وصايا الشهداء .. الواصلون باكرًا

وصايا الشهداء .. الواصلون باكرًا
تحميل المادة

"أنا استشهدت يا شباب"[1].. لم يكن إبراهيم النابلسي ينعى نفسه بهذا اليقين بنيل الشهادة ساعة اشتباكه فاستشهاده فحسب، لم يكن إبراهيم يقدّم نظريّته عن الموت والحياة فحسب بكلمات لا تزيد على الأربعة. لقد كان إبراهيم وقتها الكثافة كلها، كثافة الوجود والمعنى، والمهمة والمآل.

من قال له إنه استشهد وهو لم يستشهد بعد؟ كيف عرف يقينًا إنه سوف يستشهد؟ وإن كان قالها لغلبة الظنّ في مثل موضعه ذاك، فإنّ الدقيقة التي تلت كلمته قد صدّقتها، بيد أنه يتحدث وكأنه استشهد قبل أن يستشهد فتكون شهادته متكرّرة، فالعارفون يرتحلون في ذواتهم انخلاعًا ورجوعًا مرّات، ويبقون في ارتحالهم بين الناس، ارتفاعًا لخدمة الناس، فـ "خير الناس أنفعهم للناس"[2]، ومن خير الناس الرجل الذي يواجه الدجّال[3]، و"من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه، كلما سمع هيعة، أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه"[4]، وكأنّ أمره ساعته تلك كما أنشد أحدهم:

يبكي رجال على الحياة وقد *** أفنى دموعي شوقي إلى الأجل

أموت من قبل أن يفرّ مني *** دهري فإنّي منه على وجلي[5]

"أنا استشهدت" استشهد إبراهيم لمّا قالها، ثمّ استشهد لما بلغته الرصاصة، أي أنّ الوصول سبق الرصاصة، فقال "أنا استشهدت" وهذه شهادة الوصول، وقال ثانية "أنا رايح أستشهد" فما بقي أعظم مما ذاق، فعجل إلى ما بقي بيقين ما ذاق سعيًا إلى دوام الرضا

استشهد إبراهيم لمّا قالها، ثمّ استشهد لما بلغته الرصاصة، أي أنّ الوصول سبق الرصاصة، فقال "أنا استشهدت" وهذه شهادة الوصول، وقال ثانية "أنا رايح أستشهد" فما بقي أعظم مما ذاق، فعجل إلى ما بقي بيقين ما ذاق سعيًا إلى دوام الرضا، وهذا يميز بين من يفرّ من الموت، وبين من "يروح" إليه، مطمئنًا، وقد نقل عن ذي النون قوله: "وثلاثة من علامات الوصول: الأنس به في جميع الأحوال، والسكون إليه في جميع الأعمال، وحب الموت لغلبة الشوق في جميع الأشغال"[6]، فكيف إن كان ما ظاهره الموت، مظنّة الحياة، وتحقّق الوصول بلا شك، ودوام الرضا؟ فلا فضلة من حياة أُولى تحُول دون كمال الوصول:

إن ترد وصلنا فموتك شرط *** لا ينال الوصال من فيه فضلة[7]

وبالرغم من أن مفردة "الشباب" مناسبة للوسط الذي تحرّك فيه الشاب الصغير (19 عامًا)، وشائعة في الخطاب اليومي الفلسطيني، إلا أنّها كانت موضوعة في مكانها بقدر، تعيد صياغة معاني الوجود والمآل، في وجدان الجيل الذي ينتظر حياةً واسعةً رحيبةً في قادم أيامه، فالحياة الحقيقية تختصرها مفردة الشهادة بحمولتها الإيمانية الإسلامية، "فإنّ نسبة الآخرة إلى الدنيا كنسبة الدنيا إلى رحم الأم"[8]، فللمرء أن يتفكّر، كيف بلغ الشابّ الصغير هذه الحكمة؟

لماذا ينبغي أن تُمنح كلمات إبراهيم قدرها؟ لأنّها قيلت في ساعة زلزلة، وكشف عن الصدق، فكانت كلها حكمة، وإن جاءت في ثوبها اليوميّ العاديّ، فلم تدبّج من وقت، وهذا ما جعلها عاديّة جدًّا لا اصطناع فيها، فلمّا كانت كذلك، كانت وصاياه الثلاث، في موضعها بقدر كذلك، حبّه لأمّه، فروحه وإذ هي تسيل تلتقط صورة للطهارة الكاملة، سيلان الطفل من أمّه إلى الحياة الأولى، على نحو يذكّر بالمثل النبويّ للطهارة "كما ولدته أمّه"[9]، وهنا يتورّد الخجل الطفولي، من الأمّ الأولى، وقد صار لإبراهيم أمٌّ ثانية، تلده إلى الحياة الأبدية الاستثنائية بالنسبة لمآلات بشر.. الشهادة أمّه الثانية، وقد تكرر في صوته إعلانه حبّه لأمّه الأولى، وذكره لشهادته، بالقدر نفسه، ويبدو ذكره للحصار في هذا السياق، كرحم الأمّ تمامًا، بيد أنّه في الأولى لم يكن واعيًا، وهنا الآن على وعي تام، فالدنيا بقدر هذا الحصار، والحياة بالانعتاق منه.

بقيت له وصيتان، الوطن، والبارودة، والوصية بكلتيهما، تحقّق مسبق بالوصول، فالشهادة لعلها مُنِحت اسمها، لاتخاذ صاحبها شاهدًا على الناس، ثم صاحبها يستبشر بالذي لم يلحق به، وفي هذا الاستبشار الوصية بالوطن والبارودة، والوصية بالبارودة في لحظة الحصار، الاشتباك، الاستشهاد، أي في اللحظة الحرجة، دوام التزام بالمهمّة والوظيفة والرسالة، كما في الحديث: "إن قامت على أحدكم القيامة، وفي يده فسيلة، فليغرسها"[10].

كانت وصايا إبراهيم الثلاث، في موضعها بقدر، حبّه لأمّه، فروحه وإذ هي تسيل تلتقط صورة للطهارة الكاملة، سيلان الطفل من أمّه إلى الحياة الأولى، على نحو يذكّر بالمثل النبويّ للطهارة "كما ولدته أمّه" ،ووصيتاه بالوطن، والبارودة، تحقّق مسبق بالوصول، فالشهيد يستبشر بالذي لم يلحق به، وفي هذا الاستبشار الوصية بالوطن والبارودة، والوصية بالبارودة في لحظة الحصار، الاشتباك، الاستشهاد، أي في اللحظة الحرجة، دوام التزام بالمهمّة والوظيفة والرسالة

 

الشهادة: الكلمةُ .. الكلمة

الشهيد فادي أبو شخيدم، وصل اللحظتين في وصيته بطريقته، لحظة الحياة الأولى، ولحظة الولوج في بوابة الحياة الثانية. لا يختلف فادي عن إبراهيم في هذه القضية، إلا في التوقيت، ففادي كتب وصيته[11] في مرحلة الاستعداد، وإبراهيم تلاها بداهة في لحظة الاشتباك، وإذا كانت لحظة الاشتباك أثبتت لإبراهيم صدقه ولم تسلب منه عاديّته، فإنّ فادي لم يرجع عن وصيته، ولم ينظر خلفه، وبهذا يلتقي الشهيدان في وصية واحدة اختلفت حيثياتها بينهما.

كانت حياة فادي حُلمًا بلقاء الله، والحلم كان رؤيا، والرؤيا لا بد وأن تسفر في تأويل واقعي، وقد كان الحلم/ الرؤيا إرادة، سعيًا في الصحو، واستغراقًا في المنام، ثم الخاتمة المصدقة، فعلى قدر السعي يأتي التأييد ﴿وَالَّذينَ اهتَدَوا زادَهُم هُدًى وَآتاهُم تَقواهُم﴾[12]، وعلى قدر الشوق تكون المرائي.

والشوق الخالص، هو الذي يكون على "بساط العوافي"[13]، وقد استنبط عارف هذا المعنى من حالات يوسف الصديق، عليه السلام، الذي ما قال توفّني لما ألقي في الجب أو في السجن، ولكنه ذكر الوفاة لما دخل عليه أبواه وخر الإخوة له سجدًّا وتمّ له الملك والنعم[14].

الشيخ المربي الداعية الباحث في سلك الدكتوراة، لم يكن ليترك وصيته دون شرح، وكثافة الوصل بين اللحظتين دون حلّ، فأبان أنّ هذه كانت بنت تلك، بمجرد الوصف، أو جعل الوصف هو عين المتن والشرح، في انعكاس للسان الحال، فانسكب الحال وصيّة مكتوبة تقول: "منذ أن عرفت قدماي المسجد وأُشربت القرآن والسنة، وأنا أحلم بقرب لقاء الله شهيدًا بإذن الله مقبلاً غير مدبر، وما كانت سنوات عمري السابقة إلا استعدادًا إيمانيًّا وعسكريًّا لهذه اللحظة الشريفة المباركة"[15]، وقد جعل الشهيد استظلاله بالمسجد وتشربه القرآن والسنة واستعداده الإيماني سابقًا على استعداده الجسماني "العسكري"، وذلك لأنّ القلب، مستودع العلم والحكمة، هو الأصل، "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"[16]، وقد قدّم القرآن في الذكر البسطة في العلم على البسطة في الجسم، فالنفس إن قويت لم يثنها ضعف الأجسام، أو كما قال المتنبي:

وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِبارًا *** تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ

وكما حضرت أم إبراهيم في وصيته، كان لحم فادي ورحمه كلّه مجتمعًا في وصيته، أمّه وإخوانه وأخواته وزوجه وأولاده وبناته، وبقدر ما كان يسعى إلى الرضا "واعلموا أني اخترت هذه الطريق مرضاة لله" والفوز الكبير "وفوزًا بجنة الله تعالى"، فإنّه كان يضع مآل أهله ومستقرّهم الأبديّ في أهدافه "واسأل الله أن أكون شفيعًا لكم"، وذلك جزاء لهم، في تأكيد على مفهومه للوجود والموت، فالمكافأة قد لا تكون في الحياة الظاهرة، ولكن الفاصل، بين ترك وآخر للحياة الظاهرة يكون في معنى الانفصال وشكله، فالانفصال بالشهادة، قيامًا بالواجب عن الناس، ومسارعة لإرضاء الله، غير أيّ انفصال يُدعى الموت، وفي القلب من ذلك، جوهر الدور الإنساني المنبثق بدوره عن الإيمان، فالعارف عامل ناصح، حيًّا وميتًا، كما قيل في رجل سورة ياسين لما قال: ﴿إِنّي آمَنتُ بِرَبِّكُم فَاسمَعونِ ۝ قيلَ ادخُلِ الجَنَّةَ قالَ يا لَيتَ قَومي يَعلَمونَ﴾[17] "فنصحهم حيًّا وميتًا"[18].

يلتفت فادي إلى رفاق الدرب، في الدعوة و"العمل الإسلامي"، التفاتة أصيلة معجونة من الفطرة التي لا تبديل لها، فالكلام كثير، ولم يمض على الناس زمن كان فيه الكلام كثيرًا كما هو اليوم، ثمّ ماذا؟ لا بد من كلمة تنحاز بنوعها عن عموم الكلام السائد، فتمام الموعظة المثل من اللحم الحيّ، يعظ الله الناس بكلامه وبرجاله ﴿وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ﴾[19]، ومن الرجال من يسعى ليكون الكلمة الإنسانية المثلى، كلمة الشهادة، ثمّ، لو ظلّ الحال كلامًا، لتسيّد الادعاء الموقف، وقلّ الصدق في الناس، فيتقدّم الرجل، فادي، بدوره، تأكيدًا على الصدق، يحوزه بدمه، لكي لا ينساب من وسط الكلام الكثير والفعل القليل، "فلا بدّ للكلمة من شاهد على صدقها"[20]، وما ينبغي تصديقه هنا، هو حبّ المسجد الأقصى، الذي هو من حبّ الله تعالى، والشوق منه يتولد[21]، ولمّا كان الأمر كذلك، فلا حلّ في نصيحة فادي لرفاقه في العمل الإسلامي إلا بقوله: "وفكوا أغلال الدنيا عنكم"، وهي صياغة أخرى لكلمة أحد العارفين: "الشوق: فطام الجوارح عن الشهوات"[22].

من وسط هذا النور كلّه، تمتاز كلمات أخرى لفادي بنور أخصّ، فما سبق كلّه، بقلبه العرفاني وأرديته الإيمانية، غير بعيد في قالبه ومفرداته عن معتادات الدعاة الفلسطينيين الذين ينسلكون في درب السياسة والدعوة الجهادية، فظلّ التصديق بالفعل ميزان التباين بين قائل وآخر، إلا أنّ حضور هموم الناس في القدس ومشكلاتهم الاجتماعية في وصية رجل يندفع إلى الشهادة، من معالم النور المتفرّد في وصيته عن مجمع الأنوار الأخرى، فيدلّهم على الطريق باستحضار نية الرباط والالتفاف حول المسجد الأقصى، ثمّ يمضي إلى شهادته، مظهرًا افتقاره بطلبه الدعاء والمسامحة، وما أشبهه في رحمته بالناس، وهو ماضٍ إلى الشهادة، بسعد بن أبي وقاص، لما عاده النبي، صلّى الله عليه وسلم، في مرض له، فاستأذن النبيَّ أن يوصي بماله كلّه[23]!

يلتفت فادي أبو شخيدم إلى رفاق الدرب، في الدعوة و"العمل الإسلامي"، فالكلام كثير، ولم يمض على الناس زمن كان فيه الكلام كثيرًا كما هو اليوم، ثمّ ماذا؟ لا بد الموعظة باللحم الحيّ، يعظ الله الناس بكلامه وبرجاله ﴿وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ﴾ ، ومن الرجال من يسعى ليكون الكلمة الإنسانية المثلى، كلمة الشهادة

 

في الطريق إلى الحضرة الإلهية

أمّا براء كمال لحلوح، فقد جعل وصيته[24] بين مفتتح الكمالات الوجودية، وخلاصة التجربة التدافعية، والعجيب بعد ذلك أن يكون هذا النظم من شاب انتهى إلى 24 عامًا، وإذا به يحوز المعرفة التي ما فتئ البشر والمؤمنون يؤوبون إليها مهما تشعبت بهم سبل الأفكار وحيرتهم الدروب والمسارات، فللمرء أن يتخيل، ما سكب من أحبار في تفسير ذلك المفتتح، ثمّ ما اصطنعه هذا النظم، المجبول من الإرادة المسبقة المسكوبة حبرًا ثمّ المسكوبة دمًا زكيًّا.

افتتح براء وصيته بالآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقتُلونَ وَيُقتَلونَ وَعدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ وَمَن أَوفى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاستَبشِروا بِبَيعِكُمُ الَّذي بايَعتُم بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾[25]، ثمّ أردفها في عبقرية الساعي في طريق الوصول بالآية: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابتَغوا إِلَيهِ الوَسيلَةَ وَجاهِدوا في سَبيلِهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾[26]، وكأنه لاحظ أنّ الله لا يشتري إلا النفس الشريفة، كما في قول بعض العارفين: "النفوس ثلاثة: نفس معيبة، لا يقع عليها بيع ولا شراء، وهي نفس الكافر، ونفس تحررت لا يصح بيعها، وهي نفس الأنبياء والمرسلين، لأنها خُلقت مطهرة من البقايا، ونفس يصح بيعها وشراؤها، وهي نفس المؤمن، فإذا باعها لله، واشتراها الحق تعالى منه، وقع عليها التحرير، وذلك حين تتحرر من رقّ الأكوان، وتتخلص من بقايا الأثر".[27]

أمّا براء لحلوح، فقد لاحظ أنّ الله لا يشتري إلا النفس الشريفة، والشهادة ذروة الشرف، وإدراك المعنى هذا وصول مبكر، فمن أدرك هذا سعى في تشريف نفسه، بالبلوغ بها إلى التقوى، حينئذ يتخذ الله من النفوس الشريفة للشهادة ما يشاء

إنّ الشهادة والحالة هذه، ذروة الشرف، وإدراك المعنى هذا وصول مبكر، فمن أدرك هذا سعى في تشريف نفسه، بالبلوغ بها إلى التقوى، حينئذ يتخذ الله من النفوس الشريفة للشهادة ما يشاء، فهو ابتغاء إلى الله، بتشريف النفس، وبالتشوف للشهادة، فإنه طلب القرب بالمجاهدة لتشريف النفس لتستحق دخول الحضرة الإلهية، وطلب القرب بالسعي إلى الشهادة، وهذا وصل آخر للحظتين، لحظة الحياة الأولى، ولحظة الولوج في الحضرة، والاتصال هذا، يكون بالاستغراق الكامل في الذكر الإلهي، وهو معنى أشار إليه الغزالي بقوله: "لأجل شرف ذكر الله عز وجل عظمت رتبة الشهادة؛ لأن المطلوب الخاتمة، ونعني بالخاتمة: وداع الدنيا والقدوم على الله عزّ وجلّ والقلب مستغرق بالله تبارك وتعالى منقطع العلائق عن غيره. فإن قدر عبد على أن يجعل همه مستغرقًا بالله عزّ وجلّ.. فلا يقدر على أن يموت على تلك الحالة إلا في صف القتال. فإنه قطع الطمع عن مهجته وأهله وماله وولده، بل من الدنيا كلها، فإنه يريدها لحياته، وقد هون على قلبه حياته في حب الله عزّ وجلّ وطلب مرضاته، فلا تجرد لله أعظم من ذلك، ولذلك عظم أمر الشهادة وورد فيه من الفضائل ما لا يحصى "[28].

ولما فسّر الآية الأولى بالثانية، مضى في وصيته، إلى أن ختمها بقوله: "أوقعوهم بالكمائن واحذروا من كمائنهم"[29]، وهذه خلاصة جليلة، لمسار البشرية، بتناقضاته كلّها، تستنير، أي الخلاصة، بموكب المؤمنين الذي يمخر الزمان، وينبسط على رقعة المكان، وهو مستفاد أساسًا من قوله تعالى: ﴿وَدَّ الَّذينَ كَفَروا لَو تَغفُلونَ عَن أَسلِحَتِكُم وَأَمتِعَتِكُم فَيَميلونَ عَلَيكُم مَيلَةً واحِدَةً﴾[30]، ومن تجارب المؤمنين في التاريخ في دفعهم الظلم والباطل، كما عبّرت عنه الآية الكريمة: ﴿قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذينَ يَخافونَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادخُلوا عَلَيهِمُ البابَ فَإِذا دَخَلتُموهُ فَإِنَّكُم غالِبونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلوا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾[31]، ومن هدي النبي صلّى الله عليه وسلم، الذي كان يغير عند الفجر[32]، فيجمع بذلك بين الكمين، وبين الاستيثاق من إيمان القوم إن كانوا يؤذّنون للفجر أم لا، وهكذا الإيمان نباهة وفطنة، إن كان جهادًا أم صلاة! وهكذا كانت وصية براء تفيض بذكر الجهاد، كما فاضت أنفاسه بالجهاد، وتختم بالوصية بالصلاة "الصلاة الصلاة الصلاة.. حافظوا على الصلوات الخمس"، وعن عليّ، كان آخر كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "الصلاة الصلاة"[33].

يتوسّط المسجد الأقصى قلب وصايا الشهداء، كما يتوسط قلوبهم، وهكذا يؤكد الشهيد على الموقف ممّا تعانيه "المدينة الطاهرة" والمسجد الأقصى، بوسعه كلّه، يستنفد ما وُهب، فينتقل بين الكلمة والرصاصة، فلا يترك نفسًا ولا حبة عرق ولا قطرة دم، إلا ويسكبه وصية، محذرًا من مداخل الهزيمة بقوله: "ولا تستمعوا لمن يقول من أجل من نقاتل؟ ولا نتيجة من قتالنا"

 


السرّ المختبئ بين الكلمة والرصاصة

وما بين مفتتح الكمالات الوجودية وخلاصة التجربة التدافعية، ركّز براء وصيته المتضمّنة وصفة شاملة للإصلاح السياسي والاجتماعي على أسس أخلاقية مستفادة من نور تلك الكمالات، بالوصية بالثبات على الطريق، وحماية المسجد الأقصى، والدفاع عن الإسلام، وحفظ إرث الشهداء، والتمسك بالحقّ في الأرض المباركة، والامتناع عن إطلاق النار في عرس شهادته، أو في أي مناسبة، وحصر دور السلاح في الدفاع عن الإسلام والمقدسات.

يتوسّط المسجد الأقصى قلب وصايا الشهداء، كما يتوسط قلوبهم، وفي متن وصية براء، قليلة الكلمات واسعة المعاني، ذكر الأقصى ثلاث مرّات، وذكر الإسلام أربع مرات، في انعكاس لآيات النور، التي تتجلّى معانيها في رجال في بيوت الله ﴿لا تُلهيهِم تِجارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فيهِ القُلوبُ وَالأَبصارُ﴾[34]. وهكذا يؤكد الشهيد على الموقف ممّا تعانيه "المدينة الطاهرة" والمسجد الأقصى، بوسعه كلّه، يستنفد ما وُهب، فينتقل بين الكلمة والرصاصة، فلا يترك نفَسًا ولا حبة عرق ولا قطرة دم، إلا ويسكبه وصية، وتأكيدًا على الطريق، منبهًا من وساوس اليأس محذرًا من مداخل الهزيمة بقوله: "ولا تستمعوا لمن يقول من أجل من نقاتل؟ ولا نتيجة من قتالنا"، وكأنّ هذا التنبيه روح الوصية، تلاحظ خفاءه كما تلاحظ ظهوره، كأيّ سرّ عظيم بادي الآثار في الوجود، خفيّ الكنه، فـ "ما استودع في غيب السرائر.. ظهر في شهادة الظواهر"[35]، فـ ﴿الَّذينَ يَظُنّونَ أَنَّهُم مُلاقُو اللَّهِ﴾[36]، يعلمون أنهم ملاقوه بالموت أو بالشهادة، وعنده لا يضيع عملهم، أو أنهم ملاقوه بنصره لهم في الدنيا، فكيف يخيبون في قتالهم؟! وقد أجاب براء عن هذه الجدلية بالآية: ﴿وَلا تَقولوا لِمَن يُقتَلُ في سَبيلِ اللَّهِ أَمواتٌ بَل أَحياءٌ وَلكِن لا تَشعُرونَ﴾[37]، كما كانت هذه الآية مواساة لأهله، فهو قادم على الله ملاقيه، ولا همّ في قلبه سوى ألا يترك أسى لأحد من أهله خلفه: "إلى أعزّ الناس على قلبي ألا وهي أمي وأبي وإلى أخي وإلى أخواتي: ارضوا عنّي ولا تزعلوا عليّ أنا حي أرزق عند الله"، فالعارف داخل مع الناس بائن منهم[38]، أو هو "عبد كان فبان"[39]، كائن بين الناس يرتفع إلى خدمتهم، بائن عنهم في توجهه إلى ربه، ثم كائن بينهم وهو ينخلع عنهم تمامًا في بينونته الكبرى، يحمل همّهم، ويرجو أن ينتفع بدعواتهم وصدقاتهم!

يُلاحظ في وصايا الشهداء حملهم همّ الناس من خلفهم يقول الشهيد الفتى غيث يامين :" ما تبكوا لأنو ما بحب أزعل حد مني أو حد يبكي بسببي" وهذا الإحساس العالي بالناس، ليس مجرّد إحساس رفيق، وإنما هو، قرار لا ينضب، واستجابة فاعلة له ومن ذلك قول قتيبة زهران عن شهادته إنها "ثأرًا لدماء شهداء فلسطين"

 

نفوس تسيل شفافيةً .. وقتالاً

يُلاحظ في الشهداء، حين ذكرهم الشهادة، أمران، اليقين بنوالها، وذلك سرّ لا يمكن لنا الاطلاع عليه، فـ "صدور الأحرار.. قبور الأسرار"[40]، وأسرارهم "بكر لم يفتضها وهم واهم"[41]، وَهُمْ في اليقين، ونحن في الوهم، نتطاول بكليل أبصارنا إلى نور يقينهم، ثم يُلاحظ الأمر الثاني، وهو حملهم همّ الناس من خلفهم. لخص ذلك الشاب الصغير غيث يامن (16 عامًا)، بقوله: "تعالوا كل يوم زورني واحكوا معي.. راح أكون أسمعكم. ما تبكوا لأنو ما بحب أزعل حد مني أو حد يبكي بسببي"[42]. وإذا كان الأوّل سرًّا فإنّ الثاني من آثار السرّ، مظهر للشفافية العالية، والإحساس الكبير، بالآخرين، والانخلاع من الذات للانغماس في الحق، وكأن يامن، على صغر سنه، والحالة هذه، ومضة، من نور قوله صلّى الله عليه وسلم: "اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة ورحمة"[43].

قتيبة زهران (17 عامًا)، ملأ وصيته[44]، بطلب السماح، "أبي الغالي: سامحني"، "أمي الغالية: سامحيني"، "إخواني الأحبة: سامحوني"، "أخواتي العزيزات: سامحوني"، "يا أبناء عائلتي الكرام: سامحوني"، وقد فسّر طلب السماح هذا بقوله لأمه: "إن رضا رب العالمين عليّ مرهون برضاك، وإن أمنيتي لن تتحقق إلا بفك هذا الرهان"، فلا يريد أن يبقى قيد من قيود الناس يحجبه عن الوصول الأتمّ الأكمل، ولا انفكاك هنا، في حقيقة هذه النفس الشفافة، بين ما عاينته من أسرار الغيب من خلف الستار الذي رقّ لها فشفّ فأظهر، وبين سيلان القلب رحمة بالناس، فهذه من تلك. وهو الأمر الذي يلخصه قتيبة بقوله: "وأقبلت على الشهادة في سبيل الله بعزيمة المجاهدين ورحلت عن هذه الدنيا الفانية مسرعًا إلى الدار الباقية الخالدة في جنات النعيم"، وقد قيل "العارف طيّار"[45]، وهو ما يحيل إلى الحديث الذي سبق ذكره "رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه"، وكأنّه، كسابقه براء اللحلوح، لما سمع قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابتَغوا إِلَيهِ الوَسيلَةَ وَجاهِدوا في سَبيلِهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾، سمع بعدها: ﴿أَيَحسَبونَ أَنَّما نُمِدُّهُم بِهِ مِن مالٍ وَبَنينَ ۝ نُسارِعُ لَهُم فِي الخَيراتِ بَل لا يَشعُرونَ﴾[46]، فاستفاد من ذلك "أنّ المسارعة إلى الخيرات هو في اختيار القلّة على الكثرة، والزهد بالدنيا"[47].

وأمّا تمام التركيب، من التشوف إلى نداءات الغيب، ومن الرحمة بالناس، ففي قوله: "وثأرًا لدماء شهداء فلسطين"، وهذا الإحساس العالي بالناس، ليس مجرّد إحساس رفيق، وإنما هو، قرار لا ينضب، واستجابة فاعلة له، وقد تجلّى ذلك صفة موسوية أنارت من الرجل الغريب في البلدة الغريبة، فقال: ﴿ما خَطبُكُما﴾ ﴿فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنّي لِما أَنزَلتَ إِلَيَّ مِن خَيرٍ فَقيرٌ﴾[48].

وقد قيل إنّ أصول العارفين بنيت على ثلاثة: "لا نطالب أحدًا من الناس بواجب حقنا، ونطالب أنفسنا بحقوق الناس، ونلزم أنفسنا التقصير في جميع ما نأتيه"[49]، ولو قيل إنّ ما ذكره الشهيد أحمد عامر (17 عامًا) في وصيته[50] كان أبلغ وهو يقول لأهله: "أريد منكم أن لا تذكروا محاسني بل اذكروا مساوئي ليسامحني الناس عليها وأكسب أجرها"، لما كان في ذلك أيّ مبالغة. ولم يكن الصدق فقط في قوله هذا الكاشف عن إخلاصه، كما في قول ذي النون: "ومن غيّب عن ملاحظة نفسه، فقد استمكن من الإخلاص"[51]، وإنما كذلك، في وصيته بخصوص حقوق الناس عليه، لثلاثة من الخلق، لا يزيد مجموعها على 31 شيكل، أي أقل من 10 دولارات.

الحساسية تجاه الظلم، والدافعية للقيام بالواجب، والرحمة بالخلق، المشتركات الثلاثة في وصايا الشهداء كلّهم، "هذا الطريق اخترته بكامل وعيي، دفاعًا عن وطني وشبابه وبناته، لم أعد أحتمل ما أرى، لكن الذي أعرفه هو أني لم أحتمل"، كما قالت الشهيدة رشا عويصي (23 عامًا)[52]، "ما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبينا وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا، فلا أظن أنّا شعب يرضى بالذل"[53]، وهذا ما كتبه مهند الحلبي (19 عامًا) مفجّر "هبّة القدس" (2015)، وهذا الذي يميّز قائلاً عن قائل، ويفصل المدعي عن الواصل، فـ "كل مدّع محجوب بدعواه عن شهود الحق"[54]، ومن كان محجوبًا كيف يصل؟!

قيل إنّ أصول العارفين بنيت على ثلاثة: "لا نطالب أحدًا من الناس بواجب حقنا، ونطالب أنفسنا بحقوق الناس، ونلزم أنفسنا التقصير في جميع ما نأتيه" ، ولو قيل إنّ ما ذكره الشهيد أحمد عامر (17 عامًا) في وصيته  كان أبلغ وهو يقول لأهله: "أريد منكم أن لا تذكروا محاسني بل اذكروا مساوئي ليسامحني الناس عليها وأكسب أجرها"، لما كان في ذلك أيّ مبالغة


عمُرٌ .. كثيرةٌ أمداده

وهذا الفرق بين عُمُرٍ وعُمُرٍ فـ "ربّ عمر اتسعت آماده وقلت أمداده، وربّ عمر قليلة آماده كثيرة أمداده. من بورك له في عمره أدرك في يسير من الزمن من منن الله تعالى ما لا يدخل تحت دوائر العبارة ولا تلحقه الإشارة"[55]، فمن الخاسر والحالة هذه؛ من ثبت في ميدان الواجب ونال الحكمة والمعرفة ونهض بالواجب وقام بالمسؤولية سريعًا في عمر قصير كأنه عاش ألف عمر، أم من انفصل عن ميدان الواجب وحجبته الدعاوى والأوهام والأهواء وتاهت به الدروب في خبايا النفس؟ "والله ما يريد الله منا أن تيبس جلودنا على عظامنا، ولا يريد منا إلا صدق النية فيما عنده، هذا إذا صدق في عشرة أيام نال ما نال ذاك في عمره"[56].

الحساسية تجاه الظلم، والدافعية للقيام بالواجب، والرحمة بالخلق، المشتركات الثلاثة في وصايا الشهداء كلّهم، "هذا الطريق اخترته بكامل وعيي، دفاعًا عن وطني وشبابه وبناته، لم أعد أحتمل ما أرى، لكن الذي أعرفه هو أني لم أحتمل"، كما قالت الشهيدة رشا عويصي (23 عامًا)

وما قاله هؤلاء الشهداء، على قصر أعمارهم، وفي بلاغة لا تحجبها عفوية العبارة، حكم بالغة، في شأن الإنسان والدنيا والوجود والمآل، والحق والأخلاق والواجب، والمسؤولية والصراع والتدافع، مما "لا يدخل تحت دوائر العبارة ولا تلحقه الإشارة"، وما ذلك إلا من الوصول الباكر، والإسراع قبل قطع الوصول بالتفاتة يستوجبها القصور فـ "لو أقبل مقبل على الله ألف ألف سنة، ثمّ أعرض عنه لحظة، لكان ما فاته أكثر مما ناله"[57]، فكانت تلك الحكمة من معدن الإحساس الشفاف، والرقة الكاملة، بعد أن حملت صاحبها إلى الوصول الباكر، لتنبت من أمطار الواردات.

لكل شيء إن فارقته عوض *** وليس لله إن فارقت من عوض[58]

ولأنه "لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلتك، ولا قطعة بينك وبينه حتى تمحوها وصلتك"[59]، فإنّ "السير والسلوك إنما هو من ذاتك لذاتك في ذاتك"[60]، والرحلة من الذات للذات في الذات، لا تكون إلا من نفس شفافة، تلاحظ الواجب، فتقوم بالناس، وإنّ الفتوّة التي تفضي إلى إزهاق الروح، قيامًا بالناس، جامعة في كمالها، للمعنى الإيماني الذي أورده الحديث: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"[61]، فهي طريقة لاحبة للوصول، من الذات في الذات، تقتضي ألا يرى السالك، فضلاً لنفسه على غيره[62]، وأن يكون خصمًا على نفسه[63]، فتأمّل هذا وارجع إلى وصية قتيبة زهران!

وما قاله هؤلاء الشهداء، على قصر أعمارهم، وفي بلاغة لا تحجبها عفوية العبارة، حكم بالغة، في شأن الإنسان والدنيا والوجود والمآل، والحق والأخلاق والواجب، والمسؤولية والصراع والتدافع، وما ذلك إلا من الوصول الباكر، والإسراع قبل قطع الوصول بالتفاتة يستوجبها القصور

 



[1]. وصية الشهيد إبراهيم النابلسي، https://youtu.be/YtrymV4RtXA

[2]. حديث شريف، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط.

[3]. من حديث شريف، أخرجه البخاري ومسلم.

[4]. حديث شريف، أخرجه مسلم في صحيحه.

[5]. من شعر العباس بن الأحنف

[6]. ذكره البيهقي في كتابه شعب الإيمان. برقم 443، ط. دار الرشد.

[7]. من شعر أبي الحسن الششتري.

[8]. الفخر الرازي في تفسيره "فتوح الغيب" في تفسير قوله تعالى: "يا أَيُّهَا الإِنسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدحًا فَمُلاقيهِ".

[9]. من حديث أخرجه البخاري ومسلم.

[10]. حديث شريف، أخرجه أحمد في مسنده.

[11]. وصية الشهيد فادي أبو شخيدم، https://bit.ly/3Qgvujp

[12]. سورة محمد، آية 17.

[13]. من كلام أبي علي الدقاق، نقله عنه القشيري انظر: عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري، الرسالة القشيرية (جدة: دار المنهاج، 2017) ص666.

[14]. السابق.

[15]. من وصية الشهيد فادي أبو شخيدم.

[16]. حديث شريف، أخرجه البخاري ومسلم.

[17]. سورة يس، الآيات 26- 27

[18]. من تفسيري مقاتل بن سليمان، ويحيى بن سلام، وينسب البعض هذه المقولة لابن عباس، وللنبي صلى الله عليه وسلم.

[19]. سورة آل عمران، الآية 140.

[20]. من وصية فادي.

[21]. سُئل ابن عطاء (وهو أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الأدمي): "الشوق أعلى أم المحبة، فقال: المحبة، لأنّ الشوق منها يتولّد". الرسالة القشيرية، ص666.

[22]. ذكرها الخركوشي في تهذيب الأسرار بلا نسبة، انظر: عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي، كتاب تهذيب الأسرار (أبو ظبي: المجمع الثقافي، أبو ظبي، 1999) ص70. وذكرها القشيري في رسالته منسوبة ليحيى بن معاذ.

[23]. حديث شريف، أخرجه البخاري ومسلم.

[24]. وصية الشهيد براء كمال اللحلوح، https://bit.ly/3pbTsjO

[25]. سورة التوبة، آية 111

[26]. سورة المائدة، آية 35

[27]. ذكره ابن عجيبة  في تفسيره المسمّى بـ "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد"، في تفسير قوله تعالى: " ِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ.."، الآية.

[28]. الغرالي، إحياء علوم الدين، ط3، (جدة: دار المنهاج، 2015)، ج2، ص371- 372

[29]. من وصية براء اللحلوح.

[30]. سورة النساء، آية 102.

[31]. سورة المائدة، آية 23.

[32]. من حديث أنس بن مالك، أخرجه البخاري ومسلم.

[33]. حديث شريف، أخرجه أبو داود وان ماجة وأحمد.

[34]. سورة النور، الآية 37.

[35]. من حكم ابن عطاء الله السكندري.

[36] سورة البقرة، آية 249.

[37]. سورة البقرة، آية 154.

[38]. قالها يحيى بن معاذ الرازي، أبو نصر السراج الطوسي، اللمع، (عمان: دار الفتح، 2016) ص53.

[39]. السابق.

[40]. من كلام ذي النون المصري، انظر: أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (القاهرة بيروت: دار الريان للتراث العربي، ودار الكتاب العربي: 1987) الأولياء، ج9، 377.

[41]. الرسالة القشيرية. ص293.

[42]. وصية غيث يامن، https://bit.ly/3JOZd0c

[43]. حديث شريف أخرجه البخاري ومسلم.

[44]. وصية قتيبة زهران، https://bit.ly/3wkeEbB

[45]. قالها أبو يزيد البسطامي، انظر الرسالة القشيرية ص643.

[46]. سورة المؤمنون، الآيات 55، 56.

[47]. أبو نصر السراج الطوسي، اللمع، مصد سابق، ص57.

[48]. سورة القصص، الآيات 23، 24.

[49]. أبو أحمد القلانسي، نقلها عنه أبو نصر السراج الطوسي في اللمع، ص306.

[50]. وصية الشهيد أحمد عامر، https://bit.ly/3AfNkxa

[51]. نقلها عنه أبو عبد الرحمن السلمي، طبقات الصوفية (القاهرة: مكتبة الخانجي، 1997) ص23.

[52]. وصية الشهيدة رشا عويصي، https://bit.ly/3wVNZ4V

[53]. كلمات مهند الحلبي، https://bit.ly/3APidaW

[54]. قالها ذو النون المصري، انظر: السلمي، طبقات الصوفية، مصدر سابق.

[55]. من حكم ابن عطاء الله.

[56]. قاله أبو سليمان الداراني، انظر: أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء، مصدر سابق، ج9، ص263.

[57]. قاله الجنيد، نقله عنه السلمي في طبقات الصوفية، مصدر سابق، ص161.

[58]. يذكر في بعض كتب الصوفية بلا نسبة.

[59]. من حكم ابن عطاء الله.

[60]. أحمد زروق الفاسي، مفتاح الفضائل والنعم في الكلام على بعض ما يتعلق بالحكم، (الشارقة: المركز العربي للكتاب، 2021) ص729.

[61]. حديث شريف، أخرجه البخاري ومسلم.

[62]. الرسالة القشيرية، ص506.

[63]. السابق.