونها ستصدر في طور جديد، وكذا ذكرت في إصدارات العام 1946 مجلة "القافلة" فلعلها هي نفسها هذه، وأصدرت مجلة "نجم الكرمل" عددًا ممتازًا تأبينيًا للعلامة أنستاس الكرملي، تضمّن ترجمة له، والخطب التي ألقيت في تأبينه، وكان نادي الكرمل في حيفا قد أقام حفلاً تأبينيًّا له، وصدرت كذلك مجلة "التعاون والثقافة" في الأردن، وصدرت في هذا العام (1947) جريدة يومية جديدة في يافا اسمها "الشعب" لتصبح الصحف اليومية أربع صحف بحسب مجلة الكتاب.

وممّا رصدته المجلة مما كتب عن القضية الفلسطينية، في المحيط العربي والعالم، رواية تمثيلية بعنوان "لبيك فلسطين" لزهير الشواء، صدرت في سوريا، وكانت مجلة "الضاد" في حلب قد أصدرت عددًا خاصًّا عن قضية فلسطين عرّبت فيه كتاب جابر شبلي، أستاذ الرياضيات في جامعة بنسلفانيا، الذي فنّد في كتابه ادعاءات الحركة الصهيونية، ووضع في سوريا كذلك شاكر الدبس كتابًا عن فلسطين والأمم المتحدة، وصدر ديوان "فلسطين وأخواتها" للشاعر اللبناني بولس سلامة، وفي مصر صدرت كتب "المسألة الصهيونية في نظر العلم" لعوض محمد عوض، و"فلسطين والتقرير الإنجليزي الأمريكي" لزكي صالح، و"الصهيونية" لمؤلفه م. كفوري، و"فلسطين للعرب" لعبد الغفار الجيار، و"فلسطين بين مخالب الاستعمار" لصادق سعد، و"فلسطين" لجفري غالي بيك، و"قضية فلسطين العربية" أخرجته الهيئة العربية العليا، وفي العراق صدرت "الفتوى الشرعية في جهاد الصهيونية" لمفتي الموصل محمد حبيب العبيدي.

عصر النبي لمحمد عزة دروزة

من زاوية كفّة الميزان، نقد العلامة أحمد شاكر لكتاب "عصر النبي" لمحمدة عزة دروزة

 

الشهور الأخيرة قبل النكبة

بين يدي النكبة، في عدد شباط/ فبراير 1948، نشرت المجلة عددًا من المقالات ذات الصلة بالحدث في فلسطين، منها "قرار تقسيم فلسطين بطلانه من الوجهتين القانونية والدولية" لمحمد عبد الله عنان، و"فلسطين بين العرب والصهيونية نظرات إيجابية وآراء حرة" لأحمد رمزي بك، و"تابوت العهد.. لا يملك اليهود فلسطين إلا إذا وجدوه" لنقولا زيادة، وقصة رمزية بعنوان "الأخوات الخمس" لنجاتي صدقي، وهو تحول في التركيز على فلسطين له علاقة بتطورات الأحداث فيها قبل أن تقع الهزيمة العربية الكبرى الموسومة بالنكبة، ثمّ خصصت المجلة بعض مقالات شهر آذار/ مارس 1948 لرثاء محمد إسعاف النشاشيبي، وسردت عددًا من مؤلفاته وآثاره، وفي عدد نيسان/ إبريل نوّهت إلى بعض آثاره المخطوطة، واستمرت في نشر المقالات السياسية حول تحولات الأحداث في فلسطين ومحيطها العربي مثل "الشرق الأوسط في معترك السياسة" لراشد البراوي.

وعلى صعيد الكتب التي وردت إلى المجلة، أو ذكرتها في أنباء فلسطين، إذ لن تعود فلسطين بعد الهزيمة داخلة في تحليل المجلة لاتجاهات التأليف في العالم العربي، فقد صدرت ثلاثة أجزاء من "بلادنا فلسطين"، لمصطفى مراد الدباغ، و"الإرهاب الفردي والقتل السياسي"، و"الجبهة الشعبية 1947" لعصبة التحرير الوطني، وصدر "العربي في حروبه" لمحمود زايد، وهو الجزء الثالث من "القصص التاريخية"، وكان المؤلف يعمل على إعداد قصة مقتبسة من إنيادة فرجيل بعنوان "ذكريات"، ونشرت المجلة خبرًا عن قرب صدور ترجمة كاملة بالإنجليزية لـ "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري صنعها أمين عودة شعرًا، وأعادت المجلة التنويه إلى كتب سبق وأتت على ذكرها، مثل ترجمة عنبرة سلام الخادي للأوديسة، وقصة "السفاحة" و"طريق فلسطين إلى الحرية"، ونوهت المجلة إلى ترجمات عادل زعيتر الأخيرة "تاريخ العرب العام" و"حضارات الهند"، وممن كان له حضور نقدي في صفحات المجلة، محمد عزة دروزة دفاعًا عن كتابه "عصر النبي" الذي سبق ونقده الشيخ أحمد شاكر في عدد شباط/ فبراير من العام نفسه، بينما استمر محمود اللبابيدي في نقد كتاب غوستاف لوبون عن "حضارة العرب"، وكان مما صدر هذا العام "فلسطين على المسرح" للأديب اللبناني حنا أبي راشد.

خبر توقف

خبر توقف وصول الأنباء الثقافية في فلسطين إلى مجلة "الكتاب" بسبب الحرب في فلسطين

 

خاتمة

بهذا مع عدد أيار/ مايو 1948 توقفت الأنباء الثقافية القادمة من فلسطين، دون أن يعني ذلك توقّف حضور الكتاب الفلسطيني في صفحات المجلة، فمثلاً، نجد كتاب "خمسون عامًا في فلسطين" الذي سبقت الإشارة إليه، تعرّفُ به المجلة في عدد تموز/ يوليو 1948، وتطرح كتاب "حضارات الهند" بترجمة عادل زعيتر لنقد السيد أحمد صقر، وهكذا. إلا أن خطّة هذه المادة انحصرت في جرد أعداد المجلة من عددها الأول الصادر في تشرين الثاني/ نوفمبر 1945 وحتى عدد أيار/ مايو 1948، بهدف التعرّف إلى جانب من النشاط الثقافي الفلسطيني في ظلّ الانتداب البريطاني وقبيل النكبة داخل فلسطين، مع التنويه إلى بعض ما أصدره الفلسطينيون في الخارج، أو كتبه غير الفلسطينيين عن فلسطين.

لم يكن حضور فلسطين في المجلة محصورًا في المؤلفات، بل تنوع النشاط الثقافي والعلمي، بين المحاضرات والندوات والمسابقات والمهرجانات الشعرية واللقاءات الأدبية والبرامج الإذاعية والابتعاث التعليمي إلى الخارج والاتصال الأدبي مع المحيط العربي، وغير ذلك مما يمكن استعراضه في موادّ منفصلة أخرى، وفضلاً عن هذا، فإنّه بالإمكان عقد المقارنة بين طبيعة ما كُتِب في فلسطين وبين ما كُتِب في المحيط العربي، ولاسيما في دول مصر وسوريا ولبنان والعراق، لملاحظة طبيعة النشاط الثقافي في فلسطين بالقياس إلى البلاد العربية التي نالت استقلالها، فمصر أعلن عن استقلالها الاسمي عام 1922، والعراق في العام 1932، وسوريا نالت استقلالها الاسمي عام 1941، والشامل عام 1946، ولبنان استقلّ في العام 1946، بينما ظلت فلسطين خاضعة للانتداب البريطاني بسياسات خاصة منفصلة تمامًا عن السياسات الانتدابية في المحيط العربي إلى حين تسليم فلسطين للحركة الصهيونية بغطاء الحرب عام 1948.

وبالرغم من الحياة المدينية التي امتازت بها فلسطين بالنسبة لمحيطها الشامي، وتنامي بناء المدارس وزيادة أعداد الطلبة، فإنّ الغموض الذي لفّ فلسطين، وأسكن القلق والترقب في أهلها، وما يفضي إليه ذلك من إحساس عميق بانعدام الاستقرار، انعكس على حركة التأليف والنشر كمًّا ونوعًا، مع بروز أسماء لم تزل مؤلفاتها وترجماتها تثري الثقافة العربية إلى اليوم، كعادل زعيتر ومحمد عزة دروزة، أو كان لها اتصالها المهم وإسهامها الكبير في المحيط العربي مثل أحمد سامح الخالدي، ومحمد إسعاف النشاشيبي، بالإضافة إلى روح التحدّي التي أظهرها الفلسطينيون للتأكيد على هويتهم العربية في مواجهة المشروع الصهيوني، وهو ما يستدعي قراءات أخرى تنظر في النشاط الثقافي، وما يتصل به من أندية ومؤسسات ولقاءات؛ في إطار الكفاح النضالي ضدّ الانتداب البريطاني والمستوطنين الصهاينة، وعلى أيّة حال، وكما سبقت الإشارة فإنّ الاهتمام الكبير بالتأليف المدرسي، بنى عليه الفلسطينيون تطوير الحركة التعليمية في بعض البلاد العربية، وجعلوا منه جسرًا لإسهامهم في نهضة البلاد العربية من بعد النكبة، وإن كنّا أغفلنا في هذا التقرير، لغرض الاختصار، العديد من العناوين والموضوعات المدرسية التي كتب فيها الفلسطينيون، وبعضها بالاشتراك مع مؤلفين من المحيط العربي، كلبنان.

ومن ثمّ كانت الغاية من هذه المادة التقريرية، استخلاص جانب من الخبر الثقافي الفلسطيني من مجلة عربية قديمة، وعرضه للمهتمّ والباحث والقارئ بهدف توفير دوال مرجعية حول التاريخ الثقافي الفلسطيني، في سياق الإشارة السياسية، كون العرض تقصّد البحث في الكتاب الفلسطيني في السنوات الأخيرة قبل النكبة، مع التأكيد على أنّ البحث قاصر من ناحية الإحصاء والدقة، بالنظر إلى أنّ المجلة لم تكن قادرةً على تغطية كلّ ما يصدر في فلسطين، بالإضافة للتضارب في عناوين بعض الكتب التي تذكرها المجلة وتواريخها، إلا أنّها توفّر أساسًا صالحًا لتشكيل صورة معقولة عن حركة التأليف والنشر في فلسطين في تلك الحقبة، مع التنويه إلى الجهد الذي بذلته لجنة الثقافة العربية عام 1946، لحصر ما كتبه الفلسطينيون في نصف قرن.

 

 

خبر معرض

حديث مجلة "الذخيرة" عن معرض الكتاب الفلسطيني الأوّل، 2/ تشرين الأول/ أكتوير 1946.



[1]. مجلة الكتاب، المجلد الخامس، السنة الخامسة، الجزء الخامس، أيار/ مايو 1948، ص800

[2]. مجلة الكتاب، المجلد الثاني، السنة الأولى، الجزء العاشر، آب/ أغسطس 1946، ص661

[3]. الكتاب العربي الفلسطيني، لجنة الثقافة العربية في فلسطين، مطبعة اللواء التجارية، 1946

[4]. معرض الكتاب العربي الفلسطيني .. جهود موفقة في سبيل نهضتنا الثقافية، صحيفة فلسطين، 13 تشرين الأول/ أكتوبر 1946.

[5]. المصدر السابق.

[6]. الكتاب العربي الفلسطيني، لجنة الثقافة العربية في فلسطين، مطبعة اللواء التجارية، مصدر سابق.

[7]. مجلة الذخيرة، 22/ تشرين الأول/ أكتوير 1946.

[8]. بدر الدين عبد الفتاح، على هامش معرض الكتاب العربي الفلسطيني.. كلمة لا بدّ منها، مجلة الذخيرة، 22 تشرين الثاني/ أكتوبر 1946.

[9]. المصدر السابق.

[10]. مجلة الكتاب، المجلد الأول، السنة الأولى، الجزء الثالث، كانون الثاني/ يناير 1946، ص400.

[11]. مجلة الكتاب، المجلد الثاني، السنة الأولى، الجزء التاسع، تموز/ يوليو 1946، ص495

[12]. مجلة الكتاب، المجلد الثاني، السنة الأولى، الجزء العاشر، آب/ أغسطس، 1946، ص661

[13]. مجلة الكتاب، المجلد الثاني، السنة الأولى، الجزء السابع، أيار/ مايو 1946، ص132

[14]. مجلة الكتاب، المجلد الأول، السنة الأولى، الجزء الثالث، كانون الثاني/ يناير 1946، ص428

[15]. مجلة الكتاب، المجلد الثالث، السنة الثانية، الجزء الثالث، كانون الثاني/ يناير 1947، ص480

[16]. العدد 791، 30 آب/ أغسطس 1948، ص11

[17]. العدد 792، 6 أيلول/ سبتمبر 1948، ص10

[18]. في الأعداد 798، 799، 800، 801، 802

[19]. مجلة الكتاب، المجلد الخامس، السنة الثالثة، الجزء الأول، كانون الثاني/ يناير 1947، ص181.