مقاومة الخليل.. في تثوير رياح الجنوب

مقاومة الخليل.. في تثوير رياح الجنوب
تحميل المادة

 مع ساعات صباح 21 آب/ أغسطس 2023، اقتربت مركبة يستقلّها مقاومان من سيارة مستوطنين كانت تسير على الطريق الاستيطاني، قرب مدينة الخليل، جنوبيّ الضفة المحتلة، أطلق المقاومان النار وقتلا مستوطنة وجرحا مستوطنًا وانسحبا من المكان، قبل أن ينشر جيش الاحتلال قوات كبيرة في المنطقة، ويغلق مداخل المدينة ومحطيها من ريف ومخيمات.

بعد العملية، أعلن جيش الاحتلال اعتقال محمد الشنتير وابن عمه صقر الشنتير، بعد محاصرة منزليهما في الخليل، وقال إنهما منفّذا عملية إطلاق النار، وأن تحقيقاته تدور حول فحص إمكانية وجود بنية تنظيمية تحتية تقف خلفهما، مع الإشارة إلى انتمائهما لحركة حماس، في ظلّ تحريض قادة الاحتلال في الجيش والحكومة على شنّ حملة عسكرية ضدّ النشطاء والمجموعات المحسوبة على المقاومة، في الضفة المحتلة كلّها.

زيارات قادة الاحتلال لموقع العملية، من مختلف المستويات السياسية والعسكرية: "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، وقائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، وغيرهم"، تؤكّد على المخاوف التي يخلقها دخول الخليل في الحراك المقاوم الذي انطلق في الضفة المحتلة بصيغ "جديدة أو متجدّدة"، منذ شهور.

 

سنوات ما بعد الانتفاضة… جمرٌ نفض الرماد

مشاركة الخليل في الجولة الحالية من المقاومة ضدّ الوجود الاستعماري، في الضفة المحتلة، كانت أقل من محافظات شماليّها "جنين، نابلس، طولكرم، طوباس وغيرها"، التي غلب على العمل المقاوم فيها نمط المجموعات الكبيرة التي تنفّذ عمليات إطلاق نار، في محيط المدينة وريفها، مع تشكيل خلايا أخرى توجّه ضربات لأهداف الاحتلال، في الضفّة والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، إلا أن إحصائيات تشير إلى ارتفاع في معدلات فعاليات المقاومة في الخليل، خلال الشهور الماضية، فقد رصد مركز معلومات فلسطين "معطى" 1163 عملًا مقاومًا فيها منذ بداية العام الحالي حتى 21 آب/ أغسطس، بينها 60 عملية إطلاق نار.

يمكن القول إنّ الخليل وبلداتها حافظت بعد نهاية انتفاضة الأقصى ومرحلة الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وما لحقها من انقسام، على خط متواصل من السعي لبناء بنية تحتية عسكرية وتنظيمية تسمح بتنفيذ عمليات ضدّ أهداف الاحتلال، وكان لها خلال سنوات "هَبّة القدس" التي انطلقت عام 2015، والسنوات التالية لها، بعد الاعتداءات التي نفّذتها قوات الاحتلال على المرابطين والمرابطات، في المسجد الأقصى، نصيب كبير من المساعي في اتجاه ترميم العمل العسكري، في الضفة المحتلة.

تتَّبّع نماذج لخلايا ومجموعات وشخصيات نفّذت عمليات أو حاولت ترميم الأجهزة العسكرية لفصائل المقاومة، قد يمنح فرضية تصدّر محافظة الخليل بمدنها وبلداتها منذ ما بعد انتفاضة الأقصى، للجهد العسكري والتنظيمي في استهداف الوجود العسكري والاستيطاني الصهيوني، قدرًا من الصدقية ومطابقة الواقع.

في الرابع من شهر شباط/ فبراير 2008، نفذ الاستشهاديان محمد الحرباوي وشادي زغير من الخليل، عمليةً في مستوطنة "ديمونا" جنوب فلسطين المحتلة، أسفرت عن مقتل مستوطنة وإصابة عدد آخر. جاءت العملية بعد فترة من توقف العمليات الاستشهادية نتيجة للظروف الأمنية المعقدة التي تقلّبت على الضفة المحتلة، في سنوات ما بعد انتفاضة الأقصى. وبعد العملية تبيَن أن الحرباوي وزغير كانا عضوين في خلية تابعة لكتائب القسام يقف على رأسها القائد شهاب الدين النتشة، الذي قالت الكتائب لاحقًا إنه من صنع الحزام الناسف المستخدم في العملية.

بعد ما يقارب أربعة شهور على العملية، حاصرت قوات كبيرة من جيش الاحتلال القائد شهاب الدين النتشة، في منزل تحصن فيه بمدينة الخليل واشتبك معها لعدة ساعات، قبل أن يستشهد بعد أن رفض تسليم نفسه رغم استخدام جنود الاحتلال مختلف أنواع العتاد العسكري في الحصار والاشتباك.

في شهور سابقة على عملية خلية الشهيد النتشة، أعلن الاحتلال عن كشف عدة خلايا لحركتيّ حماس والجهاد وفصائل المقاومة، وصلت لمرحلة التنفيذ، وأخرى خطّطت لتنفيذ عمليات، بينها خلية ضمّت الأسير المحرر صالح الجعبري الذي استشهد والده وأصيب عدد من أشقائه خلال محاولة اعتقاله، وابن عمه فارس الجعبري وآخرين، ومجموعة لحركة الجهاد الإسلامي نشطت في مدينة دورا جنوبيّ المحافظة قالت مخابرات الاحتلال إنها ضمت 50 كادرًا وتدربت على إنتاج متفجرات.

قبل فترة من انطلاق عمله العسكري، وجّه ضابط مخابرات الاحتلال تهديدًا للمهندس نشأت الكرمي "إذا صار إشي تحت الأرض راح نجيبك"، ورغم هذا التخوف الشديد من جانب الاحتلال من الشهيد نشأت، وحرصه على ملاحقته أمنيًا، عقب الإفراج عنه من اعتقال استمر 6 سنوات، على خلفية انخراطه في خلية للقسام حاولت تنفيذ عمليات ردًا على اغتيال الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، إلا أنه تمكّن من بناء عدة خلايا نجحت في تنفيذ عملية إطلاق نار كانت الأكبر منذ سنوات.

 

"سيل النار"

في العشر الأواخر من شهر رمضان الذي وافق حينها 31 آب/أغسطس عام 2010، توجّه نشأت الكرمي مع رفيقه مأمون النتشة وأطلقا النار تجاه مركبة للمستوطنين، كانت تمرّ قرب بلدة بني نعيم شرقيّ الخليل، وقتلا أربعة منهم، قبل أن ينسحبا بسلام، في عملية كانت باكورةً لعمليات أطلقت عليها كتائب القسام في بيان التبني اسم "سيل النار".

بعد العملية نفّذت قوات الاحتلال نشاطًا عسكريًا واستخباراتيًا واسعًا، في الخليل وبلداتها، بحثًا عن نشأت ومأمون، وسعيًا لتفكيك البنية العسكرية والتنظيمية التي أقامها في الخليل، وفي الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر استشهد الكرمي ومأمون النتشة في اشتباك خاضاه مع قوات كبيرة من الاحتلال حاصرتهما داخل منزل، في الخليل، وأعلنت مخابرات الاحتلال لاحقًا أنها نجحت في اعتقال عدد من كوادر حماس انخرطوا في خلايا شكّلها الكرمي، وخططت لتنفيذ عمليات لاحقًا.

في تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه، أعلنت مخابرات الاحتلال عن اعتقال خلية تابعة لتنظيم "فتح الانتفاضة". اعتقل الاحتلال نبيل حرب، وسامر أبو شروخ، وعلاء جبارين ومحمد نصر الله بتهمة تنفيذ عملية إطلاق نار قرب بلدتهم الظاهرية جنوبيّ الخليل، أسفرت عن إصابة ثلاثة مستوطنين، وبعد تحقيقات مكثفة زعم جهاز "الشاباك" مصادرة متفجراتٍ وأسلحة مختلفة منهم، وأصدرت محاكم الاحتلال العسكرية لاحقًا أحكامًا بالسجن عليهم تتراوح بين 19 و22 سنة.

هذا المسار من عمليات إطلاق النار بقيَ حاضرًا في الفعل العسكري لخلايا المقاومة، في محافظة الخليل، وفي العام 2010 أيضًا نفّذت خلية للقسام عملية إطلاق نار قرب قرية دير رازح جنوبيّ الخليل، أسفرت عن مقتل عنصر من شرطة الاحتلال وإصابة آخرين. وبعد عمليات استخباراتية وأمنية مكثفة أعلنت مخابرات الاحتلال عن اعتقال الخلية التي ضمت رائد عيسى الحروب، ومحمد إسماعيل الحروب، وعلي الحروب، وبهاء العدم، ومحمد جبر الحروب من بلدة دير سامت.

بعد ما يقارب 3 سنوات على الإفراج عنه في صفقة "وفاء الأحرار"، عاد الأسير المحرر زياد عواد من بلدة إذنا غربيّ الخليل إلى النشاط المقاوم. في نيسان/ إبريل 2014 توجّه على دراجة نارية وهو يحمل بندقية من نوع "كلاشينكوف" وأطلق النار تجاه مركبة ضابط في شرطة الاحتلال كان يسير قرب حاجز ترقوميا، وأرداه قتيلًا، قبل أن ينسحب بسلام. بعد أسابيع أعلن الاحتلال عن اعتقال عواد مع نجله عز الدين بتهمة تقديم المساعدة لوالده في تنفيذ العملية، قبل أن يحكم الأسيرين المنتميين لـ "حماس" بالسجن المؤبد مرتين و16 عامًا.

محاولات إعادة تشكيل البناء التنظيمي العسكري لفصائل المقاومة، في الخليل وانطلاقًا منها، كانت في عدة تجارب بينها الخلية التي شكّلها الأسير حسين القواسمي "شقيق شهيدين، وأسير مؤبّدٍ، وعدد من الأسرى والمحررين، ومبعدٍ إلى غزة"، مع عدد من كوادر القسام في الخليل والقدس، بينهم إسحاق عرفة الذي نفذ عملية تفجير عبوة ناسفة أسفرت عن مقتل مستوطنة، والأسير المحرر سعيد القواسمي الذي اعتقلته قوات خاصة من جيش الاحتلال من داخل المسجد الأقصى، قبل تنفيذ عملية استشهادية.

 

أسر المستوطنين الثلاثة… العملية الزلزال

بقيَ شعار "تحرير الأسرى" حاضرًا في سلوك المقاومة، طوال عقود، وحاولت في عدة فترات تنفيذ عمليات خطف نجحت في بعضها ولم تصل في أخرى إلى التنفيذ. 12 حزيران/ يونيو 2014 كان يومًا تاريخيًا، في الخليل وعموم فلسطين المحتلة، بعد أن نجحت خلية للمقاومة في أسر ثلاثة مستوطنين "أيال يفراخ وغلعاد شاعر ونفتالي فرنكل"، من منطقة قريبة من التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون".

شنّت قوات الاحتلال حملة عسكرية واسعة تركّزت، في الخليل وبلداتها، بحثًا عن الخلية الخاطفة والمخطوفين الثلاثة، واعتقلت مئات الأسرى المحررين وأخضعت عددًا منهم لتحقيق عسكري قاسٍ، وبعد فترة من العمليات الأمنية والاستخباراتية قالت مخابرات الاحتلال إنّ الخلية المسؤولة عن العملية تتبع لكتائب القسام وتضم مروان القواسمي، وعامر أبو عيشة وبقيادة حسام القواسمي وهو شقيق للأسير حسين القواسمي الذي سبق الحديث عنه.

وبعد 16 يومًا، عثرت قوات الاحتلال على جثث المستوطنين الثلاثة مدفونة في أرض قريبة من الخليل، وأعلنت عن اعتقال حسام القواسمي، ثم بعد سنوات حكمت محاكم الاحتلال العسكرية عليه بالسجن المؤبد 3 مرات، وفي شهر أيلول/ سبتمبر استشهد عامر ومروان مشتبكيْن مع قوات الاحتلال.

تجاوزت عملية الأسر آثارها المادية المباشرة من ناحية خطف المستوطنين الثلاثة، ثم اعتقال أفراد الخلية أو اغتيالهم، بل إن مراقبين يؤكدون أنها كانت أحد الأسباب التي دفعت بالواقع الميداني في الضفة والقدس المحتلتين نحو الانفجار، في هبّات شعبية وعمليات فردية، خاصةً مع استشهاد الطفل محمد أبو خضير حرقًا على يد ميلشيات المستوطنين في شعفاط بالقدس عام 2014، وحرب غزة التي سجّلت فيها المقاومة عمليات بطولية بقيت حاضرة وشكلت أثرًا كبيرًا في الوعي الفلسطيني، خاصة في الجيل الذي لم يدرك انتفاضة الأقصى.

 

"هَبّة القدس"... الخليل تتصدر مع القدس

 

لعبت الخليل والقدس دورًا محوريًا في "هَبّة القدس" أو "هَبّة السكاكين" التي استمرت عدة سنوات انطلاقًا من عام 2015، وكان المجهود المقاوم تركز فيها على عمليات فردية أو خلايا تتشكّل محليًا، مع استمرار محاولات الفصائل تشكيل خلايا وإعادة بناء التنظيم العسكري لها.

وذكرت إحصائية قامت عليها صحيفة "العربي الجديد"، أن المقاومين من الخليل نفّذوا 28 عملية طعن، وست عمليات ما بين دعس وإطلاق نار، عام 2015، فيما نُفّذت حتى منتصف عام 2016، 20 عملية موزعة بين 16 عملية طعن، وعمليتي دعس وعملية إطلاق نار ودعس مزدوجة، وأشارت إحصائيات جهاز مخابرات الاحتلال "الشاباك" إلى أن النسبة الأكبر من قتلى العمليات، في عام 2015، كان في الخليل.

في 22 أيلول/ سبتمبر 2015، في فترة تصاعد الأحداث في القدس والمسجد الأقصى ردًا على اعتداءات الاحتلال، استشهد ضياء التلاحمة الطالب في جامعة القدس/ أبو ديس وأحد أعضاء خلية لسرايا القدس، خلال كمين لقوة من جيش الاحتلال قرب مدينة دورا.

تنوعت العمليات التي نفذها نشطاء ومقاومون من محافظة الخليل، بين الطعن والدعس وعمليات إطلاق النار وتفجير العبوات. على التلة الغربية مقابل باحات المسجد الإبراهيمي حوَّل أكرم بدوي وشقيقه نصر منزلًا قيد الإنشاء، إلى موقع لقنص جنود الاحتلال والمستوطنين، وخلال عدة عمليات، أصابا 4 منهم، قبل أن يعلن الاحتلال اعتقالهما عقب عمليات بحث وتقصٍّ استخباراتي مكثفة.

واستشهد خلال هذه الفترة من عام 2015 عدد من الفدائيين في مواجهات وعمليات مختلفة، بينهم زياد عمر عوض، ومحمود يحيى أبو جحيشة، وهديل الهشلمون، وأمجد حاتم الجندي، ومحمد فارس الجعبري، وباسل سدر، وإبراهيم عوض، وإياد العواودة، وطارق النتشة، وبيان العسيلي، وعدي المسالمة، وحمزة العملة، وحسام الجعبري، وبشار نضال الجعبري، وهاشم العزة، ومحمود غنيمات، ودانيا ارشيد، وسعد الأطرش، ورائد ساكت جرادات، وإياد روحي جرادات، وعز الدين نادي أبو شخيدم، وشادي نبيل القدسي، وهمام عدنان اسعيد، واسلام رفيق عبيدو، وفارق سدر، ومهدي محمد المحتسب، وإبراهيم السكافي، ومالك الشريف، وثروت الشعراوي، وعبد الله شلالدة، ومحمود الشلالدة، وحسن جهاد البو، وشادي عرفة، ومحمد الشوبكي، وإيهاب مسودة، وعبد الرحمن مسودة، وعدي ارشيد، وإياد ادعيسات.

وفي الأول تموز/ يوليو 2016، توجّه القائد محمد الفقيه رفقة أفراد خليةٍ ينتمي أفرادها لحركة حماس نحو طريق قريب من مستوطنة "عتنائيل" قرب مدينة دورا، وأطلق النار نحو مركبة للمستوطنين وانسحب بعد أن قتل أحد زعمائهم ويدعى "ميخائيل مارك" وأصاب آخرين، وبعد أسابيع من المطاردة استشهد الفقيه في معركة خاضها مع قوات الاحتلال، في منزل تحصّن بداخله ببلدة صوريف، وأعلنت مخابرات الاحتلال في الفترة ذاتها عن اعتقال محمد عمايرة بتهمة مساعدة الشهيد، في العملية، وحكمت عليه المحاكم العسكرية بالسجن المؤبد مرتين.

ومن بين أبرز العمليات في تلك الفترة، عملية الأسير محمد الحروب قرب التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" والتي أدت لمقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة آخرين، وعملية الأسير رائد المسالمة في "تل أبيب" والتي قُتل فيها مستوطنان، وعملية إطلاق نار نفّذها الأسير شادي مطاوع قرب مستوطنة "عتنائيل" وأدت لمقتل مستوطنين، وعملية محمد مخامرة وخالد مخامرة من مدينة يطا في "تل أبيب" وقتل خلالها 4 مستوطنين، وعملية الأسير مراد ادعيس في "عتنائيل" والتي أدت لمقتل مستوطنة، وعملية الأسير حمزة أبو الفيلات وأدّت لإصابة مستوطنة، وعملية الدعس التي نفّذها الأسير همام مسالمة قرب مخيم العروب، وعملية الشهيدين قاسم جابر وأمير الجنيدي قرب مستوطنة "كريات أربع"، وعملية الأسير سحبان الطيطي قرب مخيم الفوار والتي أدّت لمقتل مستوطن.

وفي عام 2016 قَدّمت محافظة الخليل سلسلة أخرى من الشهداء، في عمليات ومواجهات، وتركّزت أعداد الشهداء في الريف مثل سعير وبني نعيم، واستشهد أحمد الكوازبة، ومهند الكوازبة، وأحمد الكوازبة، وعلاء الكوازبة، وخليل الشلالدة، وعدنان الحلايقة، ومحمد أحمد الكوازبة، ومؤيد عوني جبارين، ويوسف طرايرة، ومحمود أبو فنونة، وعبد الله العجلوني، ورمزي القصراوي، وعبد الفتاح الشريف، ومصطفى برادعية، ومحمد أبو هشهش، ومحمود الطرايرة، وفراس الخضور، ومحمد ثلجي كايد الرجبي، وحاتم الشلودي، ومهند الرجبي، وأمير الرجبي، وعيسى طرايرة، ومحمود الطرايرة، ومحمد السراحين، وخالد بحر، وخالد اخليل.

وفي السنوات اللاحقة، استشهد عدد من أبناء المحافظة في عمليات مختلفة، وخلال التصدي لميلشيات المستوطنين وقوات الاحتلال في المناطق المهدّدة بالتهجير، مثل مسافر يطا، مثل الشهيد الذي تحوّل إلى أيقونة في الدفاع الأرض الشيخ سليمان الهذالين، والشاب هارون أبو عرام الذي عانى لسنوات من إصابته برصاص قوات الاحتلال في المسافر، والأسير المحرر أحمد صدقي الأطرش والذي ارتقى خلال مشاركته في مواجهة قوات الاحتلال في شارع الشلالة.

في أغسطس/ آب 2019، أعلن جيش الاحتلال عن اختفاء جندي قرب مستوطنة "مجدال عوز" الواقعة ضمن التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون"، شماليّ الخليل، وبعد عمليات بحث عثر عليه مقتولًا بعد تعرضه لعملية طعن. بعد أيام من العملية أعلنت قوات الاحتلال عن اعتقال الخلية المسؤولة عن العملية من بلدة بيت كاحل، وضمت سعيد الزهور، وصالح عصافرة، وأحمد عصافرة، وقاسم عصافرة، وبعد جلسات محاكم حكم عليهم بالسجن المؤبد، وهدم منازلهم في البلدة.

وفي معركة "سيف القدس" في أيار/ مايو 2021، التي امتدّت من القدس المحتلة والأقصى إلى جبهات مختلفة، نفّذ عدد من المقاومين عمليات فردية في الخليل، واستشهد عدد من أبنائها خلال المواجهات، بينهم الشهيدة وفاء برادعي التي قال جيش الاحتلال إنها نفّذت عملية إطلاق نار باستخدام سلاح من طراز "m16" قرب مستوطنة "كريات أربع".

الشهيد محمد الفقيه

الشهيد محمد الفقيه

 

أين الخليل من الحراك الثوري الحالي؟

في الحراك الثوري الحالي الذي انطلق في الضفة المحتلة، في مرحلة قريبة من معركة "سيف القدس"، واشتدّ عوده لاحقًا، كان للخليل مشاركة في عدة عمليات بعضها قاتلة وأدّت لخسائر في صفوف جيش الاحتلال والمستوطنين.

من أبرز العمليات في هذه الفترة، عملية الشهيد محمد الجعبري وهو كادر في حركة حماس وأدّت لمقتل مستوطن وإصابة آخرين بينهم "عوفر" أحد قادة الاستيطان، في الخليل، وبعد فترة نفّذ مقاومون عملية إطلاق نار في مستوطنة "كرمئيل"، فيما أسفرت عملية دعسٍ نفّذها الشهيد محمد برادعية عن إصابة 3 من جنود جيش الاحتلال.

وفي العام الحالي، نفّذ الشهيد عبد الوهاب خلايلة عمليةً في "تل أبيب" أدّت لإصابة عدد من المستوطنين، ردًا على المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال في جنين، في حزيران/ يوليو الماضي، فيما أسفرت عملية الأسير عمار النجار قرب بلدة تقوع جنوبيّ شرق بيت لحم عن إصابة 3 مستوطنين، واستشهد الشاب علاء قيسية بعد إطلاق مستوطن النار عليه بعد دخوله إلى مستوطنة "تانا عومريم" لتنفيذ عملية.

وخلال هذه الشهور أيضًا، ارتقى عدد من أبناء المحافظة شهداء خلال المواجهات والعمليات الفدائية بينهم محمد إسماعيل جوابرة برصاصة في الرأس خلال مواجهات في مخيم العروب، وحمدي أبو دية أحد عناصر الشرطة والأسير المحرر والكادر في الجبهة الشعبية الذي استشهد بعد تنفيذه عدّة عمليات آخرها على مدخل بلدة حلحول، ونسيم أبو فودة على حاجز عسكري في المنطقة الجنوبية في الخليل.

وتصدّرت بلدة بيت أمر ومخيم العروب شماليّ المحافظة النقاط الساخنة، في مواجهة قوات الاحتلال، ونفّذت مجموعات المقاومة قربها عدة عمليات إطلاق نار واستهداف لحواجز الاحتلال وقواته بالعبوات الناسفة محلية الصنع والزجاجات الحارقة، بالإضافة لعمليات رشق بالحجارة لمركبات المستوطنين خاصة العابرة نحو التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون".

وأعلنت مجموعة للمقاومة في بلدة السموع جنوبيّ المحافظة عن تنفيذ سلسلة عمليات إطلاق نار، كما قدمت بلدة الظاهرية عددًا من الشهداء، خلال الشهور الماضية.

تمثل محافظة الخليل موقعًا حساسًا في السياقات الأمنية والاستراتيجية لدولة الاحتلال، في الصراع مع الشعب الفلسطيني، لما لها من كثافة سكانية ودور اقتصادي كبير، وتاريخ في المواجهة المسلحة، بالإضافة لانتشار البناء الاستيطاني بكثافة فيها، إذ تشير الإحصائيات إلى أن الاحتلال أقام فيها أكثر من 21 مستوطنة، يخترق بعضها الأحياء الفلسطينية، في المدينة، وتسعى حكومة الاحتلال منذ بدايات احتلال 1967 إلى تعزيز الاستيطان فيها، وتكريس السيطرة على المسجد الإبراهيمي، وترفع حركات "الصهيونية الدينية" التي يسيطر جزء منها على مواقع مهمة في حكومة الاحتلال الحالية، شعارات لفرض "السيادة الإسرائيلية" عليها.

هذا الواقع المعقد في الخليل وبلداتها يجعل أمام مخابرات الاحتلال والدوائر السياسية والأمنية الإسرائيلية تحديات مختلفة، لإبقاء الميدان تحت السيطرة ومنع تمدّد الحراك المقاوم إلى هذه المناطق، بزخم مشابهٍ للحاصل في جنين ونابلس وطولكرم وغيرها من محافظات الشمال، في ظل خشية الاحتلال من ما يسميها "خلايا نائمة" للتنظيمات الفلسطينية، قد تنشط في أية لحظة في الميدان الجنوبي من الضفة، وحالة "اللايقين" التي تهيمن على الحالة الأمنية - العسكرية في الضفة المحتلة، طوال فترة المواجهة، مما يجعل من التنبؤ الدقيق أمرًا غير متاح أمام الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، رغم محاولات تنشيط عمليات "السلام الاقتصادي" في المحافظة وبقية الضفة، والعمل على فصل الناس عن الهم الوطني، من خلال المشاريع الاقتصادية وفتح علاقات مع بعض الشخصيات من خلال ضباط ما تسمى بــ "الإدارة المدنية"، وزيادة أعداد التصاريح، وغيرها من السياسات.