مخيّمات وكتائب: استهدافات الاحتلال في الضفّة الغربيّة

مخيّمات وكتائب: استهدافات الاحتلال في الضفّة الغربيّة
تحميل المادة

                                                                                        

مقدّمة

تشهد الضفّة الغربيّة، منذ السنوات الثلاث الأخيرة حتّى اللحظة، تصاعدًا في المواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال، بعد تنامي العمل المسلّح فيها بالتزامن مع أحداث هبّة القدس عام 2021، التي أعقبها ظهور مجموعات/كتائب مسلّحة مقرّها المخيّمات في الغالب. ومنذ ذلك الحين، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتكثيف استهدافها لمجموعات المقاومة هذه؛ بدافع احتواء الحالة الثورية التي بدت تثبت إمكانية انتقالها لعدّة أماكن بالضفة، ولتقويض العمل المقاوم الذي فاجئ الاحتلال بتطور أساليبه وأدواته، وشكله الذي يأخذ الطابع الجماعي شبه المنظم. لكن، مع أحداث السابع من أكتوبر، وضمن سياق حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة، فتح الاحتلال جبهة كاملة من حربه هذه على مخيّمات الضفّة بوصفها معاقلاً لبؤر المقاومة الواجب تصفية جيوبها، وتطويع أهلها بممارسات الضبط بالعنف والترهيب.

تحاول هذه المقالة تسليط الضوء على حالة السيطرة العسكرية على مخيّمات الضفّة من منطلق أنّ ما يحدث فيها هو عدوان واسع ما كان ليُغيّب -جزئيًا- عن مشهديّة الحرب لولا وحشية ودمويّة ما يحدث في قطاع غزّة من ممارسة إسرائيلية لكلّ أنماط الإبادة. وبهذا، تقدم المقالة في محورها الأول قراءةً للمخيم من حيث المعاني التي ينتجها والدلالات السياسية والاجتماعية التي يحملها فتجعل منه ساحة مواجهة دائمة. ثم تطرح صور الاستهدافات الإسرائيلية له بالتركيز على كوامن دوافعها لدى كيان الاحتلال ومنظومته الاستعماريّة .

 

المخيّم والمقاومة: بيئة انتفاضيّة وممارسة هوياتيّة

تعدّ مخيمات اللاجئين الفلسطينيين شوكة في خاصرة المؤسسة العسكرية والأمنية والاستخباراتية - الإسرائيلية. وهي العقبة الأبرز في مسار أهدافها السياسة لإذابة الهويّة الوطنية الفلسطينيّة وتغييب قضية اللاجئين. وذلك من منطلق دور المخيّم في تكثيف تعرية مضمون الحركة الصهيونيّة وغاية سياسات المنظومة الاستعماريّة الإحلاليّة والاحتلاليّة، وبالتالي التصدي للمشروع الصهيوني والخطط الأمريكية-الغربيّة (كتصفية حق العودة). ذلك من منطلق عدّة سمات ميّزت مخيمات اللجوء كفضاءات فلسطينيّة اجتماعية، لها حضورًا تاريخيّ في أبرز محطات الكفاح، وأدوارًا أساسية مستمرة ومتجددة في مسار حركات النضال، تَكشِفُ عن وجود مأسسة للحالة الثورية وتراكمٍ مستمر للفعل المقاوم في بيئة المخيّم التي غالبًا ما تتصدر بؤر العمل الانتفاضي ونشاط الكفاح المسلّح. ومن تلك السمات؛ يُعرَف المخيم على أنّه عنوان القضية الفلسطينيّة، وهويتها وتاريخها وسرديتها. وهو نِتاج حدث النكبة والشاهد على جرائم الاحتلال وعدوانه ومجازره ومآلات ذلك من معاناة معيشية، تفرض على اللاجئ فيه أنّ ينظر إليه على أنّه مكان مؤقت للمعيش. فهو محطة انتظار وبوابة للعودة إلى أرضه المحتلّة.

لعبت الذاكرة الجماعية الحيّة للمخيّم وأهل المخيّم، عن سياسات النكبة، التهجير، التدمير، محاولات المحو والإبادة، وتجربة الشتات والنفي،دورًا في الحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة الوطنيّة، ودورًا في خلق الهويّة الاجتماعية للاجئين. كما أنتجت وعيًا جمعيًا ثوريّ وتحرّري، وطنيّ وسياسيّ، اجتماعيّ واقتصاديّ، وتاريخيّ. يشكّل حتّى يومنا هذا إحدى أهم بواعث الفعل النضالي لممارسات المقاومة والحركات الثورية ودافعًا للانتفاض والصمود.

إنّ لكلٍّ من؛ حدث التهجير القسري، حالة اللجوء وتَبِعاتها، الأوضاع الاقتصادية والبيئية والسياسية العنصرية، وطبيعة الجغرافيا والعمران، دورًا في استمرارية صمود المخيّم كفضاء مقاومة في السياق الاستعماريّ. وهي المحرّض العام والدافع الرئيس الذي يجعل من المقاومة فيه فعلاً يومي للاجئين يأخذ طابع الممارسة الهوياتيّة - الوطنية والوجوديّة، التي يواجه فيها اللاجئ سياسات التهميش، الفصل والحصار، الضبط والتحكم، العزل والإقصاء، والتطويع وهندسة شكل المعيش.

 كلّ ما سبق، أعطى للمخيّم صورته ورمزيته في الذهنية الفلسطينية، وطبيعة تمثلات كلّ الشعب الفلسطيني عنه. كما شكّل حضوره في الوعي والذاكرة. "أمّا حضوره المتخيّل في الحسّ الفلسطيني المشترك فإن المخيّم هو "قلعة الثورة". وأبناؤه الوقود، ولأسباب مرتبطة بالحيز الجغرافي فإنّه تاريخيًّا، قد تشكّلت خلايا للمقاومة المسلحة بطريقة أسهل مما هي عليه في بعض أحياء المدن الفلسطينيّة. إذن فالمخيم هو مكان متخيّل، كمكان عنيف من قبل السّلطة الكولونيالية مما يفسّر اهتمام المستعمرين منذ البداية بمحاولة السيطرة على المخيم والتدخل في هندسته الجغرافية، بمعنى الرقابة وإعادة التقسيم الحضري للمخيم ضمن منطق أمني لمصالح أمنية"[1].

 

صور  الاستهدافات الإسرائيلية .. أبعادها وغاياتها:

عن ثقافة العنف الصهيوني، يقول د. "عبد الغني عماد" في كتابه الذي تناول سوسيولوجيا السياسة الصهيونية: " لا تستطيع إسرائيل، ولا سيما لكونها دولة عنصرية صهيونية، أن تكون مسالمة، غير عدوانية. لأنها عندما تفعل ذلك تفقد مبرّر وجودها وينتفي سبب تكوينها، إذ العدوان والإرهاب والعنف تشكّل الأساس التكويني، والنسيج التاريخي، والسبب الوجوديّ للصهيونية"[2]. وعليه، يطال عدوانها البشر والحجر والشجر. هذا الحاصل في القطاع الذي يتعرض لإبادة بشريّة، عمرانيّة، مكانيّة،خدماتيّة وأكثر، وهو ما امتد لمخيّمات الضفّة الغربيّة كصورة مصغرة عن المجازر في القطاع، وفي سياقٍ ممتد لذاتِ الغايات والأهداف التي تتجاوز أهداف الحرب المعلنة. وتتخذ أبعادًا أمنيّة وعسكريّة في إطار تحقيق الأهداف السياسيّة الكبرى للاستعمار الصهيوني للأراضي الفلسطينيّة؛ كتهجير الفلسطينيين.

تنوعت صور الاستهدافات الإسرائيلية العسكريّة لمخيّمات الضفّة؛ في محاولةٍ لنزع الثوريّة وتقويض ثقافة الانتفاض والوعي التحرّري، وممارسات التصدي والصمود. وهو ما يمكن أن نجمله بالتقسيمين التاليين:

 

1.     استهداف المكان كفضاء للمعيش

في اقتحامها واجتياحها للمخيّمات، تتعمّد القوات الإسرائيلية إلى إحداث تخريب وتدمير ممنهج للبنية التحتية للمخيّم بوصفه الحيز المكاني الذي يجمع المقاومين الذين تهدف إلى قتلهم وتصفيتهم، وحاضنتهم الاجتماعية التي تهدف إلى ضربها واستنزاف طاقتها على الصمود وتقبل النشاط المقاوم. يتمثل ذلك في عمليات قصف المنازل ومداهمتها لترهيب وإخضاع الناس، وفي عمليات تجريف الشوارع وما ينجم عنها من قطعٍ لإمدادات المياه والكهرباء. بهدف تطويع بيئة المخيم التي تساهم تبعًا لجغرافية المكان وشكل العمران في حماية المقاومين، وتفريغ مناخها من حالته الثوريّة عبر محاولة ضرب التماسك الداخلي والروابط الاجتماعية بين سكان المخيّم. هذا المكان الذي يمتاز أهله بالوحدة الاجتماعية وقوة العلاقات ومشاعر التلاحم والتعاضد؛ لا سيما أنّ المخيّم، منذ خَلقِه كمكان للاجئين وما تبع ذلك، صنع "فضاءًا اجتماعيًا مميزًا لأبنائه، من حيث طبيعة العمران وشكل التجمعات وظروف السّكن الصحيّة ومستوى المعيشة وكذلك التّنظيمات الاجتماعيّة وممارسات سياسيّة لها خصوصيّة مقارنة مع تجمعات فلسطينية أخرى"[3]. هذا ما يدفع بالاحتلال إلى محاولة تمزيق النسيج الاجتماعي وتحريض السكان على المقاومين من خلال سياسات الاستهداف التي تطال بيوتهم وسياراتهم ومحالهم التجارية، والخدمات الأساسية.

أضف إلى ذلك، أنّ من أبرز ما يمكن ملاحظته من أنماط الاستهدافات هو أنّ عمليات التخريب طالت حتّى الجداريات والمجسمات ونصب الشهداء التذكارية في المخيّمات بالهدم والتخريب والاقتلاع. هذا الانتقام "بالاغتيال الرمزي"، إن صحَّ التعبير، يعني أنّ سياسات الاحتلال تحاول فرض سلطتها حتّى على ما يملكه الفلسطيني من معاني للقيم الوطنيّة ورموز فلسطينية مناضلة، وتجسيدات للذاكرة وللاحتفاء الشعبي بالشهداء ومسيرتهم. ولما في ذلك من إحياءٍ رمزيّ لبطولات الشهداء وتدليل على الصمود، وتعميق لجدوى المقاومة وحتمية الانتصار؛ دمّرت جرافات الاحتلال العسكرية نصب الشهيد جميل العموري،الذي يعرف بأنّه مجدّد الاشتباك في الضفّة ومؤسس كتيبة جنين في مخيمها ودافع الكثيرين للانتماء للمقاومة المسلّحة، كما هدمت النصب التذكاري للقائد ياسر عرفات، ورموزٍ كقوس النصر ودوار الحصان ودوار العودة، وجرّفت شارع الشهيدة شيرين أبو عاقلة وغير ذلك من أمثلة.

 

2.     استهداف الأشخاص .. بين الاعتقال والاغتيال

تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عمليات الاغتيال والاعتقال الناجم عنها استشهاد العشرات واعتقال الآلاف من الضفة الغربيّة. ولا يمكن فهم سياستي الاغتيال والاعتقال بمعزل عن قراءتهما: أولًا؛ وفق أيديولوجية القتل في الفكر الصهيوني وممارساته تبعًا لمرجعيته الدينية. ثانيًا، من حيث وظائفهما المركزيّة الكامنة التي تأخذ أبعادًا مختلفة؛ باعتبارهما أداتين سياسيتين تستخدمها إسرائيل لتحقق رؤى مشروعها الصهيوني الإحلالي؛ بمعنى أنهما ليستا مجرد أساليب عنف وإرهاب تعتمدهما إسرائيل دون تصور جدوى لهما على المدى البعيد (وفق ما تعتقد وتخطط). وهو المهم ذكره في سياق هذا المقال.

تُصعّد قوات الاحتلال في عمليات الاغتيال بواسطة سلاح الجوّ، التي تستهدف قادات وأفراد المجموعات المسلّحة في الضفة الغربية وفق قولها. سياسة الاغتيالات الجويّة هذه، هي منطق تكتيكي تهدف إسرائيل منه إلى تفكيك وتدمير المقاومة الفلسطينية السياسية والمسلّحة[4]. مثلاً؛ نفّذت مسيّرات الاحتلال أكثر من عملية اغتيال استهدفت المقاومين المسلّحين في مخيمّات الضفّة، كما اغتالت القائد السياسي في حركة حماس "صالح العاروري" أثناء تواجده في بيروت بغارات جويّة أيضًا. واعتقد أنه لا يمكننا أن نحصر هدف إسرائيل باغتياله وفقًا لدوره في التخطيط لأحداث السابع من أكتوبر فقط؛ فرغم أنّ هذا قد يكون دافعها الأوليّ والمركزيّ إلّا أنّه من الضروريّ فهم الحدث من منظور شعبيّة العاروري ودوره الفكريّ- الثوريّ في الضفة الغربيّة؛ إذ تعتقد إسرائيل أنّ العاروري هو المحرّك الرئيسي لتنامي العمل المقاوم المسلّح فيها، وصعود بؤر مقاومة متعددة؛ في جنين ونابلس وطولكرم وأريحا. ف"لطالما كانت الاغتيالات الموجَّهة، وفق رؤية التخطيط العملياتي في إسرائيل، أكثر من مجرّد استجابة تكتيكية لأخطار وشيكة، إذ اعتُبرت ركيزة لمشروع سياسي أكبر في حقيقة الأمر. سعى التخطيط العملياتي العسكري على الدوام (ودائماً من دون جدوى) إلى إبراز التأثير المحتمل للاغتيالات في التطورات السياسية، وكان القادة السياسيون أهدافًا للاغتيال منذ بداية الانتفاضة".[5]

 

من هنا، يمكن القول، أن اغتيال القادة السياسيين والمقاومين المسلّحين، هو وسيلة لها غاية أبعد من التصفية الجسديّة. الاغتيال هو سياسة تستخدم لمحوِّ الفلسطينيّ القائد والثائر ليس كجسد ماديّ فقط، وإنّما استهدافٌ لفكره ودوافعه للمقاومة والنضال ولدوره القيادي والعسكري. بمعنى أنّها تصفية جسدية وظيفتها المركزيّة القضاء على غضب وطاقة المقاوم للثأر والكفاح، وعلى قدرته على التأثير والحشد والتعبئة. وبهذا يكون الاغتيال أداة الاحتلال التي يسعى من خلالها إلى تقويض الحالة الثورية وتفكيك بنية جماعات وكتائب المقاومة المسلّحة.

 هذا من حيث فهم ما هو أبعد من القتل لغاية القتل، وبالطبع هناك قراءة تنظر لتفعيل إسرائيل لسياسة الاغتيالات الجويّة في الضفة الغربية من حيث فشل قوات الاحتلال في تحقيق أهدافها في الاشتباكات الميدانية مع المقاومين على أرض المخيّمات العصيّة عليهم. بالإضافة إلى ما تحمله هذه السياسة من رسالة مفادها أن للاحتلال رقابة وسلطة وسيطرة على الجوّ كما الأرض، وغايتها إبقاء أهل الضفّة ومقاوميها بتوتر دائم وتوقع لهجمات مستمرة لا يُعرف شكلها ولا وقتها ومكانها.

أمّا عن  سياسة الاعتقال، فهو أيضًا أداة  لتحقيق ذات الغايات السياسية والأمنية والاجتماعية. بالإضافة إلى أنّه، في شكله وحجمه في هذه الحرب، يشكّل إحدى صور العقوبات الجماعيّة التي تهدف إسرائيل من خلالها إلى تطويع الفلسطينيين بالممارسات الترهيبية. أي أنها ليست سياسة لغايات أمنية فقط، بل هي وسيلة قمع وردع وضبط للحاضنة الشعبية، وكبح لأي حالة تضامنية أو ممارسة لفعليّ الصمود والتصدي. أضف إلى ذلك، دور منظومة المعتقل في الفكر الصهيوني، الذي يتخذ من السياسات السلطوية المُمارَسة على الجسد في السجن (العنف السجني) أداةً لإخضاع الفرد. وهذا ما يمكن تفسيره بالاعتماد على فهم خصوصية الجسد الفلسطيني سياسيًّا واجتماعيًّا، ودوره الرئيس في الثورة والاحتجاج ومواجهة الاستعمار. هذا الجسد الذي ينتهكه الاحتلال في حالات الحياة والموت والمرض. هذه الأخيرة تدلل عليها حالات استهداف الاحتلال لسيارات الإسعاف باعتراضها وإعاقة عملها واعتقال المصابين فيها أثناء اقتحامات مخيّمات الضفة مؤخرًا.

 

خاتمة

يُلاحِظ المتابِع للمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال في القطاع التي طالت كلّ بقاع مساحته، أنّ التركيز العالي للقصف حدّ المحو كان على المخيمات هناك. إذ وقعت أكبر المجازر وأكثرها وأوسعها في مخيمات جباليا، الشاطئ، النصيرات، المغازي، البريج ودير البلح. وعلى الصعيد الآخر، وسع الاحتلال مداهماته وعملياته العسكرية في كلِّ مخيمات الضفة الغربية بلا استثناء، إلّا أنّ أكثرها دمويّة وخرابًا تستهدف مخيم جنين، نور شمس، طولكرم، بلاطة وعقبة جبر. وهذا يطرح تساؤلًا مركزيًّا عن كيفية فهم ذلك وتفسيره، وهو ما حاولنا جزئيًا قراءته. وهو ما يمكن تلخيصه بالقول أنّ السياق الاجتماعي والسياسي للمخيّم كفضاء فلسطيني، والشروط التاريخية التي لا زالت تنتج حالة الصمود وفعل المقاومة وفقًا إلى خصوصية مكانته في السياق الفلسطيني العام ومركزيّته وطنيًا وسياسيًا واجتماعيًا، بالإضافة إلى قدرته على الحفاظ على روايته وسرديته التاريخية، كلّها تشكّل تحديًا أمام الأهداف الكبرى لإسرائيل في الاستعمار والتوسع والتطهير المكانيّ والعرقيّ. لكن، لا زالت العقلية الإسرائيلية تعجز عن إدراك فعل المقاومة (العام) بوصفه مسارًا وطنيًّا تاريخيًا مستمر. وأنّ الفكر الثوري فكرًا يورث؛ فلن و"لم تتمكن عمليات القتل مطلقًا وبكل تأكيد من معالجة الوعي الفلسطيني ((بالكيّ)) لحمله على الاعتقاد بعقم المقاومة"[6]. كما أنّ مخيّمات اللجوء تحديدًا، هي موطن للذاكرة التي تحفظ الهويّة، وهي الحاضنة المكانية والزمانية والاجتماعية للنشاط النضالي الوطني، وهي ساحة مواجهة لن تطوّع؛ فحتى ذاكرة جيل اليوم (المتخيّلة) عن تاريخ هذا الصراع وأحداثه، تلعب دورها كمحرّك لاستنساخ نماذج مقاومة متعددة، وإعادة إنتاج ظاهرة الفدائيين والمطاردين.



[1] أباهر السقا، دراسة سوسيولوجية عن الهوية الاجتماعية للشباب الفلسطيني في مخيّمين فلسطينيين، (جامعة بيرزيت: معهد أبو لغد للدراسات الدولية، 2011)، ص6

[2] عبد الغني عماد، ثقافة العنف في سوسيولوجيا السياسة الصهيونية، (بيروت: دار الطليعة، 2001)، ط1، ص116

 

[3] السقا، مرجع سابق، ص6

[4] إيال وايزمان، أرض جوفاء: الهندسة المعماريّة للاحتلال الإسرائيليّ، ترجمة: باسل وطفه (بيروت: الشبكة العربيّة للأبحاث والنشر ومدارات للأبحاث والنشر، 2017)، ط 1، ص355

[5] إيال وايزمان، مرجع سابق، ص372-373

[6] المرجع السابق، ص376