مذاكرات الاعتقال عن الجنائية الدولية: البحث عن طيف عدالة منشود  

مذاكرات الاعتقال عن الجنائية الدولية: البحث عن طيف عدالة منشود   
تحميل المادة

على سبيل التقديم...

تبحث هذه المقالة في موضوع المحكمة الجنائية الدولية عقب إصدارها مذكرات اعتقال بحق كل من بنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة الإسرائيلية)، ويوآف غالانت (وزير الجيش الإسرائيلي السابق)، ومحمد الضيف (القائد العام لكتائب عز الدين القسام)، في ٢١ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٤[١]، وتبحث في إشكالية التحديات السياسية والضغوطات التي تعترض تنفيذ هذه المذكرات، ومدى قدرة المحكمة على تجاوزها.

ونحاول في هذه المقالة تحليل قرار المحكمة الجنائية الدولية المتمثل بمذكرات الاعتقال، ما يتيح للكاتبة فحص العوامل التي ستؤثر على إمكانية التنفيذ. ويتيح تتبع المنهج المقارن في حل إشكالية اللبس الواقعة بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، عبر توضيح صلاحيات كل منهما في محاولة لتحسين الفهم السياسي لدى المتلقي [٢].

لمحة تاريخية

ترجع جذور فكرة تأسيس محكمة دولية لمحاسبة مجرمي الحرب، لما بعد الحرب العالمية الأولى (١٩١٤_١٩١٨)، حيث لم تؤخذ الفكرة على محمل الجد، بسبب عدم وجود إرادة سياسية دولية لتطبيقها، إلى أن تشكلت محاكم طوكيو ونورمبرغ في أعقاب الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩_١٩٤٥)، ورغم أنها كانت مؤقتة، إلا أنه يمكن اعتبارها خطوة أولى نحو تأسيس محكمة دولية لاحقًا. وبسبب الجو السياسي المضطرب الذي شهدته العلاقات الدولية فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقًا في الفترة بين عامي (١٩٤٥_١٩٩١)، جمُّدت فكرة المحكمة رغم ظهور تطورات أخرى في ذات السياق؛ مثل صياغة اتفاقية منع الإبادة الجماعية عام (١٩٤٨)، واتفاقيات جنيف عام (١٩٤٩). وفي تسعينيات القرن العشرين أنشأت الأمم المتحدة محاكم يوغسلافيا السابقة (١٩٩٣) ورواندا (١٩٩٤) لمرتكبي الجرائم في تلك المناطق.

أكدت كل تلك المحاكم السابق ذكرها، على ضرورة تشكيل محكمة دائمة وليست مؤقتة، ووضعت فكرة المحكمة الجنائية الدولية على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة في إيطاليا، وتقرر وضع حجر أساسٍ لمحكمةٍ جنائية دولية دائمة، في ١٧ يوليو/ تموز ١٩٩٨، فيما عرف بميثاق روما الأساسي، حيث وافقت ١٢٠ دولة على هذا المشروع بينما عارضته ٢١ دولة [٣].

أُسست المحكمة الجنائية الدولية في ١ يوليو/ تموز ٢٠٠٢، بعد مصادقة ٦٠ دولة مكنتها من دخول حيز التنفيذ، وحدد مقرها في مدينة لاهاي، حيث قابلتها الولايات المتحدة الأمريكية بهجوم تصدره جورج بوش الابن، مطالبًا أن يكون عمل هذه المحكمة تابعًا لمجلس الأمن الدولي[٤]، الذي تتمتع فيه بحق النقض (الفيتو)، لكنه فشل في محاولاته، لتباشر المحكمة عملها في أولى قضاياها عام ٢٠٠٦، وأصدرت مذكرة اعتقال بحق (توماس لوبانغا) من الكونغو، بتهمة تجنيد أطفال في النازعات المسلحة، وفي عام ٢٠١٢ تم إدانته ثم تبعتها بقضايا أخرى في عدة دول[٥].

يتحدد مجال اختصاص المحكمة الجنائية الدولية؛ في محاكمة الأفراد المسؤولين عن ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم العدوان، بعد تأسيسها وليس قبل ذلك، فصلاحياتها لا تعود بأثر رجعي قبل تاريخ ٢٠٠٢[٦].

بين محكمتي الجنائية والعدل الدوليتين

تختلف المحكمتين الجنائية الدولية والعدل الدولية من حيث: الاختصاص، الأطراف، الأهداف، الصلاحيات؛ ففي الوقت الذي تختص فيه المحكمة الجنائية بمحاكمة الأفراد من بينهم المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين وغيرهم، تختص محكمة العدل الدولية بالنزاعات بين الدول فقط، ولا يمكن للأفراد أو الجماعات رفع القضايا أمامها.

أما من الناحية القضائية؛ فمحكمة العدل الدولية تخص في القضايا المتعلقة بتطبيق المشاهدات الدولية، وانتهاكات القانون الدولي، والمسؤولية الدولية للدول، وقضايا الحدود والتعدي على الموارد البشرية، فيما تتعلق المحكمة الجنائية الدولية بالأفراد وجرائمهم المحددة وفق نظام روما الأساسي [٧].

أما حول الإطار القانوني للجنائية الدولية؛ فهي تعمل بموجب نظام روما الأساسي، وتعتبر الدول المصادقة فقط خاضعة لاختصاص المحكمة [٨]، بينما تعمل العدل الدولية بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العام، معتمدة في اختصاصها على قبول الدول له طوعًا أو وفقًا للاتفاقيات الدولية [٩].

يتمثل الهدف الرئيس للجنائية الدولية في ردع الجرائم المستقبلية عبر محاكمة الأفراد المسؤولين عنها، بينما تهدف العدل الدولية لحل النزاعات القانونية بين الدول بشكل سلمي، في الوقت الذي تستقل فيه الجنائية الدولية عن الأمم المتحدة ضمن تعاون محدود، ويمكن لمجلس الأمن إحالة القضايا إليها، وترتبط العدل الدولية بالأمم المتحدة وتعتبر جهازًا قضائيًا يعمل باعتباره جزءًا من هيكلها الرئيس [١٠].

حروب غزة في ظل المحكمة الجنائية الدولية

تعرض قطاع غزة عقب الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب، في آب/ أغسطس ٢٠٠٥، لعدة حروب منها [١١]:

_حرب ٢٧ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٨، الذي حاولت فيه إسرائيل القضاء على حكم حركة حماس في القطاع وصواريخها، ومحاولة استرداد الأسير جلعاد شاليط من المقاومة، التي أسرته عقب عملية أطلق عليها اسم الوهم المتبدد. استمرت الحرب ٢٣ يومًا واستخدمت فيها إسرائيل الفسفور الأبيض واليورانيوم المنضّب المحرمة دوليًا، انتهت باستشهاد ١٤٣٠ فلسطينيًا و٥٤٠٠ جريحًا [١٢].

_حرب ١٤ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٢، وهدفت إلى تدمير مخازن صواريخ المقاومة، وأسفرت عن اغتيال القائد في كتائب القسام (أحمد الجعبري)، واستشهاد ١٨٠ فلسطينيًا و١٣٠٠ جريحًا، خلال ثمانية أيام [١٣].

_حرب ٧ يوليو/ تموز ٢٠١٤، ومدتها ٥١ يومًا سعت خلالها إسرائيل لتدمير شبكة أنفاق المقاومة [١٤]، وأسفرت عن استشهاد ٢٣٢٢ فلسطينيًا و١١٠٠٠ جريحًا.

_حرب ١٢ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٩، والتي تم اغتيل فيها قائد سريا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي (بهاء أبو العطا)، واستشهاد ٣٤ فلسطينيًا وأكثر من ١٠٠ جريح، خلال بضع أيام [١٥].

_حرب ٢٠٢١، ودمرت فيها إسرائيل أنفاقًا وقتلت نحو ٢٥٠ فلسطينيًا وأكثر من ٥٠٠٠ جريح، وقصفت العديد من المباني السكنية، خلال أحد عشر يومًا[١٦].

_ حرب آب/ أغسطس ٢٠٢٢، اغتالت فيها إسرائيل قائدين من (سرايا القدس) الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي: تيسير الجعبري وخالد منصور، مخلّفةً نحو٤٩ شهيدًا وأكثر من ٣٨٣ جريحًا [١٧].

_حرب ٧ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٢٣، والتي وصلت حتى تاريخ كتابة هذه المقالة إلى ٤١٧ يومًا، و٤٤٤٢٩ شهيدًا وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني [١٨]، تهدف فيها إسرائيل لإعادة احتلال القطاع واسترداد أسراها من المقاومة والقضاء على المنظومة القتالية فيها، ولتحقيق ذلك أدخلت القطاع في مجاعة، واستخدمت أسلحة محرمة دوليًا وفق منظمة العفو الدولية[١٩]، مثل الفسفور الأبيض المسبب للحروق الجسدية وفق تصريحات الدكتور غسان أبو ستة الذي وصفها قائلا: "يستمر الفسفور في الاحتراق إلى أعمق أجزاء الجسم، حتى يصل إلى العظم"[٢٠]، إضافة إلى استخدامها أنوعًا من القنابل أثرت على الصحة النفسية والجسدية للفرد.

ما وراء تأخر صدور مذكرات الاعتقال

قدم المدعي العام (كريم أحمد خان) طلبًا للاعتقال بحق (نتنياهو وغالانت والضيف)، منذ خمسة أشهر قبل تاريخ صدور المذكرات[٢١]، ويرى مراقبون أن تأخر صدورها يتعلق بما تسمى (غرفة ما قبل المحاكمة) في المحكمة الجنائية الدولية، وحقها بأخذ الوقت اللازم من أجل تلقي مذكرات من دول أخرى بحججٍ قانونية دامغة، وحسب المادة ٥٨ من نظام روما الأساسي، الذي تستند علية الجنائية الدولية؛ فإن هذه الغرفة مكلّفة بفحص الأدلة التي قدمها المدعي العام وفق الإجراءات القانونية، وفتح المجال إلى تقديم الطعون، دون تحديد فترة زمنية لذلك، ويترك تقديرها للقضاة[٢٢].

لا يستبعد أن تكون الولايات المتحدة الأميركية، الحليف الأول لإسرائيل، قد مارست ضغوطًا على قضاة هذه الغرفة، لثنيهم عن إصدار هذه المذكرات، لا سيما بحق نتنياهو وغالانت، والتلويح بخلق أزمة دبلوماسية واسعة بينها وبين الدول التي قدمت طلبات أخرى إلى جانب طلب كريم خان، وربما هذا السبب وراء إخفاء المحكمة الجنائية الدولية لبعض نصوص مذكرات الاعتقال في بيانها المنشور على موقعها الرسمي، التي وصفتها ب"السرية"، بهدف حماية شهود والدول التي ينتمون إليها [٢٣].

في المقابل فإن المبررات السابق ذكرها، لا تمنع من المقارنة مع مذكرات سابقة لم تستغرق فيها (غرفة ما قبل المحاكمة) خمسة أشهر لإصدارها، كما في مذكرتي اعتقال الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)، ومفوضية حقوق الطفل (ماريا لفيفا بيلوفا) التي تأكد إصدارها بعد ٢٣ يومًا فقط بعد تاريخ الطلب الذي قدمه (كريم خان) للمحكمة، الأمر الذي فسره عدد من القانونيين، مثل الخبير في القانون الدولي (أنيس القاسم)، الذي اعتبر أن السبب وراء  تأخر صدور مذكرات الاعتقال، هو السماح لبريطانيا بتقديم مذكرة حول الولاية القضائية للمحكمة، واستقبال ٧٠ مذكرة أخرى من جهات عدة[٢٤].

وربما يعد كشف (كريم خان) المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن تعرضه لتحذيرات من أعضاء كونجرس أميركيين، مفادها أن استهداف إسرائيل قد يؤدي إلى عواقب على رأسها إنهاء الدعم الأميركي للمحكمة، وفرض عقوبات على موظفيها، أحد الأسباب السياسية وراء تأخر صدور مذكرات الاعتقال[٢٥].

الضغوطات والتحديات

يعد تنفيذ أمر اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) ووزير جيشه السابق (يوآف غالانت) والقائد القسامي (محمد الضيف)، من أكبر التحديات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية، بسبب الضغوطات السياسية التي تدفع باتجاه إلغائها؛ فيعتبر المصير المجهول لمحمد الضيف تحدٍ أمام تنفيذ مذكرة الاعتقال، بينما تعتبر التصريحات التي أعقبت صدور مذكرتي الاعتقال بحق (نتياهو وغالانت)، مؤشرًا حول صعوبة التنفيذ؛ فرئيس وزراء المجر (فيكتور أوربان) قال عبر مقابلة مع الإذاعة الرسمية: "سأدعو نتنياهو في وقت لاحق لزيارة المجر حيث يمكنني أن أضمن له أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون له أي تأثير" [٢٦].

ووصف جو بايدن الرئيس الأميركي السابق القرار بأنه "أمر شائن"[٢٧]، فيما اعتبر (غويدو كروسينو) وزير دفاع إيطاليا، أن " المحكمة مخططة ولكن سنضطر إلى توقيف رئيس الوزراء الإسرائيلي إذا زارنا"[٢٨]. ورأى المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني (كير ستارمر) عدم وجود "تكافؤ أخلاقي بين إسرائيل الديمقراطية وحماس وحزب الله اللبناني، وهما منظمتان إرهابيتان" [٢٩]. وكتب الرئيس الأرجنتيني (خافير ميري) على منصة إكس "القرار يتجاهل الحق المشروع لإسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة الهجمات المستمرة من قبل المنظمات الإرهابية مثل حماس وحزب الله" [٣٠]. بينما وصفها وزير خارجية النمسا (ألكسندر شالنبرغ) بأنها "مذكرة غير مفهومة ومثيرة للسخرية"[٣١].

هذه المذكرات ليست الأولى التي تصدر بحق إسرائيليين، فقد أصدرت محكمة بريطانية في كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٩، مذكرة اعتقال بحق (تسيفي ليفني) وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، بتهم جرائم حرب خلال حرب غزة ٢٠٠٨، والمفاجئ أنها زارت بريطانيا عام ٢٠١٦ دون تنفيذ قرار الاعتقال [٣٢]. في ما قبلت دعوى في بلجيكا، رفعها ناجون من مجزة صبرا وشاتيلا ضد رئيس الوزراء السابق (أرئيل شارون) بين عامي ٢٠٠١ و٢٠٠٣، ولكن قرار من محكمة العدل الدولية برّأ شارون بسبب امتلاكه للحصانة الدبلوماسية [٣٣]، وفي عام ٢٠١٥ صدرت مذكرة اعتقال من محكمة إسبانية بحق كل من: إيهود بارك، أليعازر ماروم، بيني بيغن، موشي يالون، أفيغدور ليبرمان، إيلي يشاي، وبنيامين نتنياهو، بسبب مسؤوليتهم عن الهجوم ضد أسطول الحرية عام ٢٠١٠ أثناء طريقها إلى غزة، وتسببهم بقتل عشر نشطاء في مجال حقوق الإنسان [٣٤].

إن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك حق الاعتقال، بينما تملك الدول ال ١٢٤ الموقعة على نظام روما الأساسي، حق اعتقال نتنياهو وغالانت حال زيارة أراضيها أو المرور عبر أجوائها، ولكن لا بد من التوضيح أن هذه الدول بعضها موقّع والآخر مصادق، والتوقيع يعفي الدولة الموقعة من الالتزام القانوني بتنفيذ الاعتقال، بينما الدول المصادقة تُلزمها المصادقة بتنفيذ قرارات المحكمة وتعتبر طرفًا فيها، ومن بين الدول الموقعة غير المصادقة: الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وإسرائيل، ما سيعطي أميركا وإسرائيل على وجه الخصوص مجالًا للسعي بشكل مكثف، نحو تشويه القرار وإقناع الدول بعدم تنفيذ هذا القرار، وقد تلجأ إلى تهديد مصالح هذه الدول السياسية والاقتصادية وعلاقتها الدبلوماسية معهما.

وقد تؤدي البيئة الإقليمية والدولية وما تشهده من نزاعات دورًا في تأجيل تنفيذ القرار أو عدم التزام عدد من الدول في تنفيذه، فقد ترى بعض الدول أن الدفع باتجاه إيجاد حلول سياسية، أفضل وأكثر حاجةً من تنفيذ الاعتقال، لأنه قد لا ينهي المعركة القائمة في قطاع غزة، فهاي هي فرنسا تتراجع عن التزامها بقوانين المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدة أن نتنياهو يتمتع بحصانة، وأن إسرائيل ليست طرفًا في نظام روما الأساسي [٣٥].

يعرّض عدم أمتثال بعض الدول لمذكرات الاعتقال حال تواجد نتنياهو أو غالانت على أراضيها أو مرورهما من فوق أجوائها إلى تبعات الإحالة إلى مجلس الأمن الدولي، كما حصل مع الأردن عندما استقبلت الرئيس السوداني السابق (عمر البشير) عام ٢٠١٧، ولكن لأسباب غير معروفة تم التراجع عن القرار عام ٢٠١٩، وبقيت الأردن دون محاسبة، الأمر الذي قد لا يمنعها من تكرار ذات التصرف مع نتنياهو وغالات [٣٦].

إلى جانب هذه الضغوطات الرامية لإبطال مذكرتي الاعتقال، أعلن مكتب نتنياهو عن تقديم طلب استئناف لقرار المحكمة الجنائية الدولية يوم الأربعاء ٢٧ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٤ والمضي في المسار القانوني، إلى جانب المطالبة بتعليق تنفيذ مذكرتي الاعتقال، وجائت هذه الخطوة بعد تأكيد المحكمة الجنائية الدولية أنها لن تتأثر بالضغوطات السياسية أو التهديدات في قراراتها [٣٧].

نصرًا رمزيًا وسابقة تاريخية

إن وجود ضغوطات وتحديات أمام تنفيذ مذكرتي الاعتقال بحق (نتنياهو وغالانت) لا ينفي أهمية هذا القرار بالنسبة للفلسطينيين، واعتباره "نصرًا رمزيًا"، كما وصفته حركة فتح، و"سابقة تاريخية" كما اعتبرته حركة حماس، ما سيعزز من مساعي الفلسطينيين للحصول على العدالة الدولية أمام الانتهاكات الحقوقية التي يتعرضون لها، في وقت يعد فيه تزايد حجم الضغط السياسي الدولي على (نتنياهو وغالانت) عاملًا مهمًا في زعزعة الوضع الداخلي الإسرائيلي، ما سيدفع نحو وقف إطلاق نار محتمل حسب تقديرات البعض [٣٨].

من جهة أخرى، يعد ما نشره (وليد عبد الحي) أستاذ الدراسات المستقبلية، عبر حسابه على الفيس بوك، بادرة أمل نحو تنفيذ مذكرتي الاعتقال بحق (نتنياهو وغالانت)، وينص على ما يلي: "من الضروري تفعيل اتفاقية ٢٠٠٤ بين المحكمة الجنائية والإنتربول (المادة ٤/ الفقرة الأولى والمادة ٥ الفقرة الأولى)، فما صدر بحق نتنياهو اليوم يقع ضمن المذكرة الحمراء"[٣٩]، في إشارة منه نحو تفعيل دور الإنتربول الدولي في تنفيذ مذكرتي الاعتقال.

وأخيرًا...

لا شك أن قرار المحكمة الجنائية الدولية، يشكل خطوة غير مسبوقة على مستوى الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الفلسطينيين وبالشراكة مع الدول العربية والصديقة والمحيطة، ومع كل دولة صادقت على مشروع هذه المحكمة، أن تبذل قصارى جهدها لضمان تنفيذ مذكرتي الاعتقال، وبالمقابل على المحكمة المضي قدمًا نحو إصدار مذكرات اعتقال أخرى بحق ضباط وجنود إسرائيليين، تتوفر دلائل ضدهم نشرت عبر الإعلام، حتى تأخذ العدالة الإنسانية مجراها، ويرفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني، الذي يستحق أن يتمتع بحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

المصادر

[١] الموقع الرسمي لمحكمة الجنايات الدولية، https://www.icc-cpi.int/

[٢] خليفة، نصر، محاضرات في منهجية وتقنيات إعداد البحوث في العلوم السياسية، جامعة ابن خلدون

[٣] المادة 5، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، A/CONF.183/9، ١٩٩٨

 [٤] جون بي. بيلينجر (٢٠٠٩)، الجنائية الدولية وتذبذب الموقف الأميركي، مقال مترجم عن لوس أنجلوس تايمز، جريدة الرأي

[٥] وثيقة حكم علنية صادرة عن محكمة الجنايات الدولية، ٨ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٨

[٦] محمد، آمال زايد نصر (٢٠٢٢)، المحكمة الجنائية الدولية (النشأة والاختصاص)، مجلة قرطاس، عدد ٢١

[٧] الحرة، الجنائية الدولية والعدل الدولية.. ما الفرق بين المحكمتين؟، https://bit.ly/3ZRT3Gi

[٨] انظر المصدر [٣]

[٩] الموقع الرسمي لمحكمة العدل الدولية، https://www.icj-cij.org/ar

[١٠] انظر المصادر [١+٣+٧+٩]

[١١] وزارة الخارجية التركية (٢٠٢٣)، بيان صحفي، تعديل قانون الانسحاب المصادقة عليه في الكنيست والتوتر المتقاعد في المنطقة مع اقتراب شهر رمضان، موقع وزارة الخارجية التركية الالكتروني، https://bit.ly/3Dd9d4d

[١٢] أبو زايده، حاتم يوسف (٢٠٠٩)، الحرب على غزة، مركز أبحاث المستقبل.

[١٣] دروس من حروب إسرائيل في غزة(٢٠١٧)، موجز دراسة منشورة، مؤسسة Rand Corporation.

[١٤] نتنياهو، بنيامين (٢٠١٤)، تصريح صحفي، وكالات أنباء.

[١٥] الفقعاوي، محمود حلمي حسن (٢٠٢٢)، جولات التصعيد ضد حركة الجهاد الإسلامي وأثرها على الأداء العسكري لسرايا القدس، دراسة منشورة، مجلة ابن خلدون للدراسات والأبحاث، العدد ١٣.

[١٦] القضية الفلسطينية: من الحرب إلى التهدئة (حرب غزة الرابعة) ٢٠٢١، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

[١٧] دائرة حقوق الإنسان والمجتمع الدولية منظمة التحرير الفلسطينية، التقرير السنوي: ملخص حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ٢٠٢٢

[١٨] موقع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني

[١٩] منظمة العفو الدولية، تحديد استخدام الجيش الإسرائيلي للفسفور الأبيض في غزة، ٢٠٢٣

[٢٠] تقرير للجزيرة (٢٠٢٤)، شهادة طبيب عائد من غزة: إسرائيل استخدمت الفسفور الأبيض في القطاع

https://shorturl.at/LG64B

[٢١] قناة العربية يوتيوب، لماذا تأخر تنفيذ مذكرة اعتقال نتنياهو، https://youtu.be/K07dwwrbyt8?si=_ucGP0KRpLbF6jvl

[٢٢] شبكة البصرة (٢٣_١١_٢٠٢٤)، لماذا تأخر إصدار قرار اعتقال نتنياهو من الجنائية الدولية حتى الآن، https://www.albasrah.net/ar_articles_2024/1024/qarar_231024.htm

[٢٣] سي أن أن بالعربي (٢١_١١_٢٠٢٤)، المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ومحمد الضيف، هذا ما استندت إليه، https://bit.ly/3ZxVQDr

[٢٤] جو ٢٤ (٢٥_٧_٢٠٢٤)، أنيس القاسم: تدخل بريطاني عرقل إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، وقرار الدولية يحتاج دبلوماسية نشطة، https://jo24.net/article/507487

[٢٥] سكاي نيوز (٢١_٥_٢٠٢٤)، كريم خان: وصلتني تهديدات "المحكمة من أجل أفريقيا وبوتين"، https://bit.ly/3ZWUBxV

[٢٦] الشرق الأوسط (٢٠٢٤)، أوربان يتحدى الجنائية الدولية ويدعو نتنياهو لزيارة المجر،

https://bit.ly/3OYO28R

  بايدن، جو (٢٠٢٤)، بيان صادر عن البيت الأبيض  [٢٧

28] إرم نيوز (٢٠٢٤)، إيطاليا تقرر اعتقال نتنياهو "إذا زار أراضيها" بعد قرار المحكمة الجنائية، [٢٨]

https://www.eremnews.com/news/world/qtreqj2

 [٢٩] بي بي سي (٢٠٢٤)، حرب غزة: ماذا يعني إصدار الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت والضيف؟

https://www.bbc.com/arabic/articles/czr7xv55rkeo

ميري، خافير (٢٠٢٤)، منصة إكس  [٣٠]

 [٣١] آر تي بالعربي (٢٠٢٤)، ماذا قال الأعداء والأصدقاء والمحايدون في مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت والضيف؟

https://bit.ly/4flyzdN

ليبانون ديبايت ( ٢٠١٦)، ليفني تزور بريطانيا بعد تعديل قانون جرائم الحرب[٣٢]

https://www.lebanondebate.com/news/56983

 رويترز (٢٠٠٢)، قرار لمحكمة العدل ينقذ شارون من القضاء البلجيكي[٣٣]

 عربي ٢١ (٢٠١٥)، إسبانيا تصدر مذكرة اعتقال بحق نتنياهو و٦ من وزرائه[٣٤]

https://bit.ly/41ALxkG

[٣٥] الجزيرة (٢٩_١١_٢٠٢٤)، خبراء: تراجع فرنسا عن تسليم نتنياهو للجنائية الدولية رضوخ للضغط وتقويض للعدالة،

https://bit.ly/4gu5uhL

[٣٦] فرانس ٢٤ (٦_٥_٢٠١٩)، المحكمة الجنائية الدولية تلغي قرار إحالة الأردن إلى مجلس

الأمن في قضية البشير،

https://bit.ly/49DBZHu

[٣٧] عربي ٢١ (٢٨_١١_٢٠٢٤)، دولة الاحتلال تستأنف قرار توقيف نتنياهو وغالانت والحكمة  تدرس الطلب،  https://bit.ly/49GSSkK

[٣٨] بي بي سي بالعربي (٢١_١١_٢٠٢٤)، بين ترحيب وإدانات،  ردود فعل واسعة على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت والضيف،  https://www.bbc.com/arabic/articles/clyg7461lndo

[٣٩] عبد الحي، وليد (٢١_١١_٢٠٢٤)، منشور فيس بوك، https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=28060590216865750&id=100000244411864&rdid=feJX2O2cZOTJJl0K