جيش الاحتلال: مفاهيمه، أدواته، آلياته

جيش الاحتلال: مفاهيمه، أدواته، آلياته
تحميل المادة

يتواصل العُدوان الصهيوني على شعبنا في كل أماكن تواجده، وتكثف الدولة الاستعمارية من بطشها واستهدافها لكل ما هو فلسطيني، وتستخدم لتحقيق ذلك كُلّ أذرعها وأدواتها ومؤسساتها الاستعمارية، لأنها تعتقد واهمة بأنها بذلك ستجلب الأمن والاستقرار، وستتمكن من القضاء على الروح الفلسطينية وهزيمتها.

 وقد راكمت دولة الاحتلال خلال 75 عامًا من خبرات أدواتها وأجهزتها وتكتيكات الحرب والسيطرة لديها، وبنت لنفسها هالة عالية حول قدراتها العسكرية والأمنية، وصنعت صورة أسطورية واهمة وسوقتها للعالم بأنها تمتلك جيشًا لا يُقهر، كما أنها روجت لقدراتها الأمنية والاستخبارتية التي يمكن أن تقدمها باعتبارها نموذجًا في الحرب والسيطرة في هذا العالم. إلا أن حسابات الحقل خالفت حسابات البيدر، وتلقت دولة الاحتلال ضربة هزت كل الوَهم الذي عاشت فيه وسوقته للعالم.

 وهنا وأمام التطورات الكبرى التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى، وبما قدرت المقاومة عليه من تبديد الوهم الاستعماري وإعادة بناء الثقة بالقدرة للمقاوم الرافض للذوبان في مشاريع الهيمنة الصهيوأمريكية كان لا بُد من أن نعود لنقرأ عن أدوات الدولة الاستعمارية ومؤسساتها وتكتيكها الحربي والعسكري الذي مارسته بحق الفلسطينيين خلال سنوات الاحتلال الطويلة، والذي رغم بطشه وقدرته على القتل فشل فشلًا ذريعًا على أيدي المقاومة الفلسطينية التي بدأت تكتب فصولًا في زمن الانحسار الصهيوني عن بلادنا وعالمنا.

في هذا المقال نوثق ما يتصل بجيش الاحتلال ومؤسساته التي يرد ذكرها في معركة طوفان الأقصى فقط، ونرصد الأسلوب المتبع عنده بصفة عامة في هذه الحرب دون سواها، وكذلك الممارسات والطرق ينتهجها في السيطرة الاستعمارية على المجتمع الفلسطيني في وقت الحرب التي ترد في وسائل الإعلام بصيغ مختلفة؛ إما عدوانًا علينا أو استهدافًا لها من المُقاومة، ولم ندخل في تفاصيل الإجراءات العملياتية لجيش الاحتلال وتشكيلاته وخططه في حروبه المسعورة وغير المسبوقة على غزة وعلى الفلسطينيين، الأمر الذي سيكون حوله حديث طويل مع انتهاء هذه الحرب وانتصار المقاومة الفلسطينية.

 ومما رصدنا الآتي:

 1- جيش الاحتلال: هو الجيش الرسمي للدولة الاستعمارية (إسرائيل)، ويشمل: القوات البرية، وسلاح الجو وسلاح البحرية. أُسس هذا الجيش بعد قيام دولة الاحتلال سنة 1948م، وذلك في اتحاد مُنظمات وعصابات صهيونية تورطت بمجازر ومذابح ضد الفلسطينيين، ومنها: مليشيات الهاغاناه، وأرغون وشتيرن. وقد شارك هذا الجيش بجميع حروب دولة الاحتلال، ومارس أبشع الجرائم من قتل وترويع وتهجير خلال 75 عامًا. غير أن المُقاومة الفلسطينية استطاعت هزيمة هذا الجيش وهزّ صورته وشلّ قدراته، ما دفع دولة الاحتلال للاستعانة بقوات أمريكية وأوروبية لمساعدتها في حربهم ضد غزة.

2- لواء ناحال: كتيبة مشاة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، تعتبر من ألوية النّخبة الأكثر تدريبًا، وكانت في الأصل وحدة عسكرية تجمع ما بين التدريب الأمني والعسكري، مع العمل الزراعي والاستيطان الحدودي. وقد تمكنت المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى من ضرب هذه الوحدة العسكرية بمقتل.

3- لواء غولاني: لواء مُشاة يعتبر أحد أبرز ألوية النخبة في جيش الاحتلال، ويعرف باسم اللواء رقم (1)، وتفتخر العسكرية الصهيونية بقدرات هذا اللواء وخبرات مُقاتليه الذين خاضوا جميع معارك دولة الاحتلال بشجاعة كما يُصفون. مرغت المُقاومة الفلسطينية مرغت أنوف هذا اللواء بالأرض، وهزمتهم في العبور الكبير يوم 7 أكتوبر، فوقع عناصر هذا اللواء بين قتيل وأسير.

4- الشاباك: كلمة الشاباك هي الاسم المتداول فلسطينيًا لهذا الجهاز الاستعماري الذي يتولى مهمة التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين. وهذا الجهاز يُعتبر المسؤول عن الأمن الداخلي لدولة الاحتلال، وهو واحد من الأقسام الثلاثة لأجهزة الأمن الصهيونية التي تضم أيضًا وكالة الاستخبارات (الموساد)، وجهاز المخابرات العسكرية (أمان). وبالرغم من ما يُعرف عن قدرات هذا الجهاز إلا أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من هزيمته وتسجيل نقطة لصالحها ضدّه.

5- الأبراج العسكرية: أبراج أسطوانية من الخُرسان المسلح، يقيمها جيش الاحتلال على مداخل البلدات والمخيمات الفلسطينية، وفي المرتفعات المُشرفة، وبجانب الطرق الالتفافية. يبلغ ارتفاعها ثمانية أمتار بمساحة إجمالية تبلغ (3 - 4) أمتار، تعلوها نوافذ صغيرة للمراقبة وإطلاق النار، وهذه الأبراج تكون مُحاطة بجدار إسمنتي فوقه شبك فولاذي، وتكون مزودة بمولدات كهربائية وكاميرات مراقبة. كل ذلك بهدف ضبط الفلسطينيين والسيطرة عليهم والتحكم في حركتهم.

6 - المستوطنات/ المستعمرات: هي التجمعات الاستعمارية التي أقامتها الحركة الصهيونية في فلسطين، منذ أواخر القرن التاسع عشر، لليهود الوافدين من دول العالم لإقامة "وطن قومي" لهم في فلسطين.

تركزت دلالة المصطلح بعد قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي بضم الضفة الغربية وقطاع غزة عقب احتلالهما في حزيران 1967 ليصبح وصفًا للمستعمرات الصهيونية التي أقيمت في الأراضي المحتلة عام1967، وكانت هذه المستعمرات قد أُقيمت، بالقوة والسلب، على أراضٍ فلسطينية، وخصوصًا على قمم الجبال والتلال، لتُسهم بدورٍ فاعل في السياسة الاستعمارية القائمة على السلب والنهب لكل ما هو فلسطيني.

 7-  البؤر الاستيطانية: البؤرة الاستيطانية هي مُستعمرة جديدة أقيمت في الأراضي الفلسطينية المحتلة دون إذن من حكومة الاحتلال، رغم أنها تُقام بحماية ورعاية من جيش الاحتلال، وعادةً تكون هذه البؤر الاستعمارية على مقربة من المُستعمرات المُعترف بها، وقد تُعتبر إحدى أحيائها، وتبقى كذلك حتى تتوسّع وتنال الاعتراف الرسمي بها. وقد شكلت هذه البؤر في الأونة الأخيرة ظاهرة استعمارية مُرعبة لسرعة انتشارها وخصوصًا في الأغوار ومناطق "ج".

 8- قوات الاحتياط: هي قوات عسكرية صهيونية تابعة لجيش الاحتلال، وهي مدربة ومستعدة للمشاركة في المعارك إلا أنها خارج الخدمة العسكرية لانتهاء فترة خدمتها. وبحسب قانون دولة الاحتلال (1984)، فإن هؤلاء العسكريين المدنيين يشاركون في وحدات الجيش العسكرية والأمنية في حالات الطوارئ. مع العلم بأنهم يتقاضون رواتب/ تعويضات حتى أثناء غيابهم عن الخدمة العسكرية. وخلال معركة طوفان الأقصى قررت دولة الاحتلال تجنيد قوات الاحتياط تمهديًا للحرب الطويلة ضد قطاع غزة، وقد شاهدنا فيديوهات لطائرات تنقلهم من أوروبا وأمريكا للمشاركة في الحرب ضد قطاع غزة.

 9- غرفة عمليات غزة: غرفة عمليات عَسكرية تابعة لجيش الاحتلال في مقر قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش، وقد شُكّلت بعد حرب 2014 على قطاع غزة، ويتمثل دورها بمتابعة كل ما يدور في قطاع غزة من عمل متصل بالفعل المُقاوم، وبشكل خاص حركة قيادات المقاومة، إضافة إلى الأجنحة العسكرية وتدريباتها، والأنفاق وعمليات التصنيع وتطوير القدرات.

 10- مجلس الحرب: في إثر العبور الكبير في السابع من أكتوبر سارعت دولة الاحتلال لتشكيل حكومة طوارئ ، ثم "مجلس حرب" يكون بيده كامل صلاحيات الحرب على قطاع غزة وضد المقاومة، ويتكون هذا المجلس من: نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وبيني غانتس، ومراقبين اثنين. وكانت قيادات عسكرية أمريكية قد شاركت في اجتماع مجلس الحرب، وتدخلت في قيادة عمليات المعارك.

 11- المنظومة الأمنية: هي مجموع الأجهزة الأمنية الصهيونية التي تختص في الحفاظ على أمن دولة الاحتلال من الاختراق أو الضعف أو المهاجمة، وفي العادة، تتكون من الأجهزة الأمنية لدولة الاحتلال الصهيوني من: الشاباك، الجيش، والمناصب السيادية في الكيان مثل: رئاسة الوزراء في دولة الاحتلال.

 12- تحشدات عسكرية: تجميع للقوات العسكرية المعادية وحشدها في مكان محدد لهدف الهجوم المُرتقب، الذي يأخذ طابع الهجوم الحربي الشامل، وهذا التكتيك الحربي يهدف بدرجة أولى إلى إرباك دفاعات الخصم، أو لأجل الإعداد للهجوم الفعلي عليه. وقد أعلن جيش الاحتلال الصهيوني في هذه المعركة عن حشد قواته المقاتلة بهدف القضاء على حركة حماس في غزة من خلال الاجتياح البري. وطوال أيام الحرب ظلت المقاومة الفلسطينية تستهدف تحشدات العدو وتقصفها بالصواريخ وقذائف الهاون.

13- الغارات: مفردها غارة، وهي الهجوم العسكري الخاطف على الخصم، بهدف تعطيل قواته وشلّ قدراته العسكرية. والغارة الجوية هي الهجوم العسكري الذي تُنفذه الطائرات المقاتلة على أهداف محددة على الأرض. وقد تركزت غارات جيش الاحتلال وطيرانه الحربي على استهداف وهدم الأبراج السكنية والمنشآت العامة كالمساجد والمستشفيات.

15- الطّلعات الجوية: ومفردها طلعة، ويقصد بها تحليق الطائرات بشكل منخفض فوق الأحياء السكنية، وهو أمر تتعمده طائرات الاحتلال قبل بدء عمليات القصف الهمجي على الأحياء السكنية كما حدث في اليوم الأول من الحرب.

هذه الحرب بما قدمته من إعادة توضيح الصراع ليكون بين القيم الحضارية لشعب يريد الحُرية ودولة شديدة الكثافة الاستعمارية الدموية فتح باب الأمل في حتمية النّصر و إمكانياته

 16-  الاجتياح البري: اجتاحَ البلاد أي دخلها غَصبًَا واحتلها وعاثَ فيها فسادًا، والاجتياح ينطوي على الهجوم برًا  ويحمل طابع التخريب والتدمير لمقدرات الجهة التي تتعرض للاجتياج. وفي هذه المعركة يُهدد جيش الاحتلال الاسرائيلي بالهجوم البري على قطاع غزة لأجل تدمير مقدرات المقاومة والقضاء عليها. غير أن صمود المقاومة جعله يتراجع من الحديث عن اجتياح كامل لقطاع غزة ليصبح "اجتياح محدود" أو "مناورة برّية"، وذلك للتخفيف من فشلهم وتخبطهم.

17-المنطقة الأمنية العازلة: المنطقة المُحيطة بالسياج الزائل الذي وضعته دولة الاحتلال حول قطاع غزة، وقد سَمّت دولة الاحتلال هذه المنطقة بـ "المنطقة الأمنية العازلة". والحدود الفعلية لهذه المنطقة ليست واضحة، وتتغير بشكل دائم، حسب الوضع الأمني. وقد كثّفت دولة الاحتلال من الأبراج العسكرية وأنظمة المراقبة في هذه المنطقة لمنع واستهداف من يقترب من هذه المنطقة. كما أن دولة الاحتلال تمنع المزارعين الفلسطينيين من زراعتها بالأشجار. 

18- الحزام الناري: مصطلح يستخدمه جيش الاحتلال الصهيوني أثناء عدوانه على قطاع غزة، ويعني استهداف مناطق محددة بمئات الغارات المكثفة والمتواصلة وضربها باستخدام الطائرات الحربية المقاتلة وسلاح المدفعية، لأجل إفراغها من أهلها وتدميرها بالكامل، تحت ذريعة تدمير أنفاق المقاومة الفلسطينية.

19- القصف: الصوت شديد الارتفاع. وقصف المكانَ: أي ضربه بالقنابل والصواريخ. وكلمة القصف في السياق الفلسطيني من أكثر الكلمات تداولًا في الحروب على غزة، ذلك أن جيش الاحتلال يستخدم الصواريخ والقذائف المدفعية بدرجة أولى لضرب الأهداف وخصوصًا المدنية، الأمر الذي يُحدث صوتًا وتدميرًا هائلًا في الأماكن المستهدفة.

20 - القصف السجادي (البساطي): هي عملية القصف الشامل ضد منطقة محددة من خلال القنابل والصواريخ، بهدف تسويتها بالأرض  وتدمير كل ما عليها، لإضعاف الروح المعنوية للجهة المستهدفة بالقصف. وتسميتها لأنها تترك الأبنية مهدمة فوق الارض كالسجادة (لبساط)، وهو ما نشاهده ردم وتدمير الأبنية السكنية في غزّة.

 21- التمشيط "عمليات التمشيط": هي عملية المسح العسكري أو الأمني، وتقوم على التفتيش الدقيق والتلقائي لمنطقة ما، بكل تضاريسها ومنشآتها، بحثًا عن مُقاومين أو أسلحة. وقد استخدمها الاحتلال في المعركة أثناء بحثهم عن المقاومين في مستعمرات غلاف غزة منذ يوم السبت 7 أكتوبر، غير أن المقاومة الفلسطينية كانت في كل مرة تُباغت العدو وتستهدفه في معسكراته و أماكن تحشداته.

 22- تعليمات إطلاق النار: التعليمات العسكرية التي يُصدرها قادة جيش الاحتلال لجنوده في كيفية مواجهة الفلسطينيين في الضفة وعلى الحواجز، وتقوم على القتل بمجرد الاشتباه. وقد أعلن جيش الاحتلال عن تغيير تعليمات إطلاق النار في الضفة الغربية أثناء الحرب على غزة، بحيث تُطلق النيران على كل من يقرب من أي مستعمرة أو قوة للجيش.

23-  انتشار المستوطنين: مصطلح يُقصد به حالة الاستنفار التي يمارسها المُستعمرون الصهاينة في الطرقات والشوارع العامة، وعلى أطراف البلدات الفلسطينية، بهدف الاعتداء على الفلسطينيين وضرب سياراتهم وحرق منازلهم. وفي الآونة الأخيرة أصبحت هذه الظاهرة مُقلقة لأنها تشكل خطرًا على حياة الفلسطينيين وتحديدًا في الضفة الغربية. وقد بدأ هؤلاء المستعمرون يشنون هجومًا على القرى والبلدات انتقامًا من المقاومة الفلسطينية في غزة، وذلك تحت حماية وحراسة جيش الاحتلال، في وظيفة تكاملية للأدوار بين مؤسسات الدولة الاستعمارية. 

 ختامًا:

هذه بعض التسميات والمؤسسات والأدوات الاستعمارية التي يرد ذكرها لدولة الاحتلال الصهيوني في معركة طوفان الأقصى، التي خُلقت لأجل ضبط الفلسطيني وقهره وإدامة احتلال أرضه ومنعه من أن يرفع رأسه وينادي بالحرية والخلاص من الاحتلال، لكن هذه الحرب بما قدمته من إعادة توضيح الصراع ليكون بين القيم الحضارية لشعب يريد الحُرية ودولة شديدة الكثافة الاستعمارية الدموية فتح باب الأمل في حتمية النّصر و إمكانياته بالرغم من كل ما سبق حديث عن هذه المؤسسات والأدوات. والأمر قريبٌ لا محالة، إذ بدأت خيوط الحرية تُحاك في وضح النهار وليل الاستعمار بدأ يرتحل سريعًا.