مساجد غزة التاريخية.. 1400 عام من الصلاة

مساجد غزة التاريخية.. 1400 عام من الصلاة
تحميل المادة

رغم صغر مساحته التي لا تتجاوز الـ360كم2، فإن قطاع غزة منذ قديم الزمان حتى اليوم لا يزال يزخر بمعالم وآثار تاريخية وإسلامية، تعاقبت عليها عصور وحضارات وإمبراطوريات، وكان لموقعه الإستراتيجي والجغرافي أهمية بالغة، كونه المحطة الأولى للمسافرين عبر صحراء سيناء المصرية من خلال الطريق المسماة قديمًا بـ "حورس"، والمعروفة حاليًا باسم شارع صلاح الدين الأيوبي.

على مر العصور كانت غزة ساحة قتال لمعظم إمبراطوريات العالم القديم والحديث، حتى تركت الحضارات الفرعونية والآشورية والفارسية واليونانية والرومانية، تاريخًا طويلاً تحكيه مدن القطاع وشوارعه، ثم عاشت المدينة فتحًا إسلاميًا على يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص، في أول انتصار للجيوش الإسلامية خلال فتح بلاد الشام في عصر الخلافة الراشدة، ليمتدّ العصر الإسلامي بتنوعاته على طول تاريخ غزة اللاحق، قبل أن يَقطعَ هذا المسار الانتدابُ البريطاني الذي مهّد لقيام "إسرائيل" على أرض فلسطين.

تحظى المعالم والآثار التاريخية والإسلامية في القطاع بأهمية كبيرة عند الفلسطينيين عمومًا، وعلماء التاريخ والآثار تحديدًا، من خلال توثيقها في كتب ودراسات تاريخية، باتت اليوم مرجعًا في أرشيف مكتبات الجامعات، ومراكز التاريخ والتوثيق، فقد مَنح كُتاب التاريخ في غزة الكثير من وقتهم وجهدهم لدراسة هذه الآثار وجمع المعلومات عنها وتوثيقها، رغم محاولات الطمس الإسرائيلية، وتعمد جيش الاحتلال في كل عدوان قصفَ الأماكن التاريخية والإسلامية بصواريخ تدميرية.

تتنوع الآثار والمعالم التاريخية والإسلامية في القطاع ما بين مساجد وقصور ومقابر وأسبلة ومدارس وكنائس وأسواق وخانات وتلال أثرية، ويكتسي كلّ واحدٍ منها طرازًا عمرانيًا مختلفًا وفق عصر بنائه، كالطراز العثماني والمملوكي، إلى جانب الأيوبي والإسلامي الحديث، حتى باتت اليوم أماكن سياحيةً تسرّ نظر القادمين إليها، وتأخذهم بعيدًا إلى قصص من عبق التاريخ.

هذه المادة تسلط الضوء على المساجد التاريخية القديمة، كونها أبرز المعالم الإسلامية في قطاع غزة، حيث لا يزال 15 مسجدًا منتصبةً بأنماطها العمرانية القديمة المميزة، ومكتباتها الزاخرة بالعناوين المتنوعة من تفسير وحديث وفلسفة وتاريخ وغيرها.

 

1-          المسجد العمري الكبير

أحد أضخم مساجد غزة التاريخية وأعرقها، وواحدٌ من أهم معالمها الإسلامية. يقع في وسط المدينة، ويجاوره سوق القيسارية التاريخي الذي بُنيَ في العصر المملوكي، يرتاده الفلسطينيون من كل أنحاء القطاع، خاصةً في شهر رمضان المبارك لصلاة التراويح، فيما تتواصل دروس القرآن والحديث فيه على مدار الساعة، فضلاً عن احتوائه مكتبة تضم بين جدرانها العريقة 187 مخطوطةً، عدا الكتب، باتت اليوم ملاذًا لباحثي الدراسات العليا[1].

وتزخر المكتبة التي تعد ركنًا أساسيًا في الجامع العمري، بكتبٍ من معظم العلوم كالفلسفة والديانات والعلوم الاجتماعية والطبيعية، إلى جانب التراجم والتاريخ الإسلامي، بيد أن نصف كتبها من العلوم الشرعية. ومن المخطوطات التي تحويها المكتبة: "شرح الغوامض في علم الفرائض" لبدر الدين المرديني المنسوخة قبل نحو خمسمئة عام (920 هـ)، وديوان "ابن زقاعة الغزي" المنسوخ بتاريخ 1150 هـ، والذي يعكس وجه التراث العربي الإسلامي في غزة، كما تضم "الفتاوى الخيرية" لخير الدين الرملي، و"المصحف الأسير"[2].

لم يكن الغَناء المعرفي والتاريخي وحده سببًا في مكانة الجامع عند الفلسطينين، إذ ترجع أصول حكاية العمري إلى بنائه معبدًا وثنيًا رومانيًا "للإله مارنا مارنيوس"، ثم تحوّل -مع تحول الإمبراطورية الرومانية إلى المسيحية وسيادة النصرانية في غزة- إلى كاتدرائية بمساعي القديس برفيريوس عام 407م، وبمساعدة الإمبراطورة البيزنطية افيدوكسيا قبل أن يُدمّرَ خلال الغزو الفارسي لفلسطين[3].

ومع بدايات الفتح الإسلامي لفلسطين على يد القائد المسلم عمرو بن العاص، اعتنق معظم سكان القطاع الدين الإسلامي، وشُيّدَ الجامع العمري فوق أنقاض الكنيسة البيزنطية، فيما ترجع تسميته بـ" العمري" إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه،  والذي فُتحت المدينة في عهده. بعد ذلك، شهد المسجد أحداثًا متفرقةً في فترات ومراحل عديدة، من التدمير على يد الصليبيين تارةً، والتشييد والعمارة والتوسيع على يد المماليك والعثمانيين تارةً أخرى، ثمّ تعرّضه لخراب واسع أدى إلى هدم جزء كبير منه وسقوط مئذنته خلال الحرب العالمية الأولى[4].

في الوقت الحالي يتسع المسجد لـ 5000 مصل، بينما في شهر رمضان يزيد عدد رواده عن ذلك، ويتوزع المصلون بين ساحاته الداخلية والخارجية، فيما يضم في طابقه الأول قاعةً رئيسيةً للصلاة ومصلى للنساء، وفي طابقه العلوي مدرسةً لتعليم القرآن الكريم، أما طابقه السفلي الذي هو قاعة استقبالات أثرية فيتعدى عمرها ألفي عام. وللمسجد خمسة أبواب رئيسية تفتح على الأسواق المجاوره له، وتعدّ مئذنته من أشهر معالمه، فهي لوحة نموذجية من الطراز المعماري المملوكي[5].

 

2-          مسجد "ابن عثمان"

وهو ثاني أكبر مساجد قطاع غزة التاريخية والأثرية بعد العمري، يقع في شرق المدينة، وتحديدًا داخل أقدم أحيائها السكنية: "حي الشجاعية"، بُنيَ في نهاية القرن الثامن الهجري، على مراحل متعدّدة من العصر المملوكي، بإشراف عدّة سلاطين كُتبت أسماؤهم على جدران المسجد، وينسب المسجد إلى شهاب الدين أحمد بن عثمان، وهو أحد علماء الدين في غزة، وأصوله من مدينة نابلس، فقد حرص على الاعتناء بالمسجد وترميمه منذ بنائه قبل ما يزيد عن الـ600عام، بعد تعرضه للحروب والخراب كما جرى مع "العمري"[6].

 ومع تعدد صفحات تاريخ المسجد على مدار الحقب الزمنية، إلا أن حقبةً قريبةً كانت ذات ظهور لافت، وهي أن المسجد كان مركزًا للمواجهات مع قوات الاحتلال خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م، حيث انطلقت منه أول مسيرة جماهيرية حاشدة نظّمها سكّان الحي ضد الاحتلال، فيما عمد الاحتلال إلى إغلاق مداخله بالبراميل الإسمنتية في وجه المظاهرات الشعبية[7].

بعض من تفاصيل بنائه وزخرفته تشبه المسجد العمري الكبير، حيث إن له بوابتين غربيتين تُفتحان على ساحة كبيرة تتّسع لأكثر من خمسمئة شخص، تُحيط بالساحة أروقة وممرّات واسعة مكسوّة بالأقواس المملوكية والجدران السميكة من كافة النواحي، أما أبرز معالمه التاريخية الموجودة ضمن مساحته فهو قبر الأمير" يلخجا" حاكم مدينة غزة، في زمن السلطان المملوكي" برقوق"[8].

 

3-          مسجد الظفر دمري

لا تختلف مكانته كثيرًا عن مسجدي "العمري وابن عثمان"، وترجع جذور نشأته إلى الأمير المملوكي شهاب الدين أحمد بن أزفير الظفر دمري، ذي الأصول المغربية. يقع في حي الشجاعية شرق غزة، وبمجرد الدخول إلى بوابة المسجد الرئيسية، تجد لوحةً منقوشةً بالحجر الرملي كتب فيها، "بسم الله الرحمن الرحيم إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين .. أنشأ هذا المكان المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى شهاب الدين أحمد أزفير بن الظفر دمري سنة 762هـ"[9]

تعرض المسجد لقصف جوي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014م دمر الجزء الغربي منه، إلا أن وزارتي السياحة والآثار والشؤون الدينية في غزة، وبالتعاون مع جهاتٍ مانحةٍ، أعادتا إعمار ما دمره الاحتلال.

 

4-          مسجد السيد هاشم

ارتبط اسم المسجد بجد الرسول محمد صل الله عليه وسلم، هاشم بن عبد مناف، والذي يعتقد أنه توفي في غزة خلال رحلته الأخيرة، ودفن داخل إحدى زواياه في البلدة القديمة بحي الدرج وسط غزة، بعد أن كان من بين عرب شبه الجزيرة الذين ارتحلو إلى القطاع للتجارة، وعليه، أصبح سكان المدينة يدفنون موتاهم في المنطقة المجاورة للجامع بجوار قبر جد الرسول.

ويعتقد بعض علماء التاريخ والآثار في غزة أن جد الرسول هو أول من سن الرحلتين التجاريتين المشهورتين لقريش، وكان في كل سنة يقدم إلى المدينة ويقيم فيها مدة الصيف، وفي آخر رحلةٍ له توفي ودفن فيها، بإجماع المؤرخين، حتى نسبت غزة إليه وسميت بـ"غزة هاشم"[10].

بُني المسجد الحالي في العصر العثماني على الطراز المملوكي، وجرى تجديده مرةً أخرى في عهد السلطان العثماني عبد المجيد الأول، بناءً على طلب من مفتي الأحناف بمدينة غزة أحمد بن محي الدين الحسني، وكان في الجامع مدرسة أنشأها المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في فلسطين من مال الوقف، إلا أن إحدى القنابل خلال الحرب العالمية الأولى سقطت عليها فخربتها، ولكن المجلس الإسلامي الأعلى أعاد بناءها من جديد[11]. كما تضم ثنايا مسجد السيد هاشم مكتبةً تزخر بالمخطوطات النفيسة بالإضافة إلى الكتب، يزورها طلبة العلم والقراء.

تتميز جدران المسجد بالسماكة، إلا أن حجارته تعرضت في أواخر عام 2009 إلى التآكل بشكل كبير، ما دفع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة إلى إعادة ترميمه[12].

 

5-          مسجد الشيخ خالد

على الرغم من صغر مساحته إلا أنه يعدّ من أقدم المساجد الأثرية والتاريخية في حي الدرج وسط غزة، بُنيَ في القرن الثامن الهجري، وسمي بهذا الاسم نسبةً إلى الشيخ خالد بن شبيب، وجدده ناظره شهاب الدين أحمد بن إبراهيم الناظري المقدسي، ولا تزال العديد من الوقفيات التي خصصت لصالح زاوية الشيخ خالد وتربته قائمةً. كما أشار مؤرخون إلى أن الشيخ "جقماق" جد عائلة الأجمقية في غزة، دُفن داخل المسجد.

وحتى يبقى شكله الداخلي والخارجي شاهدًا على تاريخ المسجد، أشرفت الجهات المختصة في غزة عام 2009 على عمليات الترميم والتدعيم الداخلية لاستعادة شكله وهيكله القديم، بعد أن جرى تغطيته بمبان إسمنتية حديثة أخرجته عن طابعه الأثري، وقد جرى ترميمه للمرة الأولى عام 1993 مع قدوم السلطة الفلسطينية إلى القطاع، بعد تآكل السور الخارجي عام 2002م[13].

 

6-           مسجد المغربي

يقع في منطقة الدرج وسط مدينة غزة كذلك. أنشئَ في القرن التاسع الهجري خلال العهد العثماني، يعرف بـ" مسجد السواد"، وبناه محمد بن محمد بن مسعود الشمسي أبو عبد الله بن الزين الغزي الحنفي المعروف بـ "ابن المغربي" المولود في غزة عام 1418م، حيث حفظ القرآن الكريم وتتلمذ على يد مجموعة من علماء غزة، وسمع عن جماعة من العلماء في مصر والشام واليمن.

وكان قد ورد لهذا المسجد ذكرٌ في وثيقة الأمير موسى باشا آل رضوان في غزة عام 1671م، إذ تقرر الوثيقة أنه "يصرف في كل يوم عثمانيٌ مصريٌ لمن يكون مؤذنًا بالمسجد الكائن بشارع بني عامر بغزة". ويتميز المسجد ببساطته وصغر مساحته، وقد اتّخذه الشيخ ابن المغربي زاوية له حتى اشتهر باسمه[14].

7-          مسجد الست رقية

يعتقد المؤرخون في غزة أن سبب تسمية المسجد الأثري الواقع في حي الشجاعية شرق غزة بـ" الست رقية"، غير معروف على وجه الدقة، غير أنّه قيل إنها رقية ابنة أحمد زوجة أحد حكام مدينة غزة في العهد العثماني.

وكان المسجد الذي تعود جذور نشأته إلى العصر المملوكي، قد تولى نظارته وأوقافه خلال العصر العثماني فخر التجار الحاج سالم حتحت، فرممه وجدّده، بينما يتخذ منه سكان غزة، في الوقت الحالي، معهدًا علميًا ومكتبةً قيّمةً أعادت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بناءها وترميمها على مراحل عديدة ما بين أعوام 2007-2016م[15].

 

8-          مسجد ابن مروان

تعود تسمية المسجد باسم" ابن مروان"، إلى الشيخ علي بن مروان، ذي الأصول المغربية، وهو أحد الأئمة الذين جاؤوا إلى غزة في بداية عهد المماليك، حتى سكن ودفن فيها، وبجانب المسجد جرى بناء مقبرة سميت باسمه، وقد كُتب على شاهِد ضريحه الموجود داخل غرفة كبيرة عليها قبة مرتفعة موجودة إلى الغرب من المسجد "هذا قبر الشيخ علي قدس الله روحه ونوّر ضريحه توفي يوم الاثنين السابع من شهر ذي القعدة سنة خمس عشرة وسبعمائة"[16].

 

9-          مسجد الشيخ زكريا

مسجد أثري آخر من مساجد حي الدرج وسط غزة، إلا أن تاريخ إنشائه لم يعرف بالضبط، ولكنّ وجود ضريح الشيخ "زكريا التدمري" فيه، والمتوفي عام 1348م، يدلُّ على أن بناء المسجد كان في القرن الثامن الهجري، كما يدلّ على ذلك طرازه المعماريّ ونمط بناء جدرانه المشابه لمئذنة مسجد ابن مروان بغزة[17]. كان المسجد يضم بين زواياه غرفةً قديمة، استخدمت مدرسةً لتعليم الفقه والتفسير والحديث.

تعرضت مئذنة المسجد إلى تصدعات، وتآكلت جدرانه، ما دفع الأوقاف في غزة إلى إعادة ترميمه من جديد، حيث بني مكان المسجد القديم آخر حديث مع بقاء المئذنة الأصلية كما هي حتى اليوم.

 

10-      مسجد كاتب ولاية

يعدّ من المساجد التاريخية والمعالم الإسلامية القديمة التي توحي بعمق العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، حيث يلاصق المسجد واحدةً من أبرز الآثار المسيحية في غزة، وهي كنيسة القديس بيرفيريوس للروم الأرثذوكس.

يقع المسجد في منطقة الزيتون جنوب غزة، ويرجع تاريخ بنائه بحسب أقدم نص كتابي تأسيسي موجود أسفل المئذنة إلى سنة 1432م. وفي عصر المماليك شيّدت مئذنة المسجد بأمر من السلطان المملوكي محمد بن قلاوون، ثمّ أمر بإنشائه وتجديده الوالي العثماني أحمد بك، كاتب الولاية في زمن السلطان مراد بن سليم الثاني، كما هو منقوش على باب المسجد[18].

 

11-      مسجد العمري-جباليا

يعد من أكبر المساجد التاريخية والمعالم الإسلامية في مدينة جباليا شمال قطاع غزة وأقدمها، ويطلق عليه السكان اسم "المسجد الكبير"، نظرًا لاتساع مساحته مقارنةً بالمساجد القديمة الأخرى في المنطقة، ويعتقد المؤرخون أن إنشاء المسجد يعود للعصر المملوكي استنادًا للطراز المعماري للمئذنة، في حين يرى البعض أن عمره تجاوز الـ1000عام[19].

وكغيره من المساجد التاريخية في القطاع، كان له نصيب من الدمار والتخريب من خلال استهدافه بالمقاتلات الحربية الإسرائيلية تارةً، وقذائف الدبابات تارةً أخرى، إلا أنه جرى إعادة ترميمه، ولا يزال من أكثر المساجد التي تخرج حفظة من القرآن الكريم على مستوى شمال القطاع.

 

12- مسجد النصر

يعد كذلك من مساجد شمال قطاع غزة التاريخة ذات المعالم الإسلامية العريقة، وينظر المؤرخون إليه بوصفه شاهدًا على تاريخ الجهاد والانتصارات الإسلامية في فلسطين، فقد بناه الأمير شمس الدين سنقر، تخليدًا لانتصار المسلمين على الصليبيين في معركة "أم النصر" خلال العصر الأيوبي[20]

ويذكر المؤرخون أن الحجر التأسيسي الذي كان على باب المسجد، منقوش عليه بخط النسخ الأيوبي أعلى محراب المسجد الآية القرآنية:" إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ"؛ ما يدلّ على أنه يعود للعصر الأيوبي، حتى بات اليوم نموذجًا فريدًا من نوعه للعمارة الأيوبية.

تعرض المسجد للعديد من الاعتداءات الإسرائيلية خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية تحديدًا، وطاله التدمير الكامل عام 2006 بعد حصار الاحتلال لشمال القطاع، وقد أعيد بناؤه قبل أن يتعرض لقصف إسرائيلي آخر خلال عدوان 2014[21].

 

13- مسجد العجمي

إلى الجنوب من مدينة غزة، وتحديدًا في حي الزيتون يقع مسجد العجمي، نسبةً إلى مؤسسه الشيخ على بن محمود العجمي الصيحاني، والذي اتخذ من المسجد زاويةً له، حتى دفن فيه. يرى مؤرخون أن المسجد قبل 900 سنة كان مدرسةً لتعليم القرآن (كتّابًا قرآنيًا)، إذ كان يجلس الشيخ في زاوية من زوايا المسجد، ويجلس بجواره الأطفال يعلمهم القرآن، فقد كان مدرسة لتخريج الحفظة قبل تسعة قرون، وبقي صامدًا في وجه العديد من التحديات حتى اللحظة[22].

وفي الوقت الحالي، تحيط بالمسجد مدرسة "الكاملية" نسبة إلى السلطان "كامل" ابن خالة الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي. وتحول المسجد في حقبة من الزمن، خلال الحرب العالمية الأولى، إلى مستشفى للولادة، فترى، حتى اللحظة، بجوار قاعته مغسلةً كان يُغسل عليها الطفل بعد ولادته، كما يوجد فيه غرفة أخرى سكنها مفتي فلسطين، الإمام الصيحاني، قبل 800 عام، وهو مفتي المذهب الحنفي لمدينة غزة، وقد كان الناسُ من جميع أنحاء غزة ومحيطها يؤمّون المسجد لاستفتاء الإمام واستشارته في شؤونهم الحياتية[23].

 

14- مسجد الشيخ عثمان قشقار

رغم صغر مساحته، فإنه من أقدم المساجد والأعيان الأثرية في قطاع غزة، وهو موجودٌ في حي الزيتون شرق مدينة غزة، مجاورًا للمسجد العمري الكبير، ويرجع بناؤه إلى عام 1223م، ولا تزال لافتةٌ معلقة على باب المسجد كتب عليها أن "تاريخ تأسيس المسجد في 27 رجب لعام 620 هجرياً".

أما عن سبب تسميته، فتعود إلى الشيخ التركي عثمان قشقار، والذي اشتهر بأنّه أعجمي من خيار الناس، وتوفي ودفن داخل المسجد، إلى أن تمّت توسعة المسجد وعزل القبر، فيما بقى بناؤه على الطراز التركي، للحفاظ على قيمته الأثرية[24].

 

15- مسجد المحكمة

منتصبٌ في منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة، كان معروفًا باسم مدرسة "الأمير بردبك الدودار" في العصر المملوكي، وخلال العصر العثماني عُرف محكمةً شرعيةً أُطلق عليه اسم "جامع المحكمة".

في زمن الاحتلال البريطاني حُوّل الجامع إلى مدرسة حكومية للبنين سميت باسم "مدرسة الشجاعية الأميرية"، وفي الوقت الحاضر أضيف إليه مبنى إسمنتي حديث في الجهة الغربية وهو ملاصق لبيت الصلاة القديم، واليوم عادت المدرسة مسجدًا معروفًا باسم "جامع المحكمة"، يتميز بأنشطته ورحلاته التربوية والتثقيفية على مدار السنة[25].



[1]  http://bit.ly/3KLvesr

[2]  http://bit.ly/40U2gw4

[3]  المصدر السابق

[4]  http://bit.ly/3zJjY9v

[5]  مصدر سابق

[6]  http://bit.ly/40WAGOz

[7]  http://bit.ly/3mhA878

[8]  https://bit.ly/43mIxa0

[9]  https://bit.ly/3KMeyB3

[10]  https://bit.ly/3MvUAvr

[11]  http://bit.ly/3nQASQQ

[12]  المصدر السابق

[13]  https://bit.ly/43mIxa0

[14]  المصدر السابق

[15]  http://bit.ly/3Uw2ze3

[16]  http://bit.ly/3KOHj03

[17]  مصدر سابق

[18]  http://bit.ly/3MsGISH

[19]  مصدر سابق

[20]  https://bit.ly/3Uw2ze3

[21]  http://bit.ly/3zMw2Xy

[22]  http://bit.ly/41dkBUz

[23]  http://bit.ly/3meFIqU

[24]  مصدر سابق

[25]  http://bit.ly/3mhuNN9